في احتفاليته التي أقامها بقاعة الندوات، شارك فرع ثقافة قنا في الاحتفاء بمئوية نجيب محفوظ، عبر مجموعة من الفعاليات الأدبية التي تمثلت في ندوتين وأمسية شعرية، دعا إليها، إضافة إلي أدباء محافظة قنا، مجموعة من النقاد والمبدعين من خارج المحافظة. خصصت الندوة الأولي التي أدارها الشاعر أشرف البولاقي للشهادات الأدبية عن محفوظ، وبدأها الروائي سعيد رفيع بشهادته المعنونة " نجيب محفوظ الإنسان " حيث ركز علي الجانب الحياتي لمحفوظ من حيث النشأة والتعليم وطقوس الكتابة التي ساعدته علي الوصول للعالمية، مركزاً علي ما أسماه بفكرة الانضباط عند محفوظ، التي ساعدته علي توفير الوقت اللازم للكتابة، فيما جاءت شهادة الروائي أحمد أبو خنيجر " نجيب محفوظ شيخ الحارة " في قالب أقرب إلي التكوين القصصي منه إلي نمط الشهادات الأدبية المتعارف عليه، حيث صور شخصية محفوظ في صورة الجد المنشود، وأعماله في صورة الكتاب الذي طالع فهرسه كاملاً حتي خرج من بين ضفتيه. وقدم الروائي محمد صالح البحر الندوة الثانية المخصصة للدراسات النقدية، مظهراً عوامل التميز عند نجيب محفوظ، تلك التي وهبته القدرة علي التأثير الممتد ودعت إلي الاحتفاء به كانتصار ممتد للأدب العربي، والتي تمثلت أولاً في الامتداد العمري الذي أتاح لمحفوظ معايشة كافة التحولات السياسية والاجتماعية في مصر والوطن العربي، وأدت إلي التراكم الكمي والنوعي لأعماله الأدبية، وثانياً في الإنتاج السينمائي للكثير من رواياته والذي أتاح له الذيوع والانتشار الواسع بين عامة الناس، وأخيراً حصوله علي جائزة نوبل في الآداب التي أكسبته صفة العالمية ووهبته التميز الذي يهبنا إياه، كما أكد الروائي عبد الجواد خفاجي علي الحس السياسي عند محفوظ مقدماً قراءة تحليلية لرواية " الكرنك " ولم يغفل الجوانب الفنية الثرية التي تحيل الواقع إلي فن عبر استخدام الرموز والاحتفاء بالشخصيات والأماكن والإيمان بالحرية والنزعة التأملية عند الإنسان. أما الدراسة النقدية الثانية التي قدمها الناقد عبد الحافظ بخيت فقد تناولت جماليات اللغة في رواية " ثرثرة فوق النيل " باعتبارها معادلاً موضوعياً يعبر عن هزيمة المجتمع المصري وانتكاساته المتكررة، حيث جاءت اللغة متوائمة مع الفضاء الروائي ومعبرة عن وعي محفوظ ورؤيته للواقع السياسي في المجتمع، وخلفت نوعاً من التوازي بينه وبين الواقع الافتراضي للرواية، ما جعلها لغة ايحائية ومغايرة عن اللغة الوصفية والإخبارية عند محفوظ في رواياته الأولي. وقد تخللت الندوتين فقرة شعرية ألقي خلالها الشاعر عبد الناصر أبو بكر بعضاً من قصائده، قبل أن تختتم الاحتفالية فعالياتها الثلاثاء الماضي، تحت إشراف سعد فاروق مدير عام الفرع.