هرب السورى محمد ملسى (35 عاما) من موت محتمل فى مخيم اليرموك فى دمشق إلى لبنان، لكنه عاد واختار الموت طوعا بعدما وجد نفسه عاجزا عن تأمين لقمة العيش لعائلته، فلف عنقه بسلك وشنق نفسه، مساء الثلاثاء، بينما كانت زوجته وبناته الأربع ينتظرن عشاء وعدهن به. وملسى واحد من آلاف النازحين السوريين الذين لجأوا إلى لبنان هربا من أعمال العنف فى بلاده. ووصل مع عائلته قبل حوالى شهر إلى جنوب لبنان، حيث استأجر منزلا متواضعا جدا فى مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين. فى مستشفى الأقصى داخل عين الحلوة، تروى ريما بكار، زوجة محمد التى أصيبت بانهيار عصبى بعدما علمت بانتحار زوجها، المأساة، "قال لنا إنه ذاهب ليأتى بعشاء للأطفال. وعندما تأخر بحثنا عنه.. لنجده جثة هامدة متدلية من حبل يلف عنقه فى طابق يعلو المنزل الذى نقيم فيه داخل مخيم عين الحلوة". وتذرف ريما دموعا غزيرة، وتتوقف عن الكلام لبعض الوقت، ثم تضيف بصوت يقطعه البكاء "أصيب محمد مؤخرا بإحباط شديد بسبب انعدام سبل الحياة هنا فى المخيم. حاول أن يبحث عن عمل يعيل العائلة، لكنه لم يوفق". ويروى جيران له أنه كان يسأل عن أى عمل، حتى أنه عرض على من يجمعون قطع الحديد والخردة من الشوارع والمنازل أن يساعدهم، لكنه لم يحصل على مصدر رزق. وينحدر محمد ملسى من إدلب فى شمال غرب سوريا، لكنه كان مقيما فى مخيم اليرموك، حيث كان موظفا فى معمل نسيج فى شارع فلسطين. وتقول ريما إن "حالة محمد النفسية ازدادت سوءا بعدما تعذر عليه تأمين إيجار المنزل الذى يسكنه فى المخيم، إضافة إلى تعذر تأمين الحليب لطفلته البالغة ثمانية أشهر والأدوية الخاصة بداء الربو الذى تعانى منه". فى مستشفى الهمشرى فى صيدا الذى تديره جمعية الهلال الأحمر الفلسطينى ونقلت إليه جثة ملسى، لا تزال أثار السلك الحديدى الذى ربطه حول عنقه واضحة. المكان الذى شنق فيه نفسه هو طابق قيد الإنشاء فوق منزله الصغير المؤلف من غرفتين. السلك الحديدى الذى عثر عليه معلقا به لا يزال فى مكانه، بالقرب منه فراش وبطانية وعلبة حديدية كان محمد يستعملها كموقد يضع فيه حطبا ويشعل نارا للتدفئة حين كان ينفث السجائر بعيدا عن طفلته المصابة بالربو.
