نظم برنامج دراسات السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، ندوة مساء الثلاثاء بالتعاون مع المركز السودانى للخدمات الصحفية، تحت عنوان "أزمة المحكمة الجنائية الدولية التحديات والفرص"، تحدث فيها وفد سودانى جاء خصيصاً للحديث عن هذا الموضوع، مع مجموعة من خبراء القانون الدولى بمصر. وبدأ الحديث د. حسن عابدين السفير السودانى السابق بلندن، موضحاً أن السودان تعرض لثلاثة افتراءات، أولها: أنه دولة عنصرية، وتعمق هذا الأمر بعد مجيئ حكومة الإنقاذ وإعلان التوجهات الإسلامية والحرب الجهادية، وانتهت الأمر بعد ذلك باتهام الخرطوم بالضلوع فى تجارة الرقيق. والافتراء الثانى تمثل فى اتهام السودان بأنه دولة إرهابية، فى حين جاء الافتراء الثالث فى مقولة إن السودان يشكل خطراً على أفريقيا غير العربية، مؤكداً أن هذه الافتراءات جاءت من تحالف غير مقدس، يضم كلا من: الكنيسة الكاثوليكية، والحركة الصهيونية، والولايات المتحدةالأمريكية، واعتبر أن الثلاثة يمثلون أطراف المخطط على السودان. وقال عابدين، إن الأطراف الثلاثة اتهموا السودان بالإرهاب، وأرادوا إعادة تشكيله، واستشهد بكتاب جديد حول حرب دارفور، صدر فى لندن مؤخرا، حيث اعتبره شهادة حقيقية لما يحدث بالإقليم، فقد أكد الكتاب أن العرب فى الواقع هم ضحايا هذه الحرب، وأن القبائل العربية هم الضحايا المنسيون. ومن جانبه أكد د. عبد الرحمن إبراهيم الخليفة المدعى العام السودانى السابق وعضو الوفد الحكومى فى مفاوضات نيفاشا، أن هذه الحملة سياسية وتأتى فى إطار مشروع كبير، لإعادة بناء الشرق الأوسط وأفريقيا، وتقسيم مناطق النفوذ. وقال الخليفة، إن السودان رفض أن ينحنى، لذلك هو يعاقب الآن لأنه تمرد على مشروع كبير من دولة عظمى، مشيرا إلى أن اللغة التى يتحدث بها المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية غير مهنية، وخارجة عن القانون، وأن تعامله مع أطراف معينة لها أجندة بعينها، يشير إلى أنه يتلقى أوامر سياسية من جهات بعينها، متعجبا فى الوقت نفسه من فرنسا، التى تطالب السودان بالتعاون مع المحكمة، وتناست أنها قتلت مليون شهيد فى الجزائر من قبل، ولم تعتذر عن هذه الجريمة. وأشار إلى أن مجلس الأمن يستطيع أن يحيل دولة إلى المحكمة الجنائية، إذا كانت غير موقعة على ميثاق روما فى حالة واحدة، إذا قبلت هذه الدولة التعاون مع المحكمة. من جانبه قال هانئ رسلان رئيس برنامج دراسات السودان وحوض النيل، والذى أدار الندوة، إن الموقف الحالى يمثل تحديا كبيرا للسودان المستهدف. مؤكدا أن هناك مخططا إستراتيجيا لإخضاع السودان للقوى العظمى وعلى رأسها أمريكا، وأن تحرك المحكمة الجنائية فى الحقيقة لا صلة له بتحقيق التسوية فى دارفور، بل إنه يستهدف الدولة بشكل مباشر. ورفض رسلان أن يضع مستقبل السودان فى يد حفنة من متمردى دارفور لا تعبر إلا عن أنفسها، وتتحرك بتمويل وتخطيط (صهيونى). وقال غازى سليمان عضو البرلمان عن الحركة الشعبية لتحرير السودان، إن الوفد السودانى أتى إلى مصر لشرح ما يدور هناك هذه الأيام والتشاور مع المصريين فى أمر المحكمة الجنائية، وذلك لما يربط البلدين من علاقات وعمق إستراتيجى، واصفا البشير بالشجاع عندما وقع على اتفاقية السلام، مؤكداً أن قرار المدعى العام للجنائية الدولية ضد السودان كله، وليس ضد البشير وحده، وأن أوكامبو يتعمد (تخريب) وعرقلة مسيرة التنمية فى السودان، بعد الطفرة الكبيرة التى حققها خلال السنوات الماضية. وتساءل سليمان، هل ما حدث فى دارفور يستحق إغفال مسيرة الحكومة الوطنية فى السودان فى التطور والتنمية؟ وأكد محمد منيب الناشط المصرى فى حقوق الإنسان، أن المظاهرات المحلية فى السودان لن توقف قراراً دولياً، وقال إن الدول العربية لم تتعلم الدرس فى العراق، مشيراً إلى أنه لابد من تجاوز الحديث عن الأزمة فى دارفور إلى الأزمة مع الغرب، ولابد من محاسبة من ارتكب جرائم بالإقليم، من خلال القضاء السودانى نفسه. وأكد منيب أن أى تحرك سياسى بمستوى ضعيف لن يساعد على حل الأزمة، مطالباً بآليات واضحة للتحرك فى المجتمع الدولى، ومنوهاً إلى أن مذكرة أوكامبو ناقصة قانونياً، ويجب عدم نسيان الجزء القانونى الذى يعتبر أهم مداخل إدارة الأزمة. وقال د. أيمن سلامة الخبير المصرى فى القانون الدولى، إن الأزمة مع المحكمة أخطر مما نتصور، ويحب عدم التركيز على مجلس الأمن، متسائلاً هل استمع أوكامبو إلى شهود النفى، كما استمع إلى شهود الإثبات؟ وهل أوكامبو الذى كان يحقق فى أمور فساد ببلاده، يصلح لهذه المهنة الآن فى الجنائية الدولية؟ مؤكداً أن القضاء السودانى مستقل وأنه قام بتدريب العديد من قضاة أفريقيا، ولكنه تأخر فى دارفور. وطالب سلامة السودان بالتعاون مع مستشارين دوليين فى القانون، وأنه لابد من التعويل على أخطاء المحكمة، وقال لابد أن نخرج أنفسنا من أننا مظلومون فى النظام الدولى، وأنه لابد من تسوية القضية داخل السودان، وأن يفرج البشير عن باقى المتهمين فى الهجوم على أم درمان مثلما عفا عن الأطفال المشاركين فيه، على أن يكون ذلك فى إطار صفقة سياسية. وفى الختام طالب المشاركون فى الندوة بتكوين لجنة مصرية سودانية، للنظر فى حل القضية مع المحكمة الجنائية الدولية.