كثر الحديث فى الآونة الأخيرة عن الدولة العميقة وهى التى تحاول بكل مؤسساتها مقاومة أى تغيير فى هياكلها أو نظامها، مهما كانت فساداً والتى جبلت عليه لسنوات طوال، وهو بالتأكيد ما قاست منه الثورة المصرية ومازالت. شكلت الدولة العميقة آداة لتصبح الدولة المعيقة للثورة المصرية الواعدة لتعيق عملية تحول البلاد من عهد الظلم والاستبداد والديكتاتورية إلى عهد العدل والحرية والديمقراطية. وحديثنا عن الدولة العريقة والذى تمثلت فى مظاهر عاشتها الدولة المصرية الممتدة جذورها لآلاف السنين من عمر هذا الكون، لتحيط أغصانها بنا إلى أن أثمرت فى 30 يونيو وهو ذلك اليوم المشهود لموعد استحقاق تسليم السلطة من المجلس العسكرى إلى أول رئيس مدنى منتخب فى عمر الدولة المصرية على امتداد جذورها. بعد قيام ثورة يناير وانهيار نظام المخلوع الفاسد الذى أساء إلى مصر طوال الثلاثينية السوداء لعصره كان ذلك كفيلاً بأن تنهار أى دولة غير أنه لولا رعاية الله ثم وجود مقومات الدولة العريقة والذى تمثلت فى بقاء ركنين أصيلين هما المؤسسة العسكرية والقضاء، ليحافظا معاً على قوام تلك الدولة فى ظل رغبة المصريين فى الحفاظ على دولتهم. ساهمت المؤسستين فى إجراء انتخابات نزيهة عكست إرادة الشعب المصرى فنتج عنه ميلاد مؤسستين آخريين هما مجلسى الشعب والشورى بصرف النظر عن قرار حلً الأول، ثم جرت انتخابات الرئاسة بجولتيها لتضرب أروع مثالاً لتقدم ورقى الشعب المصرى لتحدد إرادته بعد إرادة الله أول رئيس مصرى مدنى منتخب. ثم كانت عملية تسليم السلطة من المجلس العسكرى الذى أوفى بوعده إلى الرئيس المنتخب، ليستعرض بأدائه للقسم الذى أداه كل أركان الدولة المصرية العريقة من التحرير إلى الدستورية العليا إلى مجلسى الشعب والشورى إلى رمزية جامعة القاهرة ومن قبلها الأزهر. يؤكد الزمان فى كل أحداثه أن الله كفل الأمن والحماية لمصر فى آيات كثيرة من كتابه العزيز، ليقدر لها عهداً ومستقبلاً رائداً هى أهل له ولكن من حكمها كان لا يعرف قدرها.