مصلحة سك العملة أسندت عملية إنشاء مصنع لإنتاج لوحات السيارات ب200 مليون جنيه، يمكن أن يكون ذلك خبرا عاديا لو تم بالطرق المعروفة، لكن غير العادى أن يتم إسناد عملية بهذا الحجم بالأمر المباشر وبدون مناقصة حسبما ينص القانون، هذا مافعلته مصلحة سك العملة بوزارة المالية، فى تصرف يثير أسئلة، خاصة أن مصلحة سك العملة نفسها أرست عملية توريد 214 عملة معدنية على شركة بريطانية بالرغم من أن تحاليل وتقارير هيئات مصرية كشفت أن إنتاج الشركة ليس على المستوى المطلوب.. كل هذه التصرفات من مصلحة سك العملة تفتح الباب لتساؤلات وتثير ريبا ومخاوف من أن تكون هناك أياد خفية تعبث لأغراض خاصة فى مثل هذه العمليات التى تتم بأموال عامة يفترض أنها تخضع لرقابة الأجهزة المختصة، ولا نعرف ما هو موقف الأجهزة الرقابية من مثل هذه التصرفات فى مصلحة مهمة، القصة بدأت منذ عام تقريبا ففى مارس الماضى أعلنت وزارة الداخلية عن إنشاء مصنع لإنتاج لوحات السيارات غير القابلة للتزوير بتكلفة 200 مليون جنيه، وجرت العادة طوال سنوات على أن تقوم شركة الإسكندرية لتداول الحاويات بتوريد لوحات السيارات المعدنية المؤمنة بمختلف أنواعها إلى إدارة المرور بعد إجراء مناقصات بين الشركات المتخصصة. لكن بعد الإعلان عن المصنع الجديد ألغت إدارة المرور تعاقدها مع شركة الإسكندرية لتداول الحاويات، وتعاقدت مع وزير المالية الدكتور يوسف بطرس غالى على أن تقوم وزارة المالية بتوريد اللوحات المعدنية المؤمنة للسيارات، أى أن المسئولية انتقلت إلى مصلحة سك العملة بوزارة المالية، لكن المصلحة تعاقدت بدورها مع شركة ألمانية «أوتش» لإنشاء مصنع اللوحات المعدنية المؤمنة. مصلحة سك العملة تعاقدت مع الشركة الألمانية دون أن تطرح الأمر لمناقصة بين الشركات الأجنبية أو العربية المتخصصة فى إنتاج اللوحات، مع العلم أن هناك العديد من الشركات فى العالم، ولا نجد فى القانون ما يسمح للمصلحة أن تسند عملية بهذا الحجم من دون مناقصة وبالأمر المباشر. وزارة المالية ممثلة فى مصلحة سك العملة تجاهلت كل ذلك واكتفت بإسناد الأمر للشركة المحظوظة وهى ليست الوحيدة المتخصصة فى إنتاج خامة اللوحات ولم تتبع الإجراءات اللازمة، ولا يوجد مبرر لدى مصلحة سك العملة، وحتى لو كانت ألمانيا ستمول إنشاء المصنع فإن الأمر يزدحم بالغموض ويثير أسئلة تحتاج إلى إجابات. نفس الغموض يحيط بعملية أخرى تتعلق بإسناد عملية توريد عملات نقدية معدنية مصرية بملايين الدولارات بعد تفصيل المواصفات على مورد بريطانى سبق أن اعترضت عليه جهات فنية. كانت وزارة المالية ممثلة فى مصلحة سك العملة أعلنت عام 2006 عن مناقصة محدودة «رقم (1) 2006/2007» لتوريد 214 مليون عملة معدنية نقدية، وحددت فترة تتجاوز الشهر بين موعد الإعلان عن المناقصة وموعد فتح المظاريف وتقديم العينات، وقدم عدد من الشركات العالمية عروضه مصحوبة بعيناته وشهادة دولية حسب كراسة الشروط.. أحد العروض تقدم به الوكيل التجارى للعملة الإنجليزية، لكنه لم ينجح فنيا إلا بالنسبة لفئة واحدة من ضمن خمس فئات للعملات المطلوبة، حسب التقرير الفنى للعينات الصادر من هيئة التصنيع والمركز القومى للبحوث. لكن مصلحة سك العملة ألغت المناقصة بناء على توجيهات وزير المالية. بعدها قرر وزير المالية تعيين السيد أحمد شريف صادق رئيسا لمصلحة سك العملة، وفى 12/4/2007 أرسل رئيس المصلحة الجديد دعوة للمناقصة المحدودة رقم (2) 2007/2008 للوكلاء التجاريين المقيدين طرفها وحدد جلسة 24/4/2007 لتقديم العروض والعينات بمواصفات فنية مختلفة تماما عن المواصفات الواردة فى المناقصة السابقة وهى مواصفات مطابقة تماما لمواصفات العملة الإنجليزية. كانت الفترة ما بين الإعلان عن المناقصة وتقديم العينات مصحوبة بالعرض (10 أيام يتخللها يومان عطلة أسبوعية) وهى مدة غير كافية بأن تقوم المصانع المنافسة للعملة الإنجليزية بتصنيع العينات حسب المواصفات الجديدة أو إرسالها بالبريد السريع لتلحق بموعد المناقصة. ومع أن وكلاء المصانع المنافسة طلبوا تأجيل المناقصة لمدة أسبوعين أو ثلاثة حتى يتمكنوا من تقديم العينات قبل موعد المظاريف، لكن وزير المالية ومصلحة سك العملة لم يستجيبا لطلبات الوكلاء التجاريين ولم يردا عليهم. وكانت الشركة الوحيدة التى تمكنت من تقديم العينات فى موعدها هى شركة الأمين للأنظمة الإلكترونية وكيلة العملة الإنجليزية، التى كانت العرض الوحيد.. مصلحة سك العملة قبلت العرض وأسندت إليها التوريد مع أنها نفس الشركة التى لم يقبل عرضها الفنى إلا بالنسبة لفئة واحدة فقط ضمن خمس فئات من العملات فى المناقصة الأولى، بناء على تقرير هيئة التصنيع والمركز القومى للبحوث ولتجنب تكرار رفض العرض الإنجليزى فنيا فى المناقصة الثانية من جانب كل من هيئة التصنيع والمركز القومى للبحوث، فقد صدرت تعليمات وزير المالية لرئيس مصلحة سك العملة بعدم إرسال تلك العينات لهاتين الجهتين على أن تكتفى لجنة البت فى المناقصة بشهادة دولية للمواصفات الفنية مقدمة من المورد الإنجليزى نفسه، أى أن البت الفنى جاء من المورد نفسه. وزير المالية بهذا الإجراء خالف القانون 89 لسنة 98 المنظم للمناقصات، ودعم وجود شبهة تفصيل للمناقصة على مقاس وكيل «العملة الإنجليزية». لمعلوماتك... ◄214 مليون عملة معدنية كان مطلوباً توريدها فى مناقصة محدودة