شريف الهلالى مدير المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدنى وحقوق الإنسان، لا يتفق مع الحكومة المصرية فى تقييم تقرير الخارجية الأمريكية حول أوضاع حقوق الإنسان والحريات فى مصر، والتى لا تزال موضع جدل لدى كثيرين، حيث ترى أمريكا أن وضع الحريات سيئا فى مصر، فيما ترد الحكومة بأن التقرير "مفترى" و"سافر". لم تقف الحكومة المصرية فى رأيها حول التقرير الأمريكى عند حد وصفه بالسفور، بل ترى أنه تدخل فى الشأن المصرى، ويرى الهلالى أن ما جاء فى التقرير لا يمثل سوى الواقع دون أى مبالغات، كاشفاً كثيراً من التفاصيل فى هذا الحوار: ما تحليلك للتقرير الأخير الصادر بشأن الحريات الدينية فى مصر؟ لم أقرأ التقرير بأكمله، ولكن تابعت ما كتبته الصحف وأثق تمام الثقة فيه، لأن معظمه حقيقى، خاصة فيما يتعلق بالانتهاكات والتعذيب وتزوير الانتخابات، ناهيك عن انتهاك الحريات الدينية المقيدة، وعدم ترك كل شخص يعتنق الديانة التى يؤمن بها كما نص الدستور. هل يحق لدولة أن تراقب أخرى وتصدر تقريرا يقلل من شأنها؟ لم تعد قضايا حقوق الإنسان والأقليات والحريات قضايا داخلية بل أصبحت من قضايا الرأى العام العالمى، فهناك منظمات دولية تقنن هذه القضايا وما يتعلق بها من اتفاقيات، وكما نتحدث فى مصر والعالم العربى، فإن سجن (جوانتانامو) على سبيل المثال، تعرض لانتقادات شديدة من المنظمات الدولية التى أصدرت بشأنه تقارير عما يحدث فيه من تجاوزات. أنت مؤيد لهذا التقرير ولكن ألا ترى أنه عندما يتهم الحكومة بالتحامل على الطرف المسيحى فى أحداث (دير أبو فانا)، فإن ذلك يثير فتنة طائفية فى مصر؟ نعم بالتأكيد. ما فائدة مثل هذه التقارير لأى بلد؟ لها فوائد عديدة أهمها توضيح مدى احترام الحكومات للقوانين، فتلك التقارير تضع يدها على نقاط الضعف، كما أنها تقدم اقتراحات بشأن تعديل بعض القوانين المنظمة للحريات ولحقوق الإنسان، ويمكننا القول إنها تقدم صورة حقيقية لصانع القرار. أكد تقرير الخارجية الأمريكية للعام الماضى نفس الاتهامات، هل هذا يؤكد عدم اهتمام مصر بتحسين أوضاعها أم أنها تعتبرها اتهامات باطلة هدفها تشويه صورتها أمام الرأى العام العالمى؟ بالطبع ما أشرتما إليه صحيحا بشأن عدم اهتمام مصر بمثل هذه التقارير، فمصر لا تتعامل مع المشاكل بصورة جيدة، وإذا نظرنا للأحداث الطائفية التى تحدث من حين لآخر سنجد أن هناك قصورا من قبل الحكومة فى معالجتها، الأمر الذى أدى إلى زيادتها مع مرور الوقت. اعتبرت مصر أن هناك قوى خارجية تستخدم ما يجرى فى الداخل لخدمة أهداف بعينها، هل تعتقد فى صحة هذا التحليل؟ القوى الخارجية لها أهدافها لا شك فى ذلك، فمن الممكن أن تستخدم مثل هذا التقرير لحرمان مصر من المعونة التى تتلقاها ما دامت تنتهك حقوق الإنسان. هل يعنى ذلك أن تقليل المعونة الأمريكية جاء كعقاب لمصر على تجاهلها لمثل هذه التقارير؟ احتمال كبير أن يكون هذا هو ما حدث. هل يمكن أن يكون السبب خلاف مبارك مع بوش خلال منتدى الاقتصاد العالمى بشرم الشيخ؟ لا أعتقد. لاقى التقرير قبولاً من القوى الإسلامية والمسيحية ورفضه المسئولون، فبما تفسر ذلك؟ يرفض المسئولون دائما أى تقرير يدين حقوق الإنسان، سواء أكان من منظمة حقوق الإنسان المصرية أو العربية أو العالمية، وهذا طبيعى لما تضمنه من إدانة لهؤلاء المسئولين. هل يكفى رفض مصر لهذه التقارير كرد فعل؟ لا، بل عليها أن تحسن التصرف مع الأزمات والفتن التى تحدث من حين لآخر، ولا تجامل طرفا على حساب الآخرين، فالتمييز فى مصر ليس مجتمعياً وإنما حكومياً.