1عزيزي السعدني هل ارتحت الآن وهدأت أعصابك؟ لقد كنت طوال الشهور الماضية، نسخة جديدة من الواد الشقي بتاع زمان، الذي لا يكتفي وهو يتعارك في الحارة بالطوب الذي يمطر به الخصم، بل يظل يلاحقه بسيل من الشتائم المنتقاه، تتخللها صرخات بكاء وهمي، من اعتداءات وهمية يدعي أنها حدثت عليه، حتي تتكامل عناصر المعركة المادية والمعنوية والدعائية، وينال من خصمه بكافة الطرق، أو بأحداها إن لم تفلح الأخري. لقد سمعت أنهم في الإسماعيلية كانوا يهتفون لك ويصيحون: أكتب يا سعدني وقول لصلاح جاهين! ماذا كانوا يريدون منك ان تقول لي؟ أن النادي الإسماعيلي نادي عظيم؟ ولاعبوه ممتازون، والدليل علي ذلك فوزهم ببطولة الدوري.. وليعلم النادي الإسماعيلي البطل، وجمهوره المخلص السعيد أنني لم أكن ضد الإسماعيلية كناد أو كبلد، ولكنني كنت ضد افتراء السعدني.. وإذا كان الإسماعيلي بكل هذه العظمة والقوة وهو الأول في الدوري، فمعني ذلك أن النادي الذي يليه في المكانة وهو الأهلي له علينا حق التشجيع والاعجاب والاحترام، خاصة وأن عشرة من كبار لاعبيه، كانوا مكسورين، في أحرج وقت من أوقات التنافس علي البطولة.. وموعدنا العام القادم الذي أرجو أن يكون النادي الأهلي فيه، قد استعاد فريقه التقليدي، وعندئذ ربما اصبح هو الأول فيستحق التهنئة.وربما كان الإسماعيلي هو الأول مرة أخري..فله تهنئتان! 2 عزيزي علاء أنني لا أعترض علي الربط بين إسرائيل، كراس حربة للمصالح الاستعمارية، وكذلك الصهيونية كنزعة عنصرية عدوانية، وبين الفكر اليهودي وما قد يكتشف فيه من تيارات أنانية متعصبة..ولكن إسمح لي أن اعترض علي الربط بين هذه الشرور كلها، وبين الإنسان اليهودي كإنسان يهودي. ذلك لأن مبادئنا الأساسية .. قائمة علي عدم محاسبة الناس علي شيء ولدوا فوجدوا أنفسهم عليه، سواء كان هذا الشيء هو الدين أو العنصر او الجنس..فنحن لا نحاسب الناس علي أنهم بيض أو سود أو هنود أو نساء أو انجليز ..ولكننا نحاسبهم علي ما يتخذونه من مواقف بإرادتهم. ان هذا ليس من قبيل التسامح الديني، أو الشياكة الثقافية وإنما هو الموقف الضروري ، والمبدأ العملي، الذي ينبغي علينا ان نتمسك به دائما، لمصلحة البشرية كلها ولمصلحتنا في النهاية. 3 عزيزي قارئ جريدة الأهالي لا بد أنك قرأت ما نُشر عني بالعدد قبل الماضي في الصفحة الثقافية، وما نسبه الكاتب الذي لم يوقع باسمه إلي شخصي من أقوال غير صادقة تمس إخلاصي وانتمائي السياسي. وقد كنت أتوقع أن يأتي التصويب في العدد التالي وهو الماضي ولكنني فوجئت بأن المحررين الكبار في الجريدة، والذين سارعوا للاعتذار لي شفوياً، لم ينشروا شيئاً لسبب من الأسباب أو لأنهم شغلوا عن ذلك بقضية أخري. لذلك أراني مضطراً إلي أن أكتب التصويب بنفسي لا لأني أفزع من النقد ولكن ما كُتب لم يكن نقداً بل شيئاً عجيباً يقول "أخيراً كشف صلاح جاهين عن دخيلة نفسه للأهالي وقال أنه كان يعيش طوال الستينيات في أكذوبة كبيرة.. كما أسر "إلينا بكذا وكذا" وهو شكل جديد من أشكال الكتابة الصحفية جديد بالنسبة لي.. وبدأت خطابات الشباب تصلني غاضبة عاتبة مجروحة ولهم العذر، وإليهم ما حدث بالضبط. جاءني شاب من جريدة "الأهالي" وأجري معي حديثاً صحفياً طويلاً تناولنا فيه جميع النواحي التي تهم قارئ صفحة الثقافة وكان من بين أسئلته: لماذا لم تعد تكتب أغاني وطنية؟. أنا ظللت أكتب أغاني وطنية وسياسية إلي أن أوقفت الإذاعة تكليفي بكتابتها وأذكر من بينها "عمال أبو زعبل" و"بحر البقر" و"محاكمة لوكوللوس". أقصد لماذا لم تعد تكتب أغاني كالأغاني آتي كانت تظهر في أعياد الثورة؟. الحقيقة أنني بعد النكسة أصبت بصدمة أحدثت لي نوعاً من الشلل ثم أخذت أسأل نفسي: هل أخطأت بكتابة هذه الأغاني المتفائلة؟ ألم أشترك "أنا والكثيرون غيري" في خلق أكذوبة خدرت أعصاب الجماهير حتي صدمهم الواقع؟. هذا هو ما دار بيني وبين الشاب حول هذا الموضوع، وأنا لا أجد فيه ما أخجل منه، إن اليقظة والضمير الوطني والنقد الذاتي كلها صفات يحمد الإنسان عليها. ولكن ربما استرعت انتباه بعض الأصدقاء في التحقيق الصحفي كلمة "أكذوبة" بين سطور حديثي فانتزعوها من مكانها، وصدّروا بها فقرة ظالمة انهالت فوقي تبكيتاً وتعنيفاً من قبيل: "وهل السد العالي أكذوبة يا أستاذ؟... الخ". وللشباب الذي أحزنته هذه الفقرة أحب أن أؤكد الآتي: - إنني مؤمن بثورة 23 يوليو إيماناً لا يتزعزع. - إنني مؤمن بعبد الناصر ومحب له كمؤسس لمصر الثورة، مصر التصدي للاستعمار، مصر القطاع العام، مصر التصنيع وكهربة الريف، مصر العمال والعاملات، مصر الإصلاح الزراعي إلي أخر النواحي المشرقة التي حققناها في عصره العظيم. ولكنني تعلمت ودفعت غالياً لأتعلم أنه في كل العصور، وحتي في عصر عبد الناصر، كانت هناك الفئران التي تنخر في أساس البناء... ).