خلال يومى الاثنين والثلاثاء الماضيين حين توجه المصريون لصناديق الاقتراع، بهذه القوة والكثافة، فى تسع محافظات، بينها القاهرة والإسكندرية، اختاروا ليس فقط ممثليهم فى مجلس الشعب، وإنما استعادوا الشرعية التى كانت قد خرجت من يد الشعب مجتمعا، واحتكرها بعض من يسيطرون على ميدان التحرير. حين ذهب المصريون إلى صناديق الاقتراع، ولم ينساقوا وراء دعاوى التظاهر فى ميدان التحرير، وغيره من الميادين، وحينما لم يستجيبوا للضغط من أجل تأجيل الانتخابات، وحينما وقفوا فى طوابير الاقتراع بالساعات فهم لم يصوتوا فقط فى انتخابات برلمانية، وإنما قالوا كلمة مهمة: انتهت شرعية الميادين والشوارع، لا شرعية للتحرير.. ولا للعباسية .. ولا غيرهما من ميادين وشوارع القاهرة والإسكندرية.. الشرعية للشعب وحده وهو صاحب الشرعية. المصريون صوتوا الاثنين والثلاثاء على نهاية ما حاول الكثيرون ترسيخه بعنوان الشرعية الثورية، المصريون صوتوا لبداية الشرعية الديمقراطية، الشرعية المستمدة من أصوات الناخبين، ومن إرادة الجماهير، وبعد أن بدأ الشعب يقول كلمته بمثل هذه القوة والوضوح، أعتقد أن أى محاولة لفرض شرعية مختلفة على شرعية الشعب، هى نوع من الديكتاتورية، ومحاولة لسرقة الإرادة الشعبية، وتحكم أقلية ومصادرة قرار الأغلبية لصالح أقلية مهما كانت. من شاهد المواطنون وهم يدلون بأصواتهم سيدرك جيدا لماذا عاد المتظاهرون إلى ميدان التحرير السبت قبل الماضى، ولماذا تم تضخيم قضية تفريق اعتصام من قلب الميدان، ولماذا تدافع المتظاهرون واشتبكوا مع الشرطة، ولماذا كان هناك إصرار على افتعال معركة وهمية ودفع عشرات الشباب ليلقوا حتفهم فى شارع محمد محمود. المصريون فهموا أن الغرض لم يكن نبيلا، والهدف كان تعطيل الخيار الديمقراطى، ومنع الانتخابات، وإدخال البلاد فى دوامة الفوضى، عبر افتعال معركة وهمية مع المجلس العسكرى. منذ 11 فبراير قلت فى هذا المكان أننى لست مع حكم العسكر.. وعلينا ان نشارك جميعا فى الانتخابات فى كافة مراحلها ودرجاتها، شعب وشورى ورئاسية، هذا هو الطريق الأسهل والأسرع والسلمى حتى يعود العسكر إلى ثكناتهم ونستعيد الشرعية بأيدينا بعيدا عن العسكر وعن من يهوون المبيت فى الشوارع والميادين.