تحدث الكاتب الليبي هشام مطر في مهرجان إدنبرة الدولي للكتاب عن الثورة الليبية بعد مقتل ابن عمه عز العرب الذي كان في صفوف الثوار الذين اقتحموا مقر إقامة القذافي في باب العزيزية. الندوة قامت بعرضها صحيفة الجارديان البريطانية وجاء فيها علي لسان مطر: "اللحظة التي اقتحم فيها الثوار مقر القذافي كانت مذهلة ومخيفة. كان بإمكانك أن تري الطلقات النارية تتطاير لكن لا تري وجوهاً. هذه هي طبيعة نظام القذافي الذي أحاط نفسه بالمظاهر والأكاذيب". "هذا الاسبوع المليء بالأحداث يماثل اللحظة التي تستيقظ فيها من كابوس ثم تدرك أن صور الكابوس المرعبة هشة للغاية". "أصبحت الديمقراطية لأول مرة في تاريخ ليبيا أمراً حقيقياً وواقعياً. لا تهدف الثورة إلي غايات سلبية أو مجرد التخلص من نظام فاسد إنما تهدف إلي اكتشاف من نحن، وماذا يعني أن نكون ليبيين." تم نفي أسرة مطر من ليبيا عام 1970 بعد أن اعتبرت الحكومة والده جاب الله مطر منشقاً. تم اختطاف والده علي يد المخابرات المصرية عام 1990 ومن ثم أعيد إلي ليبيا حيث ألقي به في سجن ابو سليم. قام مطر بسرد تلك الواقعة في روايته "تشريح الغياب"، ولكنه رفض أن يؤكد أو ينفي للحاضرين في مهرجان ادنبرة عما إذا كان والده علي قيد الحياة. واصل مطر القول: "اختطف نظام القذافي أي إحساس بهوية أو تاريخ ليبيا، في الحقيقة فإن تلك هي أساليب الديكتاتورية: الاستيلاء علي أدق تفاصيل روايات الأفراد، والاستيلاء عليها". »أحد أهداف الديكتاتور هو نسج رواية توضح ماذا يعني الحاضر وكيف يبدو المستقبل. إنه حتي يحاول إعادة كتابة التاريخ. كل من الديكتاتور والروائي بينهما عامل مشترك ألا وهو سرد الرواية"، والاختلاف هو أن الروائي يهتم بالسرد الذي يعكس صورة الحياة، السرد الذي يعبر عن المشاعر الإنسانية المتناقضة وعن الانفعالات النفسية المختلفة، بينما الديكتاتور يكتب روايات سيئة متعصبة ضد التغيير وساذجة، ويفعل ذلك باقتحامه أدق خصوصيات حياتنا ويحاول التأثير حتي في كيفية حب كل منا للآخر، ماذا نقرأ ، تفكيرنا تجاه المستقبل وتعليم أطفالنا". وأضاف، متحدثاً عن روايته (في بلد الرجال) التي رشحت لجائزة البوكر عام 2006، قائلاً: "لم أقصد كتابة رواية تعبر عن وجهة نظر الواقع التاريخي للديكتاتورية، لكنني أردت توضيح كيف تؤثر الديكتاتورية علي اللحظات الخاصة، الإيماءات الصغيرة، كيف يمكن لشخص أن يتناول فنجان من القهوة أو يستمع للموسيقي بصورة مختلفة". وقارن مطر القذافي بديكتاتور آخر، هذه المرة قارنه بإحدي شخصيات شكسبير: "عندما يتم بناء كل شيء من حولك بصلابة لإقناعك بنوع محدد من الحقيقة، فأنت تكون قد وقعت في الفخ مثل الملك ريتشارد الثالث. أنا أعتقد حقاً أن القذافي هو أحد ضحايا حقيقة القذافي". وبينما الأحداث في ليبيا ودول أخري مثل تونس ومصر تبدو مبهمة فان الكاتب يقر بمدي قوة الاسلام في تلك الدول. "الإسلام هو أحد العناصر الهامة للغاية في الحياة اليومية وجزء من تراثنا. تكمن المشكلة في أن الحركات السياسية المعارضة الممزقة يجب عليها أن تعثر علي لغة تتحدث بها، والإسلام لغة مقنعة وقوية للغاية ومؤثرة علي كثير من الناس". "لذلك سأكون مندهشاً للغاية إذا لم يشكل عامل الدين جزءاً من الحكومة الليبية المحتمل تشكيلها، وهذه ستكون إحدي نتائج الديكتاتورية، لكن الأمر سيتوقف علي أي الطرق ستتخذها تلك الحركات السياسية: سبل الديمقراطية او غيرها، إذا أقدم الإخوان المسلمون علي تقويض قيم الديمقراطية فهذا أمر آخر، لكن ذلك افتراض مبالغ فيه، فهم يتطلعون تجاه تركيا أكثر من السعودية أو العراق".