مجلس أمناء الحوار الوطني يتابع تنفيذ الحكومة الجديدة لتوصياته    مدرب البنك الأهلي: لن أخوض مباراة زد قبل مواجهة سموحة    بسمة وهبة تتنقد تقصير شركة شحن تأخرت في إرسال أشعة ابنها لطبيبه بألمانيا    برواتب تصل ل11 ألف.. 34 صورة ترصد 3162 فُرصة عمل جديدة ب12 محافظة    ملفات شائكة يطالب السياسيون بسرعة إنجازها ضمن مخرجات الحوار الوطني    بنها الأهلية تعلن نتيجة المرحلة الأولى للتقديم المبكر للالتحاق بالكليات    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الإثنين 1 يوليو 2024    13 فئة لها دعم نقدي من الحكومة ..تعرف على التفاصيل    برلماني يُطالب بإعادة النظر في قانون سوق رأس المال    مع بداية يوليو 2024.. سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم    التطبيق من 6:00 الصبح .. المواعيد الجديدة ل غلق وفتح المطاعم والكافيهات ب القليوبية    اتحاد العمال المصريين في إيطاليا يكرم منتخب الجالية المصرية في موندياليتو روما 2024    4 جنيهات ارتفاعًا في سعر جبنة لافاش كيري بالأسواق    رئيس هيئة نظافة وتجميل القاهرة يبحث مع العاملين مستوى النظافة بالعاصمة    بدء محادثات الأمم المتحدة المغلقة بشأن أفغانستان بمشاركة طالبان    الرئيس الكيني يدافع عن تعامله مع الاحتجاجات الدموية في بلاده    رودرى أفضل لاعب فى مباراة إسبانيا ضد جورجيا فى يورو 2024    زيلينسكي يحث داعمي بلاده الغربيين على منح أوكرانيا الحرية لضرب روسيا    انتخابات بريطانيا 2024.. كيف سيعيد ستارمر التفاؤل للبلاد؟    بحضور 6 أساقفة.. سيامة 3 رهبان جدد لدير الشهيد مار مينا بمريوط    يورو 2024 – برونو فيرنانديز: الأمور ستختلف في الأدوار الإقصائية    رابطة الأندية تقرر استكمال مباراة سموحة ضد بيراميدز بنفس ظروفها    موعد مباراة إسبانيا وألمانيا في ربع نهائي يورو 2024    عاجل.. زيزو يكشف كواليس عرض بورتو البرتغالي    بسيوني حكما لمباراة طلائع الجيش ضد الأهلي    بسبب محمد الحنفي.. المقاولون ينوي التصعيد ضد اتحاد الكرة    من هي ملكة الجمال التي أثارت الجدل في يورو 2024؟ (35 صورة)    امتحانات الثانوية العامة.. 42 صفحة لأقوى مراجعة لمادة اللغة الانجليزية (صور)    حرب شوارع على "علبة عصير".. ليلة مقتل "أبو سليم" بسبب بنات عمه في المناشي    مصرع 10 أشخاص وإصابة 22 فى تصادم ميكروباصين بطريق وادى تال أبو زنيمة    صور.. ضبط 2.3 طن دقيق مدعم مهربة للسوق السوداء في الفيوم    إصابة 4 أشخاص جراء خروج قطار عن القضبان بالإسماعيلية    شديد الحرارة والعظمى في العاصمة 37.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم    بالصور والأرقام | خبير: امتحان الفيزياء 2024 من أسئلة امتحانات الأعوام السابقة    التحفظ على قائد سيارة صدم 5 أشخاص على الدائري بالهرم    تحالف الأحزاب المصرية: كلنا خلف الرئيس السيسي.. وثورة 30 يونيو بداية لانطلاقة نحو الجمهورية الجديدة    بالصور.. أحدث ظهور للإعلامي توفيق عكاشة وزوجته حياة الدرديري    ربنا أعطى للمصريين فرصة.. عمرو أديب عن 30 يونيو: هدفها بناء الإنسان والتنمية في مصر    عمرو أديب في ذكرى 30 يونيو: لولا تدخل الرئيس السيسي كان زمنا لاجئين    «ملوك الشهر».. 5 أبراج محظوظة في يوليو 2024 (تعرف عليهم)    محمد الباز يقدم " الحياة اليوم "بداية من الأربعاء القادم    في أول أعمال ألبومه الجديد.. أحمد بتشان يطرح «مش سوا» | فيديو    مدير دار إقامة كبار الفنانين ينفي انتقال عواطف حلمي للإقامة بالدار    من هنا جاءت فكرة صناعة سجادة الصلاة.. عالم أزهرى يوضح بقناة الناس    تعاون بين الصحة العالمية واليابان لدعم علاج مصابي غزة بالمستشفيات المصرية    علاج ضربة الشمس، وأسبابها وأعراضها وطرق الوقاية منها    ذكرى رأس السنة الهجرية 1446ه.. تعرف على ترتيب الأشهر    تيديسكو مدرب بلجيكا: سنقدم ما بوسعنا أمام فرنسا    وزير الري: الزيادة السكانية وتغير المناخ أبرز التحديات أمام قطاع المياه بمصر    رئيس الوزراء: توقيع 29 اتفاقية مع الجانب الأوروبي بقيمة 49 مليار يورو    أمين الفتوى: التحايل على التأمين الصحي حرام وأكل مال بالباطل    هل تعاني من عاصفة الغدة الدرقية؟.. أسباب واعراض المرض    فيديو.. حكم نزول دم بعد انتهاء الحيض؟.. عضو بالعالمى للفتوى تجيب    اعرف الإجازات الرسمية خلال شهر يوليو 2024    جامعة القاهرة تهنئ الرئيس والشعب المصري بثورة 30 يونيو    أبوالغيط يبحث مع وزير خارجية الصومال الأوضاع في بلاده    محافظ الإسكندرية يطلق حملة "من بدري أمان" للكشف المبكر وعلاج الأورام السرطانية    هل الصلاة في المساجد التي بها أضرحة حلال أو حرام؟..الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد حسنين هيكل ل"الحديدى": أدعو الرئيس للحصول على إجازة عاجلة.. وأخشى من الصدام بسبب خطابات الرئاسة.. النيران الصديقة تأتى من المقطم.. نحن على حافة الهاوية وعلى الجميع أن يعود خطوة للخلف
نشر في اليوم السابع يوم 28 - 03 - 2013

- جامعات إسرائيلية وأمريكية وأجهزة مخابرات تبحث دائماً عن شخصية مرسى وتحللها
فى حوار مصر أين وإلى أين الممتد على قناة سى بى سى مع الكاتب الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل الذى أدارته الإعلامية لميس الحديدى، وفى رؤيته الثاقبة المعتادة التى تحاول دوماً قراءة الأوضاع بمظاهرها المتشابكة بتحليل منطقى، يربط بين الحاضر والماضى، ويستشرف المستقبل أيضاً فى حلقة خاصة عن الرئيس مرسى من هو؟ ومن هو فى جماعته؟ ومن هو فى قصر الرئاسة؟ وإلى أين يأخذ الوطن وهو ربان السفينة، وغير ذلك من الأمور التى أخرج مفاتيحها من جعبته المليئة بأحداث التاريخ والقراءة المتصلة التى تكشف كثيرا من الأمور فى لحظات تاريخية.
قال الكاتب الكبير إن الرئيس مرسى الذى قابله فى بيته وفى الاتحادية ليس هو من ألقى خطابيه الأخيرين، سواء فى القمة العربية بالدوحة أو الموجه للجمهور المحلى قائلاً: يبدو أن الرجل تحمل فوق طاقته خلال هذه الفترة، ويجب عليه وعلى كافة الأطراف أن تستريح، وأن يأخذوا إجازة لأن الحديث والتعامل بهذه الحالة المزاجية يقودنا حتماً إلى تصادم على حد قوله.
وتابع هيكل قائلاً: أخشى أن نكون على حافة الهاوية وأن على الجميع أن يتراجع خطوة، منتقدا تلويح مرسى فى القمة العربية قائلاً "اندهشت من حديثه عن عدم التدخل فى الشأن المصرى"، وتابع: "مصر قضية المنطقة وهى توجه وتقود وأكبر من أى دولة أخرى".
وأشار هيكل إلى أنه فى الوقت الذى تحدث فيه عن ذلك كان من المفارقات أن تتدخل كافة الدول فى الشأن السورى.
وتحدث هيكل عن مرسى فى الجماعة وعن شخصية الرجل وأدائه داخل قصر الرئاسة والعلاقة بين جماعة الإخوان ونظام مبارك.. إلى نص الحوار:
*هل تابعت قمة الدوحة؟
*نعم تابعتها.
*ماذا لفت نظرك فى هذه القمة القصيرة التى استغرقت يوماً واحداً؟
*أريد أن أقول إن ما يهمنى فى القمة له علاقة بالمقدمة وما تحدثتى فيه، وقلت لك سابقاً إنى قلق على الإخوان وليس منهم فى هذه المرة أنا قلق جداً على الدكتور مرسى، فالدكتور مرسى الذى رأيته فى خطابيه الأخيرين أحدهما الموجه للجمهور والثانى الذى ألقاه فى القمة العربية وأنا قلق عليه حيال هذا الأمر فلقد رأيت هذا الرجل مرة فى أثناء زيارته لى فى بيتى فى برقاش مشكوراً، والثانية فى مكتبه فى القصر الجمهورى، فعندما رأيته فى البداية كان رجلاً عاديا يعيش فى سلام يسأل ويتحدث وفى المرة الثانية فى قصر الاتحادية كان رجلاً له آمال وتطلعات وتحدث كثيراً وكثيراً، وأستطيع أن أتفق معه فى كثير مما قال رغم الاختلاف فى بعض الأمور، لكن هذا الرجل الذى رأيته فى خطابيه الأخيرين هذا الأسبوع سواء الذى وجهه للجمهور أو الآخر الذى وجهه للأمة العربية فى معرض كلمته فى القمة أقلقنى كثيراً وكنت أتحدث معك دوماً عن الحوار الذى يجب أن يجرى بين كل الأطراف لكن بهذه الطريقة أستطيع القول إننا نسير نحو الصدام، وأعتقد أن الوقت قد حان ليأخذ استراحة أو إجازة.
*هل تعتقد أن رئيس الجمهورية لا بد أن يأخذ إجازة؟
* لا بد والجميع كذلك فهو إنسان وبشر فى النهاية فوقت أن أرى أن رئيس الجمهورية يعلو صوته فوق العادة وتتكدر ملامحه وتظهر لهجة الغضب عليه فى صوته لا بد فوراً أن يأخذ إجازة حيث لا بد أن لا تصدر عنه أية قرارات، وقلت فى السابق لكل رئيس سواء فى مصر أو خارجها لأن رئيس الدولة عندما يواجه قلقاً والقلق هنا منبعه أن ثمة رجلاً عليه مسئولية جسيمة ويواجهها بضيق صدر هنا يحين الوقت أن يفعلها ويأخذ إجازة فهذا الرجل لم يفصل بعض الوقت وواجه ظروفاً تغيرت بأكثر مما يتوقع فهذا الرجل الذى رأيته فى بيتى ومكتبه ليس ذاك الذى رأيته على شاشات التلفاز، وهناك شىء فالدكتور مرسى يعى ما أقوله فهو أستاذ مادة ويعرف ما يسمى "تعب المعادن" فهو قادم إلى السلطة وهو يواجه أكثر مما كان يتوقع وباتت الضغوط عليه كبيرة جداً وأنا أرى أنه ليس عيباً، كل الرؤساء وكل الناس فى لحظة معينة يحتاجون إلى هذه الإجازة ليس هو فقط بل أعتقد أن كل المواقف وكافة الأطراف فى مصر تحتاج إلى وقفة لأن هذا الطريق يؤدى إلى صدام أنا أخاف منه.
*دعنى أسألك هنا وأنت من المؤكد قد لفت نظرك عندما كان عصبياُ ومتوتراً فى الخطابين؟
* هذا الرجل يواجه وأريد أن أكون هنا منصفاً يواجه مواقف لم يكن يتحسب لها وما هو أكبر من طاقته هو يواجه حقائق يبدو من جهته قاسية مضى من رئاسته ثمانية أشهر وأمامه أربعة سنوات، فنحن أمام مشكلة، أعلم أنه يضيق صدره بكثير من الأمور يواجه ما يعتقد سواء اتفقنا أو اختلفنا نظرة ظالمة وليس عيباً أن يذهب إلى إحدى استراحات الرئاسة على البحر مثلاً أسبوع على الأقل، فهو يحتاج أن يعيد النظر فى سياساته وأيضاً فى مستشاريه أتذكر أنه عندما قابلته فى القصر وهذا شىء مهم جداً وأنا أزوره فى القصر قلت له كلاما مهما جداً فيما يخص المستشارين أن لا تتعدى نقطتين أولهما أن لا تقابل حدثا معينا، وإن فوجئت بحدث لا تتوقعه لا بد أن يكون لديك خيارات بديلة باستمرار تتعامل معها بها لكن وليس فقط أن الرجل يواجه مشاكل معينة لكنه لا يتلقى الخدمة الواجبة له باعتبار الرجل رئيساً لهذه الدولة.
*مَن مِن الرؤساء كان يأخذ الإجازات؟
* كلهم ودعينى أعرج بك على مستوى الخارج كل رؤساء أمريكا وأى رئيس هناك يأخذ عطلة أسبوعية وكل رئيس وزراء فى بريطانيا يفعلها أيضاً وكل رئيس فرنسى كذلك حتى بابوات الفاتيكان يفعلون ذلك.
*هل للرئيس وسط هذا الكم من المشكلات أن يبادر بأخذ إجازة؟
* الرئيس مثقل منذ عام وليس ثمانية أشهر وأعتقد أنه منذ بداية ترشحه للرئاسة وهو يبذل جهداً خرافياً ولا ينام جيداً، وفى مصر كان الرئيس السادات يتوجه كثيراً إلى القناطر ليأخذ إجازة وكنا نأخذ عليه ذلك والرئيس عبد الناصر فى مرات كان يذهب إلى القناطر كل فترة وحتى فى الزعامة السوفيتية كان جميع الطاقم يأخذون إجازة أسبوعية وكذلك يوما فى الشهر وأسبوعا فى الشهر وشهرا فى السنة وهذه شبه قانون لأن أعصاب رئيس الجمهورية ومزاجه وصحته وقدرته أن يفكر فى صفاء مهم جداً، لكن هذا المزاج الذى رأيته يخفينى أننا فى طريقنا إلى الصدام، أما عن الخطابيين الماضيين فلم يحدث فى أى دولة ولا فى مصر أن يذهب رئيس دولة إلى قمة وهو مرهق ومتعب وليس بالإمكان أن يبدر عن لسانه رسالة تحذير لبلد عربى مجهول لا أعلم من هو؟ مصر فى العادة لا تحذر مصر توجه وتقود.
*هل شعرت أنه يوجه رسالته لبلد معين؟
* كانت هناك أقاويل كثيرة حول تحذيراته أنه لدولة معينة أو غيرها ولا أستطيع أن أحدد ذلك عن لسانه، مصر استطاعت الوقوف أمام غزو ثلاث دول كبرى وظلت تحارب لمدة من 11 إلى 20 يوماً قبل أن تتحرك القوى العالمية وموازينها ومن ثم هذا الرجل لا يستطيع أن يشكو دولة لا أعرف حجمها فى الخليج لا أعرف من هى
*لكنك تتحدث عن عبد الناصر؟
* هذه مصر قبل عبد الناصر والرئيس مرسىوهو موجود هناك فى القمة ليس باعتباره الدكتور مرسى، وإنما ممثلاً لدولة هى مصر وعبد الناصر أو غيره كذلك فهذا البلد له وضع على مستوى الإقليم وفى عالمه له قيمة وأعلم أن قدرا كبيرا منه تآكل بشكل كبير أو تنازل عنه لكن يبقى فى النهاية أن أى رئيس وهو يمثل بلده فى الخارج عليه أن يتحدث عن أفضل ما فيها وأعز ما فيها لكن شىء ثان مهم لا أفهمه عندما قال لا نتدخل فى شئون الدول ولا يتدخل أحد فى شئوننا وأعتقد أن هذا لا يقال إلا فى خارج نطاق الدول والمنطقة العربية والجامعة أيضاً، فهى أمة واحدة ومصر قضية هامة ومحورية فى المنطقة وقضاياها تناقش باستمرار من الجميع لماذا لا؟ لكن لا نقبل صحيح أن تتآمر دول وتصرف أموالاً للعب أو معارك الآخرين التى تدار على أرض مصر، وأعتقد أن ثمة معركة أخرى تحارب على أرض مصر، لكن الأغرب من ذلك أن حديث الجميع طوال القمة كان التدخل فى الشأن السورى.
* الرئيس عبد الناصر كان يتحدث كثيراً عن الأنظمة الرجعية فى المنطقة العربية؟
* أريد أن أقول هذا مجمع عربى واحد كثيرون لا يستطيعون معرفة حجم تأثير الجغرافيا والتاريخ على الأمور فى المنطقة فهى موصولة بموجب التاريخ والثقافة، وبكل شىء وهناك دورة لها مركز معين نستطيع وتنصح لكن فكرة ابتعدوا عن حدودى، هذه فكرة غريبة جداً عن كل منطق العالم العربى تقديرى لها أنه يشعر بالقلق ولا يستطيع تحديد مصدر هذا القلق وأمامه مشاكل ولا يستطيع أن يحدد أولوياته، ليس عيباً أن يأخذ قسطاً من الراحة من خلال الإجازة منذ البداية وهذا البلد يواجه حالة استقطاب حادة جداً ليس من طرفى الرئاسة والمعارضة لكن ثمة كتلة كبيرة جداً ليست منحازة لأى طرف، بل هم لديهم من الآمال المعقودة والمنشودة لهذا البلد، أمل فى تحقيق الخروج من المأزق وهى ما تسمى الكتلة الحائرة.
سوريا
* أعود بك إلى سوريا وعلى خلفية حديثك عن التدخل فى الشأن السورى ما تعليقك على مشاركة المعارضة بكلمتها ومقعد سوريا؟
*لا يمكن أن أكون أبداً من المدافعين عن النظام السورى، وتاريخياً هذا ثابت ولدى مشكلة كبيرة معهم أقصد الأنظمة الحاكمة لسوريا منذ الانفصال، لكن سأذكر سببا نحن ننساه باستمرار قد لا نرضى بأى شكل من الأشكال عن الأوضاع الدائرة فى سوريا، ولكننا لا نقبل أيضاً التدخل المأساوى الذى يحدث على أرض سوريا وما حولها أيضاً، وأريد أن أعرج بك إلى نقطة معينة كجزء من التاريخ بعد الانفصال فى سوريا تحدث رجل جرىء وشجاع وقتها قائلاً: "لا يهمنا أن تكون سوريا جزءا من الجمهورية العربية المتحدة لكن الأهم بقاء سوريا كما هى"، وأعتقد أن جميع الدول العربية لديها خلط بين الشعب السورى والنظام السورى فهى تريد أن تسقطه بأى طريقة لسبب أو آخر، وأنا أرى أن النظام السورى يستحق أن يسقط، لكن ليس بهذه الطريقة التى يسلخ بها الشعب السورى يومياً، هناك أوضاع عجيبة فهناك الجيش الحر الموجود على الحدود خارج الأراضى السورية، وفى الداخل هنا الحركات مثل النصرة وغيرها ولا أعلم إلى من تنتمى لكن ثمة انفجارات توقعها هذه الحركات بين الفينة والأخرى لكن هناك دول عربية أو ممثلين عنها تتدخل بهذا الشكل، وعندما تتحدث الولايات المتحدة الأمريكية لهذه الأنظمة أن تتمهل قليلاً لأن ثمة مشاكل من الممكن أن تقع بعد سقوط النظام السورى لكن هم لا يعون ومستمرون فى هدف إسقاط النظام السورى أياً كان لكن لا أستطيع أن أستوعب أن تأخذ المعارضة مقعد سوريا فى الجامعة العربية قد يكون مفهوماً أن تجمد عضوية سوريا، لكن ليس من اللائق أن يكون هناك وزير خارجية عربى يدور على كل دولة ووزير الخارجية أيضاً ليقنعها بأن تأخذ المعارضة السورية مقعد النظام السورى فى الجامعة حتى وإن اعترضت الجزائر ولبنان والعراق أرى أن هذا غير لائق، وكان عليهم الانتظار حتى يقرر الشعب، وأرى أن الغرب عندما يشاهدنا الآن يضحك علينا فنحن فى الجامعة العربية نتحدث عن الأمن العربى والمصالح العربية وغيره وهذا فى واقع الأمر ليس حقيقياً.
*إسرائيل هذا الأسبوع قدمت الاعتذار لتركيا عن واقعة الباخرة فهل ترى أن هذا تم بسبب زيارة أوباما؟
* هذا صحيح لكن أعتقد أن السؤال الذى يجب أن يطرح هنا ونحن نتحدث ما الذى دفع أوباما لذلك؟ نحن نعلم جيداً أن أوباما هو نظام يحكم أمريكا فى مرحلة انتقالية بعد خسائر فادحة تجرعتها الولايات المتحدة الأمريكية وخسائر إنسانية ومادية بسبب جورج بوش ومن ثم فالشعب الأمريكى اختار هذا الشخص لأخذ فترة انتقالية من الراحة وقد جرى اختياره فوق العادة وخارج السياق، ومن ثم فدوره هنا هو الإصلاح فى الأخطاء والاهتمام بالشأن الداخلى الأمريكى، لذا فإننا نرى أن أوباما لم يتدخل فى النزاع العربى الإسرئيلى إلا بالقدر الذى يخدم إسرائيل فيما عدا تلك التى تخص اعتذار إسرائيل لتركيا لكن علينا ونحن ننظر إلى الأمر أن نتناوله بشكل مختلف فنحن الآن فى مرحلة معينة ونعلم جيداً أن إيران وتركيا هما سقف الأمة العربية وهم لا يريدون إيران، وبالتالى: التركيز على تركيا والمنطق مقبلة على فترة ترتيب للأوضاع والطرفين الفاعلين هما تركيا وإسرائيل، وبالتالى يصبح من المقبول أن يسوى هذا النزاع بينهما لأنه لا يمكن أن يتم الأمر دون أن يكون تسوية بينهما والنظرة هنا ستكون مختلفة ويجب أن ينظر إليها أننا للأسف نقوم بدور الكومبارس فى المنطقة متفرجين وثمة آخرون يرتبون مصائرنا، ويجب أن نعلم أن كل ما هو ليس عربياً سيتحكم فى كل ما هو عربى، ولكن نحن لا ندرك ذلك ولو للحظة.
* هل أزعجك وأن تشاهد كلمة وزير الخارجية التركى فى القمة ودورها الجديد بصفة مراقب؟
* فى خلال لقاءاتى السابقة فى الحوارات هذا له سوابق والمشكلة ليست فى إلقاء كلمة، ولكن فى التحديد الدقيق لصفة هذا المراقب هذه المرة العالم العربى بأكمله يقوم بدور الكومبارس ويقوم بممارسة مؤثراته الصوتية والضوئية واللعب، نحن لا نقدر أن نفهم ونعى أن ثمة جوار مع إيران وتركيا يجعلهما يتحدثان أو أى دولة إسلامية لديها مشكلة ممكن أن نسمعها فى الجامعة، لكن لا نعى فى ذات الوقت أن تركيا تعد لنفسها دوراً، وهى آخر ظل ملقى على الأرض العربية، وهناك أطماع ومشروعات مطروحة والبعض يتحدثون هنا فى الدخل عن أهمية الخلافة الإسلامية، وبالتالى أنا لا أقول إن الدكتور مرسى فقط هو من يحتاج إلى الإجازة لكن كافة الأطراف السياسية تحتاج إلى هذه الإجازات لأنى قلق جدا من هذا الاندفاع السريع إلى المجهول ليست هكذا تدار الأمور لا بد أن نفهم قليلاً قبل أن نكون على وشك أن أن نضيع.
المشهد الداخلى
* أريد أن أتطرق مجدداً إلى الوضع الداخلى من خلال مشهد العنف الذى شاهدته على مدار الأسبوع بدءًا من أحداث المقطم وما أسفرت عنه من ضحايا كثيرة ونهاية بالعنف الذى دار أمام مدينة الإنتاج الإعلامى وحصارها؟ كيف قرأت المشهد؟
* أعتقد أن ثمة شيئين أولهما: أننا فى حالة استقطاب شديدة بين النخب السياسية يجب أن تنتهى، وأن ثمة كتلة من الجماهير ليس لها علاقة بمناخ الاستقطاب الدائر يشعرون بالإحباط والغضب ويشعرون أن ثورتهم أهدرت ولا يعلمون أين يذهبون؟، وهذه كتلة حرجة ممكن أن تقع حيث لاي توقع البعض وقد ذكرتِ أن المقطم شهد عنفاً كثيراً، وأنا أحلل ذلك من حيث أن ثمة عددا من المتظاهرين فى المرة الأولى زاد عددهم فى المرة الثانية، ومستعد أن أقول وأنا صحفى من خارج السياق، وتابعت مشهد المقطم وضد كثير مما شهده بالتأكيد، إن أعدادا انضمت إلى التظاهرات من مناطق محيطة مثل الدويقة، ومن أحضان الجبل ومن يحركهم ليست قضية العاديين لكن الإحباط والقلق والغضب وأعتقد أنه إذا ما تكررت أحداث المقطم، وأكرر ضد بعض مشاهدها بالتأكيد بمشاركة هذه الكتلة الكبيرة المبعثرة هناك كتل أخرى ستسقط على أماكن أخرى، وسنجد أنفسنا أمام مشكلة لا بد من علاجها.
*ماذا عن حصار مدينة الإنتاج الإعلامى؟
*حتى حصار مدينة الإنتاج الإعلامى أنا أتابعه أشعر بالقلق لكن ما يجرى من حصار للمدينة، ومن قبلها حصار الدستورية وهو مرتب والإنتاج الإعلامى أيضاً ثم حصار قصر الاتحادية لإرغام الرئيس على اتخاذ قرار ما هذا يجعلنى أتساءل أين قداسة أى شىء فى مصر؟ إرهاب الإعلام والدستورية، نحن فى كثير من الأحيان نتحدث عن العنف ولا نحدد معناه.
الوساطة
*عودة بك إلى الوساطة التى طرحتها كمبادرة وقوبلت بترحاب من كثير من القوى هل يمكن إعادة طرح الفكرة مجدداً؟
*سعيد أنكِ آثرتى هذا الأمر لأن البعض تصور أنى أقوم بطرح نفسى.
* لا طرحت فكرة؟
*أنا شخصياً خارج أى فعل رأى وساطة، أنا رجل فات زمنى وأعرف ذلك ولا أحتاج أن يذكرنى أحدهم بهذا وأنا لست رجل كل العصور، أنا رجل زمانى فقط، وأنا متفرج على هذا الزمن ومتابع من أجل أولادى وأحفادى والبلد، وهذا شىء طبيعى لا أدعو نفسى لوساطة ولا لدور ومن العيب أن أقول للرئيس مرسى ناصحاً أن يغير مستشاريه فيعتقد أن هيكل يريد أن يكون مستشاراً، من العيب فعلاً أن يذكر مثل هذا الكلام.
*عودة إلى فكرة الوساطة؟
*علينا أن نراجع المشهد بطرفيه ولم أتحدث هنا عن الكتلة الحرجة فهى لم تنزو بعد ولدينا طرفان النظام والمعارضة أو السلطة والمعارضة لأنه ليس هناك نظام ليس موجوداً.
*لا يوجد نظام الآن
* النظام يتأتى عندما يكون هناك سلطة منتخبة ومقبولة من الجميع وعلينا هنا أن نعلم أننا أمام سلطة تدخل فى صراع مع فكرة الدولة وبالتالى فعندما نجد أن صراعاً يدور بين الدولة وسلطة الدولة فالدولة فى تعريفها هى دستور ومواثيق ومبادئ وعقد ووفاق اجتماعى، لكن عندما نجد السلطة تتصرف عكس هذه المبادئ لا أتحدث هنا عن وساطة نحن أمام طرفين كلاهما لا يفهم لغة الآخر، وقلت: أريد مجموعة من الناس المفكرين وصفوة المهتمة بالشأن محدودة جداً تسمع لكل طرف وتحاول أن توفق الأفكار لمحاولة أن تجد شبه أرضية مشتركة وإلا أخشى أن كل الأطراف ستسقط ذات يوم ولن نجد أرضية تقف عليها هذه الأطراف وسيكون هبوطا بلا نهاية.
* قبل أن أغادر المشهد هل أنت الشخصية الصحفية رفيعة المستوى التى قامت بدور الوساطة لإذابة الجليد بين الفريق السيسى والدكتور محمد مرسى؟
* أنا رأيت الخبر ولا أعترض على ما تكتبه أى جريدة فهذا حقهم ولكن سأرد وأقول هذا مخالف جداً لمواقف فكرية فى هذه المرحلة من عمرى وثانى شىء أن الفريق السيسى والدكتور مرسى ليسا فى حاجة لأن يتدخل أحد ليقرب بينهما، وأعتقد أن هذه علاقة بها كثير من الغوص كثيراً، وأنا يؤلمنى ذلك وينبغى علينا أن نراعى أشياء كثيرة بما فيها أن الجيش يجب ألا يزج به فى أى شىء وأى شىء فى السياسة والفريق السيسى ومرسى موجودان فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة وثمة علاقة تجعل الفريق السيسى يقابل الدكتور مرسى فى الوقت الذى يريده وهم لا يحتاجان إلى تلك الوساطة وهذا عيب.
الرئيس مرسى
*من هو محمد مرسى قابلته كثيراً.. من هذا الرجل؟
*بادئ ذى بدء أريد أن أقول لكِ، إنى قابلته لكنى لا أعرفه بما فيه الكفاية وإذا احتجتِ أن تعرفى مزيداً من التفاصيل عنه عليك اللجوء بالتأكيد إلى أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين لكن السؤال فى بحر الشهور الماضية كثير من الجامعات فى إسرائيل والولايات المتحدة وأجهزة مخابرات تسأل نفس السؤال، وتبحث عن الإجابة عليه، فهذا الرجل موجود فى لحظة حاسمة ولحظة تطور هامة وفارقة فى تاريخ المنطقة ولأن وجوده كان مفاجأة وأعتقد أن أكثر الناس اهتماماً بهذا الأمر هم الإسرائيلون وكانوا قبل عامين لهم حرية حركة فى عهد مبارك، لكن بعد الثورات والفوران فضلوا الابتعاد والانزواء بعض الشىء لكن التحرى هنا يكون من باب الاستشعار من بعد من خلال السؤال عليه وبإلحاح جداً، وأعتقد أن الولايات المتحدة نفس الشىء وسأذكر لك على سبيل المثال أن أحد الدراسات تقول من هو؟ هو أستاذ جامعى وأستاذ علوم ومنطق البحث عن أحوال بلده من المؤكد أنه يشغله فهم يتصورون أنه لا بد أن يكون لديه تحليل مسبق أو تحليل ورؤية أعمق من السطح، لكن المشكلة أنه والحديث هنا للدراسة ليس من جنرالات الإخوان المسلمين بل كان من المشاة وليس القادة ويعتقدون أنه يحتل المركز السادس والسابع فى ترتيبه بحسب قولهم وهم أيضاً يدرسون بعمق استشهاده بالآيات القرآنية لأنها تعبر عن أفكاره، وخاصة عندما قال " طيعونى ما أطعت الله فيكم" كما قال أبو بكر الصديق ثم تقول إنه ليس رجل أفكار ولكن بتعليمه هو عملى، ويعمل فى المواد ويعرف فيها لكن تفكير الإنسانيات قد لا يكون لديه خبرة فيها رغم أنى شخصياً وفى معرض حديثى معه عندما قابلته أعتقد أن مطل على الإنسانيات، فعندما كنت أقول بيتاً من الشعر كان يكمله ثم يلاحظون بعض الملحوظات التى نلاحظها أيضاً من هى القوى المؤثرة فى الجماعة، وبعيدا عن كل ذلك أقول لك إن هذا الرجل داخله عوامل تنازعية، فهو رجل مولود عام 1951 قبل ثورة يوليو، وهو طول الثورة لم يعرف شيئاً عنها دخل المدرسة واستمتع بالتعليم المجانى وأرسل فى بعثة للدراسة فى الخارج، وحتى عند عمر 25 سنة لم يكن عضواً فى الجماعة، ثم إن عمره الثانى 35 عاماً كان داخل الجماعة حيث قبل ذلك لم يكن له علاقة بالجماعة، وكان متأثراً بالمناخ السائد فى مصر ثم انتمى إليهم، وسلك سلوكهم، وهو يقول الستينيات وما أدراك مالستنيات؟ وهو لم يتعرض فيها لشىء.
* بل كان أحد المستفيدين منها؟
* استفاد جداً وتحدث كثيراً جداً ودعينى أعود بك إلى جزء تاريخى وهو طه حسين والشيخ مصطفى عبد الرازق ومحمد عبده كلهم نماذج استطاعت المواءمة بين ثقافة الأزهر والثقافة الغربية، وهذا مهم جداً فى السياسة، لكننا أمام رجل شبابه الفاعل فى ناحية وما بدأ الاقتناع به فى ناحية أخرى، وبالتالى فالرجل محمل بكل حمولات التاريخ الإخوانى والنظام السرى، وبتاريخ الصدامات بينهم وبين أى سلطة، وأعتقد أن ثمة تناقض داخل الرجل بين شبابه وصباه، وبين ما اقتنع به وأوصله إلى أعلى المراكز.
* هذا الرجل تعلم فى الغرب ألا ترى تناقضاً فى عدم انعكاس فترة دراسته فى الخارج على هذا الشخص؟
* هناك ظاهرة لا أعتقد أن الدكتور مرسى تعرض لها؛ وهى أن بعض أبناء مصر من التيارات الإسلامية يعتقدون لوهلة، وهم يدرسون فى الخارج أنهم داخل مجتمعات من الكفر وعليهم ألا ينخرطوا فيها وبالتالى لا يطلعون على هذه المجتمعات ولا يتحدثون معها ويكون حديثهم فقط مع مجموعة ممن تشابههم فى اللغة والثقافة، وبالتالى يتحدثون العربية وهؤلاء يعودون دون تطبع لكن قياساً على هذا عندما نتحدث فإن الرجل الذى قابلته الدكتور مرسى أطل على الحياة الأمريكية وهو يعبر عن نفسه باللغة الإنجليزية قد يكون لبعضهم ملحوظات على "الاكسنت" الخاص بلغته لكن يعبر عن نفسه لكن تعالى نعرج على التناقضات، وهذا حدث أمامى فى مرة كنت أتحدث معه، وأنا أحاول أن أغير فكرة عندما تحدث عن الوحدة الإسلامية وقلت له لا توجد وحدة إسلامية فالعالم الإسلامى من إندونيسيا وحتى المغرب لا توجد بينه حدود جغرافية ولا لغة ولا ثقافة والموجود هو العالم العربى، وأعتقد أن لديه التباسا بين ما هو استراتيجى وقومى وعربى ووطنى وبين ما هو المطلق وحديث عن الوحدة الإسلامية، الإسلام بلا شك قضية هامة جداً لى، وفى قلبى دائماً لكن تحديات العصر تفرض التعامل بمعطيات معينة على مدار الأوقات والتاريخ والإخوان على مدار تاريخهم كانوا يتحدثون أن قضيتهم الرئيسية هى العدو الصهيونى وفسلطين وطوال الوقت يتحدثون عن هذا والآن تغير الأمر مثلاً، وأصبحت إيران والشيعة، دعينى أقص عليك قصة؛ فى وقت من الأوقات كانت هناك ملكة فيكتوريا وقد حكمت بريطانيا 62 سنة المهم حدث وأن اغتيل بعض الإنجليز فى بوليفيا فاستفز الأمر كثيراً الملكة فيكتوريا واستدعت مسئولى الأمن، وعلى رأسهم قائد الأسطول البحرى وقتها وقالت لهم لا سبيل سوى التوجه إلى بوليفيا فقالوا لها: حسناً لكن سندرس الأمور ونعود إليك، فعادو لها وقال يا جلالة الملكة لن نستطيع ضرب بوليفيا فقالت لماذا؟ فقالوا لأنها دولة ليس لها حدود بحرية فقالت كيف ذلك؟ فأتوا بالخرائط وأطلعوها عليها فقالت لا بأس وأتت بمقصها وقامت بقص بوليفيا من على الخريطة وقالت انتهى الأمر، وأنا أذكر هذا المثال لأننى أقول إنه كلما فشل الإنسان فى حل مشكلة ما يستخدم مثل ذلك، وعندما أنظر إلى قضية إيران والشيعة التى أصبحت بعد الصهيونية وقضية فلسطين فى أدمغة الإخوان أتذكر قصة الملكة فيكتوريا.
*وهم الآن يوقعون اتفاقات وهى الضامن دائماً وهذا حدث فى الاتفاق الأخير؟
* هناك قيود قبلوا بها، ولا أريد أن أتحدث عن هذا الأمر لأنه يضايقنى كثيراً، أنا أريد أن أساند فسطين وأدعمها فى قضيتها ولا نستطيع الوصول إليهم عبر سيناء حتى الأفكار والخطط تكون دوماً على الأرض لا يمكن أن تكون هناك سياسات فى الهواء، لا بد وعند التحدث أن تستطيع الفعل، فالسياسة هيبة قبل أن تكون ممارسة على الأرض وقبل أن تكون حربا حتى ونحن نتحدث عن الصلح أيضاً نتحدث عن الهيبة السياسية ولا بد أن يكون هناك وسائل للتدخل وأدوات وقت الأزمات ليس ذلك فقط بل وأساليب ردع فى بعض الأوقات لمعاقبة الأطراف التى ترفض وليست معاقبة بأدوات لكن من خلال الهيبة المعنوية دون هذا ماذا نحن فاعلون سيكون ترجٍ فى النهاية وليست هيبة.
* إذا عدنا إلى استشهاد الدكتور مرسى بأبو بكر الصديق وهو يتحدث للجيش عن الشيطان، فهو ذكر أن ثمة عدوا خارجيا يتربص بمصر ولم يسمه ثم عرج إلى العدو الداخلى وسماه الشيطان وذكره 7 مرات فى خطابه الذى ألقاه؟
*أنا أعلم أن الرئيس مرسى قراءته جيدة ولكنى أطلب منه أن يراجع بعض الشىء.
*قراءته جيدة فى ماذا؟
*أطلب منه فقط أن يراجع مصدرين مقدمة ابن خلدون وتفسير الشيخ محمد عبده، كما حققه الدكتور عمارة، وقال إن الشيطان كناية عن الغريزة، كما أن الملاك كناية عن الخير أنا قلق جداً فى حقيقة الأمر على ما يمكن أن يضر الإسلام عن طريق استخدام هذه النظرية دائماً ولعلى أذكر لكى قصة تاريخية تدل على ذلك أثناء زيارتى لفرنسا فى نوفمبر من عام 1995 للقاء الرئيس الفرنسى فرنسوا ميتران، وقبل وفاته بقليل وكان لا يمكث كثيراً فى الإليزيه، وذهب لبيته فى هذا الوقت وقال لى: هيا بنا نتريض ونخرج لممارسة الرياضة، ونأكل فى الخارج فقبلت ذلك، وقبل أن نهم بالخروج دخلت زوجته فجأة وقالت لا تخرج ميتران فسألها لماذا؟ وكان بقائدها قائد الحرس الذى أخبره بوجود إرهابى فى الخارج، يحتمل أن ينتمى إلى الشرق الأوسط بسبب ملامحه وهو يبدو أنه إسلامى شاهدناه حول المنزل يحوم ثم اختفى وجار البحث عنه فقال ميتران لقائد الحرس واسمه "بيان": "ليس كل مسلم إرهابى وليس كل إرهابى مسلم"، وقال لى: "أنا قلق جداً ألا ترى الصورة التى منحتموها لأنفسكم أمام العالم، وكان متعاطفا فكرياً مع الإسلام، وأخذنا ننتاقش طويلاً وقال لى: تؤمنون أن القرآن آخر الرسالات، ونحترم هذا لكنكم ترون أن بعد ذلك ليس إلا الجهاد، وتقولون إن بلاد الشرق هى بلاد السلم، وإن الغرب هو بلاد الحرب والثقافات مستمرة، عدت وبعد فترة طويلة أخبرت المستشار مكى وزير العدل بما دار بينى وبين ميتران، وكان وقتها قال لى: أتفق كثيراً فيما قلت وأختلف معك أيضاً وكذلك أتفق مع الرئيس الفرنسى، وأختلف أيضاً فى بعض النقاط وبعد توليه حقيبة الوزارة قال لى فى محادثة ألن نكمل حديثنا حول الحضارة والإسلام؟
* من الممكن أن يتفرغ قريباً لذلك ويكمل حديثه معك؟
* أتمنى ذلك أعتقد أن تجربته فى الوزارة أرهقته كثيراً، وأتمنى أن يخرج ويتفرغ لكتابة شىء ما.
مرسى والجماعة
* لا يمكن أن نسأل عن مرسى ولا نتحدث عن تأثير الجماعة عليه؟
* هناك نقطة مهمة جداً، ونحن نتحدث عن الجماعة لا بد أن نذكرها، لا بد أن نسلم أن الجماعة فى حالة صدمة، فهم يكتشفون حقيقة كلنا وجميع المراقبين يفاجئون بها الآن، وهى فارق بين صورة الإخوان ومثالهم فى الأداء، وأعتقد أن ثمة خلطا فهم أناس لديهم فكرة، لكنها ليست حكراً عليهم، وقوة الفكرة جاءت من الدين، وهم ألصقوا أنفسهم فى الدين لكن الهيبة والصعود اللذين ظهرا لم يكونا هما، حيث كانت هناك أزمة عامة عند الناس جميعاً والدين دائماً يظهر فى وقت الأزمات ويلعب دوره لطمأنة الناس وكانوا مستفيدين فسردوا لأنفسهم فكرة كبيرة الحجم والتبس لديهم أن حجمهم من حجم الفكرة، بمعنى أن الناس تصورت أن هؤلاء ناس بتوع ربنا وهذا التوجه ساق أيضاً إلى التباس آخر، وهو لدى الناس أن حجم الإخوان كبير جداً لكنه فى حقيقة الامر حشد لكافة المؤمنين والمصلين العاديين فاعتقدوا أن هذا حجمهم ولذلك بعد وصولهم إلى سدة الحكم كانوا فى نظرة الناس أنهم مستضعفون، وأن خلفهم حشد مهول جداً واستخدموا بطريقة ذكية الإحسان والإسعاف وتقديم الخدمات فتضخم الوهم، ولكن اكتشفوا بعد وصولهم إلى السلطة أن الفكرة ليست حكراً عليهم، وأن الحشد ليس هم بمفردهم وأن أعمال الإحسان والخير ليست فى مقياس أدائهم كما يتصورون وهم الآن رأوا جزءًا من الحقيقة، لكن أعتقد أنهم فى حالة عجز عن تفسيره.
*هل أثر ذلك على الرجل؟
* أثر على الرجل والجماعة بصفة عامة والرجل يعانى من مشكلة كبيرة ومهمة، وأعتقد أن الجماعة وإن صح التعبير "كابسة على نفسه".
* كابسة على نفسه؟
*أنا مستعد أن أقول إن الجماعة لم تكن واضحة بشكل كاف مع الدكتور مرسى، وأعلم أن الجماعة قالت فى بادئ الأمر أنها لن تتقدم للانتخابات الرئاسية، وأذكر أن ثمة اتصال جرى بين الشيخ راشد الغنوشى والمرشد العام، وقال له فى التليفون "لديكم انتخابات رئاسية ومرشح وهو الدكتور عبد المنعم أبو الفتنوح، ثم قمتم بطرده من الجماعة رغم أن هذا الرجل هو المرشح الأفضل للرئاسة" فقال المرشد "نعم أبو الفتوح من أفضل عناصرنا لكننا صوتنا بالإجماع على قرار عدم المشاركة فى الانتخابات، ووافق عليه وقتها ثم خرج عنه وقرر الترشح فتم فصله"، وهنا لم يعقب الغنوشى وتغير موقف الجماعة كما يحدث دائماً ليس هوائياً، ولكن مع تغير موازين الأمور وقررت المشاركة واختارت شخصاً غير الدكتور مرسى.
*تقصد الشاطر؟
*لا أحب الخوض فى الأسماء، لكن هذا حدث، وأعتقد أن الرجل لم يكن هذا الموقف فى أعماقه مريحاً، كيف وهو رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان فى عام 2000 وكان يمثل المعارضة وقتها إن صح ذلك ورئيس حزب الحرية والعدالة، وبالتالى لديه من الرصيد ما يجعله الرجل المؤهل ومع ذلك لم يحدث، وحتى إن كان ترتيبه فى الإرشاد رقم 6 أو 7 لكن بتركيبته البرلمانية ورئاسته للحزب تجعله الأكثر تأهلاً لخوض الانتخابات.
*لكن ربما لم يكن الرجل ذا الكاريزما الأعلى؟
*الكاريزما فى حقيقة الأمر ليست موجودة فى الإخوان أصلاً ثم صعد ونجح، وأعتقد أنه نجح نجاح تكليف وليس التفويض.
*هل نجح بقوة الجماعة أم بقوته الشخصية؟
*أعتقد أنهم حاولوا أن يعطوه بعض البراح فى بداية وصوله إلى قصر الرئاسة، ومع ذلك حاول التأقلم مع هذا وتركوا له بعض المستشارين "كوميسرات" الإرشاد فى قصر الرئاسة.
*هل تقصد ب"الكومسيرات" سكرتارية الإرشاد لدى قصر الرئاسة؟
* صحيح وأريد أن أقول إنه من الطبيعى جداً أن تفعل ذلك الجماعة الحاكمة لكن ليس بهذا الشكل.
*لكن دعنى أطرح السؤال مجدداً هل فاز الرئيس بمفرده أم بدعم الجماعة؟
* بالتأكيد لا يمكن أن يفوز أى مرشح بمفرده دون أن يكون وراءه حلم أو جماعة أو تنظيم حقيقى لا يمكن أن يكون من خارج الدائرة ثم يهبط بالبارشوت إلى قصر الرئاسة، ويمكن أن نستخدم معيار نتيجة الانتخابات سيفيد كثيراً، حيث حصل التيار الإسلامى كله على 51.5 وحصل الآخرون على 49.5 وهذا جيد ومقبول وأعتقد أن مكتب الإرشاد حاول فى البداية أن يترك له مسافة للتحرك واكتفى بالمستشارين، وحاول هو توسيع دائرته وإحداث نوع من التوازن من خلال اختيار مستشارين من الخارج، وغالباً حدث هذا عبر التليفزيون ولا يعرفهم أصلاً.
* لكنهم لم يمكثوا معه؟
* التلفزيون دائماً يكون مؤثرا سواء بالعداء أو الصداقة، لكن كما قلت تركوا له المسافة فى هذا الوقت لإزالة الظنون ثم ما لبثوا بعد أن أصدر الرئيس مرسى إعلانه الدستورى وأخرجه بعد ذلك بهذا الشكل المحسن أو المعدل، فقرروا التدخل بشدة وبقسوة ظناً منهم أنهم ينقذون الرئيس أو يساندونه، وهنا تحدث المرشد ونائبه وأعتقد أن ثمة تجاوزا فى الحدود بين المقطم والاتحادية.
*هنا الرئيس هو المرشح رقم 2 وهم دعموه وأعتقد الآن هو يشعر بنوع من وجوبية رد الجميل لهم؟
* قد يشعر بالقلق وعليه أن يتصور أن علاقته بالجماعة أعقد كثيراً مما يتخيل فيها التعبئة كاملة بتاريخ وثقافة 35 سنة، ثم وصل إلى الرئاسة اختلف وضعه، كما قلت بعد الإعلان الدستورى، حينما تدخلوا بمعنى أنهم سينقذونه والأمر ليس فقط أن الرئاسة اتضح أنها اهتزت لكن أعتقد أن علاقته اختلت بمكتب الإرشاد لأن قيادة الإخوان تدخلت لحمايته بطريقة فظة ترسخ مفهوم الوصاية، وأعتقد أن جزءا من لهجته الحادة فى خطابيه اللذين ألقاهما سواء فى مؤتمر المرأة للجمهور المصرى أو الآخر فى القمة العربية كان موجهاً لجماعته كان يقول لهم: "أنا حازم بما فيه الكفاية وقادر وأستطيع بدون دعمكم بهدوء قليلاً إذا سمحتم"، وقد شاهدتها وقد أكون مخطئاً فى اعتقادى لكن جزءا منه تهديد لخصومه، وأعتقد أن ذلك جاء بعد حادثة المقطم من خلال الصعود إليه، وأنا أتحفظ على كثير من مشاهده، لكنه كشف مركز السلطة؟ والرئيس يريد أن يتصور الناس أن السلطة ليست هنا لكنها هناك.
* لكن تدخل المرشد ونائبه أظهر الرئيس وكأنه بدا مهزوزاً؟
* هناك عملية هادئة من التأهيل والتثقيف يكفى أن نقرأ الانشقاق الأول فى تاريخ الإخوان للسكرى ولدى نسخ من المخاطبات بينهم ومحاولات إثناء البنا له، ولكن أعتقد بقراءة بسيطة للتاريخ سنجد أن أسباب الانشقاق من جماعة الإخوان لها نفس الأسباب التى ساقها السكرى عندما انشق أولاً: الديكتاتورية غير المقبولة وثانياً: التعسف فى إصدار القرارات ومصادر تمويل مجهولة، وهناك أمور غير مفهومة من الأساس، ودعينى أعود بكِ إلى تشرشل عندما وقف فى الاتحاد السوفيتى، وقال هو عبارة عن لغز ملفوف فى السر ومخبأ فى الغموض.
* لكن هذا هو المقطم الآن؟
*أنا أتحدث عن تشرشل عندما وصف.
*هذا يحيلنى إلى خطوة أخيرة ومهمة اتخذتها الجماعة وقالت إنها بذلك قننت أوضاعها بتحويلها لجمعية، وأنت ذكرت أنها حلت مرتين أو ثلاثة؟
* أعتقد أن الخطوة زادت من الالتباس والمشكلة هنا هو إدخال شىء مقدس وشبه المقدس فى طاحيات يومية، وأعتقد أنه خطأ كبير يقودك إلى تأويلات فهو ليس نص بتلاعب فى تفسيره هناك جماعة غير مفهومة، وستزيد الأوضاع سوءا بجمعية، وبها الدكتور عاكف وما زال معنا الدكتور بديع مرشدا، وأصبح لدينا الآن الجمعية والجماعة والحزب ثم السلطة أيضاً، وأعتقد أنه يجب إزالة هذا الالتباس، هذا يذكرنى ب"بالكريملم" فى بداية التجربة الشيوعية كانت هناك "الكوميننرن" كان هناك اعتقاد وقتها أن الحزب الشيوعى له ولاية على كافة الأحزاب الأخرى لأنها فى النهاية فروع منه، وهذا سبب مشكلة كبيرة جداً وصلت إلى حد القطيعة مع الصين، وأعتقد أن بالكريملم اتضح له هذا وأن ثمة مشاكل نشبت مع الدول الاشتراكية فأسسوا "الكومنفورم" وهو للمشتركين فى الدعوة وليس لهم علاقة بالفعل، والمشكلة أن الإخوان رافضون فكرة الخروج من اللغز الملفوف فى السر والمخبأ فى الغموض ويصرون أن لا يتحدثوا بلغة العصر، فقد وصلت إلى السلطة فلا داعى لأن تعقد علاقاتك مع الآخرين خذ دائماً ما حدث فى الدنيا كلها، أى حزب فى أمريكا مثلاً الرئيس يصبح تلقائياً رئيساً للحزب ويكون هناك فى مكتبه مكتب للحزب يقوم بوظيفة الاتصال لأن الرئيس ينفذ السياسات التى انتخب من أجلها وهذا طبيعى أن يكون له مكتب اتصال بينه وبين الحزب لكن الناس هنا مصرة على الخطأ.
الإسلام والشيوعية
* أليس من المفارقات أن تقارن بين "الكيرمليم" والإخوان.. والإخوان تعنى الإسلام والآخرون الشيوعية؟
*لا أقصد هذا المعنى إطلاقاً يجب أن نفرق بين التفاعلات الموجودة فى مناخ معين تحدث نفس التأثيرات مع اختلاف طبيعة المواد بمعنى تواجد عناصر مختلفة بنفس الظروف لكن هؤلاء فى النهاية مسلمون والآخرون ملحدون لكن السلوك الإنسانى واحد إذا وضع الإنسان أو الحيوان تحت ظرف خطر- طبيعياً- سيفر.
*سأعود إلى التاريخ وأسألك عن سلوك الجماعة فى عهد عبد الناصر والمعتقلات، ضمت فى طياتها من اليسار الذين اختلفوا مع عبد الناصر لكنهم اتفقوا فى تجربة القومية العربية والإخوان الذين خرجوا بحالة عداء؟
* قبل أن تقولى سؤالك أعتقد هنا أنك وقعت ضحية لمقولات الإخوان المسلمين بدأتى بعبد الناصر، رغم أنهم كانوا على عداء مع كافة أشكال السلطة فى مصر وتاريخها بدأت فى عهد الملك فاروق، عندما تعاونوا معه ثم مع بوادر حرب فلسطين، أثناء التسوية مع الإنجليز، بدأت ممارسات القتل، وقتلوا عدداً من الأشخاص، وعندها قرر فاروق أن يقتل البنا بسبب تآمره وقتله لشخصيات كبيرة، ولكن أكثر فترة قمع كانت فى عهد إبراهيم عبد الهادى، حيث فى ليلة واحدة بلغ عدد المعتقلين 5000 شخص، لكنهم ضربوا الصفح عنها وركزوا فقط مع عبد الناصر.
* لماذا؟
*كان مستمرا معهم فى التجربة التمكين من خلالها يتقاربون مع أصدقائهم فى المنطقة، وبذلك اختزلوا خلافهم مع الدولة المصرية مع عبد الناصر وكأن التاريخ بدأ من عنده وهذا ليس صحيحاً بل بالعكس تماماً عبد الناصر ومجموعة الضباط الأحرار اقتربوا منهم بشكل أو بآخر وبعض الضباط انتمى إليهم، والبعض الآخر تشوق لذلك هم يريدون أو يتردد أن ناصر أقسم اليمين، وهذا فى اعتقادى لم يكن صحيحا، لكن على أية حال هذا النظام اعترف أن البنا شهيداً وأعتقد أن عبد الناصر كان له علاقات صداقة مع شخص مثل حسن عشماوى وكذلك كمال حسين، ومعه المتوطعون وأنور السادات كتب كتاباً كاملاً عنهم ووصفهم بعناوين فظيعة، وهو عبارة عن 12 مقالا فى الجمهورية تجمعت وأصبحت كتاباً انقلبوا ببساطة لأنهم طلبوا السلطة وأنا حاورت الهضيبى وحوارى منشور، وأعتقد ليست مشكلتهم بمفردهم فقط، حدث أن كثيرا من القوى اعتقدت أنها فى صلتها مع الضباط الأحرار يستطيعون أن يحققوا شيئاً حدث مع الوفد عندما أقنعه بعضهم أنه له صلة بالضباط قبل الثورة، وأنه من الممكن أن يأتى بهم على طبق من فضة، وتحولت نفس الأزمة إلى مأزق دموى مع الإخوان حتى الإنجليز تصوروا ذلك لوهلة فهم اتفقوا مع الملك ثم اختلفوا وإنقضوا عليه، وتكرر الأمر مع عبد الناصر، اتفقوا ثم انقضوا عليه وحاولوا اغتياله، ثم تنكروا لذلك وأقسموا بأغلظ الأيمان وكذلك الحال مع السادات.
الإخوان والسادات
*لكن ألا تعتقد أن العلاقة طالت مع السادات؟
* أنور السادات أكثر من هجا الإخوان فى كتابه الذى ذكرته آنفاً، لكن بعد حرب أكتوبر بدأ الأمر يتغير فيتحدثون مع السادات عن ضرورة وجود التيار الدينى، وأنا أوافقهم فى ذلك لا يمكن أن تكتمل تجربة ديمقراطية دون أن يكون هناك رؤية وتعبيرا دينيا عن فكرة دينية الموروث والتراث لا يمكن التنصل منه لأنه موجود والسادات بدأ يهادن وبدأت المفاوضات فى مكتب جان كليز وأنا أعلم ذلك.
* فى عهد التلمسانى؟
* نعم فى حضور كمال أدهم رئيس المخابرات السعودية والسادات والرجل الخفى فى الإخوان عبد المجيد حلمى، بل ويُعتقد أنه المرشد الخفى وكان نائب رئيس شركة المقاولون العرب، وهى صفقة عقدت لمواجهة الشيوعيين والنصاريين كما تم تسميتهم ثم بدأ الإخوان يتعاونون بشكل كبير جداً مع الرئيس السادات بشدة حتى اعتقالات سبتمبر الشهيرة عندما وجد المعارضة ضد كامب ديفيد وتم وضعهم فى السجن وأتذكر المناقشات الطويلة التى دارت بيننا أثناء الاعتقال وبين التلمسانى، بحضور سراج الدين باشا والتلمسانى رجل طيب وأعتقد أن التلمسانى صمم أثناء النقاش أنه لا يوجد شىء اسمه عدم الانحياز واعتقد أن هناك شىء ناقص فى فهم العصر والسياسة، صحيح يمثلون قوة وصحيح يجب أن يتم إعطاء هذه القوة الفرصة ويجب أن تعطى الفرصة بشكل كبير لتفهم العصر من منطلق ود وليس من منطلق عداء لكن هذه اللحظة هناك مشكلة.
اغتيال السادات
* أين كان موقفهم من اغتيال السادات؟
*أريد أن أقول لا أعتقد أن التيار الدينى عادة باختلاف المذاهب وهى كارثة وأريد أن يقرأ أحدهم الخلاف بين الكاثوليك والبرتوستنت خلاف تاريخى كبير، وأذكر أنه فى فرنسا حاول عقلاء التقريب بينهما من خلال الزواج بين أسرتين ووقتها الملكة ثارت، ورفضت ذلك وخرجت مظاهرات بدافع من الملكة ودار اقتتال قتل على إثره نحو 3000 شخص فى باريس، وانتهت حرب المذاهب.
*عودة إلى اغتيال السادات؟
* أظن أن المذاهب تحدث شظايا من الكتل السياسية، وكلها فروع فى النهاية، وكلها فكر إسلامى فالتيار الإخوانى بعض الإفراد يرونه أكثر اعتدالاً وتفتحاً فيخرج تيار آخر ويظل الانقسام ويبقى الأصل واحدا والانقسام فى المذاهب فى التفسيرات الدينية مختلف جداً، أنا أعتقد أن الجماعة الإسلامية كانت فى الأصل إخوان مسلمين، وتشعب منها أيضاً وظل هذا التشرذم إن صح التعبير ولا يوجد له نهاية وأعتقد من أن من اغتال السادات من التيار الدينى حتى لو كانوا فى الأصل من الاخوان المسلمين وانحرفوا إلى أبو الأعلى المودودى فى باكستان بدلاً من البنا، لكن هذا نطاق طبيعى للتفكير المطلق فى السياسة والسياسة ليس فيها مطلق مثل الدين.
الجماعة ومبارك
*قبل أن أسأل عن الرجل أليس من المنطق أن نسأل عن علاقة الجماعة بمبارك كان فيها بعض التناقضات، فبينما كان يقمعهم سمح لهم بالدخول إلى البرلمان من جانب آخر؟
* باختصار التناقضات بين الطرفين كان فيها حكم وهو الأمريكان بشكل مستمر، فماذا جرى فى انتخابات فى عام 2000 و2005 وفى النهاية ساندوا التوريث علانية العلاقة كان فيها توجس لكن ثمة رغبة من الطرفين إلى الالتقاء، وعدم الصدام، وأعتقد أن الإخوان تعلموا درس الاصطدام مع السلطة الشرقية.
*هل كان للراحل اللواء عمر سليمان دور رئيسى فى هذه العلاقة؟
* أظن لا لكن المباحث وجهاز أمن الدولة أداروا الأمر جيداً وأعتقد أن أسامة الباز، وهو مستشار الرئيس كان له دور وأذكر أنه فى ذات مرة كان لدى فى إحد الزيارات الدكتور عصام العريان والدكتور محمد حبيب والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وسألونى هل ما زالت الولايات المتحدة تضع خطاً أحمر علينا فقلت لهم لا، أعتقد أنه أصبح برتقالياً.
*لكن اللون الآن تحول إلى الأخضر؟
* الآن نعم لكن سأعود إلى القصة وبعدها بعدة أيام أو أسبوعين إن صح التعبير قال أسامة الباز لى أظن أنك أعطيت الإخوان النصيحة الصحيحة لأنى قلت لهم كما ذكرت وتعجبت وقلت له هل تراقبون مكتبى.
* ليس شرطاً قد يكون من أخبر الدكتور الباز هم أنفسهم من ورائك؟
*لا أعتقد فقد شاهدها فى تقارير، وأنا شاهدته بعد ذلك والباز كان معى معظم الوقت فى الإعلام والخارجية، وكان مبارك يعتبره ضابط الاتصال بينى وبينه فهم عادة متوجسون وأعتقد حتى مشاركتهم فى الثورة أرادوا التواجد من جهة ومن جهة أخرى ينأون بنفسهم.
مرسى والقصر
* دعنا نعود إلى مرسى الرجل الذى تفاجأ عندما دخل إلى القصر فى أجواء جديدة مختلفة عن تلك فى الجماعة؟
* نعم دعينى أعود مجدداً إلى نقطة حرص الجماعة على ترك المساحة له للتحرك بشكل معين، ولكنه واجه ثلاثة وحوش أساسية أولها البيروقراطية وجربها كل وزير أو رئيس جاء بشكل أو بآخر فالبيروقراطية المصرية بدلاً من أن القيادة السياسية هى من تصدر التعليمات تكون البيروقراطية هى التى تحتوى الرئيس، وهذه هى الدولة العميقة وليس شيئاً آخر ثم الوحش الثانى وهى مواجهة المراسم، كثير من الرؤساء يسعد بها ولا يوجد فى الغالب أى رئيس إلا وأعجب بها ما عدا جمال عبد الناصر، وأذكر أنه عندما واجه البروتوكول وفى زيارة لرئيس يوغوسلافيا قال على باشا رشيد إن عليك الوقوف تحت النجفة والتقدم ثلاث خطوات ثم الرجوع، وسأله ناصر لماذا قال له هذه تعليمات البروتوكول فرد، وقال لنفترض سقوط النجفة على رأسى وأذكر يومها أنه- على باشا- جاء إلى باكياً وقال لى تخيل الرئيس قال لى الأمر منته ومفهوم وخلصنا الكلام فيه للخلف در وكان وقتها كبير الأمناء، وأعتقد أان المراسم تكاد تقول لك إنك ليس من البشر.
*لكن هذا قد يكون مبهرا لأناس لم تتعود على ذلك؟
*دائماً ننسى الطبيعة البشرية ولو أنى لست مجرباً لقد رأيت مراسم القصر، وقت أن كنت قريباً لعبد الناصر، وأعتقد أن كثيرا من دول العالم، توقفت عن ذلك تماماً، ولكن هذا لم يحدث فى الدول الشرقية لسبب بسيط أن الدول الشرقية لا تقوم بأخذ قرارات مهمة أو فاعلة، فالمراسم هنا تشعرهم أنهم فى وضع مختلف.
* هل تمنح قدراً من الهيبة؟
*قد تمنح الهيبة أو الخيبة ثم دعينى أعرج إلى الوحش الثالث المؤثر، ما هو متاح للرئاسة والرئيس يجعل هناك مواجهة لمظاهر قد تفرض عليك ما لم ترينه فى حياتك، وإما أن ترفضى أو تقبلى على سبيل المثال ميزانية القصر فى هذه اللحظة ولا أعلم هل تغيرت بعد مبارك أم لا لكنها كانت آخر يوم لمبارك 265 مليون جنيه فى العام، فعندما يطلب الرئيس تنقلب الدنيا ولا تقعد بأكثر مما يتخيل أحد لكن وحتى الآن لا يوجد دولة فى العالم المتقدم ما زالت لديها طائرة رئاسية.
*هل لدينا طائرة؟
*الطائرة الرئاسية الموجودة الآن كانت مهداة من القذافى السادات طلب واحدة وأهدتها له السعودية من الملك فيصل، وكان متدخلاً فيها أشرف مروان وكمال أدهم رئيس المخابرات السعودية لكن مبارك كان طياراً فاختار شيئا معينا وجاءت له من القذافى، وأجرى عليها ديكورات كثيرة، وأذكر أن بعض من فى القصر لم يعجبهم لون الطائرة فتم تغيير لونها وجلدها وكراسيها وكل شىء، وأقول إن الطائرة الرئاسية فى كل يوم عمل تكلف مليون دولار، وفيها من "الهيلمان" ما هو كبير جدا، وهذا الرجل الدكتور مرسى القادم من الريف من الزقازيق والإصلاح الزراعى وإخوان مسلمين يعنى تقشف وأرى ذلك صدمة له.
* كيف يؤثر عليه؟
* لست خبيراً فى هذه الأمور لكن بعض من الناس يأخذهم هذا الأمر، كان الرئيس عبد الناصر يضع فى ميزانية مكتبه وليس شخصه مليون جنيه ومليون دولار يدعم بها الأحزاب فى المنطقة المؤمنة بالقومية العربية، وكذلك اللاجئين العرب وأعتقد أن السادات أخرج نفسه من ذلك ثم مبارك أعتقد أن رؤساء فضلوا أن لا يتغيروا واختاروا نمطا معينا، وكما قصصت لك على عبد الناصر، وكيف تصرف مع على باشا رشيد، وأذكر أن عبد الناصر رفض أن يذكر اللحم والخضار، وعندما سافر إلى "الكيرملم" رفض أن يتناول طعامه من على بوفيه مفتوح عليه أطنان من الكافيار واصطحب معه جبنة بيضاء مصرى والجرجير.
* جرجير وجبنة بيضاء؟
* لا تتصورى خيار وجرجير وجبنة بيضاء.
*عودة إلى الدكتور مرسى ما هى شكل مؤسسة الرئاسة حول الدكتور مرسى خاصة أن معظمها من التنظيم الدولى؟
* أعتقد أنه ليس هناك نظاماً بعد فى مؤسسة الرئاسة، وعلينا أن نأخذ أوباما مثالاً هذه مؤسسة تبدأ عملها فى السادسة والنصف من الصباح ويبدأ يومه بلقاء مسئول الأمن القومى، وإذا استدعى الأمر يتم توسيع الاجتماع ليشمل السى أى إيه، وإذا لزم أيضاً يوسع الاجتماع ليشمل أيضاً الاف بى آى حتى يتعرف على ما دار فى الليل وحول الرئيس مستشاروه حيث من حقه أن يعين 4200 من المعروفين، ولديه والموثوق فيهم، وهنا أسأل سؤالا هل من المعقول أن يعمل الرئيس مع أشخاص لا يعرفهم ممكن يكون هناك جزء من المحيطين أو أهل الثقة وأهل الخبرة أيضاً ليس ذلك فقط بل ومكتب الاتصال بينه وبين الحزب، وأعتقد أن المستشارين للرئيس مرسى كانوا فقط من وسائل الإعلام، ولم يكن يعرفهم، وسألت بعضهم قال لى كانت جلسات حوار ودردشة مفتوحة وليس هناك اختصاص وملفات، وأعتقد أنهم لن يكونوا على علم بما يحدث، وأذكر أنه فى وقت عبد الناصر وقلتها للسادات ومبارك أيضاً لا نريد الاجتهاد أمامنا نماذج على مستوى العالم واحد واثنان وثلاثة البيت الأبيض ومجلس الوزراء البريطانى ثم الإليزيه الفرنسى، فكيف يعمل الرئيس وحوله من الإخوان أو من اصطفاهم هذا لا يخلق فى حقيقة الأمر مؤسسة رئاسة تحتاج لخدمة هذا الرجل المستمر لمدة أربعة سنوات وأخشى عليه من العصبية وسوء الخدمة المقدمة له وأعتقد لا بد من إعادة تنظيمها وليست معجزة.
*ألا ترى أنه لم يكن صائباً أن يختار الرئيس مرسى شقيقين هما أحمد مكى وزير العدل والمستشار محمود مكى نائباً له؟
*أعتقد أن المشكلة الكبرى كانت فى دائرة الاختيار وطبيعة التنظيمات دائماً هى الإخفاء والعمل السرى، رغم أن وظيفة الدولة هى الإفضاء، وأذكر أنى عندما زرته فى الاتحادية استقبلنى بعض المستشارين، وأعتقد قابلونى بحفاوة وكانوا شديدو اللطف وتحدثوا معى لكن المشكلة كانت أنى شاهدت معظم المكاتب خالية شخص الرئيس موجود لكن هناك نقصاً فى المنظومة والرئيس يواجه الوحوش الثلاثة التى ذكرتها آنفاً ودعينى أتناول وفد القمة عندما كان الدوحة لم أجد وزيرا للاقتصاد، واحد ضمن الوفد شاهدت مستشار الرئيس للشئون الخارجية، وأعتقد أن الأصح أن مستشار الرئيس لا يكون فى الصف الأول المستشارين هيئة لخدمة الرئيس ولا تظهر فى الأضواء.
* الدكتور أسامة الباز كان يظهر فى الصف الأخير؟
* سأذكرك بمقولة بولتيكا أهم قائد جيش ألمانى قال "اعمل كثيراً ولا تظهر إلا قليلاً"، لكن رغبة الناس فى الظهور قوية.
*لكن طائرة الرجل الرئاسية أين تحط رحالها؟
*لا بد فى البداية أن أقول إن الطائرة الحالية عندما ينتهى بريقها وصلاحيتها لن نجد طائرة أخرى وأقول إن هناك "بلاوى" أخذت باسمها.
العلاقات الخارجية
*أين تحط طائرة الرئيس فى زياراته الخارجية؟
* لم يكن له فى رأيى أن يكثر من السفر لا بد أن لا ينظر إليك فهو ينظر لأحوال من خلفك من الشعب وأحوال شعبك داخل الإقليم لأن من يتصور أنه يذهب بالمزايا الشخصية فهو مخطئ، وأعتقد أن بعض هذه الزيارات نحن من طلبناها، ولم تكن دعوة وهناك من هاتفنى وأخبرنى بذلك، ولكن قبل أن تذهب وتسافر أين جدول الأعمال؟ الموضوع ليس سفرا وجمع مليار من هناك وآخر من هناك، وهى زوابع كان يستخدمها مبارك ليخفى تكرار الزيارات التى كان يقوم بها ولكن فى رأيى لا تسافر إلى العالم الخارجى وأنت خلفك فوضى أو خلفك إقليم لا يغتنى بك ولا تمثله فى هذه الحالة، وبالتالى فإن التعامل معك سيكون بهذا الحجم.
* معارضو الرجل هم تياران أحدهما النيران الصديقة التى تأتى عليه من التيارات "السلفية" والجناح الآخر هى تلك المعارضة التقليدية الممثلة فى جبهة الإنقاذ؟
* أكثر شىء من المعارضة يضايقه هو الإعلام أما المعارضة بالشكل الذى نتحدث عنه هو لا يعيرهم اهتماماً، وهو قال لى مرة "هل كانوا يستطيعون أن يفعلوا ذلك فى عهد مبارك"، وقلت له الثورة ما زالت هائمة وضربات كل المقدسات والتبوهات ولست فى ظرف عادى أنت تحكم والثورة مستمرة وهى التى أسقطت كافة المقدسات والمؤسسات لا بد أن نعلم أن هناك تجاوزا فى بعض الأحيان وهذه النبرة العامة السائدة لا بد أن تقابلها بصدر رحب لو أخذنا بالمعيار العادى من حقه أن يغضب ويحزن وقد تكون الحملات عليه تحرجه أمام جماعته لأنها تضعهم فى شكل معين بسبب تصرفاته.
*النيران الصديقة؟
* أعتقد أن النيران الصديقة قادمة من المقطم نفسه من داخل جماعة الإخوان المسلمين.
*هل صبر الجماهير نفد؟
*طبيعى وأنا قلق من اللحظة التى فيها طرف فى السلطة ويعتقد أنه يملك ولا يقدر والمعارضة ترى فى نفسها أنها تقدر ولا تملك ثم هناك طرف ثالث لا يملك ولا يقدر لكنه ضاق ذرعاً مع تردى الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية مع عدم وجود توصيف سليم للمشكلة، وعدم التعرض لها بالحل السليم أو بإجراءات ذات فاعلية والناس تشعر بالضياع، وأنا أتحدث أننا على حافة الهاوية ولابد أن يفكر الجميع ويعود إلى الخلف خطوة واحدة ويفكر فى توصيف مشاكل البلد الأفراد تنتحر والبلد لا يمكن أن ينتحر ويموت فهو خالد، وباق لا بد أن نتراجع قليلاً إلى الخلف لا بد أن تعود كافة القوى لشىء من المنطق، ونحتاج إلى حوار وطنى شامل ليس جلسات دردشة وإنما قائم على فرز أولويات المرحلة ورؤية ما بعدها لذا أنا قلق وغير مطمئن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.