سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فى تقرير ل4 منظمات حقوقية حول أحداث بورسعيد.. وفاة 42 شخصا منهم ضابطى شرطة.. والطب الشرعى يكشف إصابة الضحايا برصاص الأمن المتمركز فوق أسطح السجن.. ومدرعات الشرطة أطلقت النار عشوائيا
قال مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومؤسسة الكرامة، وهيومن رايتس ووتش اليوم السبت، إن على قاضى التحقيق المعين مؤخراً للتحقيق فى أحداث العنف التى وقعت ببورسعيد منذ شهر، أن يفتح تحقيقاً كاملاً فى مسئولية الشرطة عن وقائع القتل غير المشروع فى سياق تلك الأحداث التى توفى خلالها 42 شخصاً، بينهم اثنان من ضباط الشرطة، بعد أن أوصت إحدى المحاكم فى 26 يناير 2013 بالحكم على 21 من سكان بورسعيد بالإعدام، لارتكاب جرائم قتل بعد مباراة لكرة القدم قبل عام، ومن المقرر أن تتأكد العقوبة، وأن يصدر حكماً على المتهمين ال52 الباقين فى 9 مارس. تشير الأدلة التى جمعتها المنظمات الأربع، إلى أن الشرطة فتحت النار حين تعرضت لإطلاق نار يوم 26 يناير، فقتلت وجرحت عدداً من المحتجين والمارة، كما استخدمت الشرطة الطلقات الحية فى اليومين التاليين، حين كان التهديد الواقع على الأرواح غير واضح فى أفضل الأحوال، بعد يومين من الاحتجاجات الشعبية فى بورسعيد بسبب قتل المحتجين، قام وزير العدل أحمد مكى يوم 18 فبراير بتعيين قاضى تحقيقات، وهو عبد العزيز شاهين، للتحقيق فى الأحداث، لكن أحد من ضباط الشرطة لم يتهم بشىء. قالت سارة ليا ويتسن المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى هيومن رايتس ووتش: "على الرئيس محمد مرسى أن يقر علناً بأن حق الشرطة فى استخدام القوة المميتة ليس بدون ضوابط، حتى إذا تعرضت للهجوم، وأن يأمر الشرطة بقصر استخدام أى نوع من القوة على حالات الضرورة القصوى، إن غياب إصلاح الشرطة، وقوانين عهد مبارك التى تمنح الشرطة طلاقة يد فى استخدام القوة المميتة، وغياب المحاسبة، تعنى كلها أننا سنشهد مثل هذه الاستجابات المفرطة مراراً وتكراراً". يعد استخدام القوة المميتة غير المشروعة مشكلة طويلة الأمد فى مصر، نتيجة لقوانين عهد مبارك التى تتيح للشرطة سلطة تقديرية واسعة فى استخدام القوة المميتة والأسلحة النارية بدون إنشاء أية آلية لمحاسبة أفرادها عند استخدام تلك السلطات. قالت المنظمات، إن تحقيق النيابة المبدئى فى أحداث بورسعيد شابته مخالفات إجرائية، تشمل الاحتجاز التعسفى ومزاعم بالتعذيب، لم تبدأ النيابة التحقيق فى الأحداث قبل 29 يناير، فأدى التأخير لمدة 3 أيام إلى إعاقة التحقيق من البداية، حيث لم يزر وكلاء النيابة مسرح الأحداث ولم يقوموا بالإشراف على تشريح الجثث، وأن وكلاء النيابة أخفقوا فى استدعاء ضابط شرطة واحد لاستجوابه بشأن استجابة الشرطة، فلم يستجوبوا سوى السكان ال36 المعتقلين حتى الآن بتهم حيازة واستخدام أسلحة نارية. قام باحثون من المنظمات الأربع بزيارة بورسعيد لمدة 3 أيام بدأت فى 27 يناير، وقاموا بجمع أدلة من شهود العيان، وبزيارة المستشفيات وبإجراء المقابلات مع الطواقم الطبية والخبراء الجنائيين والمصابين وعائلات الضحايا، كما زاروا موقع إطلاق النار وراجعوا مقاطع فيديو وحصلوا على تقارير الصفة التشريحية وشهادات الوفاة. وتوحى الصورة الناجمة عن هذا كله بأن ما يقرب من سبعة رجال مجهولى الهوية، فتحوا النار على الشرطة أمام سجن بورسعيد العمومى يوم 26 يناير، وكان هذا بعد وقت قليل من قيام قاض بالحكم على 21 من سكان المدينة بالإعدام فى العاشرة صباحاً، مديناً إياهم بالمسئولية عن جرائم قتل وقعت فى إستاد لكرة القدم يوم 1 فبراير 2012، وتمكن المسلحون الذين استخدم بعضهم أسلحة آلية من قتل 2 من ضباط الشرطة وجرح 10 آخرين فى ما زعمت وزارة الداخلية أنه محاولة فاشلة لاقتحام السجن، إلا أن الوزارة لم تقدم أدلة تؤيد هذه النظرية، وشهادات الشهود الذين أجرت معهم المنظمات مقابلات لا تؤيد رواية الوزارة. أطلق رجال الشرطة الذخيرة الحية من سطح السجن وساحاته، وبانتهاء الصباح كانت حصيلة القتلى قد بلغت 28 شخصا، هم ضابطا الشرطة و26 شخصاً من خارج السجن. أكد الشهود أن الشرطة ظلت تطلق النار على الناس فى محيط السجن، لما يناهز الساعة بعد توقف النيران الموجهة إلى الشرطة، فتسببت فى عدد من الوفيات والإصابات، وقال 5 شهود على الأقل للمنظمات إنهم شاهدوا عربات شرطة مدرعة تتحرك عبر شوارع بعيدة عن السجن وبداخلها أفراد شرطة يطلقون النار عشوائياً على المارة، مما أدى إلى وفيات وإصابات. قال أحد كبار مسئولى الأمن فى بورسعيد لإحدى المنظمات: "لم يُقتل أحد ممن أطلقوا النيران على الشرطة، ونحن الآن نقبض عليهم بناءً على ما التقطته كاميرات المراقبة". قال حسام بهجت مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "بناءً على الأدلة المتوافرة، تحول ما قد يكون قد بدأ كفعل من أفعال الدفاع عن النفس إلى استخدام غير مشروع للقوة، حيث ظلت الشرطة تطلق النار بعد توقف التهديد الموجه ضدها بوقت طويل، وإذا صح هذا فإن هذا الاستخدام غير المشروع للقوة المميتة ليس سوى الأحدث من نوعه فى قائمة طويلة من الحالات التى أظهرت فيها الشرطة المصرية ميلها الخطير لتجاوز القوانين التى تلتزم بحكم واجبها بحمايتها". على مدار اليومين التاليين وقعت مواجهات إضافية بين الشرطة والمحتجين أمام قسمى شرطة العرب والمناخ، فقام بعض المحتجين بإطلاق الحجارة وزجاجات المولوتوف على الشرطة، التى ردت بإطلاق الذخيرة الحية الكثيفة والعشوائية، فتسببت فى مقتل 7 أشخاص على الأقل، كما أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع فى 27 يناير على موكب جنازة كانت تشيع بعض ضحايا أحداث اليوم السابق، بعد أن قذف المشيعون بوابات نادى الشرطة بالحجارة، رغم أن أربعة شهود قالوا إنه لم يكن هناك استخدام للقوة ضد الشرطة ولا وقع عليها تهديد ظاهر. وأدى إطلاق الغاز المسيل للدموع إلى فرار المشيعين، واحتاج 419 شخصاً على الأقل إلى علاج بالمستشفى من متاعب تنفسية جراء التعرض للغاز المسيل للدموع. بنهاية الأيام الثلاثة، ارتفعت حصيلة القتلى إلى 42، بينهم ضابطا الشرطة، واستقبلت المستشفيات المحلية 874 مصاباً، بحسب وزارة الصحة، وكان أصغر الموتى سناً، وفق مراجعة لسجلات مديرية الشئون الصحية، هو عبد الرحمن سلامة "15 سنة"، ونقل مسئولو الأمن جرحى الشرطة وقتلاها إلى مستشفيات الشرطة، فى حين عولج الآخرون جميعاً فى المستشفيات العامة ببورسعيد ومحافظات أخرى. قال رشيد مسلى المدير القانونى لمؤسسة الكرامة: "فى أحيان كثيرة تبدو الشرطة المصرية وكأنها لجأت إلى إجراءات متطرفة مثل استخدام الطلقات الحية فى مواجهة الاضطرابات العامة، بدلاً من الاستعانة بالممارسات الشرطية المتناسبة والمصممة لنزع فتيل الصراع والعنف مع الالتزام بالقانون". أكد الدكتور عبد الرحمن فرح، مدير المستشفيات بمديرية الشئون الصحية فى بورسعيد، أن الأغلبية الساحقة من القتلى قتلوا بطلقات حية، وأصيب معظمهم فى النصف الأعلى من الجسم، 11 منهم فى منطقة الرأس والعنق، فيما أصيب اثنان بطلقات فى الرأس من الخلف، وقال طبيب شرعى قام بإجراء بعض عمليات التشريح، إنه بخلاف رجل واحد توفى بنوبة قلبية نجمت عن التعرض المفرط للغاز المسيل للدموع، فإن الآخرين جميعاً أصيبوا بطلقات من عيار 7,62 ملم التى تستخدمها الشرطة، إلا أنها أيضاً متاحة على نطاق واسع فى السوق السوداء. خلص الطبيب الشرعى إلى أن معظم قتلى يوم 26 يناير، أصيبوا من مسافة بعيدة ومن أعلى، بما يدل على احتمال إصابتهم من قبل رجال الشرطة الذين تمركزوا فوق سطح السجن، وأطلقوا النار على الحشود بعد أن بدأ الهجوم على السجن. لم تعترف وزارة الداخلية ولا رئيس الجمهورية بأى خطأ من جانب الشرطة فى بورسعيد، بل على العكس، قام الرئيس فى خطابه بتاريخ 27 يناير بتوجيه الشكر إلى الشرطة وأصدر لها تعليماته بالتعامل "بمنتهى الحزم والقوة" مع أى عنف أو اعتداء على الأمن، لكنه لم يذكر الالتزام بالتحقيق فى تجاوزات الشرطة، وأعلن بدلاً من هذا فرض حالة الطوارئ وحظر التجول الليلى من التاسعة مساءً إلى السادسة صباحاً لمدة 30 يوماً، وهو ما تجاهله السكان سريعاً بالمسيرات الليلية ومباريات كرة القدم. قالت المنظمات إن على السلطات المصرية أن تضمن قيام قاضى التحقيق بإجراء تحقيق محايد ومستقل فى أحداث بورسعيد، ومحاكمة أى شخص تظهر ضده أدلة بارتكاب أى جرم، بما فيه القتل غير المشروع، أو الاستخدام غير المشروع للقوة، وينبغى للتحقيق أن يشمل دور مسئولى الأمن الذين أمروا بذلك الرد أو شجعوا عليه، أو أخفقوا فى ممارسة الضبط اللازم للقوات على مدار أيام العنف الثلاثة، كما ينبغى إنصاف ضحايا أى انتهاك لحقوق الإنسان وعائلاتهم وتعويضهم بشكل ملائم. قال زياد عبد التواب، نائب مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان: "تأتى أحداث بورسعيد كتذكير صارخ بالحاجة الماسة إلى إصلاح الشرطة، بدءاً بتحقيقات علنية ومستقلة فى وقائع القتل فى بورسعيد. ومالم تتوافر إرادة سياسية كافية لإدانة مثل هذه الأحداث وضمان المحاسبة عليها فإن الحلقة المفرغة من الرد المفرط، والاستخدام العشوائى للقوة المميتة ستستمر من جانب الشرطة". بالصور.. شهود عيان ببورسعيد: "بوكس الشرطة جاء مسرعا فحطم مؤخرة سيارة ملاكى ودهس 5 مواطنين أثناء مسيرة لمواصلة العصيان المدنى.. وقوات الجيش الثانى الميدانى تؤمن مستشفى بورسعيد العام بعد نقل المصابين