حلم عزيز، حلم سدد الآلاف ثمنة بأرواحهم ودمائهم ونور أعينهم، هذا هو حلم نهضة مصر والمصريين، استمر ارتباك المرحلة الانتقالية كحجر عثرة يعوق أى تحقق لهذا الحلم بعد الثورة، لم يخطر ببال أى حالم بالنهضة أن تبتلى مصر الثورة بلجنة التعديلات الدستورية ولا بخريطة الضياع التى وضعتها. اليوم مصر فى أزمة، فالدستور لا يمكن الانتهاء منه فى شهر تقريبا يتبقى حتى انتخابات الرئاسة ويستمر البرلمان فى إجراءات سحب الثقة من الحكومة مما يقطع صلات وتعاون لابد أن يكون بين الطرفين، بالمثل فهناك تهديد حقيقى لفرص البرلمان نفسه فى الاستمرار فى ظل الطعون الجدية فى شرعيته، والتى تنظرها المحكمة الدستورية العليا، لم تفلت انتخابات الرئاسة من التهديد الخطير فى ظل المادة 28 التى تحصن قرارات اللجنة العليا وتفتح أبواب الشك والتشكيك فى شرعية الرئيس المنتخب، اليوم هناك خيوط كثيرة تخرج من موقف متهالك، ولكن هناك دولة وشعب، وحلم لهم واستحقاقات تجعل من الخضوع لهذا التهالك جريمة، لابد من لملمة الخيوط فى نقطة بداية متماسكة ننطلق منها. الحقيقة إنى لا أخاف من عدم اكتمال الدستور قبل انتخاب الرئيس، بالرغم من مخاطرة النظرية، وأرى أن المجلس العسكرى يحكم بالفعل فى ظل إعلان دستورى، وسيكون حكم الرئيس المنتخب فى ظله أكثر رشدا منه، ليست هناك فرصة لمخاطر حقيقية من هذا الرئيس فى النطاق الزمنى المحدود بأشهر قليلة حتى الانتهاء من الدستور الجديد، وهناك الميادين على أى حال هى قادرة على تقويم أى اعوجاج، فليأخذ الدستور وقته حتى يخرج توافقيا ونهضويا نستطيع جميعا أن نفخر به ونخضع له، فلتحكم أيضا المحكمة الدستورية بالحكم الذى تراه فحتى ولو كان بحل البرلمان، فلا أرى مشكلة فى ذلك، ولعله يكون مستحبا فى ظل وعى يتنامى وإدارة مدنية أكثر انضباطا تستطيع تلافى المآخذ الجسيمة التى شابت الانتخابات الأخيرة من توظيف للدين والرشاوى الانتخابية وتجاهل لأى سقف قانونى للإنفاق فى الدعاية، علينا أن نضع فى بؤرة تركيزنا كشعب هدف نقل السلطة ليد السلطة المدنية بانتخاب رئيس ندعو الله أن يكون قوى العقل والعزيمة فى إحداث التغيير الجذرى من أجل النهضة والمحافظة على المسار الديمقراطى الحقيقى وتدعيمه، علينا ألا نسمح بأى تلاعب بموعد 30 يونيو القادم كموعد نهائى لتسليم السلطة، الديمقراطية هى مجال كفاحنا كشعب نحافظ عليها لأنها الحل الحقيقى الذى يرجع الحكم للشعب ويمكنه من التصحيح المستمر لأى أخطاء، يهمنا هنا أن ندرك الضرورة الحتمية لإنجاز التغييرات المطلوبة على المادة 28 والتى تقضى بإتمام عد الأصوات بمقر كل لجنة فرعية وإتمام الحصر وتوثيقه، فى كل لجنة عامة، والإعلان فى حضور مندوبى المرشحين، هذا ينفى فرص التشكيك فى شرعية الرئيس الجديد ويجعل إعلان اللجنة العليا لاسمه حسما وقطعا لا يعقبه جدل، يمكن لمصر التى اختارت فى انتخابات نزيهة غير مشكك فيها رئيسا مؤمنا بالتغيير والديمقراطية أن تضع دستورها على أكمل وجه، وأن تعيد انتخاب البرلمان إذا تم الحكم بذلك، وأن تستقر أوضاعها سريعا لتبدأ فى إبداع نهضتها.