فى الوقت الذى يدقق رجال الشرطة على حزام الأمان، وطفاية الحريق بالسيارات، والمثلث الضوئى وحقيبة الإسعاف، ومتابعة أصحاب الاتجاهات السياسية والحزبية، ومقاومة أى نوع من التظاهر والإضرابات والاعتصامات، نجد أنها وقفت عاجزة أمام الحريق الذى التهم مبانى مجلس الشورى ومبنى الرى وامتد لمجلس الشعب. فحريق مجلس الشورى أوضح للجميع، عجز أجهزة الدفاع المدنى والإطفاء، عن تطويق الحريق الذى بدء فى الساعة الخامسة مساء، فى حين أن أول تحرك فعلى من أجهزة الدفاع المدنى وجهاز المطافئ لتطويقه، كان فى الساعة السادسة والنصف وكانت البداية لمقاومة الحريق بدائية للغاية كما أكد شهود العيان. وكان من الطبيعى أمام ضعف مواجهة الحريق، أن ينتشر الحريق بالمبانى المجاورة كما حدث بالفعل مع مبنى وزارة الرى، الذى يقع داخل مجلس الشورى، وأجزاء من مجلس الشعب، وأن النيران أتيت على مبنى الشورى بأدواره الثلاثة، كما ترتب على الحادث مقتل أحد جنود الإطفاء، ويدعى فؤاد نصار الذى يعمل ضمن وحدة الإطفاء التابعة لمجلس الشورى. ومن الغريب أننا نجد أن أثناء اشتعال النيران، لم تستغن وزارة الداخلية عن السيارة التى تستعملها كبوفيه متنقل، وقامت بتقديم المشروبات الساخنة والباردة لقيادات الشرطة! وهذا الحادث ليس الأول من نوعه، الذى يكشف عجز الأجهزة الأمنية عن مواجهة الكوارث، فحادث أولاد حنفى وأحداث العنف بأسيوط لم يتم تطويقهما إلا بعد دخول الجيش لحل المشكلة. وعن ذلك يقول اللواء زكريا حسين المدير الأسبق لأكاديمية ناصر العسكرية، إن أسباب لجوء الحكومة لاستخدام القوات المسلحة فى إطفاء حريق مجلس الشورى لسببين، أولهما أن القوات المسلحة هى أكثر قدرة على تنفيذ الأوامر بدقة واحترافية والسبب الثانى يعود للإمكانيات الكبيرة لدى القوات المسلحة، من حيث المعدات الفنية والتى دائما ما تكون مصانة بشكل دورى، وأضاف اللواء زكريا فى حديث لليوم السابع أن دور القوات المسلحة المصرية والتى تتمتع بثقافة قتالية متوارثة تدفع الحكومة دائما لاستغلالها فى أوقات الأزمات، التى تمر بها البلاد وهذا هو دور الجيش فى حال عدم وجود خطر أمنى خارجى يهدد أمن البلاد. تحرك بعد الكارثة وكالمعتاد لم تتحرك الداخلية إلا بعد وقوع الكارثة، فقد قامت الأجهزة الأمنية بمراجعة وسائل الأمان وأدوات مقاومة الحريق بالمبانى الحساسة والسيادية والهامة، وعلى رأسها مطار القاهرة، خوفا من أن يكون هناك خلفيات عنفوية وراء الحادث حيث قامت شركة ميناء القاهرة الجوى بالتعاون مع السلطات الأمنية الأربعاء بمراجعة جميع وسائل الإطفاء والإنقاذ والخطط المعدة مسبقاً لمواجهة الحرائق والحوادث فى مختلف قطاعات المطار. أكد صابر أحمد على مدير إدارة الدفاع المدنى بشركة ميناء القاهرة الجوى، بأنه ستجرى دورات تدريبية تستهدف تعليم مختلف الكوادر البشرية كيفية التعامل مع الحرائق، مشيراً إلى أن كل مجموعة من المتدربين تضم خمسين عضوا وذلك لرفع درجة الوعى لدى كل العاملين. كما أعلنت الحكومة على لسان رئيس الوزراء أن هناك مراجعات فورية تمت للاطمئنان على وسائل إطفاء الحريق بمختلف الوسائل الحكومية، وذلك من أجل طمأنة الرأى العام. وتقوم الأجهزة الأمنية حاليا بمراجعة وسائل الأمان ضد الحرائق بالوزارات ومبنى مجلس الشعب والمحافظات والمجالس الشعبية المحلية، وكأن هذه الأمور لا تستدعى الاهتمام بها إلا بعد سقوط الكوارث. وهذا ما عودتنا عليه وزارة الداخلية دوما، فبعد أحداث الأزهر وجدنا انتشارا أمنيا مريحا وتأمينا كاملا للسياح، لكن بمرور الأيام "عادت ريمة لعادتها القديمة" فمتى تكون الداخلية على مستوى الحدث، ومتى تتحرك قبل وقوع الكارثة؟