قبل يوم 25 يناير 2011 لم يكن أشد المتفائلين من الذين خرجوا من الشباب وبعض النخب السياسية يتوقعون أن يروا هذا التغيير السياسى الذى يحدث الآن على أرض مصر. لقد استطاع هذا الشعب العظيم أن يقوم بثورة على نظام حكم ظالم أرضى القليلين من أصحاب النفوذ والسلطة على حساب غالبية الشعب البسيط الذى لا يريد سوى حياة كريمة بسيطة ينعم فيها بالستر ولقمة العيش الحلال. أقول لكل المصريين الذين هم قادة هذه الثورة الحقيقيين أن ما قمتم به ليس بقليل، لقد أسقطتم نظاما وأرسيتم واقعا جديدا أنتم فيه الآن فى بؤرة اهتمام كل من سيأتى إلى السلطة أو يتولى أى منصب، لقد استطعتم حماية وطنكم فى أعقاب قيام الثورة بعمل اللجان الشعبية التى كانت نموذجا للوحدة بين أفراد هذا الشعب والتصدى لأى محاولة للعبث بأمنه وأمانه، لقد قمتم بمليونيات حقيقيه رائعة لاستكمال الثورة وفرض إرادة شعب لمحاكمة رأس النظام ورموزه وحل الحزب الوطنى وذهابه إلى غير رجعة، لقد خرجتم بالملايين للتصويت لأول مرة فى تاريخ مصر عندما تيقنتم أن للصوت قيمة وأنه لن يزور لصالح ذوى النفوذ وأنه على الرغم من التعثر فى التوافق على اختيار اللجنة التأسيسية لعمل الدستور، سيظل لهذا الشعب فى النهاية الكلمة الفاصلة بنعم أو لا على دستور جديد ينظم العلاقه بين أفراد الوطن الواحد، إننا نرى الآن لأول مرة فى تاريخ مصر أن الشعب سيختار رئيسا جديدا للبلاد فى انتخابات حرة يشهدها العالم بعيدا عن شبح التوريث الذى أطل علينا فى سنوات ما قبل الثورة، أن هذا الشعب سيكون له الحق فى المستقبل فى تغيير رأيه إذا أراد فى انتخابات دورية قادمة ليعطى صوته لمن يراه مناسبا ليمثله فى البرلمان أو لمن سيأتى كرئيس جديد لمصر، أليست كل هذه الإنجازات هى شىء يستحق الفخر والاعتزاز؟ إذا أن لم نفرح الآن بكل ما تم من إنجاز فمتى سنفرح إذاً؟ إنه لا يجب أن يصيبنا الإحباط بسبب فشل النخبة السياسية ونزاعاتها البينية وتعطيل مسيرة الإصلاحات وعدم ظهور أية إيجابيات يلمسها المواطن البسيط على أرض الواقع بل أزمات متتالية وغياب واضح للأمن فى شتى أرجاء الوطن حتى بدأت الغالبية من المصريين فى الثورة على الثورة، وأخذت تنادى بمن يستطيع أن يكون قويا لإعادة الهيبة للدولة والانضباط المفقود ايا كانت مرجعيته أو انتمائه للنظام السابق! إننى لا ألومهم على تفكيرهم فقد أبتعدت النخبة السياسية عن الإحساس بمشاعر المواطن البسيط ودخلت فى جدل قانونى لا ينتهى من سحب الثقة من الحكومة الحالية أو تحصين اللجنة العليا للانتخابات أو غيرها من قوانين العزل السياسى، أن الذى عزل الفلول فى انتخابات البرلمان السابقة هو الشعب نفسه ولا أحد غيره، والذى حمى البلاد من ثورة ثانية هو حصانة اللجنة العليا للانتخابات لأن أحد المستبعدين لو قبلت أوراقه لتوافق ترشحه مع المزاج الحالى لغالبية الشعب البسيط، الذى يبحث عن الأمان المفقود وكنا سنعود للمربع رقم صفر بتاريخ 10فبراير 2011 وعندها كانت البلاد ستدخل منعطفا لا يعلم نهايته إلا الله. أن الثورة قد نجحت ببساطة هذا الشعب وعدالة مطالبه وتعثرت عندما لم يحسن النخبة فى إدارة ملفات الوطن بعد الثورة ولكن لابد أن نعلم أن النجاح أو الفشل هو أمر وارد راجع لتوفيق الله أولاً، والأخذ بأسباب النجاح والبعد عن مقدمات أى فشل، وأن النجاح سيأتى بالعمل الجاد وإخلاص النوايا لصالح هذا الوطن وليس بالجدال والخلافات بين التيارات المتناحرة.