البحث عن الحقيقة فى هيئة الطاقة الذرية، يشبه إلى حد كبير البحث عن إبرة فى كومة من القش، خاصة فيما يتعلق بأزمة "التسرب" التى شهدها مفاعل إنشاص، إذ خرجت من قيادات الهيئة ووزارة الكهرباء، 4 تصريحات متناقضة عن الأزمة، ففى الوقت الذى من المفترض أن تتسم تصريحات الهيئة بالدقة، نظرا لما يمثله هذا المرفق من أهمية. الأزمة تم الكشف عنها بتصريح للدكتور سامر مخيمر، القائم بأعمال رئيس قسم المفاعلات السابق بإنشاص، أكد فيه حدوث تسرب لمياه فى أحد خزانات مفاعل أنشاص البحثى الأول، يوم ال25 من مايو الماضى، وبمجرد انتشار الخبر، سارع الدكتور محمد طه القللى رئيس الهيئة بنفى الخبر جملة وتفصيلا، وأرسل لكافة وسائل الإعلام بيانا نفى فيه وجود أى تسريبات إشعاعية بالمفاعل. وعلى هامش الأزمة، شن القللى، هجوما عنيفا ضد الدكتور سامر مخيمر قائلا: إنه لم يكن يوما رئيسا لقسم المفاعلات، وأنه – أى مخيمر - موقوف عن العمل منذ أكثر من خمسة أشهر بعد اتهامه تأديبيا وجنائيا فى أفعال تخدش الشرف والاعتبار، وصدر حكم ضده بالحبس لمدة شهر وتعويض قدره 10 آلاف جنيه. أما المفاجأة فكانت فى نفس اليوم، إذ أرسلت وزارة الكهرباء والطاقة، بيانا للصحف أيضا على لسان الدكتور محمد القللى قالت فيه أن المستوى الإشعاعى فى غرفة طلمبات المفاعل الأول، والتى أجريت لها صيانة دورية يوم 25/5/2011 فى حدود المستوى القاعدى الطبيعى فى هذه الغرفة، وكذلك فى منطقة صالة المفاعل والمنطقة المحيطة به. ثم بادر الدكتور نجيب عشوب، رئيس شعبة المفاعلات النووية بإنشاص، بإرسال بيان ثالث اختص به "اليوم السابع"، أكد فيه أن هيئة الطاقة الذرية قامت يوم الأربعاء 25 مايو الماضى بصيانة لبعض مضخات المفاعل، واعترف فى البيان، بحدوث تسرب فى خزان تجميع المياه بالمفاعل نتيجة تقادم بعض المعدات، مؤكدا أن علماء المفاعل تمكنوا من السيطرة على الموقف وإعادة الوضع إلى ما كان عليه سريعا. وأضاف: فى اليوم التالى كان المفاعل يخضع للتفتيش الروتينى الدورى من قبل مفتشى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، للتأكد من إجراءات سلامة المفاعل، ولم يسجل المفتشون وجود أية حوادث للتسرب الإشعاعى، رغم أنهم يمتلكون أجهزة قياس مستويات الإشعاع ذات الحساسية العالية، والتى استمروا يعملون بها 5 ساعات متواصلة، دون إدانة هيئة الطاقة الذرية أو العاملين بالمفاعل. وعلى نفس الخط سار الدكتور أحمد المسيرى مقرر لجنة منح ترخيص مشغلى المفاعلات والأستاذ بمركز الأمان النووى، وأرسل أيضا ل "اليوم السابع" بيانا ينفى تشغيل المفاعل، ويؤكد إجراء أعمال صيانة لا تتطلب موافقة الجهة الرقابية. وأضاف المسيرى، فى بيانه قائلا: تم تشغيل طلمبات التشغيل لمدة 5 دقائق ثم إغلاقها لغرض تدوير المياه فى الدائرة الأولى بعد ركودها لمدة سنة، (لعدم صدور إذن بالتشغيل من الجهة الرقابية)، حتى لا تصدأ المواسير وانصرف العاملون يوم الأربعاء 25/5، وفوجئوا يوم الخميس 26/5 بنقص المياه مستوى المياه فى حوض المفاعل (3 متر انخفاض عن سطح الحوض فى الأحوال العادية)، وتم على الفور تعويض النقص بضخ مياه جديدة. وأكد المسيرى، أن هذه الواقعة فى علم الأمان النووى تعتبر "حدث" وليس "حادثة" والفرق كثير بين خطورة التعريفين، وهذا الحدث يعتبر من الحوادث العارضة عن ظروف التشغيل الاعتيادية، نافيا وجود أية خطورة على سكان المنطقة المحيطة. واستمرارا لمسلسل التصريحات المتناقضة، أصدر مجلس الوزراء بيانا اليوم الأربعاء، نفى فيه حدوث أى تسريبات إشعاعية من مفاعل أنشاص، وتضمن البيان أن المفاعل سليم وآمن.
