لا تزال تداعيات الهجوم الذى استهدف مقر القنصلية الأمريكية فى مدينة بنغازى الليبية، وأودى بحياة السفير الأمريكى كريس ستفينز إلى جانب ثلاثة أمريكيين آخرين من طاقمه ومدى تأثير ذلك على ملف السياسة الخارجية للرئيس الأمريكى باراك أوباما فى حملته الانتخابية، متصدرة كبريات الصحف الغربية الصادرة اليوم الأحد. وذكرت صحيفة الجارديان البريطانية أن هجوم بنغازى سرعان ما أصبح موضوعا شائكا ربما يؤثر بشكل كبير على مسار الانتخابات الأمريكية الرئاسية المقرر إجراؤها فى شهر نوفمبر المقبل، فى ظل نجاح الجمهوريين فى استغلال الأجواء الضبابية التى تخيم على ملابسات مقتل السفير ستفينز واتهام إدارة الرئيس أوباما بالتستر على تفاصيل هذا الحادث الذى تورط فيه تنظيم القاعدة. وردا على هذا الاتهامات، تناولت الصحيفة - فى سياق تقرير أوردته على موقعها الإلكترونى - تصريحات المسئولين الأمريكيين الذين أكدوا مجددا إدراكهم بتورط إرهابيين فى هجوم بنغازى، بيد أن عدم توفر المعلومات القطعية حول ملابسات الهجوم فتح الباب على مصراعيه للتساؤل، عما إذا كان هذا الهجوم وليد لساعات قليلة بلغت فيها حدة الغضب على بث الفيلم الأمريكى الذى أساء إلى الإسلام ذروتها أم أنه دبر منذ اسابيع أو أشهر ماضية لشنه بالتزامن مع هجمات 11 سبتمبر!!. وطالب أربعة نواب جمهوريين مندوبة الولاياتالمتحدة فى الأممالمتحدة سوزان رايس، فى خطاب بعثوا به إليها فى مطلع الأسبوع الجاري، توضيح بياناتها السابقة حول تسبب التظاهرات العفوية التى اندلعت أمام مقر القنصلية الأمريكية فى بنغازى فى الهجوم على المقر ومقتل السفير ستفينز، معتبرين هذه البيانات تناقض الحقائق المعلنة. وكان رودولف جوليانى الحاكم السابق لولاية نيويورك قد شن انتقادات لاذعة ضد البيت الأبيض بشأن "تستره" على الحقائق ومحاولة إخفائه وقال: "إن هناك محاولات متعمدة للتستر على الحقائق من قبل إدارة لطالما ادعت أنها ستكون الإدارة الأكثر شفافية فى تاريخ الولاياتالمتحدة". ومضت الصحيفة البريطانية فى سرد السجالات السياسية التى تدور بين الديمقراطيين والجمهوريين حول هجوم بنغازى، حيث أشارت إلى إقرار الديمقراطيين بأنه فى حال أثبتت الأدلة أن الهجوم كان مدبرا من قبل فإن ذلك لا ينفى أنه لم يدبر منذ وقت طويل، فى حين زعم الجمهوريون بأن هناك أدلة وبراهين تؤكد أن هذا الهجوم نتج عن مؤامرة حيكت ضد الدبلوماسيين الأمريكيين. من جانبها قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن مسئولين أمريكيين أكدوا تراخى الوضع الأمنى قبيل الهجوم على مقر القنصلية الأمريكية فى بنغازى، مما أودى بحياة السفير الأمريكى كريس ستفينز إلى جانب ثلاثة أمريكيين آخرين من طاقمه. وأضافت الصحيفة، فى سياق تقرير لها أوردته على موقعها الإلكترونى، أن المسئولين الأمريكيين المعنيين بالحفاظ على أمن وسلامة السفير ستفينز استهانوا بالمخاطر التى تحيط بالسفير وبطاقمه ولم يعززوا الوسائل الأمنية بمقر القنصلية لتتوافق مع المعايير الأمنية الصارمة للمقرات الدبلوماسية الأمريكية المتواجدة بالخارج. وأشارت إلى أن الفريق العسكرى الأمريكى الذى تولى مسئولية إحكام الأوضاع الأمنية بمقر السفارة الجديدة فى طرابلس لم يراع المعايير الأمنية المطلوبة خلال بناء مقر القنصلية فى بنغازى، وقام بوضع قوة حراسة صغيرة استقدمتها شركة أمنية بريطانية. وتناولت الصحيفة فى الوقت ذاته التحذيرات التى وجهها مسئول أمنى ليبى للسفير ستفينز وغيره من الدبلوماسيين الغربيين قبل أيام من الهجوم بضرورة الابتعاد عن الأضواء فى بنغازى، بسبب تنامى التهديدات التى ربما تستهدف حياتهم، الأمر الذى دفع عددا من المسئولين الغربيين إلى مغادرة المدينة وقرار الحكومة البريطانية بإغلاق قنصليتها فى بنغازى. وعلى الرغم من هذه التحذيرات ، لفتت الصحيفة إلى أن السفير ستفينز أصر على التوجه إلى بنغازى ومقابلة الزعماء المحليين أملا فى إقامة وجود دبلوماسى قوى فى المدينة التى شهدت اندلاع الثورة ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافى. وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن هذا الحادث قد يعيق مسار الحملة الانتخابية للرئيس أوباما وزاد من احتمالات تحويل ليبيا، الذى تراها واشنطن حليفا قويا لها عقب نجاحها فى إنقاذ نفسها من ويلات حرب أهلية، إلى دولة تأوى المتطرفين.