أكد الدكتور محمد المنسى، خطيب مسجد مصطفى محمود بالمهندسين، أن الأزمة التى تواجهها مصر ليست أزمة موارد ولا أزمة اقتصادية بقدر ما هى أزمة أخلاق وأزمة ضمير وغياب الأمانة والصدق، موضحاً أن تراجع المحبة واستبدالها بالغل والجشع بين المواطنين نتج عنه كل ما يحدث من مشكلات فى المجتمع. وأوضح الدكتور المنسى، وهو أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة، فى خطبته اليوم الجمعة، بعنوان "إقامة المحبة فى المجتمع أساس الاستقرار"، أن المجتمع المتحاب هو المجتمع المنتج والمجتمع المتعاون والمجتمع المعُمر، مشيراً إلى أن المحبة تسبق العدل وإذا كان كل من المحبة والعدل مطلوبين، فالمحبة بديل العدل، والعدل يتم الإلحاح عليه فى المجتمع الذى غابت عنه المحبة. وشدد الدكتور المنسى على أن المحبة لا تكون إلا بإتقان العمل، مستشهدا بقول الرسول، صلى الله عليه وسلم، "إِنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ"، قائلا، هذا الحديث مُوَجّه لأرباب المِهَن، ولأصحاب الصّناعات، ولأصحاب الأعمال، حتى لِمَن يعملُ فى الخدمات العامّة، فالذى يُتقِنُ عملَهُ كبيرٌ فى نظر الناس، فإذا كان مسْلمًا، حتى إن من يتقن الوضوء يتقن الصلاة ومن يتقن الصلاة يتقن كل شىء وهكذا، من أتقَنَ عملهُ، احْتَرَمَه الناس، موضحاً دينُكَ فى إتقان عملك محبّة الله لك فى إتقان عملك، إكبارُ الناس لك فى إتقان عملك، إذا أهْملْتَ عملك وجعلْتهُ من الدرجة الثانية، مضيفا أن إتقان العمل أساس محبة الناس للصانع أو الحرفى أو كل صاحب عمل مهما صغر أو كبر هذا العمل. وأضاف أن العلماء قالوا: مَنْ عمِل عملاً غير مُتقَنٍ على نِيَّة أنَّه إن لم يعْمل بهذه الطريقة ضاعَ مخالف للشرع، ومَنْ يعمل عملاً على مِقدار الأُجرة أيضًا وقع فى مُخالفةٍ كبيرة، إما أن تقبَل، وإما أن لا تقبل، إما أن تقبل بهذه الأُجْرة فَتُقدِّمُ عملاً متقنًا، وإما لا تقبل، عندئذٍ الوِزْرُ يقعُ على غيرك. وذكر أن القناعة أيضا هى من أساس المحبة لأن القناعة استغناء عما فى أيدى الناس ومن استغنى عما فى أيدى الناس أحبه الناس، مضيفا أن الغنى ليس غنى مادياً فقط ولكنه غنى النفس، وهو أكبر وأهم وهى صفة تعد جوهر المحبة، مضيفا أن المحبة تصنع الاحترام أما الاحترام القائم على المهابة والمخافة فليس بدائم لأنه ينتهى بانتهاء المهابة. ونقل الخطيب شعرا للشافعى: رَأَيتُ القَناعَةَ رَأسُ الغِنى.. فَصِرتُ بِأَذيالِها مُتَمَسِّكِ فَلا ذا يَرانى عَلى بابِهِ.. وَلا ذا يَرانى بِهِ مُنهَمِكِ.. فَصِرتُ غَنيّاً بِلا دِرهَمِ أَمُرُّ عَلى الناسِ شِبهَ المَلِكِ. وانتهى الشيخ محمد المنسى إلى أن الأزمة الاقتصادية ليست سبباً فى تردى الأوضاع فى مصر، بل هى نتيجة لغياب الأخلاق وغياب الأمانة، موضحاً أن الأخلاق تعنى المحبة والمحبة تعنى الأمان والأمانة والأمانة تعنى الصدق والإتقان وتعنى زيادة الإنتاج ووفرة فى السوق ونمو ونهضة الاقتصاد.