رئيس جامعة المنيا يتفقد إجراءات الكشف الطبي للطلاب الجدد    "إلحق نفسك".. تعرف على تسهيلات قانون التصالح قبل انتهاء المدة المحددة    الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة يستعرض جهود تحفيز الاستثمار في الاقتصاد الأخضر    بعد حادثة معبر الكرامة.. معابر تربط الضفة الغربية بالأردن وواحد منها فقط نافذتها على العالم    معهد فلسطين للأمن القومي: نتنياهو ما زال يضع العصي في دواليب المفاوضات بشأن غزة    وزير الخارجية يزور جامع الشيخ زايد الكبير    حماس: كل ما نشر من إشاعات لم يدفع محمد الضيف إلى الوراء    الصفقة الثالثة.. الزمالك يعلن عن التعاقد مع الجابوني بوبيندزا    الفرحة مش سيعاهم.. احتفالات في منزل أسرة "صفاء" ابنة قنا المتوّجة ببرونزية بارالمبياد باريس في رفع الأثقال    الأهلي يتلقى نبأ سار بسبب علي معلول    طقس الاثنين.. رطب حار نهارا مائل للحرارة ليلا على أغلب الأنحاء والعظمى بالقاهرة 34    إصابة 4 في مشاجرة بكفرالشيخ للخلاف على قطعة أرض    3 أفلام عربية تشارك في مهرجان تورنتو بدعم من مؤسسة البحر الأحمر السينمائي    مكتبة الإسكندرية تستقبل سفير الفلبين بالقاهرة    ثروت البحر ينعى حلمي التوني: قدم الكثير للصحافة وتصميم الأغلفة    عالم بالأوقاف: الاحتفال بالمولد النبوي يعكس محبتنا وتقديرنا لرسالته (فيديو)    أمين الفتوى يوضح حكم منع المرأة نفسها عن زوجها المدخن (فيديو)    اليونيسيف: تطعيم نحو 70% من أطفال غزة ضد شلل الأطفال حتى الآن    اعترافات المتهمين بقتل نجل سفير سابق في كومبوند بالشيخ زايد    محافظة الجيزة تفتح شارع الجمهورية بالهرم بعد رفع التعديات والإشغالات    ندب نيفين محمد للعمل مستشارًا لوزير التعليم العالي للتسويق والعلاقات العامة    «القاهرة الإخبارية»: منتدى الإعلام الرياضي الأول من نوعه بالشرق الأوسط    "تحديد مطالبه المالية".. مصدر ليلا كورة: جلسة مرتقبة من الأهلي لتجديد عقد أكرم توفيق    اللجنة الثقافية بالصحفيين تنظم ندوات حول مشكلات أمراض الكبد وأسطورة ديليسبس الكاذبة، الأربعاء    إعلام إسرائيلي: صفارات الإنذار تدوي في عدد من مستوطنات الجليل الغربي    أول تعليق من إسعاد يونس بعد تكريمها بحفل "دير جيست" ونجوم الفن يعلقون    مفتي الجمهورية: الإفتاء قطعت شوطًا كبيرًا في مجال التحول الرقْمي    شبانة: تصريحات محسن صالح تكشف عن "أزمة تواصل" بين كولر والتخطيط    ب5000 جنيه.. قسط أرخص سيارة أوتوماتيك في مصر    يسري جبر: من يصلي الفرض في وقته يستظل بعرش الرحمن يوم القيامة    عاجل| السيسي يُصدر توجيها جديدا لوزير الاستثمار    صحة أسيوط تشارك بالبرنامج التدريبي عن أساسيات الأمان الحيوي في المعامل الطبية    5 فوائد لتناول اللوز.. تعرف عليها    5 قنوات مفتوحة تنقل مباراة اسبانيا ضد سويسرا اليوم الأحد.. ثبتها الآن بالمجان    الأونروا تطالب بتنفيذ وقف فوري لإطلاق النار في غزة    «الوزير» يترأس وفدا رفيعا إلى بغداد لبحث المشاركة المصرية في مشروعات البنية التحتية بالعراق    ترقية 25 عضواً بهيئة التدريس وتعيين 34 مدرساً بجامعة طنطا    "كونتكت" و"بساطة" تتعاونان لتقديم حلول دفع مبتكرة وتحسين تجربة العملاء في مصر    خبير طرق: ضرورة الاستفادة من موقع مصر الجغرافي في تطوير المواني البحرية    رئيس هيئة قضايا الدولة لوفد «الوطنية للانتخابات» : ملتزمون بتحقيق العدالة الناجزة وحماية المال العام    «التضامن» تواصل فعاليات حملة «هنوصلك» لإصدار بطاقة الخدمات المتكاملة للأشخاص ذوي الإعاقة    القوات المسلحة تنظم برنامج "استراتيجية تنمية القيادة الوطنية" بالتعاون مع المجلس الوطني للتدريب والتعليم    «أغلى من الدروس الخصوصية».. سؤال برلماني بشأن أسعار مجموعات التقوية: الحصة ب100 جنيه    «الصحة» تكشف أهمية العلاج الطبيعى في الحفاظ على صحة الجسم    الخرف الرقمي يهدد أطفالنا.. تحذير من تأثير التكنولوجيا على المخ    معهد إعداد القادة واتحاد الجامعات العربية ينظمان برنامجًا تدريبيًا حول إعداد قادة الذكاء الاصطناعي    تساؤل برلماني.. لماذا لم يدرج فاقدي العين الواحدة في قانون ذوي الإعاقة؟    بعد الهبوط الأخير للطن.. سعر الحديد اليوم الأحد 8 سبتمبر 2024 للمستهلك    وزير الإسكان يتابع سير العمل بمشروعات الطرق والمرافق بمناطق التوسعات بعدة مدن جديدة    «الداخلية» تواصل حملاتها بضبط 12321 قضية سرقة تيار كهربائي    رئيس الكتلة البرلمانية لحزب (قوة يهودية) الذي يتزعمه بن غفير يقتحم المسجد الأقصى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 8-9-2024    كيفية معرفة وقت تذكرة المترو.. تجنب الغرامة الفورية لهذه الأفعال    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. وفرص لسقوط الأمطار على بعض المناطق    النشرة المرورية.. خريطة الكثافات والطرق البديلة بالقاهرة والجيزة    بدء عمية فرز الأصوات في الانتخابات الرئاسية بالجزائر    عامر حسين يكشف عن كواليس حريق ستاد الإسكندرية    داعية يفجر مفاجأة عن سبب وفاة عريس الشرقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتورة ماريا الهطالى: الإفتاء فى العالم تستعد للمستقبل بالمشاركة فى صناعته
نشر في اليوم السابع يوم 29 - 07 - 2024

قالت الدكتورة ماريا محمد الهطالي، الأمين العام لمجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، إنَّ الحديث عن "الفتوى والبناء الأخلاقي في عالم متسارع" والذي أحسنت الأمانة العامَّة لدور وهيئات الإفتاء في العالم اختياره زمانًا ومكانًا وموضوعًا وحسن تنظيم ليس ترفًا أو رفاهيةً بل هو في السياق الصحيح؛ حيث إنَّ من المهام الرئيسية لدور وهيئات الإفتاء: أن تعمل على الاستعداد للمستقبل من خلال المشاركة في صناعته، وتلمُّس احتياجاته، والإجابة عن أسئلته، وأداء المسؤولية الوطنية والأخلاقية تجاه المحافظة على الأديان والأوطان والأجيال والإنسانية جمعاء في وجه التغيرات التي يفرضها.
وأضافت خلال كلمتها في جلسة الوفود ب المؤتمر العالمي التاسع للإفتاء، أن ذلك يتأتى من خلال: تحديد الأهداف والأولويات بدقة، ومعرفة التحديات، واستثمار الفرص، وتبني رؤى استراتيجية، واتخاذ قرارات مناسبةٍ؛ لنرى المستقبل أمام أعيننا واضحًا؛ نحاوره ونفهمه ونتقبله: استعدادًا واحتواءً وإنجازًا.
وتابعت: لا أشكُّ أنَّ أولى الخطوات الهامَّة التي تساعدنا تجاه ذلك هي أن نعترف بهول التغيرات، وجسامة التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم في الجانب الأخلاقي؛ في ظلِّ "عالم متسارع" والذي أشار إليه عنوان هذا المؤتمر الموفق؛ فإنَّه بلا شك قد بدأت هذه التغيرات تتشكل، وقد بدأت بإلقاء ظلالها على الإنسان وحياته، ولا شكَّ أنَّه سيكون لها تأثير واضح على القيم والأخلاق الإنسانية التي هي حاضنة الأديان وطريقها إلى مخاطبة العقول والوصول إلى القلوب.
كما تحدثت الأمين العام لمجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، عن إحدى المبادرات والمشاريع العالمية الرائدة التي أطلقها مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي خلال مؤتمره العالمي الثاني والذي عُقد في العام الماضي بالفترة من 7 - 8 نوفمبر 2023؛ برئاسة الشيخ عبد الله بن بيه، مشيرة إلى أن مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي قد أُطلق بحضور ومشاركة المؤسسات الإفتائية والشخصيات العلمية المشاركة في المؤتمر: "وثيقة أبو ظبي في الاستيعاب الشرعي للمستجدات العلمية"، وقد جاءت هذه الوثيقة إيمانًا بأهمية الإفتاء الشرعي ودوره الإيجابي في تحسين جودة الحياة، واستقرار المجتمعات وسعادتها، وضمان استدامة الخير والنفع للأجيال القادمة، وتنبيهًا على ما يحدثه ظهور مخترعات واكتشافات متجددة، وتطورات رقمية متسارعة، من إشكالات حول أحكامها الشرعية؛ وذلك لعدم وجود نص يرجع إليه ولا مثال سابق تقاس عليه.
وأوضحت، أنَّ هذه الوثيقة قد تضمنت تسعة مبادئ أساسية وثمانية محددات لها دورٌ بارزٌ في دعم البناء الأخلاقي ومواجهة تحدياته؛ أهمها:
- المبدأ الأول: تناهي الأحكام الشرعية دون تناهي الوقائع: فالنصوص ‌الشرعية - كما هو معلومٌ في شريف علمكم – متناهية، لكن الوقائع والنوازل غير ‌متناهية، وهذا يحتاج إلى اجتهاد في تكييف الأحكام مع الواقع؛ وذلك من خلال استنفار النصوص، واستحضار القواعد والضوابط والأسس التي أقام عليها المفتون أحكامهم وفتاويهم في مختلف العصور.
- المبدأ الثاني: شمولية الكليات الشرعية المبنية على المعاني والمبادئ العامة والمقاصد الشرعية، والحاجة إلى التعامل مع نصوصها باعتبارها نصًّا واحدًا قادرًا على الاستيعاب الشرعي للمستجدات، مع الاحتراز من غائلة الاجتزاء التي تكتفي بالجزئيات دون الكليات، وتقصي الواقع الذي هو شريك في الحكم.
- المبدأ الثالث: المصلحة والتيسير؛ فمن واجب الفتوى الشرعية السليمة: أن تراعي المصلحة بضوابطها الثلاثة، أوَّلًا: أن تكون هذه المصلحة في خدمة مقصد من مقاصد الشريعة: (الضروري، الحاجي، التحسيني)، ثانيًا: ألا تكون ملغاة، فإذا ثبت إلغاؤها فلا يُعتد بها، ثالثًا: ألا تخالف نصًّا من الكتاب أو السنّة أو إجماعًا أو قياسًا.
- المبدأ الرابع: إعادة الاعتبار لدائرة الإباحة التي ضيقها بعضهم، وغفل عنها الآخرون مهملين قاعدة استصحاب الإباحة الأصلية؛ في حال فقد دليل على التحريم، وما نصَّ عليه العلماء من وجود الإباحة حيثما وجدت الضرورة، مع تحديد مراتب الضرورات والمشقات، وعمومها وخصوصها، وكليها وجزئيها.
- المبدأ الخامس: اعتبار أعراف المختصين في مختلف المجالات الطبية والقانونية والاقتصادية والتقنية أساسًا للأحكام المندرجة تحت قاعدة: (العرف محكم) وخاصة في مرحلة التكييف والتشخيص.
- المبدأ السادس: توجيه الفتاوى المستوعبة للمستجدات بالكليات والمقاصد؛ باعتماد المنهج السليم الذي يربط الجزئيات بالكليات ويدرأ التعارض بينهما.
- المبدأ السابع: استلهام التراث الفقهي، خصوصًا الفتاوى وفقه النوازل؛ لما يزخر به هذا التراث من ثروة فقهية متنوعة ومختلفة اختلافًا رحيمًا، والنهل من معينها، وفهم أسرارها ومراميها، والانتفاع الأمثل بمضامينها السديدة.
- المبدأ الثامن: مواكبة الفقيه لروح العصر، وضرورة التعامل الإيجابي مع المستجدات العلمية؛ بحيث لا يكون الإفتاء حجر عثرة أمام الاستفادة من هذه المستجدات التي تراعي مصالح العباد؛ وذلك في ظل المقاصد والمبادئ الشرعية المعتبرة.
- المبدأ التاسع: التكامل المعرفي والأخلاقي والحضاري في الاستيعاب الشرعي؛ حيث إنَّ الاستيعاب الشرعي تمازج وتلاقح نظري بين المعارف النافعة، بما يجاوز مجرد عدم الفصل أو القطيعة بين علوم الشريعة والعلوم الكونية إلى الانفتاح على المعارف الكونية والقيم الحضارية، التي من شأنها تقريبُ المفاهيم، وإزالة اللبس والغموض بين الحكم الشرعي، والتقدم العلمي، والوعي الحضاري.
وأكدت الهطالي أن المحددات التي جاءت بها الوثيقة تضمنت ثمانية محددات أساسية، وهي: المحدد الاصطلاحي والمفاهيمي: وينطلق هذا المحدد من كونه مدخلًا أوليًّا ومبدأً أساسيًّا في معالجة شتى القضايا؛ فللمفهوم آثاره المؤثرة في التصور الدقيق، وفهم المستجدات العلمية واستيعابها الشرعي.
المحدد الأصولي والواقعي: ويعدُّ هذا المحدد البيئةَ الحاضنة للمستجدات العلمية؛ ذلك أَّن علم أصول الفقه ومقاصد التشريع، والكليات الكبرى والقواعد العامة، والاعتداد بفهم الواقع، ومراعاة تغير الفتوى بتغير الزمان والمكان، والتصور الصحيح لواقع المستجدات، وتحقيق مناطها، هي أدوات الصنعة الإفتائية المحكمة القادرة على مواكبة القضايا المستحدثة، والاستجابة لمقتضياتها وتحدياتها.
المحدد الفقهي الاجتهادي: حيث يقتضي المحدد الاجتهادي: التحصيل الفقهي الكافي، والاطلاع الواسع على مختلف آراء المدارس الفقهية المعتبرة، والأخذ بمناهج الفقهاء في الانضباط بالقواعد، وإدراك طرائق استنباطهم للأحكام، والتمكن من استقراء الأشباه والنظائر، بما يكسب المختص في الفتوى الدربة الفقهية المعينة على الاستيعاب الشرعي الصحيح، وحصوله على الملكات الاجتهادية المطلوبة.
المحدد الوطني: حيث يتحقق الاستيعاب الشرعي بانسجام الفتوى مع الثوابت الوطنية، وإسهامها في حفظ المصالح الوطنية العليا في كافة المجالات: الاجتماعية والاقتصادية والصحية والعلمية والإنسانية وغيرها؛ بما يضمن تلاحم المجتمع، وازدهار الدولة، وحماية مكتسباتها، وحدودها.
المحدد القانوني: إنَّ منظومة التشريعات والقوانين والأنظمة تعتبر الإطار المحدد عند ممارسة الاستيعاب الشرعي وأداء وظيفته العملية، ويجب احترامها والالتزام بها، وهذا المحدد هو الضامن الكفيل لضبط الفتوى وتنظيمها، والحد من ظاهرة فوضى الفتاوى التي عانى منها العديد من المجتمعات في العقود الأخيرة.
المحدد القِيمي والكوني: ويشتمل هذا المحدد على احترام القيم الإنسانية المشتركة التي أجمعت عليها شرائع الأنبياء عليهم السلام، وأكد عليها ديننا الحنيف من حماية الكليات.
ويستوجب أيضًا ضرورة الانفتاح على القيم الحضارية والمعارف الكونية، واحترام الأديان وتعدد الثقافات؛ تفعيلًا لقيم الرحمة، والرفق، والأخوة الإنسانية والحضارية، والتسامح والعيش المشترك، وترسيخًا للمؤتلف الإنساني، وحفظًا للكرامة البشرية، وتحقيقًا للاستقرار، والرخاء، والسلام.
المحدد الفكري: ويستلزم هذا المحدد التأكيد على استيعاب المسائل الفكرية من منطلق مناهج الاعتدال والتوازن، والانفتاح على المعارف والمنتجات العلمية، ونبذ خطاب التشدد والتطرف في تناول المستجدات العلمية.
المحدد التخصصي: وينبني هذا المحدد على است
فراغ الجهات الإفتائية وسعها لتحقيق الاستفادة الشاملة من جميع العلوم الشرعية واللغوية والعقلية والكونية دون إقصاء لها أو إهمال لبعضها، لانتماء المستجدات العلمية إلى مجالات وحقول معرفية متنوعة.
وفي ختام كلمتها أكدت دكتورة ماريا الهطالي، أنَّ مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي يرجو أن تكون هذه الوثيقة نقطة انطلاق في مسيرة الفتوى وتفعيل دورها في البناء الأخلاقي للبشرية؛ وذلك من خلال العمل على إيجاد الحلول المناسبة، واقتراح الصيغ الملائمة، والمنهجية الفاعلة للتعامل مع المستجدات بضبط أصولي محكم، وفهم للواقع متقن، واستيعاب للمقاصد، التي هي جسر عبور، ودرب مرور بين الواقع المتبدل، والنص المعلّل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.