مى التلمسانى الإخوان المسلمون طائفة دينية لا تؤمن بالثقافة إلا بمعناها الديني الضيق، فهي تؤمن مثلا بمعني قاصر ومحدد للثقافة الإسلامية باعتبارها ثقافة أخلاقية، وقد انتقت من التراث العربي الإسلامي ما يوافق هوي دعاة الرجعية من أقطاب وأنصار الجماعة علي مدي تاريخها واستبعدت ما لا يتلاءم مع فكرها الأصولي. وقد ظهر مؤخرا من ينادي بإنتاج أفلام إسلامية ومسلسلات إسلامية وأغنيات إسلامية تذاع في قنوات التلفزيون الإسلامية (مثل قناة مصر 25 التي يمولها الاخوان المسلمون) وذلك بدعوي ضرورة ملاءمة الفن والثقافة للأسرة المسلمة، مقصية تماما فكرة الفرد من قاموسها الرجعي، ومقصية مفهوم الفنان الحر من نفس هذا القاموس. هي طائفة منغلقة علي نفسها وعلي ثقافتها الخاصة بالمعني الفاشي والإقصائي، فضلا عن أنها لا تؤمن بأن للثقافة دورا إيجابيا في المجتمعات الحديثة، بل وتسعي لوأد الإبداع والحريات بجميع الأشكال وباستخدام مبررات واهية من قبيل الدفاع عن الدين مما يتهدده في الثقافات العالمية الحديثة وكأن هذا الدين ضعيف ومهدد وهو بريء من هذه الادعاءات السلطوية التي تهدف قبل كل شيء لقيادة قطيع من المغيبين أو تغييب مفهوم العقل والحريات العامة من قاموس الممارسات الفنية والإبداعية والثقافية، بحيث تصبح المرجعية الوحيدة هي مرجعية التفسير الديني، والأفق الوحيد هو الأفق الأسري، والهدف الأول هو السيطرة والقمع الفكري والمجتمعي...في رأيي أن الإسلام بريء من دعاوي القصر والإقصاء والحجر علي الحريات التي تمارسها الجماعة وتنشرها عبر أدبياتها وتفاسيرها البناوية والقطبية سواء بسواء، وهي تفاسير ذكورية أبوية رجعية فرضت علينا في عصور الاضمحلال الفكري وفي سياق استعماري مازلنا نعاني من تبعته حتي اليوم. هذه التفاسير تتجدد بتجدد الظرف الاستعماري، خاصة بعد أن وقعنا فريسة الاستعمار الثقافي (الذي يتكيء علي الهيمنة الاقتصادية والدعم الأمريكي) الذي مارسه الفكر الوهابي منذ الثمانينيات حتي وقتنا الراهن والمؤسسة العسكرية والاثنان بالضرورة ضد مدنية الدولة وإن ادعي القطب الاخواني إيمانه اللفظي بها، وادعي القطب العسكري حمايتها، علينا أن نتلاحم كمثقفين وفنانين وكتاب ومبدعين وجامعيين وراء التيار الثالث الذي تشكلت ملامحه مع الثورة، وهو التيار المدني...وأن نقف بالمرصاد لكل حركات الأسلمة المقصودة وغير المقصودة التي تسعي للسيطرة علي مصائر المبدعين وفرض هيمنتها عليهم بالقانون تارة والإرهاب الفكري تارة أخري. علينا أن نشكل وندعم المعارضة السياسية ضد الصوت الاخواني الأحادي والإقصائي، وأن نمارس الضغط علي متخذ القرار السياسي باستخدام القانون، وعلي المشرع باستخدام الطاقات المتاحة لدينا لاجتذاب تعاطف رجل الشارع لدعم قضية الإبداع والثقافة والحريات العامة. الضغظ السياسي والقانون والاقتراب من الجماهير هي وسائلنا لدرء خطر طيور الظلام وأعداء الحرية، ولتذكيرهم مهما حيينا بأن التعدد ثراء وليس خطرا، وفي حرية الإبداع طاقة وليس دعوة للانحلال وفي الإيمان بحرية الثقافة حل لمشكلات عصور الانهيار العربي الاسلامي علي عكس ما يدعون، وليكن لهم في دعم خليفة المسلمين هارون الرشيد لأبي نواس أسوة حسنة، وليتذكروا أن ألف طعنة مسمومة في عنق نجيب محفوظ لم تهز عرشه لا في مصر ولا في العالم، وأن قضية الحسبة ضد نصر حامد أبو زيد ارتدت علي مهيجي الجماهير وارتفعت رغمها قامة العلامة المصري، وأن الشعب المصري سيظل يضحك علي نكت عادل إمام وإن كره التعساء والمنافقون.