سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نادى النيابة الإدارية يفتح النار على تصريحات "الغريانى" ويؤكد: أراد إلغاء الهيئات القضائية بما يخالف القانون ويفرض آراءه على باقى أعضاء تأسيسية الدستور ويأخذ موقفاً عدائياً من النيابة الإدارية
أصدر نادى مستشارى النيابة الإدارية، برئاسة المستشار عبد الله قنديل، بياناً رسمياً اعتراضاً فيه على ما جاء على لسان المستشار حسام الغريانى رئيس الجمعية التأسيسية يوم الأربعاء 5 سبتمبر الماضى من الاعتراض على النص على هيئة النيابة الإدارية فى الدستور الجارى إعداده. وأشار النادى، فى بيانه، إلى رفضه لما جاء به المستشار الغريانى عن النيابة الإدارية جملة وتفصيلاً بشأن الحديث عن أن (المشرع استعاض بهيئتى النيابة الإدارية وقضايا الدولة عن القضاء العادى بمناسبة مذبحة القضاء) فإن هذا الكلام يعد تلفيقاً للتاريخ، فالثابت تاريخياً أن هيئة قضايا الدولة قائمة على أرض مصر من عام 1875، والنيابة الإدارية من عام 1954، ومذبحة القضاء وقعت فى عام 1969. ومن ثم يتضح لكل ذى لب وعقل فساد هذا القول، حيث إن مذبحة القضاء لم تقتصر على قضاة المحاكم فقط، بل امتد أثرها واستطال إلى رجال الهيئات القضائية الأخرى، ومنها مجلس الدولة والنيابة الإدارية وقضايا الدولة وأرشيف وزارة العدل ورئاسة الجمهورية، وكل الجهات المختصة المعنية بالأمر توجد بها المستندات التى تؤكد ذلك. وأضافوا أن المستشار الغريانى ينطلق فى حديثه من موقف عدائى للنيابة الإدارية لم يكن وليد الساعة، بل إن هذا الموقف العدائى منذ وقت بعيد سجلته أوراق رسمية، تتمثل فى تقرير سبق له إعداده فى عام 2004 بمناسبة فحص بعض الطعون الانتخابية التى تطعن بالتزوير فى عضوية بعض أعضاء البرلمان فى حينه، وبدلا من أن يتصدى لبحث وفحص التزوير اتجه إلى منحى بعيد كل البعد عن الموضوع محل الفحص، وانتهى على غير سند إلى بطلان الانتخابات فى جمهورية مصر العربية جميعها، مستندا إلى حجج واهية لا تقوم على سند من الواقع أو القانون، مفادها أن النيابة الإدارية وقضايا الدولة قد أشرفتا على الانتخابات، وهما ليستا من الهيئات القضائية. وكيف ينفى عن هاتين الهيئتين الصفة والطبيعة القضائية الثابته لهما بنص القانون المنظم لكل منهما. إذ تنص المادة الأولى من القانون رقم 117/1958 بشأن النيابة الإدارية على أن "النيابة الإدارية هيئة قضائية مستقلة "وتنص المادة الأولى من القانون رقم 10/1986 بشأن قضايا الدولة على أن "هيئة قضايا الدولة هيئة قضائية مستقلة"، وأحيل الأمر للمحكمة الدستورية العليا بطلب تفسير من السيد المستشار وزير العدل بناءً على طلب رئيس الوزراء لبيان مدى تمتع الهيئتين بالصفة والطبيعة القضائية من عدمه. وانتهت المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 2 لسنة 26 ق عليا إلى أن الهيئتين تندرجان فى مصاف الهيئات القضائية فى مصر، بناءً على عدة أسانيد أرتأتها المحكمة من بينها النصين السابقين من القانون المنظم لكل من الهيئتين على النحو السابق بيانه. ووجه نادى مستشارى النيابة الإدارية رسالة إلى المستشار الغريانى، يذكروه فيها بالقاضى محمد غريب، الذى أراد أن يطبق شرع الله تعالى فى الأرض، فقضى فى إحدى القضايا التى كانت منظورة أمامه بشأن جريمة سرقة بقطع يد السارق مع الجلد. فقامت الدنيا ولم تقعد لهذا الحكم إلا بعد أن أحيل هذا القاضى للجنة الصلاحية التى انتهت إلى طرد هذا القاضى من ساحة القضاء، كما انتهت محكمة النقض إلى نقض هذا الحكم الذى أصدره هذا القاضى المحترم. وكان السند فى طرد القاضى ونقض أحكامه أن القاضى تجرّأ وانتهك القانون، بأن جاء بأحكام على خلاف النصوص الصريحة التى تحدد العقوبات الواجب القضاء بها، حيث إن أقوال الغريانى فيها واقعة مشابهة فى مخالفة نص المادتين المنوه عنهما سلفاً من القانون 117/1958 والقانون 10/1986 بشأن النيابة الإدارية وقضايا الدولة على الترتيب. وأضافوا أن القاضى الغريانى يرفض النص على النيابة الإدارية بالدستور، قياساً على مجلس الدولة الذى استقر مركزه الدستورى، معللاً ذلك أن هذا المجلس استقر مركزه الدستورى كهيئة قضائية بالقانون المنظم له قبل وضع الدستور، وهذا غير متحقق للنيابة الإدارية، ولم يحدد أى دستور. ونقول له إن كنت تعنى دستور 1971 الذى كان يحكم البلاد طوال الأعوام الثلاثين السابقة على الثورة فإن هذا القول منك لا يصادف الحقيقة والواقع لأسباب أربعة، حيث إن النيابة الإدارية اكتسبت الصفة القضائية منذ نشأتها حتى مع عدم النص على ذلك، بإسناد مهمة الادعاء التأديبى لها، ومباشرته أمام محاكم مجلس الدولة التى تعد جزءاً من القسم القضائى بالمجلس، ولم ينكر أحد ذلك، كما أن نصوص القانون رقم 82 لسنة 1969 بشأن المجلس الأعلى للهيئات القضائية التى عددت هذه الهيئات القضائية، ومن بينها بالقطع النيابة الإدارية، ورئيسها عضواً بهذا المجلس، ومحاضر لجنة نظام الحكم التى كانت تعد مسودة دستور 1971، والتى تضمنت بيان الهيئات القضائية القائمة وقت وضع هذا الدستور، ومن بينها النيابة الإدارية. والعديد من أحكام المحكمة الدستورية العليا والمحكمة الإدارية العليا ومحكمة النقض التى تناولت فى مدونات أحكامها عبارات صريحة وواضحة تؤكد الطبيعة القضائية للنيابة الإدارية. وهذه الأحكام من الكثرة والتنوع مما لا يمكن معه إيرادها فى هذا الموضع. وإذا كان القاضى الغريانى يرفض النص على النيابة الإدارية بدستور مصر بعد الثورة، وهى هيئة قضائية، ألم يعلم أن الدستور المقترح مسودته الآن يتضمن باباً خاصاً بالأجهزة الرقابية والهيئات المستقلة مثل الجهاز المركزى للمحاسبات وهيئة الرقابة الإدارية وجهاز مكافحة غسيل الأموال وغيرها، ألم يعلم أن الدستور سوف يحقق لهذه الأجهزة والهيئات الاستقلال المالى والإدارى عن كافة سلطات الدولة، ويضمن للعاملين بهذه الأجهزة وتلك الهيئات حصانة عدم القابلية للعزل. وقال نادى مستشارى النيابة الإدارية، إن الواضح لكل من يتابع أحاديث السيد القاضى الغريانى، وخاصة حديث يوم الأربعاء الموافق 5/9/2012 يتبين له بجلاء ووضوح أنه يصر وبكافة الطرق والأساليب على أن يفرض رأيه على أعضاء الجمعية التأسيسية، ومحاولة تبنى اتجاه معين، متناسياً أن هؤلاء الأعضاء هم من يصنعون مستقبل مصر بعد الثورة، وأن موقف الغريانى يمكن تلخيصه فى عبارات بسيطة، أنه نسى بل يتناسى حقيقة واقعة على أرض مصر، وهذه الحقيقة هى قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير 2012. مناشدين فى نهاية بيانهم جميع أعضاء الجمعية التأسيسية ألا يتأثروا بهذه المواقف، ويلتزموا بمعايير التجرد والموضوعية، وهم يرسمون مستقبل مصر العزيزة بعد الثورة المباركة.