منذ أن تقرر انعقاد القمة العربية بشكل سنوى فى 2000 وصار القرار محل التنفيذ فى 2001 بانعقاد قمة عمان، تحولت القمة العربية إلى شىء يشبه «مولد سيدى القمة» كل عام تتجدد الجروح، وتتجدد المناقشات، و«لا» نفاجأ باقتراح أحد القادة أو من دونه، بتأجيل القمة إلى موعد آخر تجنبا للاصطدامات المتوقعة، ثم ترتفع أصوات المعترضين على التأجيل منادين بضرورة عقد القمة فى موعدها لكى لا نرجع إلى «القطيعة»! مع «الأخوة»!. طفح الكيل، وشربنا أكاذيبكم مرة تلو مرة، ولم نعد نحتمل المزيد من الكذب، والمزيد من التمثيل والصراخ. 1 - كذبة الجيش العربى الموحد واتفاقية الدفاع العربى المشترك حلم يراود الكثيرين منا، فى أن نتشارك جميعا فى الدفاع عن أنفسنا تجاه الاعتداءات الخارجية، وهذا ما تقره الأممالمتحدة التى جاء فى ميثاقها بالمادة 51 أن من حق الدول منفردة وجماعة الدفاع عن نفسها ضد الاعتداء الخارجى، وبالفعل تم توقيع «معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادى بين دول الجامعة العربية» فى العام 1950 وانضمت لها جميع الدول الأعضاء فى جامعة الدول العربية، إلا أن هذه الاتفاقية لم تنفذ ولو لمرة واحدة فى تاريخ العرب. 2 - الإرادة العربية الموحدة كثيرا ما نميل إلى استخدام كلمة الموحدة فى حديثنا عن المشكلات العربية، وهذا بالطبع جائز ومقبول، بحكم التقارب الجغرافى والتاريخى، لكن الصف الثانى من القادة، من وزراء خارجية ومتحدثين رسميين، ومساعديهم يستخدمون هذه الكلمة بصورة فجة وفظة، حتى أصبحت «كلاشيه» قديم يستفز الناس أكثر من أن يحمسهم، فماذا تعنى كلمة إرادة عربية موحدة، وهل الدول العربية تريد أن يكون لها إرادة حقيقية، ومن ثم يريدون الاجتماع وتوحيد الإرادات، وهل يحكم العرب إرادتهم أم إرادة حكامهم؟ وهل يحكم القادة إرادتهم هم أنفسهم، أم إرادة مصالحهم الشخصية، وما يتلقونه من تعليمات ممن هم فوقهم، كل هذه الأسئلة المعروفة الإجابة سلفا تضع هذه الكلمة محل الاستهزاء والسخرية، الذى يناسب من يتشدق بهذه الكلمة. 3 - السوق العربية المشتركة منذ إنشاء جامعة الدول العربية سنة 1945 وفكرة السوق العربية المشتركة تستحوذ على اهتمام قادة الدول العربية «إعلاميا فقط» وما من «قمة» إلا وناقشت هذه الفكرة وبحثت فى كيفية تطبيقها، ما يجعل الحديث حول هذه السوق محض هراء. 4 - كذبة العملة العربية الموحدة طبعا ما دامت فكرة السوق العربية المشتركة اختصرها القادة على تشكيل اللجان العربية المشتركة، ففكرة العملة العربية الموحدة لا تتعدى خطوات تنفيذها إلى الكلام عنها. 5 - كذبة الموقف الموحد. أمام كل مشكلة من المشاكل الدولية، أو العربية الخارجية، أو العربية العربية، ينادى الحكام والقادة بضرورة تشكيل موقف عربى موحد، أو الامتثال للموقف العربى الموحد، وفى الحقيقة لا يوجد شىء اسمه «موقف» ولا يوجد شىء اسمه «عربى» وبالطبع لا يوجد شىء اسمه موحد، فكل حاكم يرى أنه يجب أن يكون موقفه الشخصى هو الموقف العربى الموحد. 6 - العلاقات بإيران بحكم أن لإيران عرقا مختلفا عن العرق العربى الذى يجاهدون فى إثبات أنه «واحد» ولا يمتلكون الأدلة العلمية التى تثبت هذا بل على العكس كل الأدلة تقول أن العرب أعراق شتى، وبحكم أن لإيران لغة أخرى غير اللغة العربية، وبحكم أن لإيران مذهبا مختلفا عن مذهب الجماعة «الذى لم يتم تعريفه حتى الآن» بناء على هذه الركائز الأساسية وغيرها الفرعية، يحلو للكثيرين أن ينظروا لإيران على اعتبار أنها «العدو»، وبالتالى من يقومون بالتطبيع معها يصبحون من المندسين المخربين، وبهذا يتم استخدام إيران وتستخدمنا إيران بطريقة مبتذلة، ما يجعل الحديث عن «الموقف» من إيران مثيرا للضحك. 7 - كذبة الأمة العربية وطن واحد يقولون البلاد العربية وطن واحد، وإننا أمة واحدة، وأننا أشقاء، نظرة واحدة على مطارات الدول العربية تكفى للحكم على هذه المقولات العنترية الجوفاء، فيكفى أن تكون عربيا وتزور بلدا عربيا آخر لتعرف أنه من المستحيل أن تدخله دون تأشيرة دخول، مع موافقة الجهات الأمنية هنا وهناك، والغريب أن المصرى مثلاً يستطيع أن يدخل إلى ماليزيا دون تأشيرة دخول، ولا يستطيع أن يدخل إلى قطر أو الكويت إلا بها, هيا بنا نصالح، لأن الصلح خير قوم نتصالح، هذا هو شعار أى محاولة للصلح بين الأخوة والأشقاء العرب، وتبدأ محاولات الصلح بمبادرة طيبة من أحد القادة للتوفيق بين قائدين آخرين أو أكثر، ويجلس الأشقاء، أو يغيبون، وفى كلتا الحالتين المحصلة واحدة، فلو غابوا تظل المعارك الظاهرة والباطنة، وإن جلس الأشقاء تحابوا إكراما للأخ مطلق المبادرة، لكى لا يكسروا بخاطره، ويقوم الأخوة كل واحد يبوس دماغ أخوه، وصافى يا لبن حليب يا قشطة، وما أن يرجع القادة الكبار حتى تظهر المشكلات الكبيرة إلى الواقع مرة أخرى. 8 - كذبة البترول العربى (يستخدمه العرب لمعايرة بعضهم ولم يسهم فعليا إلا فى تأجيج حروبهم الداخلية) منذ أن تم اكتشاف البترول فى الأراضى العربية، ونحن نسمع هذه الكلمة، والحقيقة هذا الاكتشاف لم يستخدم بما يطابق هذا الوصف «البترول العربى» إلا قبيل حرب أكتوبر، بمنع تصديره إلى الدول التى تساعد إسرائيل، فاستفاد بهذا المنع الدول التى منعت لأنها عوضت خسائرها بمنعه بفارق ارتفاع الأسعار التى وصلت إلى أضعاف ما كانت عليه قبل المنع، كما أن هناك من يقول إن هناك العديد من الدول العربية التى حرضت أمريكا وإسرائيل على شن الحرب على مصر فى 1967، ومنذ استخدام البترول العربى فى هذا الموقف ولا يكف الأخوة العرب عن معايرة مصر به، خلاف ذلك فإن هذه اللفظة منذ ما يقرب من 35 عاما تستخدم من باب الاستهلاك المحلى، وإن ساهم البترول فى شىء فإن هذا الشىء بالطبع هو الاحتقان بين الدول العربية، الذى وصل إلى حد التقاتل والاحتلال كما فى حالة العراق والكويت. 9 - كذبة الأمن القومى العربى لأن البلاد المنضمة لجامعة الدول العربية ممتدة من المحيط إلى الخليج، فمن الطبيعى أن يكون لها دول جوار تهدد أمنها، ولذلك يفاجئنا الحكام بأهمية الأمن القومى العربى، ومن ثم فجنوب السودان يهدد الأمن القومى العربى، وإيران تهدد الأمن القومى العربى، وإسرائيل تهدد الأمن القومى العربى، والهجرات تهدد الأمن القومى العربى، حتى صار الأمن القومى العربى مهددا حتى من الأمن القومى العربى، ولا أحد يعرف كيف نحافظ على الأمن القومى العربى، وكيف نؤمنه، وهل بالفعل يوجد شىء اسمه الأمن القومى العربى أم أن هناك أمن «دول» عربية يجب مساندتها بالكذبات الأخرى سابقة الذكر. 10 - كذبة القرار العربى (على من يجده أن يتصل على تليفون وكالات الأنباء العربية) من الأمنيات صعبة المنال هذا الذى يسمى بالقرار العربى، فنرجو ممن يذكر هذا الأمنية أن يشاور لنا على هذا القرار الذى اختفى فى ظروف غامضة، أو أن يصدروا قرار بالبحث عن القرار، لعل هذا يكون أول قرار وبذلك يتحقق الحلم بالوصول إلى قرار دون الوصول للقرار. 11 - كذبة المصالح العربية سؤال مباشر وصريح ولا يحتمل اللف ولا الدوران، هل هنالك ما يسمى بالمصالح العربية، أم أن هناك فقط مصالح دول، تتنازع مع مصالح دول أخرى يعقبها استغلال من دول ثالثة، وانتفاع من دول رابعة، وخسارة من كل الدول؟ فقط سؤال.. وأعرف أنه لا يوجد قائد عربى واحد يمتلك شجاعة الإجابة عليه. 12 - كذبة القمة العربية لكل قمة قاع، ولكل قاع قمة، إلا القمة العربية التى تعتبر الوحيدة من نوعها التى تنفرد بأنها قمة بلا قاع، وذلك لأن أغلب الحكومات والرؤوس الحاكمة أتت إلى مواقعها بطريقة غير شرعية، إما بتزوير الانتخابات أو بانقلابات، أو بالوراثة التى لم تعد تناسب أى شعب يعى ويفهم مصالحه وأولوياته، ولهذا كل القمم العربية باطلة، وفاقدة الأهلية. 13 - كذبة جامعة الدول العربية ( وكفى بها كذبة) حادثة شهيرة وقعت أثناء عرض الراحل عبد الرحمن عزام أول رئيس لجامعة الدول العربية فكرة إنشاء جامعة الدول العربية، فذهب إلى الملك عبد العزيز ملك السعودية لعرض الفكرة عليه، فاستقبله عبد العزيز وسمع منه، وبعد أن تركه استهزأ به قائلا: الفراعنة يريدون أن يكونوا رؤساء للعرب، هذه الجملة وحدها تكفى لنعرف أن الأساس الذى تم على أثره بناء هيكل جامعة الدول العربية أساس خاو، لا يستند إلى ما يدعمه ويقومه ما دامت هذه النظرة العرقية والقبلية والعنصرية هى التى تتحكم فى عقول قادة الدول العربية، وبالطبع ليس المراد من هذا الطرح هو تفكيك جامعة الدول العربية، ولكن على الأقل إعادة النظر فى وضعها الحالى، أى أننا بحاجة إلى عقد اجتماع عربى جديد. لمعلوماتك... ◄2001 تم الاجماع على دورية القمة