الفتوى التى أجازتها دار الإفتاء المصرية بتوظيف أموال الزكاة والهبات والصدقات لصالح مشروعات استثمارية وإنتاجية لدعم الاقتصاد فى الظروف الصعبة التى يمر بها فى الفترة الانتقالية الحالية، هى فتوى تعكس مدى الوعى والنضج والتطور الفكرى الذى تعيشه المؤسسة الدينية فى مصر حاليا وتفاعلها مع المصلحة العامة والضرورة الوطنية فى أوقات الأزمات. فالزكاة كما قالت دار الإفتاء شرعت فى الإسلام للإنسان واحتياجاته وضروراته، وليس للمبانى، وإن مساهمة الأفراد بزكاتهم وصدقاتهم وهباتهم لإنقاذ ودعم الاقتصاد فى هذه المرحلة واجب شرعى، قبل أن يكون فرضا وطنيا لتحقيق المصلحة العامة فى مشروعات توفر آلاف فرص العمل ولقمة العيش لملايين الأسر الفقيرة وانتشالها من دائرة الفقر. الآراء الفقهية السابقة كلها تؤكد الفائدة الاجتماعية للزكاة لدفع حاجة الفقراء وإزالة الأحقاد والضغائن تجاه الأغنياء وأصحاب رؤس الأموال فى حالة توجيه زكاتهم وتبرعاتهم لمشروعات وخدمات يستفيد منها هؤلاء الفقراء. وكما يرى جمهور العلماء فإن الزكاة فيها توسعة وبسط للأموال، فإن الأموال إذا صرف منها شىء اتسعت دائرتها وانتفع بها كثير من الناس، بخلاف إذا ما كانت دُولة بين الأغنياء لا يحصل الفقراء على شىء منها. هذه الفوائد كلها فى الزكاة تدل على أن الزكاة أمر ضرورى لإصلاح الفرد والمجتمع. وفى السنوات الأخيرة تعالت أصوات عديدة للاستفادة من أموال الزكاة بكل أنواعها واستغلالها فى أوجه إنفاق منظمة فيما يحتاجه المجتمع من خلال تشكيل صندوق لتجميع تلك الأموال. أموال الزكاة ضرورة الآن لسد العجز فى الموازنة وتلبية المطالب الفئوية فى مصر لو تم تجميعها فى قنوات شرعية ومنظمة، إضافة إلى استخدامها فى إقامة عشرات المستشفيات مثل مستشفى السرطان والأورام وأمراض الكبد والكلى، وبحسبة بسيطة فإن أموال الزكاة فى مصر لو تم تجميعها بشكل اقتصادى منظم فإنها قد تتجاوز 100 مليار، ونحن لا ينقصنا أثرياء أو مشاركون فى أعمال الخير، فهناك 20 % من الأغنياء فى مصر يستحوذون على 46 % من إجمالى الثروة وتقرير مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء أظهر أيضا أن إجمالى حجم العطاء الخيرى الذى تنفقه الأسر المصرية نحو 4.5 مليار جنيه سنويا، وأن إجمالى حجم الزكاة بلغ نحو 18 مليار جنيه سنويا.
