لا تزال كوميديا "الاستاند أب" أمراً سرياً فى المملكة العربية السعودية إلى حد ما، وقد برز هذا النوع من الكوميديا من جانب المؤديين المحليين الذين تم استئجارهم لأعمال "الإحماء" أو الإعداد للأمريكيين العرب المتخصصين فى هذا الفن، والذين بدأوا يجولون الشرق الأوسط قبل عدة سنوات، لكن الآن أصبح للكوميديا السعودية طابعها الخاص. وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن اثنان من برامج كوميديا "الاستاند أب" فى السعودية يحظيان بشعبية كبيرة على موقع يوتيوب، الذى يعد أحد أماكن الفضاء الإليكترونى غير المعترض عليها فى السعودية، وقد انتقل هذا الفن الكوميدى مؤخراً من الإنجليزية إلى العربية وزادت جاذبيته، لدرجة أن فنانى الكوميديا أصبحوا مطلوبين للترفيه فى المؤتمرات الدينية. ونقلت الصحيفة عن أحمد فتح الدين، طالب بكلية الطب عمره 25 عاماً وأحد ستة شباب يكتبون ويؤدون البرنامج الكوميدى "ع الطاير"، الذى يبث على موقع يوتيوب، قوله إن هذا النوع من الكوميديا مناسب للمجتمع السعودى، حيث يقف شخص واحد على خشبة المسرح بدون تمثيل وبدون مشاركة نساء أو حتى رجال يتنكرون فى ملابس نسائية، ومن ثم فإنه مقبول اجتماعياً. برنامج "ع الطاير" يقترب إلى حد ما من المحرمات السياسية والاجتماعية، فعرض ذات مرة تقريرا أخباريا عن قاضى يدافع عن نفسه علناً ضد اتهامات بالكسب عير المشروع، بالقول بأن الشيطان استحوذ عليه، كما أذاع تقريرا عن أن أحد عناصر الشرطة الدينية طعن رجلاً، على الأغلب بقصافة أظافر، بعد عراك بين الاثنين حول ملاحظة بأن زوجة الرجل يجب أن تغطى وجهها. ومن العوامل التى تساعد على نجاح هذه الكوميديا فى السعودية، أن المنافسة الوحيدة لها تأتى من مراكز التسوق العملاقة، فى ظل منع دور السينما أو المسارح وغيرها من الأماكن التى تشجع على الاختلاط بين الجنسين، كما أن هناك عاملا آخر ساعد فى جعل هذه البرامج تحظى بالشعبية الأولى على الإنترنت، وهو الملل الخانق الذى أصبحت عليه قنوات التلفزيون العربية. فالتلفزيون، كما يقول فهد البوتيرى، أحد فنانى كوميديا الاستاند أب السعودية وبطل البرنامج الذى يحظى بشعبية كبيرة، "لا يكثر"، يموت ببطء وبشكل مؤلم فى المنطقة العربية، فمن بين ما يقرب من 19 مليون سعودى، هناك 70% تحت سن الثلاثين، ولا يمكنهم متابعة 200 حلقة أخرى من الدراما التركية، ويضيف أن البرامج لا تعكس الأشياء التى تهم السعوديية، ولكننا نذيع من السعودية إلى السعوديين وعبر سعوديين. وقد رفض القائمين على كلا البرنامجين" عى الطاير" و"لا تكثر" البث على التلفزيون، خوفاً من أن يخضعا للرقابة، ولتجنب تدخلات المعلنيين، فعلى الإنترنت بإمكانهم أن يتخطوا الحدود وإن كان ذلك لا يحدث بشكل كامل أيضا.