أصبحت قضية الأنفاق بين الحدود المصرية والفلسطينية ضمن الملفات الأهم فى الوساطة المصرية بين أطراف النزاع، يشير الواقع الميدانى إلى أن السياسيين والمسئولين ليسوا الطرف الوحيد فى المفاوضات، بل أن طرفاً آخر فى الحسبان يطرح نفسه بقوة، وهم العائلات التى تملك الأراضى المحفور بها الأنفاق على الجانبين. خمس عائلات تسيطر على الأنفاق هناك خمس عائلات تمتلك الأراضى على الحدود بين رفح المصرية ورفح الفلسطينية من العلامة الثانية الدولية قرب البحر المتوسط إلى العلامة السادسة قرب معبر رفح بطول 10 كيلو مترات، وهذه العائلات ترتبط بعلاقات قرابة أو مصاهرة مع عائلات فلسطينية أخرى على الجانب الآخر تتحكم بدورها فى الأنفاق هناك وتملك الأراضى التى تمر عبرها الأنفاق على الجانب الفلسطينى، انتماءات ومصالح تلك العائلات تلعب دوراً لا يمكن إغفاله فى ملف الأنفاق. فعائلة "الشاعر" واحدة من هذه العائلات، وتضم أكثر من خمسة ضباط ينتمون لحركة حماس، أشهرهم اللواء حسن الشاعر والرائدان عمر ومحمد الشاعر مسئولا المباحث الجنائية والمخدرات برفح الفلسطينية، وأرضهم شطرها الجدار الفاصل الحدودى. والحال نفسه بالنسبة لعائلات برهوم والعابد وفريج والجبور. ليست ممراً للسلاح فقط عمليات التهريب أو حفر الأنفاق لا تقتصر فقط على أغراض نقل الأسلحة، بل لقد تحولت إلى شريان تجارى رئيسى عابر للحدود ويستخدم لإدخال الغذاء والدواء للقطاع برعاية حركة حماس. مصدر أمنى رفيع المستوى أشار إلى أن الأنفاق الآن ومنذ سنوات طويلة لم تعد مصدراً لتهريب السلاح لغزة، لأن غزة تشبعت بالسلاح، ولكن الأنفاق صارت وسيلة لتهريب البضائع بأنواعها، وأن أعداداً كبيرة من أبناء سيناء متورطون فى عمليات التهريب بوصفها عمليات إنقاذ ومساعدة لشقيق مسلم على حد اعترافات بعضهم الرسمية. الحزم الأمنى هل يكفى للقضاء على الظاهرة؟ وأضاف المصدر الأمنى، أن الأنفاق أو بقاياها لا يمكن أن تكون طريقاً للسلاح، لأن الأمور تحت السيطرة، وقرارات الاعتقال جاهزة لأى سيناوى يضبط نفق يمر عبر منزله أو مزرعته، أو يكشف عن أن له علاقة بالتهريب عبر الأنفاق. من جانبه يرى الشيخ عواد أبو شيخة من قبيلة الأرميلات برفح، أن القضاء على الأنفاق يتطلب العودة لما كان يحدث بين عامى 94 و95 عندما كانت أجهزة الأمن تفجر أى منزل يضبط فيه نفق بالجانب المصرى، كما تفجر النفق وتعتقل صاحبه والمتورطين معه، وأضاف أن هذا الأمر كان يساعد كثيراً على الحد من ظاهرة الأنفاق، وهو ما ينبغى القيام به فى الوقت الحالى بعد عودة ظاهرة الأنفاق مرة أخرى. على الجانب الآخر تواصل أجهزة الأمن المصرية مدعمة بمئات الجنود، مداهمة المنازل الحدودية لضبط الأنفاق، وجرى مؤخراً القبض على خمسة مصريين وفلسطينيين خلال المداهمات وجارى التحقيق معهم. وقال مصدر بشمال سيناء، إن الأنفاق الآن باتت الورقة الرابحة والهامة فى يد مصر لمواجهة التعنت الإسرائيلى الخاص بزيادة الجنود على محور فلادلفيا من 750 جندياً فقط إلى قرابة 2750 حتى يتمكنوا من مواجهة ظاهرة التهريب عبر الأنفاق الحدودية، وقال إنه من المتوقع أن توافق إسرائيل على هذا الأمر، خصوصاً بعد عودة الأنفاق للنشاط من جديد. مصدر رزق لجيش العاطلين على الجانبين وقال مصدر سيناوى، إن العدد الحقيقى للأنفاق 1664 نفقاً بين الجانب المصرى والفلسطينى تضرر منها قرابة 350 نفقاً خلال القصف الإسرائيلى، وأن تلك الأنفاق تعد مصدراً رئيسياً للمال بالنسبة لمئات العائلات والأفراد، ومن ثم هناك صعوبة فى السيطرة عليها، لأن النفق الذى يدمر يعاد حفره بعدها بأيام قليلة، خصوصاً وأنها تحولت إلى المصدر الوحيد لرزق جيش من العاطلين بمحافظة سيناء والمحفظات المجاورة. يذكر أن حجم تجارة الأنفاق سنوياً يتراوح ما بين 200 إلى 300 مليون دولار، وأن تكلفة حفر النفق الواحد تتراوح ما بين 50 إلى 60 ألف دولار.