جودة عبد الخالق: سكة صندوق النقد طريق سد.. والتباطؤ سيخفف الضغط لكنه لن يفيد    الجيش الإسرائيلي يعترض طائرتين مسيريتين في منطقة إيلات    «أحمق حقيقي».. سجال لفظي بين ترامب وأوباما بسبب دعم كامالا هاريس    استشهاد وإصابة عشرات الفلسطينيين في أكثر من 20 غارة إسرائيلية على شمال غزة    نجم الأهلي السابق يختار الحارس الأفضل لمواجهة الزمالك    لليوم الثاني، الأرصاد الجوية تحذر من طقس اليوم وتؤكد: استمرار الرياح وعودة الأمطار    هاني شاكر يخطف قلوب جمهور الموسيقى العربية بأغاني الزمن الجميل    للمرة الثالثة، مناظرة مرتقبة تجمع باسم يوسف وبيرس مورجان اليوم    سلامة: المجلس الوطني للتعليم يضم بعض الوزراء والخبراء ورجال الأعمال    اليوم، استلام الشحنة الثانية من "البيض" المستورد لطرحه بالمجمعات الاستهلاكية    أحمد عادل: لا يجوز مقارنة كولر مع جوزيه.. وطرق اللعب كانت تمنح اللاعبين حرية كبيرة    متوفرة في كل منزل.. فواكه تخلصك من رائحة الفم الكريهة    سعر الجنيه أمام عملات دول البريكس اليوم الأربعاء 23 أكتوبر 2024 بعد انضمام مصر    وزير الخارجية الأردني: إسرائيل تدفع المنطقة نحو حرب إقليمية شاملة    وزير التعليم: لا يوجد نظام في العالم لا يعمل بدون تقييمات أسبوعية    عبد الرحيم حسن: فارس بلا جواد ربطني باقي العمر بمحمد صبحي.. وكان نقلة في مشواري    أصولي صعيدية.. نهى عابدين تكشف أسرارًا من حياتها الأسرية |فيديو    إبراهيم عيسى: اختلاف الرأي ثقافة لا تسود في مجتمعنا.. نعيش قمة الفاشية    حالة وفاة وعشرات المصابين في أمريكا تناولوا وجبات ماكدونالدز، والكارثة في البصل    ضبط المتهمين بسرقة مخزن شركة بالتجمع الأول    لمدة 4 أيام.. تفاصيل جدول امتحان شهر أكتوبر للصف الرابع الابتدائي    ثروت سويلم: ما حدث عقب مباراة الزمالك وبيراميدز إساءة والدولة مش هتعديه دون محاسبة    تصعيد إسرائيلي في «غزة» يسفر عن شهداء ومصابين وتدمير واسع    منصور المحمدي يُعلن ترشحه لمنصب نائب رئيس اتحاد الطائرة بقائمة مخلوف    الكومي: فرد الأمن المعتدى عليه بالإمارات «زملكاوي».. والأبيض سيتأثر أمام الأهلي    أنتوني بلينكن: مقتل "السنوار" يوفر فرصة لإنهاء الحرب في غزة    خبير يكشف موقف توربينات سد النهضة من التشغيل    يسرا تدير الجلسة الحوارية لإسعاد يونس في مهرجان الجونة    قبل أيام من الكلاسيكو.. رودريجو يوجه رسالة لجماهير ريال مدريد بعد إصابته    رياح وأمطار بهذه المناطق.. الأرصاد تعلن حالة الطقس اليوم ودرجات الحرارة    أمن كفر الشيخ يكشف لغز العثور على جثة شاب ملقاه بترعة في بيلا    مصرع طفل أُغلق على جسده باب مصعد كهربائي بكفر الشيخ    القبض على المتهمين بقتل طفلة فى المقطم    دوللي شاهين تطرح برومو أغنية «أنا الحاجة الحلوة».. فيديو    إذا كان دخول الجنة برحمة الله فلماذا العمل والعبادة؟ أمين الفتوى يجيب    بركات يوم الجمعة وكيفية استغلالها بالدعاء والعبادات    بدلا من الذهب.. نقابة المصوغات والمجوهرات تنصح المواطنين بالاستثمار في الفضة    «اللي حصل جريمة وكارثة».. تعليق ناري من نجم الزمالك السابق على عقوبات الأهلي ضد كهربا    بينها عادات سيئة .. هؤلاء الأشخاص أكثر عُرضة لالتهاب الجيوب الأنفية    أدباء وحقوقيون ينتقدون اعتقال الخبير الاقتصادي عبدالخالق فاروق    البطريرك يلتقي عددًا من الآباء الكهنة والراهبات في روما    سعر الذهب اليوم الأربعاء بيع وشراء.. أرقام قياسية ل عيار 21 والجنيه    أرباح لوكهيد مارتن خلال الربع الثالث تتجاوز التقديرات    الفنانة عبير منير تكشف كواليس تعارفها بالكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة: "عشنا مع بعض 4 سنين"    وزير المالية: 3 أولويات لتعزيز البنية المالية الإفريقية في مواجهة التحديات العالمية    أوكرانيا تبحث مع استونيا تعزيز القدرات الدفاعية للبلاد    تشريح جثة طفل عثر عليها ملقاة بالشارع في حلوان    إنفوجراف| أبرز تصريحات الرئيس السيسي خلال لقائه مع نظيره الروسي    نائب الرئاسي الليبي يبحث مع مسؤولة أممية التطورات السياسية في ليبيا    حلوى الدببة الجيلاتينية التى تباع في آلات البيع الألمانية تحتوى على سم الفطر    القاهرة الإخبارية: 4 غارات إسرائيلية على مناطق برج البراجنة وحارة حريك والليلكي في الضاحية جنوب لبنان    أرسنال يعود لسكة الانتصارات بفوز صعب على شاختار دونيتسك    رئيس جامعة الأزهر يتابع أعمال التطوير المستمر في المدن الجامعية    هل الإيمان بالغيب فطرة إنسانية؟.. أسامة الحديدي يجيب    نشرة المرأة والمنوعات: الوقوف لساعات طويلة يصيبك بمرض خطير.. أبرز أسباب مرض داليا مصطفى.. سعر غير متوقع ل فستان ريهام حجاج    أمين الفتوى: تربية الأبناء تحتاج إلى صبر واهتمام.. وعليك بهذا الأمر    قومي المرأة يهنئ المستشار سناء خليل لتكريمه في احتفالية "الأب القدوة"    هل قول "صدق الله العظيم" بدعة؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد توجيهات الرئيس برفع مخالفاتها ومحاسبة المتلاعبين
إخلاء فوري لتعديات الحديقة الدولية بالإسكندرية واستثمار 135 فدانا
نشر في أخبار الأدب يوم 02 - 01 - 2019

تحولت مع الزمن إلي قاعات أفراح ومطاعم ومولات تجارية مخالفة دون تخطيط
»سكون ما بعد العاصفة»‬، هو الوصف الأمثل للموقف هنا في ساحات وأروقة »‬الداون تاون» أو ما يطلق عليه أبناء الثغر »‬أرض الحديقة الدولية»، منذ أسابيع قليلة كانت الفوضي والصخب والعشوائية هي السمات الأكثر بروزا، في المنطقة التي كانت تعج بكل أنواع المخالفات الصارخة، كافيهات تفترش الطرق والأرصفة ومحلات متراصة متلاصقة تفتقد التنسيق الحضاري والمظهر اللائق، والعشرات من قاعات الأفراح تنشر الصخب المتداخل، تزاحم مخيف من السيارات مع المارة بلا ضوابط، وسيطرة للمستغلين لمواقف السيارات لا يعرف أحد تبعيتهم لأي جهة.
الصمت والانتظار هو سيد الموقف اليوم، بعد انتهاء المهلة المحددة للمحلات المخالفة لسداد المبالغ التي حددتها اللجنة المشكلة لتثمين وتقدير حق الدولة بمنطقة الحديقة الدولية، والذي تم بناء علي تقرير هيئة الخدمات الحكومية بصفتها جهة مختصة، وذلك وفق دراسات مدققة لأسعار السوق والموقع ودخل المنشآت، وكان الهدف هو وضع عروض واضحة تضمن حق الدولة وحق المستثمرين. المتقاعسون عن السداد للمبالغ المتراكمة كانوا الغالبية ممن صدرت لهم قرارات الإخلاء، هكذا يقول »‬محمود حسن» مشرف الأمن الذي جلس أمام إحدي المنشآت الترفيهية الخاوية، انتظارا لنقل ما تبقي من مفروشات تابعة لها، ويضيف إن ما تبقي فقط في تلك المساحة من »‬الداون تاون» فرع لأحد المطاعم الشهيرة بالثغر وفرع آخر لكافيتريا معروفة لأهالي الإسكندرية وعدد محدود من المحلات تنتهي عقودها خلال عدة أسابيع، والباقون »‬لموا عزالهم ورحلوا».
أهالي الإسكندرية ورموز المدينة غمرتهم حالة من الارتياح والتفاؤل بتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بإعادة تخطيط منطقة الحديقة الدولية، بعد أن أصبحت مخالفاتها القانونية التي شاركت فيها المحليات حديث كل الإسكندرانية، يقول الدكتور طارق القيعي رئيس المجلس المحلي الأسبق وأستاذ الزراعة بجامعة الإسكندرية وأحد المشرفين علي مشروع إنشاء الحديقة الدولية بالثغر إن المشروع كان يمثل تحديا كبيرا للمحافظة وقت إنشائه، الفكرة كانت كيفية إضافة منطقة حيوية جاذبة لتلبية احتياجات أهالي الثغر لمزيد من الهواء النقي ومساحات من الخضرة الشاسعة علي مساحة 135 فدانا كانت مدفنا للنفايات ومخلفات المدينة، ومقلبا لمخلفات أعمال الهدم. في مدخل الإسكندرية الصحراوي، وفي عام 1988 بدأت المواجهة بنقل مدفن المخلفات إلي موقع مناسب وآمن، واستغلال تلك المساحة الشاسعة التي أصبحت مع الوقت في قلب المدينة مع امتداد الزحف العمراني ويضيف الدكتور القيعي كانت الأبخرة والغازات المنبعثة من تلك المساحة مصدرا للتلوث والروائح النفاذة الكريهة وشكاوي واستياء أهالي الثغر ورواد المدينة لذلك كانت الأهمية الحيوية لهذا المشروع الذي أقيم علي رقعة شاسعة من الأراضي وتحويلها من النقيض إلي النقيض من مصدر للتلوث إلي واجهة وإطلالة جمالية وسياحية ومتنفسا لأهالي وزوار المدينة، وفي عام 1990 تم افتتاح الحديقة لدولية بتكلفة 6 ملايين جنيه.
ويؤكد د. القيعي أن الحديقة الدولية كانت أول تجربة في الشرق الأوسط وثاني تجربة في العالم بعد تجربة مدينة ليفربول الإنجليزية للزراعة فوق من 6 إلي 8 أمتار من طبقات القمامة المدفونة، والتي تبلغ درجة حرارتها في عدة مساحات من 80 إلي 90 درجة مئوية بالإضافة إلي وجود كميات ضخمة من غازات الميثان القاتلة لجذور النباتات، ونجحنا في التحدي بتطبيق معالجة علمية دقيقة وخرج المشروع إلي النور بإضافة مساحات خضراء شاسعة فوق مدفن المخلفات والنفايات. ويشير د. القيعي إلي أن الحديقة الدولية عند افتتاحها كانت مسطحات خضراء فقط خالية تماما من أي بناء خرساني »‬مافيش طوبة غير بوابة الدخول» -حسب تعبيره-، حتي جاء عام 1998؛ حينما طرحت المحافظة فكرة إسناد صيانة الحديقة بمساحتها الشاسعة لإحدي الشركات الخاصة كحق انتفاع لمدة 20 سنة وكانت النية فعلا الحفاظ علي الحديقة ومساحاتها الخضراء وصيانتها ولكن الزحف التجاري بدأ منذ ذلك الوقت وانتهي إلي فوضي المخالفات التي لم يستطع أحد إيقافها إلا بتدخل حاسم من الرئيس عبد الفتاح السيسي.
بداية التلاعب
»‬الأخبار» اطلعت علي صورة من عقد الانتفاع الذي تسبب في زحف المخالفات علي أرض الحديقة الدولية منذ 1998، والذي ينص علي أن تتولي شركة الدلتا الإشراف علي صيانة الحديقة الدولية لمدة 20 عاما مقابل 20 مليونا تدفعها الشركة للمحافظة علي 20 عاما واستغلت الشركة عقد الانتفاع مستندة إلي حقها في إقامة أكشاك لتقديم المشروبات والخدمات للمتنزهين ورواد الحديقة وقامت بتأجير مساحة تلو الأخري لمحلات تجارية ثم كافيهات وفروع لسلاسل تجارية ومواد غذائية ثم مطاعم كبري وعشرات من قاعات الأفراح والمناسبات وحينما تصاعدت حدة الاعتراضات من المجتمع السكندري ورموزه وأعضاء المجلس الشعبي المحلي غيرت الشركة اسمها ومجلس إدارتها وأعلنت إفلاسها كحيلة للتهرب من مسئولياتها واصطنعت عقدا مع شركة جديدة من الباطن، وقامت الأخيرة بتأجير مساحات متتالية من الأراضي بعد تقسيمها للمحلات وفي عام 2004 صدر قرار بفسخ تعاقد حق الانتفاع للشركة مع المحافظة، ووجدت الجهات التنفيذية بالإسكندرية نفسها تواجه واقعا فرض نفسه علي الأرض بالزحف المتزايد للمنشآت التجارية دون سند قانوني، ودون تسديد مستحقات الدولة ممثلة في محافظة الإسكندرية. وتأتي إحدي المخالفات الصارخة التي اطلعت عليها »‬الأخبار» كنموذج لمخالفات مشابهة، ممثلة في حصول أحد الفنانين الأكاديميين المرموقين من أبناء الثغر علي مساحة تتعدي فدانين منذ عام 1999 بهدف إنشاء حديقة بيئية علمية، لكن مع مرور الوقت وبعد عامين تحولت المساحة إلي قاعات أفراح متراصة وغير مرخصة بالمخالفة للقانون، وتراكمت المديونيات علي الأكاديمي السكندري حتي بلغت 9 ملايين جنيه لم يسددها حتي الآن.
مخالفات صارخة
الخبير القانوني السكندري والمحامي محمد الشامي يقول إن أراضي الحديقة الدولية تعكس حالة الفوضي المعمارية بعروس البحر التي حان لها أن تتوقف، منشآت تجارية فرضت أمرا واقعا علي المدينة وأهلها، بلا تنسيق ولا تخطيط إنشائي مقامة علي أكثر من 125 فدانا هي مساحة أرض الحديقة الدولية بالإسكندرية، تمثل صداعا مزمنا لكل محافظي الثغر، الذين لم يتمكنوا من تحصيل المديونيات المتفرعة من مستثمر رئيسي قام بتوزيع الأراضي والمنشآت علي 18 مستثمرا من الباطن، وهم بدورهم قاموا بالتربح من خلال التوزيع علي 230 مستأجرا من باطن الباطن. ويضيف الشامي أن المخالفين أقاموا علي تلك الأراضي المملوكة للدولة ممثلة في محافظة الإسكندرية، مجموعة من المشروعات مثل عشرات قاعات الأفراح والكافيهات والمطاعم والمنتجعات السياحية والأندية الرياضية والاجتماعية ومولات تجارية ومحلات تجارية. وأن المديونيات تراكمت بشكل هرمي من المستثمرين الصغار إلي الكبار ومن ثم إلي المحافظة، وعجز المحافظون واحدا تلو الآخر عن وضع حلول نهائية لتلك المديونيات، إلي أن جاء الرئيس عبد الفتاح السيسي وحسم الأمر بقرار حازم ونهائي يقضي بتطبيق القانون علي الجميع ،خلال زيارته الأخيرة للثغر لافتتاح مشروع بشاير الخير 2، وإسناد ملف مديونيات مستثمري الحديقة الدولية إلي المنطقة الشمالية العسكرية بالتنسيق مع محافظة الإسكندرية ومديرية الأمن، بعد أن تجاوزت المديونيات المستحقة للدولة 427 مليون جنيه، علي الرغم من أن الدخل السنوي لاستثمارات الحديقة الدولية يبلغ ما يقرب من 500 ألف جنيه، من المفترض أن يتم سدادها للمحافظة، ولكن تقاعس المستثمرون عن سدادها حتي تراكمت مديونياتهم. ويضيف الخبير القانوني أن قضية مخالفات ومديونيات أرض الحديقة الدولية بالثغر قد أثيرت منذ عام 2004 من خلال عدة بلاغات باتهامات بالإضرار بالمال العام وعدم اتخاذ الإجراءات التنفيذية الواجبة لتحصيل مستحقات الدولة واسترداد الأراضي المتعدي عليها، منذ صدور قرار محافظ الإسكندرية رقم 802 لسنة 2004 الخاص بإلغاء التخصيص الممنوح لشركة »‬دلتا مصر» للتنمية السياحية والعقارية لتطوير وتنمية وإدارة الحديقة الدولية بالإسكندرية بمساحة إجمالية قدرها 125 فدانًا لمدة عشرين عامًا، بموجب عقد انتفاع مؤرخ منذ شهر مايو سنة 1998، وذلك بعد ثبوت عدم الالتزام ببنود العقد والتعدي علي مساحات مملوكة للدولة مخصصة للنفع العام وإهدار المال العام بما يتجاوز 300 مليون جنيه وقتئذ، تراكمت وتزايدت حتي بلغت 427 مليون جنيه العام الحالي. ويشير الشامي إلي أن شبهتي التواطؤ أو الإهمال من الإدارات الهندسية بالمحليات واضحة، وفي كل الأحوال فإن القانون لابد أن يأخذ مجراه بتنفيذ قرار الفسخ وما يترتب عليه من آثار بمطالبة المستأجرين بالمديونيات المستحقة، فإذا كانت الشركة المفسوخ عقدها قد لجأت إلي حيلة قانونية بإشهار إفلاسها بعد أن قامت بإدخال شريك لها في الإدارة، فإنها بذلك تكون قد أخطأت في صحيح القانون، ومن ثم يكون كل عمل قانوني أو إداري تال للفسخ لا قيمة له ولا سند له من القانون، ويوضح الخبير القانوني أن محكمة النقض قد تعرضت لتلك الظاهرة وهي قيام المستأجر أو المنتفع بعمل شركة مع آخر، واعتبرت ذلك إيجارا من الباطن وحكمت ببطلان هذه الشركات. أما عن الدفع بحسن نية المستأجرين الجدد من الشركة الجديدة وعدم علمهم بما تم من إجراءات، فإنه مردود عليه بأن البطلان لا يتبعه إلا بطلان، ولا مكان في تلك الحالة للجهل بالقانون، ويلفت الشامي إلي أن المثير والمريب هو عدم قدرة الجهة الإدارية طوال سنوات المخالفات في العهد الماضي علي تنفيذ القانون، وهو ما يدعو للشك في أحد أمرين أولهما ضعف الإدارة وثانيهما شبهة التواطؤ من الإدارات المحلية.
منظومة جديدة
المهندس ياسر سيف رئيس لجنة الثقافة بالمجلس المحلي السابق للإسكندرية ورئيس الجمعية الدولية للتنمية والثقافة يري أن المساحة الشاسعة لمنطقة الحديقة الدولية و»‬الداون تاون» تحتل موقعا غاية في الحيوية، وتعد هي المطل والواجهة للمدينة للقادمين إليها من الطريقين الصحراوي والساحلي، ومن منظور معماري فإن المنطقة سوف تشهد عملية إعادة إحياء بعد أن كادت الفوضي والعشوائية أن تقضي عليها، ويتوقع سيف أن تدخل المنطقة ضمن منظومة التطوير الحضاري لعروس البحر فهي متاخمة لمنطقة مطار النزهة القديم، وأيضا تمتد عبرها منطقة مأوي الصيادين العشوائية التي يجري تطويرها بإنشاء بشاير الخير 3، وبمنظور أفقي وجغرافي نجد أن هناك رؤية إنشائية علمية تعمل علي رسم خارطة جديدة لمدخل عروس البحر الشرقي، يليق بالطابع السياحي للمدينة ويحول دون تكرار مظاهر التلوث البصري وعشوائية البناء وفوضي النشاط التجاري الذي لايخالف القانون فقط، بل يجافي الذوق العام، ويستهدف الربح السريع فقط بلا مراعاة لترك بصمة جميلة لرواد المنطقة، لأن الأنشطة التجارية المخالفة التي تكدست بها منطقة الحديقة الدولية بلا رقابة ولا ضوابط، كانت تتبع جميعها منهج »‬الفهلوة» وسياسة »‬اخطف واجري» ،فهي منشآت أصحابها يدركون أن وجودهم مؤقت وعابر ومصيره إلي زوال، لذلك كان هدفهم هو كيفية استغلال زبائنهم بأقصي سرعة وأقصر وقت.
من جهته قال البرلماني حسني حافظ عضو مجلس النواب عن دائرة سيدي جابر، إن منهج مواجهة العشوائية في فكر الرئيس السيسي لا يتمثل في تشديده علي ضرورة التصدي بقوة القانون لأي بناء مخالف فقط. بل يمتد إلي مواجهة الفكر العشوائي الذي يناقض التفكير والتخطيط العلمي، ورفض أساليب »‬الفهلوة» وتسيير الأمور دون تخطيط مسبق، لأن هذه الأساليب هي التي تتوالد عنها حالات الفساد والإهمال والرشاوي والمحسوبيات التي تعاني منها الإدارات المحلية في الأحياء وبعض المديريات الخدمية والتنفيذية، وقد اكتسب الرئيس بمنهجه العلمي ورؤيته للمستقبل ثقة واسعة، بعد أن شهد الواقع تحديدا في الإسكندرية بتغيير معالم الحياة في مشروعات بشاير الخير، ثم ما اطلع عليه الإسكندرانية من ملامح تطوير في شريان جديد هو محور المحمودية، وأخيرا في مواجهة العشوائية حتي في الأنشطة التجارية المخالفة، ومطالبته بعقود موحدة للمستثمرين تضمن حقوقهم ومكاسبهم في إطار قانوني محدد، وكذلك تضمن حقوق الدولة التي هي حقوق الشعب في استثمار ناجح ومضمون لموارده.
بروتوكول انضباط
د. عبد العزيز قنصوة محافظ الإسكندرية صرح بأن المحافظة قامت بتوقيع بروتوكول تعاون مع المنطقة الشمالية العسكرية للإشراف علي إدارة وتطوير منطقة الحديقة الدولية، وذلك بإعادة تخطيط المنطقة بما يعود بالنفع علي المواطن السكندري وتحويلها إلي موقع سياحي واستثماري جاذب ضمن التخطيط العمراني الجديد للثغر، بما ينعكس علي الوضع الاستثماري للمنطقة مع إعادة تخطيطها للاستفادة من كل المساحات المتاحة بها وإعادة استثمارها بالتنسيق مع محافظة الإسكندرية، كما تقوم المنطقة الشمالية بتحصيل المديونيات القديمة المحددة وفقا لتقرير هيئة الخدمات الحكومية واتخاذ جميع الإجراءات القانونية لتجديد التعاقد مع الجهات التي يتم الاتفاق معها من شركات بالأسعار المحددة من المثمن القانوني كحد أدني. كما تضمن البروتوكول إشراف المنطقة الشمالية العسكرية علي تنفيذ برنامج دقيق منضبط لتشغيل وإدارة وتأمين وحراسة منطقة الحديقة الدولية، وكذلك إدارة الإعلانات واللوحات الإعلانية بها، من خلال التأجير وحق الاستغلال للمناطق المتميزة داخل المنطقة بالتنسيق مع المحافظة، كما تقوم بالإشراف علي إدارة أماكن انتظار السيارات والاستراحات وبوابات الدخول والخروج. وبدأت المنطقة الشمالية العسكرية بالفعل بإخلاء المناطق التي لا يتم تجديد التعاقد بها وذلك ضمن برنامج إعادة طرحها للمستثمرين بالتنسيق مع المحافظة، وذلك بعد انتهاء التعاقد القديم وفقا للقانون. وتنفيذا صارما لتوجيهات الرئيس السيسي بالحفاظ علي حقوق الدولة ومنع التلاعب أو التربح أو التهرب من المستحقات الواجبة السداد. يذكر أن جميع عقود المتخلفين عن السداد تم فسخها اعتبارًا من نوفمبر 2018، وأبرمت عقود جديدة، بعد انتهاء مهلة 6 أشهر لأصحاب قاعات المناسبات والمطاعم للإخلاء وإتمام إجراءات النقل إلي »‬بشاير الخير 3» لمن يرغب في التجديد.
كل المظاهر التي يشير إليها الواقع علي الأرض في منطقة الحديقة الدولية تشير إلي أن عروس البحر تنتظر حدثا سعيدا مع بدايات العام الجديد، وتبدأ من مدخلها الشرقي منظومة التطوير الإنشائي الأفقي في الحيز العمراني المضاف إلي المدينة التي كادت عشوائية التمدد الرأسي في البناء المخالف أن تفتك بالألق التاريخي للثغر، وتقضي علي رونقها الحضاري وتراثها المعماري الشاهد علي مكانتها المميزة وسط المدن الساحلية العالمية، كل خطوة الآن محسوبة وموقوتة علي طريق استعادة عروس البحر المختطفة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.