دقت أجراس كنيسة سانت جورج بقلعة وندسور مع إعلان كبير أساقفة كانتربري زواج الأمير "هاري" حفيد الملكة "إليزابيث الثانية" وابن الراحلة الأميرة "ديانا" من الممثلة الأمريكية "ميجان ماركل".. زفاف أسطوري يتوج قصة حب خيالية بينهما، لم تقيدها الأعراف الملكية وزواج لم تشهده العائلة المالكة في بريطانيا من قبل؛ فالأمير البالغ من العمر 33 عاماً، والسادس في ولاية العرش تزوج حبيبته ميجان المطلقة التي تكبره بثلاثة أعوام ووالدتها أمريكية من أصل أفريقي ووالدها أبيض.. ما أبهر الملايين حول العالم وتابعوه بشغف والذي سمح للعائلة المالكة بإبراز أبهتها أمام العالم بأسره.. بهذا الحفل الذي زينته الورود البيضاء القوس الزهري الممزوج بالورود والفاوانيا والقفاز عند مدخل كنيسة سانت جورج والأعلام الحمراء والزرقاء والبيضاء أيضاً؛ اكتملت أخيراً فرحة العروسين وتوجت قصة حبهما التي ظلت لسنوات.. فالعراقة والحداثة والبساطة كانت هي السمات الغالبة علي هذا الزفاف... بداية من الفستان لتجذب الأنظار بإطلالتها الملائكية، حيث ظهرت مرتدية فستانا بتصميم أسطوري، والطرحة بطول 5 أمتار المصنوعة من التُل الحريري والمطرزة يدوياً، بزهور تمثل النباتات من 53 دولة بالكومنولث الذي تقوده بريطانيا. وأشارت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن فستان الزفاف من إبداع "كلير وايت كيلر"، كبيرة المصممين بدار جيفنشي الفرنسية للأزياء. وكانت ميجان قد تمنت أن يجمع فستانها بين العراقة والحداثة واهتمت بالعمل اليدوي المتمثل في عنصر التطرير؛ كما أعربت عن رغبتها في وجود كل دول الكومنولث ال53 معها في رحلتها خلال المراسم؛ لذا حرصت العروس علي العمل مع دار "جيفنشي" للوصول إلي هذه النتائج التي أبهرت العالم أجمع. وجاء اختيار ميجان للطرحة لتمثل الأدوار التي ستقوم بها مع الأمير هاري في منصب سفراء الشباب في العالم البريطاني الأوسع. ورغم الأناقة البالغة لفستان الزفاف، إلا أنه لم يكن الأمر الوحيد الملفت للنظر في إطلالة العروس الملكية؛ فتاجها الماسي المرصع بالألماس الذي أعارته لها الملكة إليزابيث الثانية، خاص بالملكة "ماري دايموند"، والذي صمم خصيصاً لها في عام 1932 ليثبت به "بروش" قابل للفصل، ويتكون ال"بروش" من 10 قطع ماس لامع تم تقديمه كهدية للملكة ماري في حفل زفافها، في عام 1893 من قبل مقاطعة لينكولن. أما باقة الزهور البسيطة التي حملتها بيديها، لعب الأمير هاري دوراً رئيسياً في تصميمها؛ وبحسب قصر كنسينجتون، اختار العريس بنفسه الزهور التي ستوضع في الباقة من حديقتهم الخاصة في قصر كنسينجتون مع مصممة الزهور الخاصة والمفضلة للعائلة "فيليبا كرادوك". وتحتوي الباقة علي أزهار الربيع "لا تنساني" أو "Forget-Me-Not" وهي زهرة أميرة القلوب المفضلة. وقد اختارها الزوجان علي وجه التحديد لتكون ضمن باقة ميجان تكريماً لذكري الأميرة الراحلة في هذا اليوم الخاص. كمال ضمت الباقة أيضاً الآس وهي من النباتات العطرية والتي ترمز إلي الأمل والحب ، مما يجعله إضافة مثالية لأي باقة للعروس. وقد قامت الملكة فكتوريا بزراعتها وأصبحت من تقاليد العائلة المالكة أن تضم باقات عرائسها هذه النباتات، وهذا ما فعلته الملكة إليزابيث الثانية والأميرة ديانا وكيت ميدلتون وميجان. وضمت أيضاً أزهار البتور البيضاء والفاوانيا وأزهار الديجيتالس. وصلت ميجان إلي الكنيسة مع أمها "دوريا راجلاند"، التي قضت معها ليلة ما قبل الزفاف، في سيارة "رولز رويس فانتوم 4" صنعت خصيصاً للملكة في عام 1950. وتعتبر دوريا هي الشخص الوحيد تقريباً من عائلة ميجان الذي حضر الزفاف، والتي بكت بشدة فرحاً بهذه اللحظة السعيدة التي تعيشها ابنتها وأسرتها بالكامل. ودخلت ميجان بمفردها ثم رافقها الأمير "تشارلز"، والد هاري وولي العهد البريطاني، عبر ممشي الكنيسة نظراً لتغيب والدها "توماس ماركل" عن حفل الزفاف لأسباب صحية، لتنضم أمام المذبح إلي الأمير هاري الذي ارتدي الزي العسكري التقليدي. واختارت العروس بدلاً من وصيفات الشرف، عشرة أطفال وفتيات يحملن الزهور لمرافقتها في الممر. ومن بين هؤلاء الأطفال الذين اتبعوا ميجان، كان أكبر أبناء الأمير ويليام، الأمير "جورج" والأميرة "شارلوت"، اللذان شوهدا قبل وصولهما إلي الاحتفال. وبعد أن نال العروسان بركة الزواج بإعلان "جاستن ويلبي" كبير أساقفة كانتربري رسمياً زواجهما، واتفقا علي الحب والراحة والبقاء مخلصين لبعضهما البعض، وضع هاري خاتم الزواج في أصبع ميجان المصنوع من ذهب ويلز كهدية من الملكة. أما الأمير هاري فقد خرج عن التقاليد وارتدي خاتماً من البلاتين؛ نظراً لأن أفراد العائلة الملكية من الذكور لا يرتدون عادة خاتم زفاف. وحمل الأمير ويليام، شقيق هاري ووصيفه، الخاتمين إلي العروسين في الكنيسة. والخاتمان من صنع شركة "كليف آند كامبني" التي تصنع المجوهرات للبلاط الملكي. وفي ختام المراسم أعلن قصر باكنجهام عن منح ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، الأمير هاري لقب دوق ساسكس، وبذلك أصبحت ميجان دوقة ساسكس، وقال القصر إن الأمير هاري البالغ من العمر 33 عاماً حصل أيضاً علي لقبي إيرل أوف دمبارتون وبارون كيلكيل. ويعتبر منح الألقاب الجديدة لأعضاء العائلة الملكية البريطانية في يوم زفافهم تقليداً طويل الأمد. وتبادل العروسان أول قبلة رسمية علي درج كنيسة سان جورج ثم توجها إلي عربة تجرها الخيول وتعود للقرن التاسع عشر وجابا شوارع وندسور وسط اصطفاف عشرات الآلاف من المهنئين الذين احتشدوا لرؤية العروسين. لم تتوقف الرمزية مع دوقة ساسكس الجديدة وملابسها. كان هناك كل أنواع صيحات الموضة التي تصنعها العائلة والضيوف في هذا العرس، علي ما يبدو علي شرف السيدة ميجان. وبصحبة أطفال العائلة المالكة، طلت كيت ميدلتون دوقة كامبريدج بفستان أصفر ناعم من توقيع مصممها المفضل ألكسندر ماكوين. ومن أبرز الحضور الذي وصل عددهم إلي 600 شخص في غياب تام للسياسيين، المذيعة الأمريكية "أوبرا وينفري" التي تألقت بفستانها الوردي من تصميم "ستيلا مكارتني"، التي صممت أيضاً فستان المحامية الحقوقية "أمل كلوني" زوجة نجم هوليوود الشهير "جورج كلوني"، و"بريانكا شوبرا" ولاعبة التنس "سيرينا ويليامز" وزوجها "أليكسيس أوهانيان" ولاعب كرة القد الشهير "ديفيد بيكهام" وزوجته فيكتوريا التي تألقت بفستانها الأزرق الداكن من تصميمها. والممثل البريطاني "إدريس إلبا" وخطيبته "سابرينا دوهير" و"تشيلسي ديفي" صديقة الأمير هاري و"بيبا ميدلتون" وزوجها "جيمس ماثيوز". هذا بالإضافة إلي الصديق المقرب المغني العالمي "جيمس بلانت" وزوجته "صوفيا ويليسلي". وفي حفل الاستقبال ضم 200 مدعو من أصدقاء العروسين والذي أقامه الأمير تشارلز علي شرف زواج ابنه الأمير هاري وميجان في قصر فروجمر هاوس الذي يبعد بضعة أميال عن قصر ويندسور، اختارت العروس فستاناً أبيض حريرياً من تصميم "ستيلا ماكارتني"، وبطريقة خاصة تذكرت ميجان الأميرة ديانا أيضاً في هذا الاحتفال، حيث ظهرت لأول مرة بقطعة مجوهرات جديدة وهي في طريقها إلي حفل زفافهما المسائي، وهي خاتم الزبرجد الخاص بأميرة القلوب علي يدها اليمني التي كانت مرئية بينما كانت تلوح أمام المصورين. وقاد هاري سيارة جاكوار باللون الأزرق الفضي؛ تم تصنيعها في الأصل في عام 1968، وتحولت إلي الطاقة الكهربائية منذ ذلك الحين. وبدا علي العروسين البهجة والسعادة الكبيرة حيث ظلت ميجان تلوح للمحتشدين والابتسامة تعلو وجهها.