مفاجأة بسعر الدولار اليوم في البنوك ومكاتب الصرافة    إصلاحي في مواجهة الأصولية، من هو الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان؟    موعد ومكان تشييع جنازة اللاعب أحمد رفعت    فتح أبواب اللجان الامتحانية أمام طلاب الثانوية العامة    نسرين أمين : « ولاد رزق » وشهم حلو عليا l حوار    شاهد.. أخر لقاء قبل وفاة أحمد رفعت (فيديو)    حدث ليلا.. الفصائل الفلسطينية تحذر وتقصف مقر الجيش الإسرائيلي وفيروس مميت ينتشر في أمريكا وبايدن يدافع عن نفسه    البابا تواضروس الثاني يترأس القداس الإلهي وسيامة آباء كهنة بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية    عاجل.. الزمالك يرد على أنباء حرمانه من الجماهير أمام الأهلي بالسوبر الأفريقي    يورو 2024| تشكيل منتخب إنجلترا المتوقع لمواجهة سويسرا    محافظ سوهاج الجديد لم يدخل مكتبه.. استهل عمله ببحث تطوير المنطقة الأثرية بأخميم    ضبط شقيق عصام صاصا لاتهامه في تزوير توكيل قضية بالهرم    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط»| اليوم    هيثم عرابي ينعى أحمد رفعت لاعب مودرن سبورت    الأونروا تحذر من خطر القنابل غير المنفجرة بين البيوت في غزة    15مليون جنيه تحسم مصير «أوباما» مع الزمالك    وفاة اللاعب أحمد رفعت إثر تدهور حالته الصحية    «في الساحل الشمالي».. شوبير يكشف عن أولى صفقات الأهلي (فيديو)    حكم النحر عند شراء سيارة أو بناء منزل جديد.. فرض أم بدعة؟    107 كلمات غير مفهومة أطلقها «بايدن» في أول لقاء له بعد مناظرة ترامب    أبرز تصريحات بايدن في أول مقابلة بعد مناظرته أمام ترامب    التعليم تتيح التقديم في 81 مدرسة للتكنولوجيا التطبيقية للعام 2025    توفيت في حادث سير.. من هي لونا الشبل مستشارة بشار الأسد؟    رئيس وزراء بريطانيا الجديد يتخذ أول قراراته: إلغاء قانون رواندا    احتفالات السنة الهجرية الجديدة 1446 في العراق    مؤلف ففرقة العمال المصرية: أمضيت 7 سنوات في توثيق مشاركة نصف مليون مصري في الحرب العالمية الأولى    وزير الثقافة الأسبق: دار الوثائق القومية تعرضت لهجوم من الإخوان    بكام الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم السبت 6 يوليو 2024    احتفالات السنة الهجرية الجديدة 1446 في المالديف    وزير التربية والتعليم يوضح أهم التحديات التي تواجه الوزارة    تشكيل فنزويلا الرسمي ضد كندا في كوبا أميركا 2024    قوات الدفاع الجوي الأوكرانية تسقط 4 صواريخ روسية موجهة شرقي البلاد    الارصاد: طقس اليوم حار رطب نهارا مائل للحرارة ليلا على أغلب الأنحاء.. والعظمي بالقاهرة 35    نتيجة الدبلومات الفنية 2024 "عاااجل" الدور الأول عبر بوابة التعليم الفني برقم الجلوس    محمد حماقي يحيي حفل كامل العدد في بورسعيد.. صور    6 أعمال احرص على فعلها قبل صلاة الفجر.. تغفر ذنوبك وتوسع رزقك    أيمن الجميل: نجاح المشروعات الزراعية الجديدة بالأراضي الصحراوية يفتح الباب لمضاعفة الرقعة الزراعية وتحقيق الأمن الغذائي    الغرفة التجارية: لا يوجد أي مؤشر لانخفاض أسعار السيارات في السوق    عبد الرحيم علي يهنئ ماجد موسى بقرار مد خدمته رئيسًا لجمارك مطار القاهرة    بعد دقائق.. ثروت سويلم ينفي نفسه بسبب الأهلي وبيراميدز (فيديو)    حظك اليوم برج العذراء السبت 6-7-2024، على الصعيدين المهني والعاطفي    مصرع شخصين وإصابة 7 في حادثي سير بالمنيا    اتهام محامِ شهير بالتعدي على «فتاة» داخل مكتبه في الهرم (تفاصيل)    قرار من وزير التربية والتعليم الجديد بشأن الثانوية العامة    قصة تاريخ العام الهجري الجديد.. داعية يوضح    رأس السنة الهجرية 1446.. أجمل التهاني والأدعية    يقلل الاكتئاب ويحسن صحة العقل.. فوائد مذهلة للحليب الذهبي    تحمي القلب وتعزز الإبداع.. 7 فوائد صحية لنوم القيلولة يوميا    مرض أسماء جلال تسبب في خسارة وزنها خلال أيام قليلة.. تحذير من هذه الأعراض    عملية «شفط دهون» تنهي حياة سيدة سعودية بأحد المراكز الطبية في القاهرة    التصريح بدفن عامل سقط من أعلى عقار تحت الإنشاء بسوهاج    الأنبا إغناطيوس برزي: الأسرار المقدسة منها خمسة عمومية    حزب الله: بهذه الصواريخ قصفنا مستوطنة مرجليوت    «خلينا ندي الفرصة للناس تشتغل».. مصطفى بكري بعد تشكيل الحكومة الجديدة    مواجهة سرقات التيار وخفض نسبة الفقد.. أهم ملفات وزير الكهرباء (فيديو)    قداسة البابا فرنسيس يبعث برسالة إلى شباب مؤتمر اللاتين بمصر    «هنمنع عنكم طائرات الأباتشي».. نبيل فهمي يكشف تهديد أوباما بعد ثورة 30 يونيو (فيديو)    الصحة العالمية تحذر من مادة مسرطنة يستخدمها الملايين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كل هذا الحقد
نشر في صباح الخير يوم 24 - 11 - 2009

لم يكن أشد المتشائمين يتوقع ما حدث للبعثة المصرية فى السودان فى لقاء مصر والجزائر الفاصل للصعود إلى نهائيات كأس العالم.. فرغم كل التحذيرات.. وكل التقارير التى جاءت وخرجت تؤكد أننا لسنا مقدمين على مباراة كرة.. بل مقدمين على معركة حربية.. بل توقعت ما هو الأسوأ بحدوث مصادمات عنيفة بين الجماهير الجزائرية والمصرية قد تصل إلى حد المجزرة.. فكل التقارير التى جاءت من السودان قبل المباراة كانت تؤكد أن جماهير الجزائر التى ذهبت إلى السودان لم تكن تبغى المباراة أو النتيجة.. ولكن متحفزة للانتقام من الجماهير المصرية بعد أن خدعتهم وسائل إعلامهم وسفارتهم الجزائرية وسفيرهم فى مصر بأن جماهير ومشجعى الجزائر تم البطش بهم فى القاهرة فى مباراة 41 نوفمبر، وأنه تم ذبح العديد منهم.. ورغم كل التكذيبات إلا أنهم رفضوا أن يصدقوا وأقسموا على المضى فيما هم عازمون عليه وهو الانتقام.
وعلى الرغم من أننا جميعاً شاهدنا محطاتنا الفضائية التى نقلت وتلقت اتصالات تؤكد هذه التقارير.. وأن هناك بعض الأنباء التى أكدت أن هناك أكثر من 03 ألف مشجع وصلوا فعلاً إلى الجزائر.. عشرة آلاف منهم لمشاهدة المباراة و02 ألفا سيرابطون خارج الاستاد ليشتبكوا مع الجماهير والمشجعين المصريين.. ورغم كل هذا فنحن كشعب طيب لم نأخذ خوانة، ولم نتوقع أن يصل الأمر إلى هذا الحد بين شعبين عربيين وبسبب مباراة كرة.. وكان عندنا حسن وسلامة نية إلى أبعد الحدود.. لكنها سلامة النية التى تلقى بنا فى التهلكة.. الجهات المعنية تعاملت مع المباراة كأنها مهرجان رياضى.. كأنها رحلة للوقوف خلف منتخبنا الوطنى وتشجيعه بنظافة وحب ووطنية.. والفائز فى النهاية نقول له مبروك.
نحن ذهبنا بكبار فنانينا وإعلاميينا.. بل كبار ساستنا فى مظاهرة حب حقيقية.. وهم للأسف ذهبوا إلى السودان بالبلطجية والعاطلين والعاهرات، وللأسف كلهم جاءوا على حساب دولتهم.. ورئيسهم الذى أبى إلا أن تكون معركة حربية ضد بلد يعرف أن أياديه البيضاء عليه وعلى شعبه كثيرة.
هذه المقدمة الطويلة كان لابد منها لمحاولة فهم ما حدث على أرض السودان.. فقد كان موعدنا للسفر مع وفد المجلس القومى للرياضة والذى قام بتخصيص طائرتين لنقل ممثلين عن الهيئات الرياضية المختلفة فى مصر للوقوف خلف المنتخب الوطنى.. وتحدد لنا الموعد الساعة الثالثة فجر الأربعاء من مبنى الركاب، ولم يكن أحد فينا يدرى ما نحن مقدمون عليه من مصير كنا نتوقعه حلماً جميلاً لكن كان أشبه بالكابوس.
تجمعنا.. ووصلنا إلى مطار الخرطوم فى الساعة السادسة صباحاً بتوقيت القاهرة.. السابعة بتوقيت الخرطوم بعد رحلة دامت ساعتين ونصف تقريباً.. وعندما نزلنا من الطائرة وركبنا الأتوبيس الداخلى وجدنا طائرات وليس طائرة تقل المشجعين الجزائريين.. تحركت الأتوبيسات إلى صالة الوصول فوجدناهم يمنعون دخول المصريين الصالة نظراً لوجود بعض الجزائريين داخلها.. وفعلوا هذا منعاً للاحتكاك بيننا.. بعدها بدقائق سمحوا لنا بالدخول.. وفى دقائق سريعة تم ختم جوازات السفر.. لكننا عدنا مرة أخرى إلى المكان الذى تجمعنا فيه.. نظراً لوجود أتوبيسات المشجعين الجزائريين.. وعلى أرض المطار كانت البداية.. الجماهير الجزائرية توجه الشتائم والسباب والتلويح بالأصابع والأذرع.. إلى مشجعين مصريين كانوا لايزالون على الطائرة.. والمشجعون المصريون ردوا عليهم بهتافات: تحيا مصر.. ورفعوا العلم المصرى وأكثر من هذا لم يحدث، وحدث نوع من الدربكة عند الإخوة السودانيين، فأخذونا مرة أخرى إلى أرض المطار لنستقل الباصات إلى الصالة الخارجية.. وفوجئنا أن نصف البعثة لم يختموا الباسبورات.. وفى الخارج كان فى انتظارنا مسئولو العلاقات العامة بالمجلس القومى للرياضة، والذين قسمونا إلى مجموعات، وتحركت السيارات التابعة لنا إلى مجموعة فيللات تم تأجيرها خصيصاً لراحة الوفد قبل الذهاب إلى المباراة.. وفى الطريق إلى هذه الفيللات شاهدنا مجموعات كبيرة من الجزائريين يركبون الميكربوصات الصغيرة ويلوحون بالأعلام، وما أن شاهدونا حتى أخرجوا الأسلحة البيضاء.. ومرروها على رقابهم علامة الذبح.. والأهم من هذا أن معظم التكاتك التى كانت تسير فى شوارع أم درمان كانت تحمل الأعلام الجزائرية.. لكن التشجيع من الأخوة السودانيين كان لمصر.. ويلوحون لنا بعلامة النصر حتى وهم ممسكون بالأعلام الجزائرية.
فى الفيللا جاءت لنا التعليمات بأن الساعة الثانية والنصف بتوقيت السودان سيكون التجمع للذهاب إلى السفارة المصرية حيث ستجتمع كل الوفود هناك، ومن هناك سننطلق جميعاً إلى السفارة فى موكب واحد وفى حراسة أمنية أمام وخلف الموكب.
وصلنا السفارة وكانت مظاهرة مصرية رهيبة.. وانطلقنا فى حراسة أمنية جميعاً إلى الاستاد حيث وصلنا فى الساعة الثالثة بتوقيت القاهرة.. الرابعة بتوقيت الخرطوم.. ومنذ لحظة وصولنا الاستاد بدأت المشاكل.. وبدا أن كل شىء أصبح يسير للأسوأ.
كان من المفترض منذ وصول الجماهير المصرية إلى استاد المريخ أن يكون هناك تنظيم لعملية دخول المصريين للاستاد.. ولكن للأسف تدافع المشجعون المصريون مع الجماهير السودانية للدخول من بوابات ضيقة للغاية.. والمشكلة كانت المعاناة حتى نصل إلى هذه البوابات نتيجة التكسير والتراب الذى كان يملأ المنطقة المحيطة بالاستاد.
وصحيح أن هناك بوابات كانت مخصصة للجماهير المصرية، لكن الأمن والمنظمين السودانيين كانوا يدققون بشدة فى تفتيش المصريين لدرجة أنهم منعوا زجاجات المياه مع العديد من الجماهير فى الوقت الذى لم يتم فيه منع هذه الأشياء مع الجماهير السودانية أو الجزائرية، وكان دخولنا عن طريق المقصورة.. وبالكاد دخل معظمنا أو الذين كانوا فى المقدمة.. وبمجرد أن دخلنا المقصورة فوجئنا بها مزدحمة للغاية.. خاصة الصفوف العليا كانت تمتلئ بالجماهير السودانية مع أنها كانت مخصصة للجماهير المصرية.. ورغم الزحام الشديد استطعنا أن نجلس على بعض الكراسى أمام السور العلوى الذى كنا نرى من خلاله الملعب بصعوبة.. وبدأت أفواج المصريين تتوالى دون أن يجدوا أماكن لهم فافترشوا الأرض أمام السور وأمام كراسى المقصورة واحتلوا السور، لدرجة أنه كانت هناك استحالة رؤية الملعب إلا من الوضع واقفا على كراسى المقصورة.. كان موقعنا عن يمين المقصورة الرئيسية وكبار الضيوف، لكن يصعب رؤية الملعب بكامله.
الغريب أنه استمرت الأفواج الهادرة من المشجعين المصريين والسودانيين يتوافدون على الاستاد وعلى المقصورة نفسها لدرجة أن الناس أصبحت تجلس فوق بعضها البعض.. ولدرجة تدافعت فيها الجماهير حتى داست بعضها البعض فحدثت إغماءات عديدة بين المصريين واشتباكات بين السودانيين بعضهم البعض.. واشتباكات بين الأمن السودانى والسودانيين والمصريين على السواء، لدرجة أنهم أصبحوا عاجزين عن السيطرة على الموقف.. ولدرجة أنه من كثرة الجماهير وتدافعها بعد أن كسروا البوابة الرئيسية توقعت أن ينهار المدرج بمن عليه بعد أن تجاوزت سعته أربعة أضعاف سعته الفعلية..وكانت الصورة واضحة تماماً.. هناك أكثر من 71 ألف جزائرى فى مدرجاتهم.. وأكثر من 52 ألف سودانى ومصرى فى مدرجات المصريين.. واختلط الحابل بالنابل.. هنا تيقنت أن أسوأ قرار تم اتخاذه هو إقامة المباراة الفاصلة فى السودان الذى لا يملك إمكانات تنظيمية عالية وكان غير مسيطر على الإطلاق.. وكان الاهتمام الغريب الذى شاهدناه هو تأمين الملعب نفسه حتى لا يحدث شغب من الجماهير.. وبالفعل كان هناك أكثر من خمسة آلاف من الأمن السودانى يقفون ما بين الملعب وما بين مدرجات المشجعين وهذا كان مقصوداً لأن السيناريو المتوقع أنه إذا أحرزت مصر هدفاً.. سينزل المشجعون الجزائريون لأرض الملعب لإفساد المباراة. ومع الزحام الشديد فى المقصورة لم نكن نستطيع رؤية الملعب إطلاقا، وفشل الأمن تماما فى إبعاد الجماهير عن السور وفشلت محاولة إجلاسهم على الأرض لأن هناك جماهير جلست أمام السور بحيث لا نرى، واضطر الجميع إلى الوقوف على كراسى المقصورة فى محاولة منهم لرؤية المباراة التى شاهدناها طشاش من كثرة وقوف الجماهير وصراخهم.
انتهت المباراة.. وخرجت الجماهير المصرية حزينة.. وكانت التعليمات أن نذهب للأتوبيسات فورا.. ولكن هيهات.. حاولنا البحث عن هذه الأتوبيسات دون جدوى.. والتكسير والحفر والأشواك تملأ المكان حول الاستاد.. والظلام يحيط بالمكان والتخبط هو سيد الموقف.. وأخيرا دلنا أحد رجال الأمن السودانيين على الباركينج الذى وضعت فيه أتوبيسات المصريين وهو ساحة كبيرة تجمع فيه أكثر من 53 حافلة.. وبدأت رحلة العذاب هناك.. نتيجة للظلام والزحام والفوضى.. وكل واحد يبحث عن الأتوبيس الذى جاء فيه دون جدوى، وكان الجميع يدور فى حلقة مفرغة.. الكل يبحث عن ضالته.. واستمر هذا الموقف أكثر من ساعتين بعد انتهاء المباراة.. وفى المقابل بدأ كل مسئول عن فوج يتوجه فى البحث عن المرافقين له.. وأخيرا اهتديت إلى مكان الأتوبيس.. فالأتوبيسات معظمها تشبه بعضها البعض والوحيدة التى كان مكتوبا عليها لافتات واضحة هى أتوبيسات الحزب الوطنى وبأرقام واضحة.. وهنا حدث خطأ تنظيمى آخر.. فبعض الأتوبيسات كانت تسير فى طريقها إلى المطار دون حراسة ودون تأمين.. وكان الأجدر أن تتجمع الأتوبيسات كلها وتسير فى موكب واحد بحراسة أمنية مشددة أمام وخلف الموكب مثلما ذهبنا إلى الاستاد.. ولكن هنا كان الأمن قد تركنا لمصيرنا، عدا بعض الأتوبيسات التى ذهبت للسفارة أولا فتم تأمينها فى طريقها للمطار.
تأخر الأتوبيس المقل لنا عن السير لأننا لم نجد اثنين من زملائنا ولم نستطع أن نتركهما على الإطلاق.. وفى هذه الأثناء فوجئنا بالكابتن يحيى السيد يصعد الأتوبيس وهو مصاب فى وجهه.. وتوقعنا أنه تلقى طوبة، ولكنه طمأنا وأكد أنه تعثر وسقط على صخرة وذهب لعمل الإسعافات وعندما عاد وجد كل الأتوبيسات قد غادرت، وفى هذه الأثناء وصلتنا الأنباء عن تعرض بعض الأتوبيسات لاعتداءات الجماهير الجزائرية وأن هناك من قطع الطريق على الأتوبيس الذى كان فيه الفنان محمد فؤاد وبعض زملائه الفنانين وأنه اتصل بعمرو أديب فى برنامج القاهرة اليوم ليبلغه أن هناك اعتداءات بالجملة على المشجعين المصريين.. وأنهم يتعقبوننا. وأخيرا وجدنا الزميلين التائهين.. وقررنا الذهاب إليهما فى مكانهما ولتأمين الطريق قررنا إغلاق ستائر الأتوبيس بالكامل وإطفاء أنواره تماما.. وكذلك الأنوار الخارجية.. ومع ذلك رفض السائق التحرك إلا بحماية.. وبالفعل ذهبنا إلى قسم الشرطة لتخرج معنا سيارة شرطة مصفحة ومسلحة فتحت لنا الطريق إلى المطار.. وكنا نقابل العديد من ميكروباصات المشجعين الجزائريين ولكن كانوا لا يشعرون بنا.. حتى وصلنا إلى أرض المعركة أقصد أرض المطار.. فوجئت بأغرب منظر هناك.. أكثر من ستة أو سبعة أتوبيسات زجاجها مهشم تماما.. والأرض كلها مليئة بالزجاج وكثير من المشجعين المصريين مصابون بشظايا الزجاج الذى تكسر عليهم.. ونزلنا من الأتوبيس وتجمعنا مع بقية المشجعين، وكان الموقف أكثر من غامض فكل الرحلات تم إلغاؤها.. وعلمنا أن الأوامر العليا صدرت بإرسال تسع طائرات لنقل المصريين.. وبالفعل بدلا من أن ندخل على صالة السفر دخلنا من باب السيارات التى تدخل مباشرة على مهبط الطائرات، وكانت هناك ثلاث طائرات أقلت مجموعة من المصريين، وتوقعنا أن بقية الطائرات ستأتى مع الصباح الباكر.. لكننا فوجئنا بأن هناك أربع طائرات لشركات مصرية ومنها مصر للطيران تهبط أرض المطار لتقل العائدين دون تأشيرة خروج أو باسبور.. وما شاهدته لم يحدث فى أى مكان فى العالم.. حرم المطار وهو المكان الذى تهبط وتقلع منه الطائرات يكون مكدسا بهذا العدد فقد كنا أكثر من تسعة آلاف مصرى على أرض المطار.. وتجمعت القنوات الفضائية تصور الأحداث.. والكل تائه لا أحد يعرف متى سيرحل.. ومتى سيصل إلى أرضه وكانت الجماهير تفترش أرض المطار وتنام على الرصيف وتمشى فى أرجائه دون هدى.. وكانت الإشارة المعروفة للذهاب إلى الطائرة هى قدوم الأتوبيسات التى تقلنا إليها.. وكان كل أتوبيس يأتى يهجم عليه الجماهير دون هدى أو تنظيم حتى يمتلئ فيذهب بهم إلى الطائرة.. وفى هذا المكان قابلت بعض الزملاء الصحفيين معى فى المؤسسة ووقفت أتحدث معهم، حتى فوجئت بأتوبيس يأتى من بعيد فأشرت إليهم بالذهاب بسرعة.. وبالفعل جرى الجميع إلى الأتوبيس وما أن صعدنا وامتلأ حتى ذهب بنا إلى إحدى الطائرات التى امتلأت بالركاب فأنزلوا من كان على السلم.. وأخذنا الأتوبيس إلى طائرة أخرى تابعة لشركة مصرية أخرى ونزلنا بها وتدافع الجميع على السلم ليلحق مكانا وبالفعل صعدنا على الفور لكن طاقم الطائرة طلب منا رؤية جوازات السفر للتأكد من أن الذين على الطائرة ركاب مصريين.. وبعد ذلك توقعنا أن نتحرك وأن تقلع الطائرة على الفور إلا أنها لم تقلع.. وكاد الركاب أن يتشاجروا مع الكابتن وطاقم الضيافة من فرط توتر أعصابهم.. وهنا أفهمهم الطاقم أن هناك مشكلة فى المطار.. إنه لا يتسع لهذا العدد الكبير من الطائرات، وإن هناك مشكلة باركينج وأن هناك طائرة ركنت خلفه وهى تمون بنزين وتحمل ركابا.. ولا يستطيع أن يتحرك.. وأخيرا وبعد ساعة ونصف الساعة من الانتظار أقلعت الطائرة فى الثالثة والنصف بتوقيت القاهرة الرابعة والنصف بتوقيت الخرطوم.. أى 12 ساعة بالتمام والكمال فى أغرب رحلة، وفى السادسة حطت الطائرة فى مطار القاهرة لنفاجأ بأغرب موقف لم نشاهده من قبل على الإطلاق فى صالة الوصول لجميع المصريين العائدين تباعا وأكثر من خمسة آلاف كانوا فى هذه الصالة غير مصدقين أنهم أفاقوا من أسوأ كابوس تعرضوا له.. وأصعب وأطول يوم فى تاريخ المصريين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.