تحت عنوان "تراجع النفوذ الأمريكى فى مصر"، تحدث ستيفين كوك، الخبير بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكية عن المعضلات، التى تواجه الولاياتالمتحدة فى مصر بين رغبتها فى حماية مصالحها، ودفع التقدم نحو الديمقراطية فى البلاد. ويقول كوك، إنه عندما أعلن الرئيس محمد مرسى، أن من واجبه تحرير الشيخ عمر عبد الرحمن، المتهم بتخطيط حادث إرهابى، والمسجون على إثره فى الولاياتالمتحدة، لم تكن تلك بداية مبشرة للعلاقات بين الولاياتالمتحدة ومصر "الجديدة"، حيث أعرب الكونجرس الأمريكى وقتها، وخاصة نواب من منطقة مدينة نيويورك عن غضبهم. ونقل كوك عن محللين أمريكيين فى شئون مصر والشرق الأوسط، إن مرسى ضعيف، ويحتاج إلى تأمين قاعدته ويلعب على مشاعر الرأى العام لترسيخ سلطته، وهو لا ينوى متابعة الإفراج عن عبد الرحمن من السجون الفيدرالية الأمريكية، وستخدمه واشنطن بشكل أفضل لو تجاهلت ما يبدو أنه خطوة سياسية محسوبة، وأن هناك قضايا ملحة فى العلاقات المصرية الأمريكية أكثر من قضية الشيخ المريض. ويرى "كوك" أن هذا التحليل تحليل دقيق لمرسى، لكنه يتجنب التغيير الرئيسى الذى حدث فى مصر منذ الثورة، فكان بإمكان حسنى مبارك أن يتجاهل الرأى العام إلى حد كبير لأن المصريين لم يكن لديهم الآلية لمساءلة مواطنيهم، ولكنهم يملكون الآن، فالقادة الحاليون وفى المستقبل الذين سيتجاهلون مشاعر الرأى العام سيكون ذلك على مسئولياتهم الخاصة. وأضاف "كوك" أن النتيجة بالنسبة للولايات المتحدة ستكون علاقة متغيرة إلى حد كبير مع مصر، فالتحالف والشراكة الاستراتيجية فى تحقيق السلام العربى- الإسرائيلى ستكون فى أفضل الأحوال أكثر صعوبة فى إداراتها، وفى أسوأها، فإن هذا التعاون سينتهى تمامًا. وعلى الرغم من أن بعض المحللين سارعوا إلى الادعاء بأن التحول القادم فى العلاقة المصرية الأمريكية سببه موقف الإخوان المسلمين المعادى لأمريكا منذ أمد طويل، إلا أن الأكثر دقة هو أنه نتيجة سياسة وانعكاس للرأى العام المصرى، وعندما تنفتح السياسة المصرية، ستكتشف واشنطن أن القاهرة طوال الوقت ستكوت أقل استعدادًا لدعم الأهداف والمصالح الأمريكية فى الشرق الأوسط. ويتابع كوك قائلا: إنه على الرغم من أن المصريين منذ الثورة يركزون بشكل أكبر على السياسة الداخلية، إلا أن الولاياتالمتحدة وبالتبعية إسرائيل كانت عوامل مهمة وسلبية بشكل عام فى السياسة المصرية، ورغم أن ثورة يناير لم تكن تتعلق بالولاياتالمتحدة إلا أنها تتعلق بالتمكين الوطنى. وأكد "كوك"أنه حتى انتخاب مرسى الشهر الماضى، كانت سياسة الولاياتالمتحدة طموحة بأن تصبح مصر ديمقراطية، أكثر من أن تكون سياسة فعلية، إلى حد أن واشنطن لديها سياسة إزاء مصر أكثر ديمقراطية، لكن مع أمل الحفاظ على مصالحها، مشيراً إلى أنه من غير الواضح كيف ستقوم واشطن بتأمين هذه المصالح، فالسياسة الأمريكية استندت إلى اتفاق مع مبارك والجيش، وهو ما تعارض مع رغبة واشنطن المذكورة فى رؤية الديمقراطية تتأصل على ضفاف النيل.. ولو انتهجت واشنطن نهجا مماثلا الآن، فإنها ستعتمد على الجيش فقط لتحقيق أهدافها، وهو ما سيجعلها مرة أخرى عاملا مهما ولكن سلبيا بشكل أساسى فى السياسة المصرية. وختم كوك مقاله قائلا، إنه بقدر ما تأمل واشنطن أن تدبر أمرها خلال المرحلة الانتقالية الطويلة فى مصر مع الحفاظ على مصالحها، فإن الموقف الأمريكى فى القاهرة سيتغير وسيتلاشى، وأى اتفاق جانبى من قبيل أن تتولى الحكومة المدنية إدارة شئون مصر فى حين يتولى الجيش حماية المصالح الإستراتيجية الأمريكية لن يكون ممكنا، ويجب على واشنطن أن تتماشى بشكل كامل مع مصر جديدة وربما ديمقراطية.