محافظ البحيرة تتفقد عددا من المدارس لمتابعة سير العملية التعليمية| صور    بث مباشر.. مؤتمر صحفي لرئيس الوزراء عقب الاجتماع الأسبوعي للحكومة    مطالبات بتعديل قرار رقم 175 .. شعبة مخابز دمياط ترفض تغليظ العقوبات والغرامات    الرئيس السيسى يلتقى نظيره الإيرانى على هامش قمة «بريكس»    مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية: إسرائيل رفضت جميع محاولات إدخال المساعدات لشمال قطاع غزة    الرمادي: حصلت على أكبر من حقي في الإشادة بعد مباراة الأهلي    السيطرة على حريق شقة سكنية في الطالبية    توقف الملاحة في ميناء البرلس لمدة 3 أيام    كبير الأثريين بوزارة الآثار: هدم مستولدة محمد علي باشا أحدثت جدلًا لأهميتها التاريخية لكنها ليست أثرا    مسلسل برغم القانون الحلقة ال29.. هبة خيال تفوز بحضانة ابنها    إقبال جماهيري لعرض «الشاهد» ضمن فعاليات مهرجان المسرح العربي    محافظ بنى سويف يعقد اللقاء الأسبوعى بالمواطنين.. تعرف على التفاصيل    الضرائب تكشف تفاصيل حزم التيسيرات الجديدة    قرارات حكومية جديدة لمواجهة المتاجرة بالأراضي الصناعية (تفاصيل)    وزيرة التضامن تشارك في جلسة رفيعة المستوى حول برنامج «نورة»    الشكاوى الحكومية: نتلقى 13 ألف مكالمة يوميًا    رئيس وزراء الهند: تجمع "بريكس" سيصبح أكثر فاعلية فى مواجهة التحديات العالمية    أحمق يقسم البلد.. ترامب يهاجم أوباما بعد عقد الأخير حملة انتخابية لدعم هاريس    الصحة العالمية: نقل 14 مريضًا من شمال غزة خلال بعثة محفوفة بالمخاطر    لايبزيج ضد ليفربول.. 5 لاعبين يغيبون عن الريدز في دوري أبطال أوروبا    كوريا الشمالية تؤكد على تعزيز قدرات الردع في مواجهة التهديدات النووية    التأمين الصحي على الطلاب وإنشاء 8 جامعات.. قرارات وزير التعليم في مجلس الجامعات الأهلية    كرة نسائية - دلفي يعتذر عن عدم استكمال الدوري المصري    افتتاح فعاليات المؤتمر السنوي الثالث للدراسات العليا للعلوم الانسانية بجامعة بنها    ضمن مبادرة بداية.. مياه الغربية تواصل تقديم الأنشطة الخدمية    مصرع شخص إثر سقوط أسانسير فى التجمع    تحرير 1372 مخالفة للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    لرفضه بيع قطعة أرض.. مزارع يطلق النار على زوجته ويتهم ابنه    مصرع شاب وإصابة طفلين بانقلاب «توكتوك» في مصرف مائي ببني سويف    «زيارة مفاجئة».. وزير التعليم يتفقد مدارس المطرية | تفاصيل    تعاون بين محافظة أسيوط والغرفة التجارية لإقامة معرض دائم للسلع الغذائية    وزير الصحة: وصول عدد خدمات مبادرة «بداية» منذ انطلاقها ل62.7 مليون خدمة    صلاح السعدني.. صدفة منحته لقب «عمدة الدراما»    هاني عادل ضيف «واحد من الناس» على قناة «الحياة»    أوركسترا القاهرة السيمفوني يقدم حفلا بقيادة أحمد الصعيدى السبت المقبل    منها برج العقرب والحوت والسرطان.. الأبراج الأكثر حظًا في شهر نوفمبر 2024    «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا».. موضوع خطبة الجمعة القادمة    وزير العمل: بصدد إعلان قانون العمالة المنزلية لضمان حقوقهم    في اليوم العالمي للروماتيزم، أهم أعراض المرض وطرق اكتشافه    وفاة وإصابة العشرات بعدوى بكتيريا الإشريكية القولونية في أمريكا    إيهاب الكومي: أبوريدة مرشح بقوة لتولي رئاسة الاتحاد الإفريقي لكرة القدم    إزالة 148 حالة تعد على أملاك الدولة والأراضي الزراعية بسوهاج    "فولفو" للسيارات تخفض توقعاتها لمبيعات التجزئة لعام 2024    الصحة الفلسطينية تعلن ارتفاع عدد ضحايا العدوان على قطاع غزة إلى 42792 شهيدًا    التحقيق مع تشكيل عصابي في سرقة الهواتف المحمولة في أبو النمرس    لماذا العمل والعبادة طالما أن دخول الجنة برحمة الله؟.. هكذا رد أمين الفتوى    منها انشقاق القمر.. على جمعة يرصد 3 شواهد من محبة الكائنات لسيدنا النبي    «الإفتاء» توضح حكم الكلام أثناء الوضوء.. هل يبطله أم لا؟    من توجيهات لغة الكتابة.. الجملة الاعتراضية    "إيمري": لا توجد لدي مشكلة في رد فعل جون دوران    طارق السيد: فتوح أصبح أكثر التزامًا واستفاد من الدرس القاسي.. وبنتايك في تطور واضح مع الزمالك    التعليم تعلن تفاصيل امتحان العلوم لشهر أكتوبر.. 11 سؤالًا في 50 دقيقة    نجاح عملية جراحية لاستئصال خراج بالمخ في مستشفى بلطيم التخصصي    تلبية احتياجات المواطنين    موعد إعلان حكام مباراة الأهلي والزمالك في السوبر المصري.. إبراهيم نور الدين يكشف    «ماذا تفعل لو أخوك خد مكانك؟».. رد مفاجيء من الحضري على سؤال ميدو    الخطوط الجوية التركية تلغي كافة الرحلات من وإلى إيران    مدرب أرسنال يصدم جماهيره قبل مواجهة ليفربول بسبب كالافيوري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعلان شعبى ب«دحر الإرهاب» على شواطئ سيناء
نشر في اليوم السابع يوم 20 - 04 - 2023

مشهد كان خيالا بعيدا قبل سنوات، استغرق بضع ساعات على شواطئ العريش؛ لكنه يُلخّص مسيرة طويلة من الجهد والتضحية ومُكابدة أقسى التحديات.. عندما اجتمع آلاف من أهالى شمال سيناء على مائدة إفطار واحدة فى 27 رمضان لم يكونوا وحدهم فى هذا الزحام المبهج العظيم، وإنما كانت قلوبنا جميعًا تُقاسمهم الفرحة والطمأنينة، وقبلنا أرواح مئات الشهداء وجروح آلاف المصابين ممّن أنفقوا أثمن ما فى الصدور أو حملوا تذكارات قاسية على الأجساد؛ حتى نعبر الشوك والفِخاخ وصولاً إلى اللحظة الاستثنائية اللامعة.. كأن أرض الفيروز تُمدّد ساقيها بوداعة وأريحية فى المتوسط، وكأن الجميع يصطفّون فى السلم كما اصطفّوا فى الحرب ليُسجلوا شهادة ميلاد جديدة للحياة ها هنا، ويشطبوا بالممارسة العملية الدامغة آخر ما تبقّى من خيالات الماضى الصعب.

بساط أخضر يمتد قرابة 6 كيلومترات، وآلاف الأُسر يحملون طعامهم أو يلتقون على أطباق الآخرين.. أخبرنى صديق شهد الحدث أن نصف أهل العريش حضروا التجمّع الأكبر فى المدينة منذ سنوات، وجُهّزت الوليمة ب31 عجلا بنحو 9 أطنان تكفى أكثر من 30 ألف شخص، فضلاً عن مساهمات العائلات؛ وحتى لو كان فى حديثه شىء من المبالغة فإن الصور والحكايات والأرقام تُؤكد أن مائدة الشاطئ العملاقة كانت واحدة من أضخم تجمعات الإفطار، على كثرة ما فى بلادنا من موائد وأجواء عامرة طوال رمضان، والمعنى العميق من وراء المشهد ليس الاحتفال باستعادة الحياة والأمن بعد دحر الإرهاب فقط، وإنما تأكيد أن الحرب الطويلة كانت معركة بلد كامل، خاضها الجميع معًا ويقتسمون ثمارها معًا، أمنًا وسلامًا فى معاشهم أو تنميةً ورخاءً لمستقبلهم، وقبل كل ذلك تأكيد سردية سيناء الماثلة فى وعينا العام دائما، فالبوابة الشرقية أكبر من كونها سُدس مساحة البلد، بل ومن رمزيتها التاريخية والعقائدية، وإنما هى كتاب حى لنضال المصريين قديما والآن، ودُرة التاج فى جغرافيا مصر، والجوهرة العصيّة على التطويع والاستكانة لأى غاصب أو طامع.

عانت سيناء طويلا من الإرهاب، والحكايات الكثيرة لا تحتاج تذكيرًا بحلقاتها، كلّنا عشنا الأجواء المُلتهبة وانخلعت قلوبنا مع الحوادث السوداء.. بدأ الأمر قبل قرابة عقدين؛ لكنه توسّع مع تداعيات 2011، وتكفّل الإخوان فى سنتهم السوداء بإشاعة الفوضى ودعم مطاريد الساحات الإقليمية المُشتعلة؛ حتى تجاوزت الحركات النشطة ثلاثة عشر تنظيمًا، فضلا عن مجموعات الهاربين والمهرّبين، بنحو اثنى عشر ألف إرهابى أو يزيد، وبتوظيف واسع للحدود البرية والبحرية والأنفاق، ودعم غير محدود من دول وأجهزة؛ صحيح أن مصر لم تكن غافلة وبدأت الحرب مُبكرا بالعملية «نسر» فى 2011، إلا أن مناخ السيولة الناجم عن حالة الانفلات صعّب المهمة، وكأن أصعب ما فيها أن نُنجز التطهير دون إضرار بالمدنيين، وتتابعت الجهود من عملية سيناء وقت تحرير الجنود المخطوفين فى مايو 2013، إلى حق الشهيد 2015، ثم العملية الشاملة، ومنذ 2018 انكسرت الموجة السوداء وانحسرت وتيرة العمليات، حتى استتبّت الأوضاع قبل ثلاث سنوات إلى درجة تُقارب الأحوال العادية.

أواخر فبراير الماضى شهد الرئيس السيسى اصطفافا للمعدات المشاركة فى تنمية سيناء، وكانت الرسالة الأوضح فى احتفاله مع قوات شرق القناة مطلع إبريل الجارى بذكرى العاشر من رمضان، فى إشارة عميقة إلى اكتمال عملية التطهير، كما أكمل الآباء التحرير فى معركة أكتوبر الخالدة.. اختلف العدو والزمن وشكل الصراع؛ ولكن انتصرت سيناء وأهلها كالعادة، بدأ الانتصار مع انطلاق مسار التنمية تحت أصوات النيران وضربات الإرهاب منذ 2014، واكتمل بتسارع وتيرة الإنجاز والتقاء أهل العريش معًا على مائدة واحدة فى 2023.

قال الرئيس خلال لقائه مشايخ وعواقل سيناء على هامش الإفطار، إن اتحاد الأهالى مع الدولة كان وقود المعركة الفعّال، وأحبط غاية الإرهاب فى تعطيل الحياة والتنمية، وإن المرحلة تقتضى حضورا أوسع لكل أجهزة الدولة، ووتيرة عمل أسرع لتعويض ما أخّرته الظروف، لا سيما مع استراتيجية وطنية طموحة للتمدُّد أفقيًّا وتوسعة المعمور من نحو 7 إلى 12 %.

وأشار الرئيس إلى أن تكلفة تنمية سيناء تتراوح بين 40 و50 مليار دولار، وتؤكد الأرقام بحسب الهيئة الهندسية أن السنوات التسع الماضية شهدت إنفاقًا يُقارب 480 مليار جنيه وُجّهت ل460 مشروعا انتهت 340 منها ويجرى إنجاز 102 وتتبقى 18 للتنفيذ، شملت 3 مدن جديدة ونحو 1600 كيلو من الطرق والمحاور و22 مشروعا لتحلية المياه و45 تجمّعًا بدويًّا، فضلا عن مناطق استثمار واستصلاح زراعى ومدارس ومرافق صحية وخدمية وغيرها وفق برنامج تنموى شامل.

رؤية الدولة لسيناء تغيّرت؛ لم يعد مقبولا أن تظل مجالاً مفتوحا تكويه العزلة عن الجسد الأم.. وفق تلك الفلسفة ترافقت خطّة التنمية مع تعميق ارتباط جغرافيا سيناء الفسيحة ببقيّة الخريطة، عبر حزمة من الجسور والأنفاق، ومعابر تنموية تصل ضفتى قناة السويس لتكون مُرتكزًا لإعادة تخطيط المنطقة بكاملها ديموغرافيًّا، واليوم تحضر القوات المسلحة والأجهزة الأمنية بكامل ثقلها، وتعمل عشرات الشركات الوطنية وآلاف المهندسين والعمال، ويعبر المجرى الملاحى يوميًّا قرابة 12 ألف سيارة و32 ألف مسافر، وهو مستوى من الزخم لا يقل عن اتصال أية محافظة مصرية بجارتها أو بقلب الدولة ومركزها.. كل أعدائنا أرادوا أن يُحصّنوا أطماعهم فى سيناء بالموت، وعبر تسييجها بدائرة حصار من النار والرعب، وأرادت الدولة أن تُعيدها إلى حضن الوطن مُحصّنة بالحياة، وعلامة الحيوية أن يكون العمل فى كل مكان، وأن يجتمع الناس على الفرحة باحتشاد وإخلاص اجتماعهم على التنمية والبناء.

المائدة التى افترشت أكثر من نصف ساحل العريش، وتواصل التحضير لها عدة أيام، لم ترافقها ترتيبات أمنية استثنائية - فضلا عن صعوبة تغطية مجالها الفسيح - وبطبيعة الحال لم تكن سِرّية أو مفاجئة، والمعنى أنها كانت فى حماية ضيوفها الذين أتوها مُطمئنين، وأن الإرهاب لا يعيش كُمونًا أو تراجعا مؤقّتا، وإنما انتهى وجفّت مستنقعاته وبات من أحاديث الماضى، والآن شواطئ شمال سيناء جاهزة لاستقبال ضيوفها فى الصيف، كما قال محافظها خلال الإفطار الحاشد؛ لم تعد محرومةً من البهجة ولا ممنوعة على المقيمين أو الزوّار.

دلالة مشهد شاطئ العريش أعمق من اجتماع حشود على مائدة إفطار تشهد مصر آلافًا منها يوميًّا، المعنى ليس فى استثنائية اليوم؛ وإنما فى العودة إلى الحياة الطبيعية.. أصبحت سيناء مثل أى شبر آخر على امتداد الوطن، يعيش أهلها الأجواء نفسها التى تعيشها أية مدينة أو محافظة آمنة فى حضن الدلتا، يخرجون ويأكلون ويعملون ويبتهجون معًا، لا يرهبهم صديق ولا يُفرض عليهم حصار من عدو.. الانتصار كل الانتصار أنّ صور الحياة على شط أقصى شمالنا الشرقى لا يمكن تفرقتها إن وُضعت إلى جانب صورنا على شواطئ الإسكندرية أو مطروح أو دمياط أو بورسعيد أو البحر الأحمر، هكذا يُمكننا القول باطمئنان وسعادة غامرة إننا انتصرنا وعادت مياه الحياة إلى مجاريها، صافيةً ودافئةً كما كانت مياه المصريين وحياتهم دائمًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.