المواطن الغلبان حسن حصاوى يغشى عليه من حين لآخر، وعندما يفيق لا يفهم ما حدث حوله. ومؤخرا اختفى منذ وقت الثورة، حتى وجده أحد الأصدقاء جالسا فى مقهى كالتائه. الصديق: أنت فين يا حصاوى خضتنى عليك؟ حصاوى: قاعد زى ما أنت شايف؟ الصديق: يعنى ما رحتش المظاهرات؟ حصاوى: المظاهرات هى اللى بتيجى لى، بتمر قدام القهوة يوماتى. الصديق: بتتفرج بس؟ ما فكرتش تشارك فيها؟ حصاوى: فكرت بس خفت أكون بحلم. الصديق: هو كان حلم فعلا، لكن اتحقق والثورة نجحت وأسقطت النظام. حصاوى: ما هو دا اللى قالقنى. الصديق: ليه؟ أنت كنت مع النظام؟ حصاوى: ولسه مع النظام، وعشان كده خفت لما الناس هتفت الشعب يريد إسقاط النظام. لأن من غير نظام ما فيش دولة. المفروض يقولوا الشعب يريد تغيير النظام. الصديق: ما هو دا قصدهم، بس عشان يغيروا النظام لازم يسقطوه الأول. حصاوى: طب ما قالوش كده ليه؟ عموما أدينى قاعد مستنظر أشوف النظام الجديد. الصديق: وما روحتش بيتكم ليه؟ حصاوى: ما أنا احتميت بالقهوة. الصديق: إشمعنى؟ حصاوى: عشان أأمن مكان فى البلد، بيقولوا أماكن كتيرة اتحرقت واتهدمت واتنهبت، الأقسام ومبانى المحافظات والمتاحف والمحلات والشقق والكنايس والأراضى والسجون. لحد المستشفيات والأضرحة. الصديق: كل الثورات بتحصل فيها أخطاء. حصاوى: الحمد الله أنا افتكرت دا النظام الجديد. الصديق: لا، اطمن بس أصبر شوية. حصاوى: أنا صابر بقالى 58 سنة، يعنى محترف صبر، مش هاوى. الصديق: طب ما رحتش الاستفتاء على التعديلات الدستورية؟ حصاوى: لأ قلت استنى أروح الاستفتاء على بقيتها، لقيت بقيتها ما عليهاش «استفتاء». حمدت ربنا إنى ما خبطش المشوار ووقفت فى الطابور ع الفاضى. الصديق: عموما الدنيا هديت دلوقت وتقدر ترجع بيتكم. حصاوى: بس اطمن على أهلى فى الصعيد. الصديق: اطمن الصعيد ما حصلش فيه ضحايا. حصاوى: بس جيت أسافر قالوا لى السكة الحديد مقطوعة زى أيام ثورة 19 ضد الإنجليز. الصديق: هو أهلك فى قنا؟ حصاوى: لا بس إيش عرفنى أن السكة الحديد مش هتتقطع فى أى حتة أروحها؟ الصديق: ما تبقاش متشائم، أنا خايف يغمى عليك زى العادة، واحمد ربنا، دا أنا افتكرتك استشهدت وبقيت من ضحايا الثورة. حصاوى: مستحيل طبعا. الصديق: ليه بقى؟ حصاوى: عشان ما محدش ممكن يستشهد ويبقى ضحية مرتين. (الصديق يغشى عليه فى الحال).