- الاخوة والأصدقاء الأعزاء .. - السيدات والسادة .. أرحب بكم جميعا فى شرم الشيخ ، وأعبر عن تقديرى لمشاركتكم فى هذا المؤتمر الدولى الهام .. أتوجه بتحية خاصة لرعاته ورئاسته المشاركة ، وبمشاعر التقدير والاعتزاز للرئيس نيكولا ساركوزى ورئيس الوزراء سيلفيو برلسكونى .. متطلعا لأن يسفر المؤتمر عما نأمله من نتائج إيجابية .. تسهم فى دعم الإقتصاد الفلسطينى من أجل إعادة إعمار " غزة". لقد دعت مصر لهذا المؤتمر تحت هذا العنوان .. تأكيدا لإرتباط إعمار غزة بمجمل الاقتصاد الفلسطينى وضرورة النهوض بأوضاعه .. وتأكيدا لحقيقة أن قطاع " غزة " جزء لايتجزأ من الأراضى المحتلة .. ويشكل - مع الضفة الغربية - مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة .. حلم الشعب الفلسطينى .. وهدف عملية السلام. لقد ألحقت الحرب على غزة أضرارا فادحة بالقطاع .. وأسفرت عن خسائر بشرية ومادية جسيمة .. ونعلم جميعا أن أموال العالم لايمكنها أن تعيد من سقط من الشهداء ، أو أن تعوض الجرحى والمصابين من المدنيين الأبرياء .. لكننا كمجتمع دولى يمكننا أن نفعل الكثير لإعادة إعمار ما تدمر من المرافق والمنشآت والبنية الأساسية والمساكن وغير ذلك من مقومات الحياة . كانت قضية إعادة الإعمار عنصرا أساسيا من عناصر المبادرة المصرية .. لوقف العدوان على غزة وإحتواء تداعياته .. وجاء التجاوب مع الدعوة للمشاركة فى مؤتمرنا اليوم ليعكس التأييد الدولى لهذه المبادرة .. وهو ما نحمل له فى مصر كل الإمتنان والتقدير . لقد جاءت عناصر المبادرة المصرية ككل متكامل ومترابط .. يرتبط بعضها بالبعض الآخر ويكمله .. وينطلق منه ويؤدى إليه . كانت أولويتنا القصوى هى وقف إطلاق النار والعمل على إحترامه وتثبيته .. مع أولوية موازية لدفع مساعدات الإغاثة الإنسانية إلى "غزة"..خلال العمليات العسكرية وبعد توقفها، وتعلمون مابذلته مصر من جهود - تتواصل إلى اليوم - لإدخال المساعدات المصرية والعربية والدولية .. ولإحتواء الوضع الإنسانى المتدهور لأهالى القطاع . والآن .. فإن الأولوية الرئيسية هى التوصل لإتفاق للتهدئة فى غزة بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى .. وبرغم التراجع المؤسف لإسرائيل عما وافقت عليه خلال الجولات العديدة للاتصالات المصرية بين الجانبين .. ورغم تمسكها بربط إتفاق التهدئة بملف تبادل الأسرى .. فإن مصر ماضية فى إتصالاتها مع إسرائيل لتعديل مواقفها .. كى نتوصل لإتفاق للتهدئة فى أسرع وقت . إننى أتطلع لآن تدعم كافة الدول المحبة للسلام جهود مصر لتحقيق التهدئة ، بإعتبارها الحاجة العاجلة والمتطلب الأساسى لإستكمال باقى عناصر المبادرة المصرية .. ولتأمين فتح المعابر من غزة وإليها .. ورفع الحصار عن مواطنيها .. وهو مايرتبط- بالضرورة- بالأولوية الموازية لتحقيق الوفاق الوطنى الفلسطينى ، ضمانا لتسهيل عملية إعادة الإعمار وإدارتها بالسرعة التى يتطلبها الموقف . السيدات والسادة .. إن هذا المؤتمر يشهد مشاركة واسعة النطاق لعدد كبير من الدول المانحة والعديد من مؤسسات التمويل والمنظمات الإقليمية والدولية..نلتقى جميعا حول هدف واحد يمثل التزاما سياسيا وأخلاقيا وإنسانيا .. هو إعادة إعمار "غزة" . وتحقيقا لهذا الهدف .. فإننى أتوجه إليكم بنداء من القلب ، لإعلان تعهدات ملموسة لمساهمات التمويل خلال هذا المؤتمر. لقد هزت مأساة غزة ضمير العالم .. وهناك العديد من التقارير الدولية المحايدة .. من البرناج الإنمائى للأمم المتحدة .. ووكالة (اونروا) .. والبنك الدولى .. والمفوضية الأوروبية فضلا عن الوثيقة الهامة التى أعدتها السلطة الوطنية الفلسطينية .. توضح جميعها مدى ما لحق بالقطاع من تدمير هائل .. وتحدد الموارد المالية اللازمة لإعادة البناء والإعمار. تطرح هذه التقارير إحتياجات إعادة تأهيل قطاعات الكهرباء ومياه الشرب والصرف الصحى والمنشآت التعليمية ووحدات الرعاية الصحية والمساكن .. وكلها إحتياجات عاجلة لا تحتمل التأجيل ولابد من الإسراع بالوفاء بها وفق أولويات واضحة فى الأجل القصير والمتوسط ودون إبطاء . إننى على ثقة من توافر الإرادة السياسية على المستويين العربى والدولى لحشد الموارد المالية اللازمة لإعادة الإعمار..ونعلم جميعا أن أخى الملك عبدالله بن عبدالعزيز ، أعلن بالفعل عن مساهمة سخية مقدارها (مليار) دولار من المملكة العربية السعودية يمكن أن تمثل نواة صلبة لتعبئة المساهمات العربية والدولية المطلوبة لإعادة إعمار غزة. إلا أن نجاح عملية إعادة إلاعمار لايعتمد فقط على تعبئة أكبر قدر ممكن من التمويل والمساعدات وإنما يظل رهنا بعدد من الإعتبارات الهامة أوجزها فيما يلى .. أولا : سرعة التوصل لإتفاق للتهدئة بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى ، بما يضمن فتح المعابر أمام مستلزمات البناء وإعادة الإعمار .. وضرورة إلتزام الجانبين بهذا الإتفاق .. فإغلاق المعابر يعيدنا للمربع الأول .. ويضع عملية إعادة الإعمار فى مهب الريح . ثانيا : تحقيق المصالحة بين السلطة الفلسطينية والفصائل ، وتشكيل حكومة وفاق وطنى .. تتولى الإشراف على إعادة الإعمار بالتنسيق الفلسطينى فى غزة.. لا تتعامل مع مواردها المالية كغنائم حرب .. وتنأى بها عن الفصائل . ثالثا : الإتفاق على آلية دولية تحظى بثقة المانحين ، تتولى تلقى مساهماتهم .. وتوجهها لعملية إعادة الإعمار .. فى إطار من الشفافية والمحاسبة. رابعا : تفعيل دور الأممالمتحدة كمظلة لجهود إعادة الإعمار ، وتحقيق التنسيق بين وكالاتها ذات الصلة ، وتعزيز دور وكالة (أونروا) على وجه الخصوص . خامسا : متابعة نتائج مؤتمرنا اليوم ، والوفاء بما سيشهده من تعهدات ومساهمات الدول والمؤسسات المانحة .. ونحن نعول فى ذلك على اللجنة الدولية لتنسيق المساعدات (إيه.إتش.إل.سى ) ، ونحمل لرئاستها النرويجية كل التقدير والإشادة . السيدات والسادة .. إن العدوان على غزة - رغم جسامته وخطورة تداعياته - لا يجب أن يصرف أنظارنا عن جوهر القضية الفلسطينية .. فهى قضية شعب يعانى النكبات والمحن منذ ستين عاما.. ويتطلع لإنهاء الإحتلال وإقامة دولته المستقلة. لقد كشف العدوان على غزة هشاشة الوضع فى الشرق الأوسط وخطورته .. فى غياب سلام عادل .. وجهود دولية تراوح مكانها لسنوات طويلة .. ما بين التقدم والتراجع والنجاح والإخفاق ووعود لا تتحقق وآمال تلوح فى الأفق سرعان ماتنحسر .. لتفسح الطريق لمزيد من اليأس والغضب والإحباط . إن الشعب الفلسطينى والعالمين العربى والإسلامى لا يحتملون المزيد من إنتظار سلام لايجيىء .. والوضع فى منطقة الشرق الأوسط بات منذرا بالخطر والإنفجار أكثر من أى وقت مضى .. ما بين تطرف متصاعد يغذيه تأخر السلام وقوى إقليمية تسعى لجر المنطقة لحافة الهاوية .. ولمواجهات عسكرية تقوض الأمل فى التوصل إليه . إن إعادة إعمار غزة لن تكون نهاية المطاف .. وسيظل السلام العادل الضمانة الحقيقية لعدم تدمير مانعيد بناءه وإعماره .. وستبقى هذه المنطقة ساحة لحلقات مفرغة من العنف والعنف المضاد .. تلقى بتداعياتها على السلم والأمن الإقليمى والدولى . إننى ألمس فى إتصالاتى بقادة العالم زخما جديدا فى جهود السلام .. وتطلعا لأن يكون العام الحالى عام التسوية السلمية على المسار الفلسطينى .. وإننى آمل مخلصا أن نحافظ على هذا الزخم وندفع به إلى الأمام.. وصولا لسلام عادل وشامل بمنطقة الشرق الأوسط .. يطوى ملف الصراع العربى الإسرائيلى .. ويفتح الطريق أمام سلام وأمن وإستقرار المنطقة .. وللتعايش والتعاون بين دولها وشعوبها . نعلم من دروس التاريخ أن القوة المسلحة - مهما عظمت - لا تقضى على المقاومة والحقوق المشروعة للشعوب .. ونعلم جميعا أن الإحتلال مصيره إلى زوال. لدينا الآن إدارة أمريكية جديدة .. ندعوها لتفعيل تحرك (الرباعبة الدولية) نحو السلام . وسوف تتشكل حكومة إسرائيلية جديدة .. ندعوها للتجاوب الجاد مع المبادرة العربية ، فأمن شعب إسرائيل لايحققه سوى السلام العادل. وأقول لكم بكل الصدق .. أن الحديث عن دعم الإقتصاد الفلسطينى وتحسين أوضاع الفلسطينيين .. لا ينبغى أن يكون بديلا عن الأفق السياسى لعملية السلام .. والتسوية القائمة على مفهوم الدولتين . وأقول .. إن الشعب الفلسطينى يحتاج لمساعدات الإغاثة وأموال إعادة الإعمار .. لكنه يظل فى حاجة أشد لمساندة سياسية جادة ومواقف شجاعة .. توقف الإستيطان .. تعى حقوقه ومعاناته وتطلعاته.. وتقرن الحديث عن السلام بجهود صادقة وعاجلة ..تحققه وترسى دعائمه. أرحب بكم مجددا .. وأتمنى لهذا المؤتمر كل النجاح والتوفيق . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته