نشر الشاعر الكبير فاروق جويدة أحدث قصائده التى يمزج فيها كعادته بين السياسى والوجدانى ، تحت عنوان "لا أنت مصر..ولا السماء سماك" ، واليوم السابع تنشر القصيدة احتفاء بالشاعر الكبير وبعطائه الخلاق فى الشعر العربى.. لا أنت مصر ولا السماء سماك مدى يديك.. تكلمى لأراك هذا الذهول على عيونك حيرة أم دمعة فاضت بها عيناك؟! ماذا أصابك؟.. خبرينى محنة عبرت وعهد فاسد أشقاك أم فتنة حلت وسيف غادر سفك الدماء البيض فوق ثراك؟! غرقت على شطيك كل سفائنى وتعثرت بين الدروب خطاك أين الشباب؟.. وأين أيام الهوى والكون يركع فى جلال بهاك؟! شاخ الزمان على ضفافك..وانطوي ركب السنين وضاع سحر شذاك ماتت على شفتيك أحلام الصبا هل سوء حظى أم جحود جفاك؟! قد طفت حولك الف عام عابدا ما كنت يوما هائما بسواك أين النسائم والأصيل يضمنا ما قلت شعرى فى الهوى لولاك خدعوك حين ترنمو بهواك لم يبق منهم فارس يرعاك زعموا هواك.. وفى المنايا هرولوا لم يبق منهم حارس لحماك ما أكثرالعشاق فى دنيا الهوى لكننى وحدى الذى يهواك مدى يديك تكلمى لأراك خفت البريق وغاب سحر ضياك عهد من الطغيان ولي..وانقضي ليجىء عهد فى الضياع رماك الأخوة الأعداء خانوا حلمنا هدموا عرينا شيدته يداك خدعوك باسم الأمن حين تسلطوا فوق الرقاب وشردوا شهداك خدعوك باسم العدل حين تسابقوا نحو الغنائم يشربون دماك الأخوة الأعداء قاموا عصبة سرقوا النذور وتاجروا بدعاك هذى الغيوم السود بين ربوعنا أعمت عيون الصبح عن رؤياك أين الطيور على ضفافك ترتوى من عطر نيلك..أين دفء سماك؟! لا الناس ناسك لا الوجوه وجوههم حتى عيونك لم تعد عيناك لا النيل نيلك لا الضفاف ضفافه حتى خيولك هرولت لسواك أين الشموخ وأين شعب واثق قهر الزمان وللذرا أعلاك تتألمين على الضفاف كأنما سهم حقود بالدمار رماك مدى يديك.. وعانقينى علنى أجد الأمان دقيقة بحماك شاخت روابيك الحزينة بعدما أكل الفساد ثمارها وسباك باعوك فى سوق النخاسة سلعة للراغبين وجهلهم أعماك * * * مدى يديك تكلمى لأراك أنا لا أصدق ماروت عيناك فى الأفق سر فى الضفاف خمائل تبكى وتحكى ما جنى سفهاك خانوك.. قولى أى وغد حاقد قد باع عرضك واستحل دماك باعوك..قولى أى وغد فاسد فى ظلمة الطغيان خان ثراك هل خانك الأبناء أم عصفت بهم نيران سخط عاصف أدماك عهد من الأخطاء ولى..وانقضى ليجئ عهد يستبيح رؤاك أين البريق.. وأين سحر بهاك؟! سكت الهوى وتلعثمت شفتاك لا أنت مصر..ولا الديار ديارنا أين الشباب وأين عطر صباك ماتت على الأفق البعيد خمائل وتلطخت بين الدماء يداك النار تحرقنا ووجهك جامد وعلى جبينك طيف حلم باك من خان حلمك واستباح سماك * * * ومضى يتاجر فى ثرى موتاك؟ هل فرقة الأبناء أم ضيق المدى أم وحشة البؤساء فوق ثراك؟ سقطت مع الزمن العنيد مواكب واستسلم التاريخ عند حماك أين القلاع وأين فرسان الوغى أين الجياد تصول فوق رباك كم فاض ماء النيل حولك غاضبا ومضى عفيا شامخا ورواك هذى الدموع الغائمات من الأسى صارت لهيبا غارقا بدماك خلف الغيوم ظلام ليل قاتم يجرى إليك ويستبيح ضياك لا تحزنى إن كان فينا حاقد أو فاسد بين الهموم رماك عودى إلى الأبناء عل ضميرهم يصحو.. وتجمع شملهم شكواك لا شىء فى الدنيا يساوى صرخة أو موت طفل بائس أبكاك قومى من اليأس الطويل وعانقى شهداء عرضك كفنى قتلاك هزى جذوع النخل تنبت أنجم ويطل فجر من سكون ثراك صلى على وجه الشهيد..وصافحى أملا تغنى فى خريف صباك إنى حزين أن أراك حبيبتى وسط الدمار تقبلين فتاك فلتذكريه إذا أطل ربيعنا وأتاك حلما شاحبا ودعاك قولى له قد كنت أغلى فرحة عبرت بعمرى.. واذكرى شهداك لا تنظرى للغيم إن نهارنا آت ليملأ بالشموس سماك كم زارنا زمن قبيح عاصف وأطل سيف صارم وحماك يا جنة الدنيا وتاج زمانها الله فى كل الخطوب رعاك