ساعة ونصف فقط قضاها الدكتور نبيل العربى، وزير الخارجية الجديد، صباح اليوم فى مكتبه بالدور الثانى بمبنى الخارجية المطل على كورنيش نيل القاهرة، قضاها فى التعرف على أعضاء مكتبه، بعدها انطلق فى طريقه لمطار القاهرة لاستقبال الرئيس السودانى، عمر حسن البشير، الذى سيصل للقاهرة ظهر اليوم للقاء المشير محمد حسين طنطاوى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة. العربى وصل للخارجية فى التاسعة والنصف صباحا، دخل مكتبه فى هدوء تام دون أن يشعر به أحد، تنتظره عدد من الملفات التى قال عنها إنها تحتاج لإصلاحات تتناسب مع ثورة 25 يناير، منها اتفاقية النيل التى دخلت مرحلة شديدة الخطورة على مصر بعد توقيع بوروندى على الاتفاق الاطارى لتقترب الاتفاقية المضرة بمصالح مصر المائية من التنفيذ. العربى الذى عرف عنه قلة ظهوره الإعلامى سبق أن حدد فى مقال له مؤخرًا عقب ثورة 25 يناير جزءاً من رؤيته لسياسة مصر الخارجية خلال المرحلة المقبلة، ومنها ما قاله بأن سياسة مصر الخارجية فى السنوات الأخيرة لم تكن تعالج بأسلوب علمى عصرى يؤدى إلى اتخاذ القرارات بعد دراسة متأنية لجميع أبعاد المسائل المطروحة بواسطة خبراء متخصصين، وأنها لا تعدو أن تكون ردود أفعال للأحداث وكانت القرارات تتخذ بأسلوب فردى وقد يكون أيضا أحيانا عشوائيا يتم بدون الدراسة المطلوبة. العربى أضاف فى المقال أن مصر لها وزن كبير ولها دور تاريخى مهم ولها إسهامات فى جميع المجالات الدولية وليس فقط فى العالم العربى ومحيطها الأفريقى.. ولا يليق بمصر أن تتسم سياساتها الخارجية والمواقف التى تتخذها بالارتجالية أو بمخالفات جسيمة لقواعد أساسية فى القانون الدولى مثل الموقف الذى تتبناه مصر تجاه الحصار المفروض على قطاع غزة، والذى يتعارض مع قواعد القانون الدولى الإنسانى التى تحرم حصار المدنيين حتى فى أوقات الحروب. هذا الأسلوب فى اتخاذ قرارات تتعلق بالأمن القومى لا يتفق مع مكانة مصر وتاريخها. أول ملف يتمنى العربى السعى لإنهائه فى حكومة الدكتور عصام شرف هو إنشاء مجلس أمن قومى دائم يشرف على اتخاذ القرارات التى تتعلق بالسياسة الخارجية، خاصة فى ظل كثرة المسائل التى تتسم بطبيعة متشعبة متشابكة وتحوى جوانب تخرج من اختصاص وزارة الخارجية بحيث يلزم رأى أكثر من جهة فى الدولة، بالإضافة إلى عدد من الاتجاهات الأخرى التى يرى العربى أنها ضرورية لادماج مصر ضمن المنظومة الحقوقية الدولية، منها قبول الاختصاص الإلزامى العام لمحكمة العدل الدولية، والتصديق على النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية، والدخول فى البروتوكولات الإضافية لجميع اتفاقيات حقوق الإنسان بما فى ذلك بروتوكولات جينيف. يذكر أن العربى الذى جاء وزيرًا لخارجية مصر خلفا لأحمد أبو الغيط الذى شغل المنصب منذ العام 2004، ينظر له كونه دبلوماسياً محنكاً تلقى تعليمه فى الولاياتالمتحدة وشغل مناصب دبلوماسية عدة أهمها مندوب مصر الدائم لدى الأممالمتحدة، وهو من مواليد 15 مارس 1935، وتخرج فى كلية الحقوق بجامعة القاهرة عام 1955، وحاصل على دكتوراه فى العلوم القضائية من مدرسة الحقوق بجامعة نيويورك، وشارك فى مفاوضات كامب ديفيد مع إسرائيل عام 1978، التى أفضت إلى إبرام معاهدة السلام المصرية/ الإسرائيلية فى مارس 1979، وذلك بصفته رئيساً للإدارة القانونية بوزارة الخارجية المصرية فى ذلك الحين، حيث عُرف عنه تحفظاته على معاهدة كامب ديفيد للسلام مع إسرائيل، رغم كونه أحد مفاوضيها. وتولى العربى منصب سفير مصر لدى الهند (1981 - 1983)، وترأس وفد مصر فى التفاوض لإنهاء نزاع طابا مع إسرائيل (1985 - 1989)، ثم ممثلاً دائماً لمصر لدى الأممالمتحدة فى جنيف (1987 - 1991)، ومندوب مصر الدائم لدى الأممالمتحدة (1991 - 1999)، ثم عضواً فى لجنة الأممالمتحدة للقانون الدولى من 1994 حتى 2001، فقاضياً فى محكمة العدل الدولية بين العامين 2001 و2006، وعضواً فى محكمة التحكيم الدائمة فى لاهاى منذ العام 2005، وعمل مديراً لمركز القاهرة الإقليمى للتحكيم التجارى الدولى.