سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ملتقى الحوار للتنمية ينتقد خطاب الرئيس فى احتفالات أكتوبر.. العفوية والارتجال أفقدت الخطاب صفة الدولة.. وبيانات إنجازاته خلال 100يوم غير دقيقة.. أسلوبه لم يختلف كثيرًا عما كان رئيسًا"للحرية والعدالة"
أعد المرصد الإعلامى لمؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان تقريرًا له اليوم، الثلاثاء، حول تحليل مضمون خطاب الرئيس محمد مرسى بمناسبة الاحتفال بالذكرى ال39 لانتصارات أكتوبر المجيدة، وألقاه بحضور أكثر من 80 ألف فرد من جماعة الإخوان المسلمين. وإيماناً من الملتقى بقلة الاهتمام بدراسة مضامين الرسائل الإعلامية، والذى ارتبط بنشأة تخصص الإعلام فى إطار الوضعية والسلوكية، إلا أن الرسائل فى النصوص الإعلامية لم تحظ فعليا بالاهتمام الأول فى مجال بحوث الإعلام خلال الخمس عشرة إلى العشرين سنة الأخيرة. وكشف المرصد من خلال استخدام منهج المسح الإعلامى ترديد عبارة: "ثوار أحرار هنكمل المشوار" للتعبير عن أنه مستمر فى تحقيق أهداف الثورة وبدا هذا ليس فى ندائه الحماسى المتكرر لهذه العبارة، وإنما فى ارتدائه لبدلة دون رباط عنق وتحركه من وقت لآخر على المنصة. سجل المرصد تكرار الدكتور محمد مرسى سبع مرات تقديره وشكره لجهود القوات المسلحة مستخدما لفظ "الجيش" أربع مرات على الأقل ولفظ القوات المسلحة ثلاث مرات من أجل توصيل رسالة وهى تأكيده على احترام المؤسسة العسكرية وتقديره لها. وتابع الرصد ذكر كلمة النهضة أكثر من ثلاث مرات للتأكيد على عنوان مشروعه المستقبلى للبلاد، وذكر العدالة الاجتماعية كأحد أهم أهداف الثورة ولكنه لم يذكر كيفية تحقيقها على أرض الواقع، وأكد أن مصر لديها موارد كثيرة أهدرت بالفساد، ولكنه لم يوضح لنا كيفية وآليات القضاء على الفساد وجلب الوارد المالية لموازنة الدولة. وانتقد الرصد عدم دقة البيانات التى قالها الرئيس مرسى عن إنجازاته خلال المائة يوم فى مجالات القمامة والبنزين والسولار والأمن والمرور بشكل من التفصيل، وهو ما أثار الاستياء الأعم ضده، وهو أمر يعيدنا إلى سياسة الرئيس السابق حسنى مبارك، حينما كان يقرأ الأرقام الحكومية، التى تكتب له وقد تكون أرقامًا غير حقيقية، حتى يبث الطمأنينة بالكذب فى قلوب المصريين. وسجل الرصد أن معالجة الرئيس محمد مرسى للقضايا والأزمات المجتمعية بدت فى خطابه بمناسبة انتصارات 6 أكتوبر مهترئة وسطحية وغير متعمقة على الإطلاق، وظهر على أنه يدير الأزمة، التى تعيشها البلاد ولم يقدم حلولا واقعية قابلة للتنفيذ على أرض الواقع. وهذا ما بدا فى تضمين خطابه لعدد من الأرقام الحكومية من الوزارات المختلفة على طريقة الرئيس السابق حسنى مبارك من أجل الاستقراء بأرقام أمام الشعب المنتظر الكثير من الرئيس المدنى الأول المنتخب بعد ثورة 25 يناير. انتقد الرصد أيضا اللافتة الكبيرة التى وضعتها جماعة الإخوان فى منتصف مدرجات إستاد القاهرة حيث خطاب الرئيس.. وتابع الرصد حول الأرقام التى أكد الخبراء الاقتصاديون بأنها غير صحيحة على الإطلاق، وأنه بذلك يسير فى مسلك سلفه الرئيس السابق مبارك فى إظهار أن الأمور فى البلاد على ما يرام ولا توجد هناك مشكلة على الإطلاق.. وكشف الرصد أن الأرقام، التى منحها الرئيس لنفسه غير دقيقة على الإطلاق ولا تنتمى للحقيقة العلمية ولا الواقع بصلة، فما قاله غير علمى على الإطلاق، بالإضافة إلى أن الرأى العام قد كشف زيف وخداع عدد من مراكز استطلاع الرأى العام مثل مركز الاستطلاعات التابع لمجلس الوزراء، الذى يعطى أرقاما إحصائية غير صحيحة لتلميع وتجميل وجه النظام السابق والحالى. يتسم تحليل الخطاب بوجود عدد من أساليب الإقناع التى يعتمد عليها فى الموضوعات، وفى هذا التحليل فقد اعتمد الرئيس محمد مرسى فى خطابه على عدد من أساليب الإقناع مثل عرض بعض الأدلة والبراهين، وعرض وتقديم الخدمات للجمهور وتقديم وعود ومقترحات فى المستقبل القريب. وجنح الرئيس مرسى إلى استخدام ثلاثة أساليب فى خطابه، فقد اعتمد على إظهار الأرقام والإحصاءات فى خطابه، حيث إن لغة الأرقام فيما يتعلق بأزمة الوقود والمرور والأمن والقروض والفائدة والبدلات وغيرها، دائمًا ما تكون لدى البعض من المواطنين من الأميين وأنصاف المتعلمين وأصحاب الأمية لها دلالة. وتابع الرصد جنح الدكتور مرسى إلى استخدام اللغة العربية الفصحى تارة فى مواضع واللغة العامية فى مواضع أخرى، وهو ما يشير إلى اهتمامه بالنزول إلى مستوى المواطن العادى حتى يصل إليه ويقنعه بما يقول تمامًا، وفى نفس الوقت استخدم الفصحى لإظهار براعته وتمكنه منها ولكى تصل إلى شريحة معينة من المثقفين من المعارضين له. واستطرد الرصد استخدم الرئيس مرسى اللغة العامية فى بعض كلماته، حينما قال عن الموازنة العامة للدولة:"إنها تقسم إلى أربعة تربع، ربع للدعم وربع لفوائد الديون وربع للأجور ومرتبات الموظفين والربع الباقى للأنشطة وخدمات الدولة ثم تحدث الفصحى بعدها فى حديثه عن قرض صندوق النقد الدولى قائلا: "هل القرض ربا؟ وبالملاحظ لسياسة مرسى فى مدلول هذا الكلام نجده يشبه تمامًا ما كان يقوله الرئيس السابق حسنى مبارك فيما يتعلق بالقروض الخارجية، وأنه لا يمكن لأى دولة أن تفرض إرادتها علينا حتى لو كانت أمريكا ثم يتبع ذلك بتصفيق حار وحاد من قبل ما يطلق عليهم "المرتزقة والهتيفة والمطبلاتية". ولاحظ الرصد افتقاد خطاب الرئيس مرسى فى هذه المناسبة الهامة للدولة ليس فقط بسبب العفوية والارتجال والاسترسال فى الكلام دون القراءة من ورقة، كما هو معتاد فى خطابات رؤساء الدول، حتى يكون مسئولا عن كل كلمة فى الخطاب، وحتى لا يدين نفسه– كما فعل مرسى تمامًا فى هذا الخطاب – ولا بسبب تغليف كلامه بألفات مثل أبائى وآيات من القرآن الكريم، وإنما بسبب كون الطريقة التى كان يلقى بها الخطاب أشبه بمؤتمر انتخابى للإخوان المسلمين وليس رئيسًا لدولة يخاطب فيها كل المصريين لأنه يفتقد أى رؤية إستراتيجية فى معالجة مشكلات المجتمع كله، ومن ثم ليس لديه قابلية لتنفيذ ما وعد به فى برنامجه الانتخابى أو الجدية فى ذلك، بالرغم من ذلك فقد أعطى لنفسه نسبة نجاح تقدر 65% خلال المائة يوم الأولى لحكمه، وهذا تقدير مقبول، كما فى الجامعات المصرية! وسجل الرصد كلمات قام الرئيس مرسى بالإكثار من استخدامها طوال خطابه الذى استمر أكثر من ساعتين، على غير عادة خطابات الرؤساء المصريين قبل ذلك فمثلا كلمة "يا أحباب" كان كثيرا ما يستخدمها ويوجهها للجمهور من الحاضرين، بعد أن كان يقول فى خطاباته الأولى "إخوانى وعشيرتى"، وأيها المصريون، والأمن المصرى والعربى، يا أبناء مصر، إخوانى وأخواتى، والعدالة الاجتماعية، لكنه لم يذكر كثيراً الحرية الإعلامية والرأى الذى يتعرض للخطر والتكميم منذ مجىء مرسى على سدة الحكم، كما فى مناشدته لجميع العاملين بالدولة وأصحاب الحرف والمهن بالتعاون من أجل تحقيق الإرادة المنشودة التى تحقق الاكتفاء والاعتماد على النفس من خلال التوحد حول خطة شاملة ورؤية واضحة، داعيًا فى الوقت ذاته أبناء مصر جميعا إلى التفاؤل بمستقبل عظيم لمصر، وبعض الأدعية مثل دعائه: "فاللهم ألف بين قلوبنا وأصلح ذات بيننا ودبر لنا يا رب، فإننا عبيدك لا نحسن التدبير". وكشف الرصد اعتماد الرئيس محمد مرسى فى عرضه للأرقام والإحصاءات أثناء خطابه على مصادر واحدة تقريبا تتمثل فى الوزارات الحكومية مثل وزارة البترول والداخلية ومجلس الوزراء وبعض الإحصاءات والأرقام الصادرة عن جماعة الإخوان المسلمين، الذراع السياسية للحزب الحاكم للبلاد، حزب الحرية والعدالة، وبعض المراكز التى تعمل فى مجال الرأى العام، والتى تصنع له رأيا عاما متوافقا مع سياسته وسياسة الإخوان المسلمين، ولم يتطرق إلى بعض المراكز الأخرى التى تتسم بالحيادية مثل تقارير جهاز المحاسبات، وهو جهاز حكومى وتقارير مركز الأهرام للدراسات، ومراكز الأبحاث فى الجامعات والتقارير الدولية الخارجية. وسجل الرصد غلبه الطابع الحماسى على خطاب الدكتور محمد مرسى، كما فى خطاباته الأربعة السابقة، لكن كانت هناك بوادر لهجة تصالحية لم تكن واضحة بالقدر الكافى ولم تطمئن كثيرا من الشرائح المجتمعية للرئيس الجديد، ولكنه فى النهاية يبقى مجرد كلام، وبالرغم الطبيعة الجديدة للخطابات الرئاسية التى يؤسس لها مرسى فإنه لا يزال يستخدم ذات النبرة الحماسية والمفردات التى يستخدمها قادة جماعة الإخوان المسلمين، بينما يحتاج المصريون من رئيسهم إعلاء دولة القانون وسيادته، وهو ما مر عليه مرسى سريعًا فى خطابه دون تأكيد عليه الأمر الذى لم يشعرنا بأنه خطاب لرئيس دولة وإنما خطاب لرئيس حزب سياسى. وكشف الرصد أن ارتداء الرئيس محمد مرسى جاكت من دون رابطة عنق، وهذا له دلالة مهمة فى أنه ملتهب الحماسية عند إلقاء خطابه ويريد أن يبدو أمام الجمهور بالتواضع والبساطة، مع أن الرؤساء السابقين نجيب وجمال والسادات ومبارك كانوا يرتدون ما يعبر عن الشياكة والتمثيل لرمز الدولة أمام الجمهور فى كل مكان وزمان،كما أنه أى الرئيس مرسى اشتهر بفتحة الجاكت فى ميدان التحرير، وفى نفس الوقت يرافقه أكثر من 18 ألف جندى وضابط شرطة ومدرعات وأحيانًا طائرات فى صلاة الجمعة مثلا فى جامع عمرو بن العاص، كما تأخذه الحماسية إلى الابتعاد عن منصة الميكروفون والتحرك المستمر على المنصة ومحاولته الاندماج مع الجمهور، للتعبير عن قربه منهم وعدم تكلفه فى التعامل معهم ورسالة اطمئنان لهم أنه مع الثورة إلى أن تحقق أهدافها. وأضاف الرصد عدم اختلاف أسلوبه وطريقة خطاب الرئيس مرسى كثيرا عما كان وهو مرشح ورئيس لحزب الحرية والعدالة، فحركات اليد للدكتور مرسى كانت كثيرة، وهذا يدل على الاهتمام البالغ بالمستقبل، وعمل ألف حساب له، ظهرت تلك الحركات بشدة عند الحديث عن الشهداء والملفات الاقتصادية المنتظرة، وهى أيضًا تعبر عن رسالة للجمهور المشاهد له بالالتفاف حوله. وسجل الرصد تلاعب الرئيس مرسى بالألفاظ عندما حاول أن يؤكد أن يعمل على تعميق دور مصر واستعادته فى قلب قارة أفريقيا عندما برر سفره المستمر للخارج بالرغم من أنه زار دولة أفريقية واحدة وهى أثيوبيا فقط وباقى سفرياته كانت فى دول أوروبا وأمريكا وآسيا، وكان فى هذا نوع من التلاعب بالألفاظ. وانتقد الرصد الرئيس محمد مرسى، فيما اعتبره أخطأ عندما اتهم المعارضين له بعدم معرفتهم لصلاة الفجر، وأنهم لم يصلوا الفجر على الإطلاق حينما قال بأنه هناك من يقول إن صلاة الجمعة تتكلف 9 ملايين جنيه، وهى تكاليف الحرس والتنقلات والأمن والطائرات، التى تحرسه حتى ينتهى من الصلاة، بالإضافة إلى نفيه أن يكون قد تم إنفاق 188 مليون جنيه فى رحلاته التسع فى ال 11 يومًا، من البدلات والحرس وتكاليف الفنادق والإقامة. كما انتقد الرصد تعليق الرئيس مرسى بأسلوب يفتقد إلى الحصافة والعقلانية، وبشكل متهكم بقوله: "تبقى بكام تكلفة الركعة!، طب وصلاة الفجر اللى أخوانا ميعرفوهاش، وفى هذا اتهام صريح للمعارضين للإخوان بأنهم يجهلون صلاة الفجر ويتركونها ولا يصلونها فى وقتها مثله على حد قوله، وهذه النقطة كانت خطأ فادحًا من قبل الرئيس مرسى قلصت كثيرا من أسهمه لدى الصفوة وشركائه من المعارضين، على حد تعبير الرصد. كما ثار سؤال ظل يتبادر فى أذهان الجميع هو أنه كيف يكرم الرئيس مرسى بطل الحرب والسلام الرئيس الراحل أنور السادات، وفى نفس الوقت يكرم قاتليه ويعفو عنهم فى السجون!