ليتمجد اسمُكَ وليتواصلْ جيلاً بعد جيل تزول الوجوه وتبقي سمتُكَ علامةً علي الوجود في البدء كنتَ فرداً .. زعيماً .. شبحاً ، وخرباً خالياً كان العالمُ وعندما تمدد ظلُكَ الأسود ولاح وجهُك الأزلي ظهرت الأرضُ والدماء والناسُ والأسلحة والحيواناتُ والأنياب والسماءُ والطائرات القاذفة . أيها الديكتاتور المُبَجّلُ والأخُ الأكبر والجبلُ والعلَمُ والنيلُ والنشيدُ الوطني والحقول الخضراء في الأغنيات والهواءُ الباردُ في الصيف والدفءُ في شتاء يناير أين أعمارنا ؟ أين سنوات الأمل والأمنيات العريضة؟ أين الأسئلة الأولي والدهشة الأولي واليقينيات الأولي؟ أين نذهب بالكراهية والأحلام الجريحة؟ يارب السأم والبوار والخراب يا واضع المدية في يد الإبن إلي قلب الأم ياقاطع الجسر بين العاجز واحتمال الحياة يامكسب العيون غشاوتها وهي مفتوحة ناظرة يا مسلِّط الدواب والحشرات علي عقولنا ياواهب الجهلاء والعاطلين والأغبياء التنفّج والخيلاء يا معذب الأرواح بالسجن أمام استعراضات البلهاء يامقيم أودنا علي الأشواك وتطلب الشكر والقناعة والعينين المغرورقتين بقبول النعمة يا مرجف القلوب ساعات وأياما وسنينا في قبضة الزبانية يا مهلك الأبدان شقاء وكمدا يا كاره التساؤل في القلوب التي تتنفس ، التي هربت من أقفالها التي هزمت قضبانها تعبنا.. تعثرنا ..سقطنا تحت العجلات ولم نجد إجابة لماذا .. لماذا.. لماذا كيف .. كيف.. كيف لمن .. لمن .. لمن 2 أيها الديكتاتور المُبَجّلُ ماذا فعلتَ بالزمن لم يعد لدينا شروقٌ أو صبحٌ أو ضحيً أو ظهيرةٌ أو غروبٌ أو ليل انتهي الوقت إلي الانتحار البطيء البطيء إلي الفشل الكلوي والسرطانات إلي الألزهايمر والشيخوخة التي تزحف علي مشارف الأربعينيات اختفي المستقبل كأننا خسرناه في مقامرة كنا كاملين واعدين طامحين كنا جميلين فرحين آملين كنا أقوياء حالمين مُقدمين واستيقظنا علي يد تحشرنا في قطار يحترق أصبحنا أشباهَنا الضعفاء كسوراً كسوراً ليس فينا واحدٌ صحيح أتعرف أن المدن تنام متكومة مثل أطفال الشوارع تنهش أقدامها الكلاب ويتحرش بها الأشقياء وتُلبّدُ سماءها الخفافيش أتعرف أن الليل يهبط كابيا خانقا يغمر نظرة العاشق بالألم وبهجة الحبيبة بالانكسار يا للأسي الذي لم يترك لنا سوي الرغبة في الرحيل مازال داخلنا لمحات من سعادة مختلسة وانتصارات لكنها هناك في أقصي النفس ،مطموسة بالهزائم وجودها الأقسي من امحائها يحجب عنا الأمل أو رحمة السقوط في اليأس 3 ألمٌ أيها الديكتاتور ألمٌ في قلوبنا مثل اكتشاف النهاية ألمٌ مثل نسيان موعد الحب مثل القمامة في عيوننا ومياه الصرف التي تغرق أرواحنا مثل الأطعمة الفاسدة والشاشات الفاسدة والشركات الفاسدة والطرق الفاسدة والوجوه الفاسدة والكتب الفاسدة والصحف الفاسدة والمرايا الفاسدة الآهة ممتدة ،تطفُر منّا دون سبب سوي إدراكنا ما أصبحنا عليه، هذا الوعي بالموت ونحن نستقبل الحياة كل صباح هذا الأسود يبتلع كل الألوان في العيون أن تُقيدَ يداك وقدماك وتُقذفَ في الماء دون أن تعرف لم ربما كنتَ تحمل ذكريات جميلة مع الموجات تلامس بدنك ربما استطعتَ استحضار خفة الطفو للحظة لكن ماذا تفعل مع هذا الرعب الذي ينتابكَ ويهوي بكَ إلي أسفل أسفل أسفل والقاع يهرب يهرب يهرب والمياه التي كانت حميمةً في الماضي تستقبلكَ بغضب فاتر ولا مبالاة كما لو كنتَ حجراً لا أمل في معجزة تكسر القيد حول معصميكَ وتمنحك لذة أن تضرب الماء بغلٍّ وقسوة لا أمل في معجزةٍ ترفع معها رأسكَ لحظاتٍ فوق الصفحة السوداء فوق الهوة البالغة القسوة، فوق النثارات والبلل الجارح والنجاة البعيدة كجنة الشيطان التي يعرفها جيدا، ويعرف أنه لن يقربها ثانية أيها الديكتاتور المُبَجّلُ أتعرف أننا لا نتوقف عن السقوط حتي أصبح القاع حلما والغرق نهايةً مشتهاة أتعرف أن أكبادنا مطعونة مطعونة بهذا العذاب؟ 4 يحدث كثيراً كثيراً أن نوصد الأبواب ونطفئ الأنوار ونغلق النوافذ والدواليب وأجهزة التكييف اللعينة والتلفزيون الدامي ونبكي قهراً وضياعاً نبكي لأننا نعرف أن حياتنا انتهت ومازلنا ندب علي أقدامنا نستيقظ مسرعين في الصباح نشرب القهوة ونذهب إلي أعمالنا ونتجادل ونكتب كلماتٍ لا تحفظ دما ولا تحرك حجرا ونضرب زوجاتنا ونلقن أطفالنا محفوظات التقاليد ، وحول رءوسنا تحوم هالة من الذباب الأزرق الكبير بم يريد أن يشير يا للعقاب الذي نتلقاه أي جريمة اقترفنا حتي يغشانا الذباب سحابات سحابات تمتص دماءنا وتسبب لنا الصرع والجنون كيف غدونا فريسة لهذه الكائنات الكريهة لمَ أصبحنا جثثاً تستدعي الذباب 5 أيها الكل شئ .. الجميع.. اللذون ..الهم ..الحاضرون والغائبون ، الأسلاف والأحفاد والنطف في الأرحام، المنهج والفلسفة والطريق ، تستطيع أن تستلقي وتستمتع برؤية أشلائنا وهي تئن بأسمائك وصفاتك.. ُسحقاً أيها الماحقُ المهلك الهالك الباغي البغيض الوحش الخناس القامع الشقي كاسرُ الظهر الغبي المهاب الرهيب الرعديد المتجبر الجارح الرجيم * الطامح الطامع الطالح المانح المبذر المُفقر المُضل المُمسك المُهدر المُعاند الصفوان الأخسر النهّاب البطّاش النهّاش الفسّاد الجلّاد المُحتكر الشره الأثيم *الباهت الخافت المُطفأ الخاضع المهان الغافل الفَرِح الخانع العاطل المتخاذل المكابر المعتم البليد الكاسد الكئيب البائس الضائع الدعيّ الرخو الصنيع الميّت العائش العتلّ الزنيم * الماكر الشرّ الخائبُ العييُّ الواطئُ المُترفع المُتنفج المُخاتل الفاشل المتهافت الفاجر المُحدث المُفتن المُرجف المُحرض القامع المغرض المُقوض المُهدر المُقصي اللدّ الخصيم * الرافض الكاره الناظر الأعمي السامع الأصم المغلق الفؤاد هازمُ الروح الكنود الخائف المخيف المُحبط المُحيط ذو الأذرع والرءوس والأعمار الجهول الغشوم اللئيم. رأيتُكَ عاريا تتجول في شوارعنا الفقيرة تدوس أحلامنا بجنازير دبابتك سمعتُكَ تتكلم فتتهدم مدن كانت لنا تتساقط أبنية كنا نحلم بزيارتها ونحكي عنها لأبنائنا تتثاءبُ فيطلق زبانيتكَ الرصاص باتجاهنا ويزحف الأصفر علي النباتات وتزول الأفكار اللوامع من رءوسنا تضحكُ فيضرب الزلزال منازلنا المتصدعة أصلا تغمضُ عينيكَ فيفيض الليل وتتشقق الأرض عطشاً ويأكل الناس القمامة تلهو فتُضاء الشوارع بالكباريهات وتبيع الأم فخذيها في الشوارع تحزنُ فتتأمّم أفراحنا ، حتي تلك التي في أقصي القلوب ، يأتي من يتسلط عليها ويفسدها بالكآبة والجوع والحمي 6 لا شئ نملك لا أدوات لا أسلحة أسنانٌ أسنانٌ أسنان قواطعُ قواطعُ قواطع أنيابٌ أنيابٌ أنياب أظفارٌ أظفارٌ أظفار لنعد إلي البداية الغابة الأولي المطاردة الأولي الغبار المرتفع والوصول إلي الساحة الفسيحة علي ضفة النيل لا حراس ولا رشاشات إسرائيلية سريعة الطلقات لا عربات مصفحة لا قضبان أو غياهب أو زنازين لا سترات واقية ولا ربطات عنق إيطالية أواااه أواااه أواااه أواااه أواااه أواااه إد إد إد إد إد إد إد إد إد لا لا لا لا لا لا لا لا لا الرحمة الرحمة الرحمة الرحمة الرحمة الرحمة فهمتكم فهمتكم فهمتكم فهمتكم فهمتكم فهمتكم فهمتكم مثل أبنائي أبنائي أبنائي أبنائي أبنائي أبنائي أبنائي أبنائي شهداؤكم شهداؤكم شهداؤكم شهداؤكم شهداؤكم شهداؤكم أسنانٌ وأنيابٌ وقواطعُ وأظفارٌ ونهشٌ وتمزيقٌ وصيحات انتصار عالية في مواجهة الشمس هنا ،في الساحة علي ضفة النيل، أيها الديكتاتور المبجل