كشف رئيس جهاز "الموساد" الإسرائيلى الأسبق إفرايم هليفى أن الجيش الإسرائيلى يفقد حرية الحركة فى قطاع غزة، بسبب التغيرات الحادثة فى الشرق الأوسط، وفى مقدمتها الثورات فى مصر وسوريا، وسقوط نظام الرئيس السابق حسنى مبارك الذى كان مقربا للغاية من تل أبيب. وأشار هليفى خلال مقال مطول له نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو تنازل عن سياسته، وخضع لمبادئ حركة حماس، وهو يبتعد عن خلق مواجهة معها، ويفضل التركيز على الملف الإيرانى، بسبب فقدانه للحليف الأبرز فى المنطقة حسنى مبارك. وأضاف هليفى أن الأمور تغيرت إلى الأسوأ على المسار السياسى والاستراتيجى بالنسبة لتل أبيب، وأن مصر بعد عهد مبارك لن تمنح أى معلومات علانية، ولا حتى سرية لعملية "رصاص مصبوب" ثانية على قطاع غزة، وكما أن تركيا عام 2012 ستنظر بشكل مختلف إلى عملية إسرائيلية بعد حادث "مرمرة". وأوضح رئيس الموساد الإسرائيلى الأسبق أن موضوع سوريا يعتبر الأكثر اتساعاً على المسار الدولى، وسيمنع الولاياتالمتحدة من الوقوف جانباً، كما فعل الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش فى نهاية عهده عندما أيد عملية الجيش الإسرائيلى فى قطاع غزة، مضيفا أن إسرائيل ستركز على الخيار العسكرى اتجاه إيران، وذلك سيصعب عليها أن تخاطر بعملية ضد غزة، والتى ستحتاج لتركيز جهد مركزى إذا قررت ذلك. وأضاف المسئول الأمنى الإسرائيلى السابق خلال مقاله: "بخلاف ذلك عمل رئيس الحكومة الإسرائيلية فى الثلاث سنوات الأخيرة على مسار دمج بين خليط من التصريحات الهجومية والحاجة للقضاء على التواجد الإيرانى فى غزة، والقيام بانجاز ملفين مع حماس، الأول كان صفقة الجندى المحرر جلعاد شاليط، والتى أجبرت نتانياهو على تغير سياسته، ولا يهم ذلك سواء كان من خلال حسابات سياسية أو داخلية أو خارجية، والمهم أن نتانياهو قبل شروط ومبادئ حماس، والملف الثانى الخضوع لصفقة إنهاء إضراب الأسرى الأمنيين فى السجون الإسرائيلية بعد الضغوط المصرية التى مورست عليه". وأضاف هليفى: "من ناحية حماس جاءت صفقة شاليط بإنجازات كبيرة لها، وعملية الخطف أثبتت نجاحها، وأيضا فى إضراب الأسرى حماس وجدت طريقاً لإنجاز أرباح ومكاسب من خلال استعمال القوة الناعمة، حيث انجرف رئيس الشاباك فى الملف الأول عن سياسة سابقيه، وفى الملف الثانى هو الذى أدار المفاوضات الناجحة، والتى أنزلت إضراب المساجين من العناوين الدولية". وأشار هليفى إلى أن الطرفين إسرائيل التى وجهتها نحو الشرق اتجاه طهران، وحماس التى تعمل على تحسين مستوى المعيشة لسكان غزة، وتفضل أن تقوم بتخزين السلاح، يتفقان على أنه ليس هناك مصلحة من تدهور الوضع وخلق مواجهة بينهما هذا العام. وأضاف هليفى: "لا يريد الطرفين وهم غير مهيئين للمخاطرة بمحاولة التغيير من التوازن غير المستقر بينهما، وهما متمسكين بتركيا متطرفة، ولكن يوقعون رغماً عنهم اتفاقات مؤلمة لكليهما، وهما يعرفون أنه لا احتمال لمحادثات بينهم، وبالتالى المصير مرتبط بما يأتى من حوادث متفرقة، ممكن أن تؤدى لمواجهة أوسع وضد مصالح الطرفين، وهذه ليست سياسة، والأفضل للحكومة أن تقوم بصياغة سياسة معقولة وتعرضها على الإسرائيليين". وقال هيلفى، إنه فى أكتوبر عام 2009 قدم باحث إسرائيلى حل ضيفاً على معهد واشنطن، بحثاً شرح فيه بشكل كامل ومفصل أداء حماس العسكرى فى قطاع غزة أثناء عملية الرصاص المصبوب، وحسب استنتاجاته الرئيسية، أن حماس فشلت فشلاً ذريعاً فى ساحة المعركة، قياساً بحزب الله فى حرب لبنان الثانية، وأن الجيش الإسرائيلى كان أفضل مما كان عليه عام 2006. وحسب تقديرات الباحث الإسرائيلى فإن حماس ستغير طريقة الحرب وقدرات قواتها، وستركز على الحصول على سلاح متطور كصواريخ طويلة المدى، ورؤوس قتالية أكبر وأدق، وبمرور ثلاث سنوات على توقعات الباحث ها هى تتحقق واحدة واحدة. وفى السياق نفسه، تطرق هليفى إلى التقرير الذى قدمه يورام كوهين رئيس جهاز الشاباك مؤخراً قائلاً : "إن يورام شارك الإسرائيليين فى توقعاته وتقديراته بأنه حماس تقترب من القدرة العسكرية لدولة، وذلك فى عهد الحكومة الحالية التى يشغل فيها إيهود باراك وزيراً للدفاع والذى كان يشغله زمن عملية الرصاص المصبوب". وتطرق هليفى للعملية العسكرية الفلسطينية التى وقعت فى غزة يوم الجمعة الماضى، والتى أسفرت عن مقتل جندى إسرائيلى من لواء جولانى على الحدود مع القطاع، موضحاً أن الحادث ترك علامة وحسب شهادة مسئولين فى الجيش كان هناك ارتفاع فى مستوى التكنولوجيا وفى أهلية القتال ضد إسرائيل. وقال رئيس الموساد الأسبق: "أنه فى ظل الحزن العميق على فقدان حياة مقاتل من جولانى مطلوب من الحكومة والمسئولين أن يناقشوا عميقاً مغزى هذا الحادث وانعكاساته وكيفية التعامل مع العدو فى القطاع". وأضاف هليفى فى نهاية مقاله ب"يديعوت" أن هدف عملية الرصاص المصبوب كانت فى حينها هو رفع التهديد من قطاع غزة عن قرى ومدن الجنوب، موضحا أن هذا الهدف لم يتحقق ومدى التهديد توسع بل أخذ فى التوسع، ويصل الآن إلى منطقة "جوش دان" القريبة من تل أبيب وما زالت اليد الإسرائيلية عاجزة.