بعد أى حادث كبير أو مشكلة بيكون أولوية الحكام فى أى بلد احتواء غضب الشعب، وبيعرف هذا فى علم السياسة بContain popular anger أو ب"العربون والقربان "فى علوم" المصاطب والجلسات العرفية"، بما يعنى أن الحاكم بيقدم عربون لشعبه وأهله يؤكد فيه أنه متضامن معاهم، وعلى قدر حجم كل مصيبة يكون قيمة العربون. ورغم كل المصايب اللى بتمر بها البلاد وآخرها سحل وتجريد مواطن من ملابسه وتعذيبه أبشع التعذيب فى إعادة لنفس ممارسات نظام مبارك وحبيب العادلى، إلا أن سيادة الرئيس المحترم لم يقدم عربونا للشعب على حساب الداخلية المخطئة، فلم يصدر قرارا بإقالة وزير الداخلية أو تشكيل لجنة للتحقيق فى الواقعة تحت إشراف من الرئاسة أو تقديم اعتذار شخصى لمواطن مصرى تعرى فى عصره، رئيسنا المحترم فقط تألم وحزن، والدكتور ياسر على المتحدث باسم الرئاسة فى بيان صحفى أكد أن الحادث تصرف فردى.. إذن هل لو كان فردى فبما نفسر أن ما يزيد عن 7 من أفراد الأمن المركزى يتناوبون ضرب وسحل المواطن، ولو فردى بما تفسر أنه حتى أفراد الأمن الآخرين ضمن نفس الكتيبة ممن شاهدوا الحادث لم يتحرك قلبهم تجاه المواطن لتغطية عورته على الأقل، وإذا كان فردى فلماذا استمر التعامل القذر من الداخلية بعد الحادث مع أسرته التى تنقلت بين كل المستشفيات ومراكز الشرطة بحثا عنه دون أن يرشدهم أى من قيادات وزارة الداخلية وإذا كان فرديا فبما تفسر إطلاق الرصاص والخرطوش على أهلنا فى بورسعيد أمام السجن وإذا كان فرديا فبما تفسر إطلاق النار على مشيعى الجنازة ببورسعيد أيضا، وإذا كان فرديا فبما تفسر أن كل يوم بيسقط شهيد واتنين فى كل ميدان بالجمهورية. وبمناسبة الخطأ الفردى، فبيان الرئاسة ورد به أيضا فى الفقرة قبل الأخيرة جملة فى غاية الخطورة ونصها "فى سياق ما سبق فإنه ليس مقبولا من أحد أن يزايد على أخطاء فردية لتبرير جريمة الاعتداء على منشآت الدولة"...هل يعقل أن الرئاسة تستخدم تلك اللغة مع شعب مجروح ويعانى مشاكل سياسية واجتماعية ويتلقى طعنات حقيقية فى كرامته الإنسانية التى ثار من أجلها فى 25 يناير، هل يعقل أن الرئاسة تتهم الشعب بالمزايدة، ومش بس كده، أيضا تشيد بأداء الداخلية. ملاحظة أخيرة قبل ما تروح أى مكان تانى "بيان الرئاسة عبارة عن 184 كلمة، لم يتضمن أى معلومات عن المواطن المسحول.. هو فين.. بيتعالج ولا لأ.. أسرته أخبارها إيه.. الرئيس اتصل به ولا لأ.. أى حاجة.. مفيش.. يعنى حتى محاولة إعادة جزء قليل من الكرامة المهدرة للمواطن.. بردة مش موجودة.. ولكن موجود فقط عبارة "ياسر على" فى نهاية كل بيان "تحقيق أهداف ومكتسبات الثورة". نصيحة أخيرة للدكتور ياسر على: "لو سمحت احذف البيان من صفحة الرئاسة، لأن البيان ده اعتراف منك ببراءة حبيب العادلى فى قضية قتل المتظاهرين لأن القتل بكل بساطة كان خطأ فرديا، وعلى فكرة فريد الديب بالفعل طبع البيان وهيقدمه كأول مستند فى المحاكمة الجديدة.
