ضمن سلسلة إبداعات التفرغ التي يصدرها المجلس الأعلي للثقافة صدر مؤخراً كتاب "السينما التسجيلية في الوطن العربي لمحمود سامي عطا الله". الكتاب موسوعة متكاملة تؤرخ للسينما التسجيلية في الوطن العربي بقلم واحد من كبار المخرجين التسجيليين المصريين، حيث عمل سامي عطا الله في التلفزيون المصري منذ بدايته حتي وصل إلي منصب كبير مخرجي التلفزيون المصري، كما عمل كمخرج برامج وأفلام تعليمية بوزارة المعارف السعودية في الثمانيات. يبدأ الكتاب بمقدمة يشير فيها عطا الله إلي المواضيع الرئيسية التي تركز عليها معظم الأفلام التسجيلية في الوطن العربي وهي أولاً مسيرة التنمية حيث يركز عدد كبير من الأفلام التسجيلية العربية علي التعريف بخطط التنمية في كل بلد ورصد مسيرتها وما يترتيب عليها من مشروعات. أما الموضوع الثاني الذي يطغي علي السينما التسجيلية العربية فهو القضية الفلسطينية ويتزايد معدل إنتاج الأفلام التسجيلية عن القضية الفلسطينية علي حسب مدي سخونتها علي الساحة، والموضوع الثالث هو الأفلام التسجيلية التي تسعي إلي توثيق الآثار والمناطق الأثرية ومعالمها، بينما تأتي الأفلام التي توثق وتسجل التراث الشعبي في المرتبة الرابعة، وأخيراً تأتي الأفلام التسجيلية المتعلقة بشئون البيئة وتنميتها والحفاظ عليها. ينتقل عطا الله في الفصل الثاني لرصد ملامح تطور السينما التسجيلية المصرية، بداية من المحاولات الأولي في عام 1907 حينما قام الأجنبيان عزيز ودوريس بتصوير فيلم عن وقائع زيارة الخديوي عباس حلمي الثاني للمعهد العلمي في مسجد المرسي أبو العباس، لكن البداية الحقيقية للفيلم التسجيلي المصري كانت بعد الثورة مع إنشاء مصلحة الفنون، وظهرت في تلك الفترة بعض الأفلام التسجيلية ذات التوجه الدعائي كفيلم توقيع اتفاقية الجلاء عام 1945 لجمال مدكور، وفيلم فليشهد العالم عام 1956 لسعد نديم. وإلي جانب تلك الأفلام الموجهه من الدولة فقد ظهرت في تلك الفترة بعض الكيانات التجارية العاملة في مجال الأفلام التسجيلية كوحدة شركة شل، وحدة الأفلام التسجيلية بالمؤتمر الإسلامي. أما المرحلة الثانية فهي من 1957 إلي 1960 وظهرت فيها الأفلام التي تسعي لتوثيق مسيرة التنمية والتراث الشعبي المصري، أما المرحلة الثالثة فمن 1960 إلي 1967 وتتميز بظهور السلاسل الفيليمة كسلسلة أفلام صلاح التهامي عن سوريا، أما المرحلة الرابعة فهي من 1967 إلي 1973 وتتميز بظهور المركز القومي لإنتاج الأفلام التسجيلية، أما المرحلة التالية فتتميز بالقرار الصادر بإنتاج أفلام المعركة والتي كان الغرض منها إنتاج الأفلام التي تساعد في تعبئة الجماهير في تلك المرحلة، وتبدأ من 1980 حتي الآن وتتميز بظهور شركات إنتاج الأفلام التسجيلية المتعددة. يخصص عطا الله بقية الكتاب لرصد تاريخ السينما التسجيلية في بقية الدول العربية بداية من سوريا، لبنان، فلسطين، وحتي الدول الخليجية كقطر والبحرين ودول المغرب العربي. أما الباب الرابع من الكتاب فيستعرض فيه أهم رموز السينما التسجيلية في الوطن العربي، ويخصص عطا الله الجزء الأخير من كتابه كمقال طويل يستعرض فيه أهم الأفلام التسجيلية التي شاهدها وأعجبته.