لا يوجد ارتباط بين شهرة أو شعبية القائم بالإدارة وبين كفاءته أو فشله. قد يكون القائم بالإدارة ناجحا في مجاله الأساسي ومشهورا أو صاحب شعبية واسعة، لكنه يفشل عندما يتولي مهام أكبر أو تختلف عن هذا المجال ولو بقدر قليل. وما حدث من هزائم لفريق كرة القدم بالنادي الأهلي مؤخرا، يثير النقاش حول هذه القضية. فالخطيب رئيس النادي الأهلي صاحب الشعبية الأكبر في مصر علي مدي تاريخ الكرة. أنا شخصيا أعتبره أحرف لاعب مصري كما أن طريقته في اللعب تختلف عن أي لاعب آخر وهو يذكرني بلاعبين أمثال بيليه ومارادونا في طريقة اللعب المحببة شعبيا، وهي طريقة اللاعب الحريف الذي يتلاعب بخصمه بحركات ينتظرها الجمهور. لكن علم الإدارة يختلف عن الأداء في ملعب الكرة، وللأسف نحن في مصر نفتقد علم الإدارة في كل مجالات حياتنا. لقد فاز الخطيب في انتخابات رئاسة النادي باكتساح ولكن نتائج فريق الكرة هزت فرحة أعضاء النادي خاصة بعد المشاكل التي حدثت مع الراعي السعودي للنادي والذي أسس بعد ذلك ناديا آخر، فاز هذا النادي الجديد مؤخرا علي النادي الأهلي ! لا أعرف دهاليز الإدارة داخل النادي الأهلي، فربما تكون هناك مشاكل وربما لا تكون، وربما تكون هناك جماعات متصارعة، وربما لا يكون، لكن المؤكد أن هناك خللا ما تسبب في تكرار هزيمة فريق الكرة الذي هو عنوان الشعبية للنادي ومؤشر نجاح إدارته في كل وقت. ما يحدث في النادي الأهلي يحدث في أماكن ومجالات عديدة، فهو يحدث في المحليات التي تسببت بفشلها وفسادها في الوصول بالشارع في بلادنا إلي هذا الحال. ويحدث في المرور الذي عجز القائمون عليه في حل مشاكله التي تزداد تفاقما يوما بعد يوم حتي صارت القاهرة عبارة عن جراج كبير، ويحدث في الإعلام الذي يشكو الرئيس من عدم قدرته علي مواكبة ما يتحقق في البلاد ولا يعبر بشكل كبير عن فكر الرئيس والنظام، ويحدث في الإعلام المرئي الذي تخلف عن مثيله في الدول العربية، لا الأجنبية. ما حدث في الأهلي يجعلنا نعيد حساباتنا كمواطنين وجمهور في اختياراتنا في حالة الانتخابات أو في حالة التعيين، فهالة الكابتن محمود الخطيب ساهمت في دفع الناس لانتخابه، وهنا لا أقلل من قيمة الخطيب أو أعظم من قيمة منافسيه ولكن أتحدث عن مؤشرات يجب أن نتوقف عندها، فليس كل لاعب كرة ماهر أو حريف يمكنه أن يكون مديرا ناجحا، وكذلك ليس كل مذيع محبوب يمكنه أن يكون مديرا ناجحا والأمر ينطبق علي الصحفيين وعلي كل من يتولي موقعا يتطلب إدارة ماهرة، فليس المهندس أو غيره يكون حتما رئيس حي أو مدينة ناجحا، فربما يمكنه التميز في مجاله الأساسي لكن يصعب عليه أن يكون مديرا بالمعني العلمي والفني للإدارة. هزائم فريق الأهلي لا تعني نهاية العالم أو حتي نهاية الفريق فالرياضة فوز وهزيمة وتنافس لابد أن يسفر عن فوز فريق علي الآخر، لكن المصريين تعودوا علي فوز الأهلي فهو فريق القرن، وفوز فريق كرة القدم بالذات يزيد من شعبية النادي وبالتالي تزيد فوائد النادي وفرقه في اللعبات المختلفة، وربما يمر أي فريق بمشاكل تنعكس علي أداء اللاعبين وهو أمر وارد في أي وقت وأي مكان، لكن المسألة ترتبط بمدي قدرة القائمين علي الإدارة علي مواجهة السيناريوهات المختلفة لما بعد الهزائم ومدي قدرتهم علي تحديد رؤية واضحة لما هم فاعلون ووضع الخطط اللازمة لتجاوز المشاكل والهزائم. الخطيب ليس حالة متفردة في مصر وربما لا يكون مسئولا بشكل مباشر عن المشاكل، لكنه كرئيس للنادي وصاحب القرار الأهم في أي شيء، فهو المسئول أمام الأعضاء وأمام التاريخ عن النجاح أو الفشل. لا أحمل الخطيب وزر الهزائم ولكني أردت التطرق لمدي الارتباط بين صاحب الشهرة الشعبية الجارفة والتميز في مجاله الأساسي وبين قدرته علي إدارة صرح كبير مثل النادي الأهلي.