أحمد عبدالتواب ينبغى التركيز، أولا، وبصورة عاجلة، على الشقّ الجنائى فى جريمة تكسير وتخريب ممتلكات خاصة وعامة بمدينة بورسعيد، على يد مجموعة من الشباب أثناء احتفالاتهم بالعام الجديد ليلة الخميس الماضى، وهناك مقطع فيديو يسجل الجريمة بالصوت والصورة متداول على مواقع التواصل الاجتماعى، يتضح فيه تعمد تكسير وإتلاف عشرات السيارات المركونة، وتحطيم أعمدة الإنارة، مما تسبَّب فى رعب وإزعاج الأهالى، فقام بعضهم بتصوير الجريمة من بلكوناتهم، ثم بثها مع نداءات استغاثة عبر الإنترنت. وهو ما سوف يساعد فى تحديد المتهمين لإخضاعهم للتحقيق والمحاكمة العاجلة وإنزال أكبر عقاب قانونى بهم. وأما الجوانب الأخرى فى الجريمة، فيجب أن تسير بالتوازى، ودون تعويق أو تداخل مع الإجراءات العاجلة، حيث يقوم متخصصون بدراسة الحالة، وتحديد الأبعاد والأسباب الاقتصادية والاجتماعية والسلوكية والنفسية وغيرها، والظروف والملابسات المحيطة بالجريمة، والعوامل التى شجَّعت على اقترافها..إلخ. هذه الجريمة هى نموذج حى على فشل السياسات التى سادت طوال العقود الماضية، التى اعتمدت على مفهوم أن الأفضل لأجهزة الدولة أن تتساهل مع المتجاوزين فى احتفالات الفوز فى البطولات الرياضية، بوهم أنه من الأفضل للمجتمع وللأمن العام أن تمرّ دون مساءلة وكأنها لم تحدث! وهكذا كان يأمن منتهكو القانون وهم يحتفلون بطرق همجية بإشعال الشماريخ النارية، وإطلاق أبواق سياراتهم، وتعطيل المرور بتعمد السير البطىء، مع التطاول البذىء على الفريق المنافس..إلخ! وأما الخطأ الأكبر من جانب المسئولين ففى تصورهم أن التصدى بحسم لهذه النوعية من الجرائم سوف يفسد أجواء الاحتفال، أو أنه قد يشعل الموقف ويزيده تفاقما! وهى عقلية تعتبر أن مجرد لمّ الموضوع هو الإنجاز، دون أدنى تبصر للتبعات التى تتراكم أمامنا الآن، حيث امتدت هذه التجاوزات إلى الأفراح أيضا، فتفشَّت طرق الاحتفال بإطلاق الرصاص، وسرقة الكهرباء من الكابلات العمومية، وبمسيرات الزفاف الصاخبة بالعربات التى يتقدمها موتوسيكلات، وبالعدوان على حقوق الجيران فى السكينة، مع مخالفات المقاهى والمطاعم فى الاستيلاء على الرصيف، وفى افتتاح المحال الجديدة..إلخ، وأن تكون الميكروفونات المدوية قاسما مشتركا فى كل هذا!.