أحمد عبدالتواب تكرّرت الأخبار المنشورة عن إلقاء القبض على بعض الصيادين المصريين بواسطة قوات حماية السواحل فى بعض الدول العربية، بتهمة اختراق المياه الإقليمية دون تصريح، وانتهاك قوانين الصيد الدولية، ثم تقوم الحكومة المصرية بمفاوضات صعبة، قد يتدخل لحسمها الرئيس السيسى شخصياً، فيتم الإفراج عنهم، ويعودون سالمين إلى أرض الوطن، وقد شهدت الأشهر الماضية عدة حالات فى تونس وليبيا واليمن. وأما الجديد فهو أن يجرى استقبالهم عند عودتهم باحتفالات ضخمة، يشارك فيها بعض المحافظين، ويعاملونهم معاملة الأبطال، ويتوالى الخطباء فى هذه الاحتفالات، فلا يشيرون بكلمة واحدة إلى خطأ انتهاك مياه دول أخرى، وإنما تتركز الخطب على الإشادة بالصيادين الشرفاء، وعلى استرداد كرامة المصريين ورد اعتبارهم..إلخ، برغم الكلام المنشور عن أنهم اقترفوا خطأ فادحاً، حتى إذا برره بعضهم بأنه غير مقصود، أو أنه بسبب عطل أجهزة الملاحة، أو كثافة الضباب وانعدام الرؤية، أو أى مبرر آخر، وإعلان أن هذه الظروف الاستثنائية هى التى جعلتهم، دون قصد، ينتهكون المياه الإقليمية! مطلوب أن يقوم متخصصون بدراسة هذه الحالات، وأن يقدّموا تقارير دقيقة عن أسباب القبض على هؤلاء الصيادين، وما إذا كانوا بالفعل انتهكوا المياه الإقليمية لدول أخرى، وما إذا كان هذا بقصد أم بدون قصد، وما إذا كانت أجهزة الملاحة معطلة، ومسئولية إدارة المركب والجهات التى تمنح التراخيص عن ألا تكون هذه المعدات فى أقصى كفاءتها، ليس فقط للوقاية من مثل هذه المخالَفة المتكررة، وإنما أيضاً لحماية أرواح الصيادين الذين هم عُرْضة لمخاطر عمق البحر. أما إذا تبين أن المخالَفة وقعت باستهانة، فما هى الحلول المقترحة؟ وهل يجوز أن يُعفَى المخالِف من المساءلة وأن تنقلب الأوضاع بمشارَكة مسئولين فى تكريمه؟ وهل المطلوب ضمانات بأن طالب الترخيص بالصيد يستوعب القوانين والإجراءات؟ أم أن يجرى تغليظ العقوبات على المخالِف؟..إلخ. ذلك لأن اطمئنانه إلى عدم مساءلته، ثم الاحتفال به، يساعد على تكرار المخالَفة، وعلى أن تتساهل فيها أجيال قادمة، بما يتسبب فى استنزاف الدولة والإساءة لصورتها فى الخارج.