تساؤل قد يدور فى خاطرك على من يموت من أجل الحرية فى بلادنا العربية الآن، فقد سقط شهداء فى الثورة التونسية والثورة المصرية من أجل الحرية، والآن ما يجرى فى اليمن وليبيا وسوريا من دماء تسيل من أجل الحرية أيضا، فتسأل نفسك هل بالفعل هذه الكلمة تستحق كل ذلك، وهل كلمة واحدة بسيطة لا تتعدى ستة حروف اسمها "الحرية" يستحق أن يموت شعب بأكمله من أجلها، وهل لها تأثير السحر على الإنسان تجعله لا يرى شيئا حتى أنه يموت من أجل أن يكتسبها، فتكتشف أنهم لا يقتلون عدوا من أجل وطنا انتهكت حرمته أو احتلت أرضه ولكن يقاتلون من أجل كلمة واحدة هى "الحرية". وحتى لا أطيل عليك من الأسئلة الكثيرة التى تشغل ذهنك فسأدخل فى الموضوع لأوضح لك قيمة هذه الكلمة العظيمة التى تغفل عنها، فهى أننا قد خلقنا الله عز وجل ووضع بداخل كل إنسان الحرية فهى تعتبر مظهرا من مظاهر تكريمه وتفضيله على كثير من خلقه، فقد منحنا الله الحرية كاملة للإنسان حتى فى أهم شىء فى الحياة وهو الإيمان به فجعله الله باختيار الإنسان نفسه، فتقودك الحرية إلى أن تنمى مواهبك وتكتسب بها بعض الفضائل كالصدق والشجاعة والنصيحة. والآن وبعد أن علمت قيمة "الحرية" التى ضحى من أجلها الكثيرون ومازالوا يضحون، يظهر لك سؤال جديد وهو إذا كان الله خلقنا ومنحنا الحرية فلماذا أنا لا أفكر ولا حتى أشعر بها فى داخلى بل أقوم بالعكس تماما فأنتقد كل من يتحدث عن هذه الكلمة؟ والإجابة هى بكل بساطة هم الظالمين المستبدين على مر العصور دأبوا على استعباد الإنسان فيبدأ بخطوات واحدة تلو الأخرى حتى تصبح لا تعلم ولا تشعر بهذه الكلمة، ومنها كبت الحريات ثم تكميم الأفواه وحجزها عن التعبير حتى تصل إلى أن تصبح ذليلا عاجزا على أن توضح ما فى نفسك فتفقد شعورك بأنك مخلوق مكلف وتجرد من أهم خصائصك حتى تصبح معتقلا من كل الفضائل السابقة. فحاول الآن أن تتحرر من قيودك بعد زوال الاستبداد بدماء شهدائنا الأبرار، فابدأ بالتعبير عما بداخلك حتى تحصل على الحرية الكاملة فتكتسب فضائلها وتؤمن بما فعله شهداؤنا من أجل أن يجعلوك تعيش حياة إنسان طبيعى قادر على الإبداع حتى تصبح ممن يقود بلاده إلى آفاق جديدة، من دول تعيش على إبداعات وأفكار غيرها إلى دول تنشئ حضارتها بأيدى أبنائها.