الشيء الوحيد الذي تركه خلفه هو الألم، وكثير من الأسئلة. القرية كلها تتحدث؛ ماذا حدث بين اثنين كان الشيطان ثالثهما؟ " لم يحدث شيء"، هكذا قالت. لم يصدقها الناس، رجموها حتي الموت.. أما هو، فلاذ بالفرار... " لم يحدث شيء"، كان يحدث نفسه وهو يمر عبر طرق مجهولة. ألقي جسده علي أقرب كرسي قابله.. أفاق علي صوت صرخة عالية انتزعته من مكانه؛ صوت قطار الليل الذي أتي بأحاديث كثيرة، ودخان ينتزعه من مقعده انتزاعاً. تحجرت دمعة في مقلتي عينيه وهو يتمتم: " لم يحدث شيء بيني وبينها، أنا الذي أوهمت الناس بذلك"، وابتسم مردفاً " علي الأقل ظفرت بحياتي من بين أيديهم". حمله القطار ومضي به في طرق غريبة، ومتاهات متفرقة. كان الركاب قد تعبوا من كثرة الجلوس في المقاعد. وضع رؤوسهم علي حافات المقاعد، أغمضوا أعينهم، ليسقطوا في الهاوية. البعض الأخر كان يحلم بسماء وأرض أخري علي أنغام موسيقي خفية، وآخرون ينظرون من النوافذ في انتظار الأرض التي لم تأتِ بعد.. أما هو، كان يمرر أصابعه علي حافة النافذة الصدئة محاولاً استجماع شجاعته، للصعود إلي آخر نقطة في سقوطه.