قال شادى حميد، مدير الأبحاث بمعهد بروكينجز الدوحة، إن بروز القيادى الإخوانى المنشق عبد المنعم أبو الفتوح، كمرشح رئيسى فى أول تنافس رئاسى فى تاريخ مصر، يمثل اختبار ذكاء فى السياسة المصرية. لافتا أن الليبراليين يعتقدون أنه أكثر ليبرالية مما هو عليه، فيما يأمل المحافظون أن يكون أكثر محافظة. ويشير حميد فى مقاله بمجلة فورين بوليسى إلى اختلاف الأيديولوجيات التى تدعم أبو الفتوح، فلقد أصبح حامل لواء الكثير من الشباب الليبرالى الذى قاد الثورة ضد مبارك. كما أنه المرشح المفضل للجماعات السلفية المتشددة. فما هو مثير فى الأمر، أنه على النقيض مع الولاياتالمتحدة وأوربا، فإن الانفسام السياسى الرئيسى فى مصر لا يقوم على التوجه الاقتصادى وإنما على الدين. ويرى الكاتب أن نجاح أبو الفتوح ينبع فى جزء منه من قدرته على تحييد هذا الانقسام الدينى. فواحدة من رسائله أن الكل إسلاميين، فلماذا النزاع إذ أن هؤلاء الذين يدعون أنفسهم ليبراليين أو يساريين، فإن هذا مجرد اسم سياسى، لكن معظمهم يفهمون الشريعة الإسلامية ويحترمون القيم الإسلامية. وقدرة أبو الفتوح هذه، ترجع فى جزء منه إلى من هو. ففى مراحل مختلفة من حياته فإنه سلفى وإخوانى واليوم إنه إسلامى ليبرالى على النموذج التركى. غير أن الكاتب يشير إلى تاريخ أبو الفتوح الإسلامى المتشدد، فإنه مؤسس الجماعة الإسلامية، ويشير فى مذكراته إلى تأثره الشديد بالفكر السلفى فى بداية حياته حتى أنه وزملاؤه الطلاب روجوا بقوة للفصل بين الجنسين فى الحرم الجامعى. وقد حاولوا أمام عمر التلمسانى، قائد جماعة الإخوان فى ذلك الوقت، إثبات أن الموسيقى حرام وأن الإسلام نهى عنها. وأمام الكثير من التصريحات التى أرضى بها أبو الفتوح الإسلاميين، وأغضب الليبراليين، فإن له بعض التصريحات البعيدة عن التزامه كعضو من الإخوان أو بصفته إسلامى، فلقد شدد العام الماضى أن المسلم له حق التحول إلى المسيحية. ويقول حميد أنه إذا كان الناس تبحث عن سلالة ثابتة فى فكر أبو الفتوح، فإن هذه هى الإسلام او الشريعة الإسلامية. لأنه الإسلام يمثل مصدر وحدة قوية بدلا من الانقسام، ولكن قد يكون هذا مخيفا للمسيحيين الأقل عددا فى البلاد. ويتوقع الكاتب أن يواجه أبو الفتوح نفس الاتهامات التى تواجه نظراءه فى تركيا وتونس بأنه من دعاة الأسلمة الخفية، وأنه لا يزال وفيا لمشروع تطبيق الشريعة الإسلامية. ويرى حميد أن النقاد قد يكون لهم حق، متوقعا أن تنشب معركة بين الأنصار الليبراليين والثوريين لأبو الفتوح، إذا أصبح رئيسا، ومؤيديه الإسلاميين، بشأن اتجاه رئاسته. هذا غير أن دعم السلفيين له سيكون له تأثير كبير فى إدارة أبو الفتوح إذ من المتوقع أن يدفعه هذا إلى التوجه اليمينى. ويشير حميد فى مقاله بالمجلة الأمريكية إلى أن شعبية حملة أبو الفتوح تعد جزئيا رد فعل على الاستقطاب المتزايد فى مصر، إذ تكثر المخاوف إزاء تكرار سيناريو الجزائر، حينما ألغت الانتخابات وتم حل البرلمان وحدث الانقلاب العسكرى. ولكن مثلما تبددت الآمال العالية من حملة أوباما بعد التنازلات السياسية العديدة، فإن إدارة أبو الفتوح تجد صعوبة فى تجاوز الحقائق الأساسية للحياة السياسية المصرية. وفى حال فوزه، فإن أنصاره سرعان ما سيجدون أن الانقسامات بين التيارات السياسة المتناحرة فى مصر لا تتبدد بسرعة.