اليوم.. جامعة الأزهر تستقبل طلابها بالعام الدراسي الجديد    أول تعليق لنتنياهو على مزاعم إسرائيلية بمحاولة اغتيال حسن نصر الله    نحو 30 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت خلال ساعتين    آخر تطورات لبنان.. الاحتلال يشن 21 غارة على بيروت وحزب الله يقصف شمال إسرائيل    «أنا وكيله».. تعليق طريف دونجا على عرض تركي آل الشيخ ل شيكابالا (فيديو)    التحويلات المرورية الجديدة بعد غلق الطريق الدائري من المنيب تجاه وصلة المريوطية    طعنة نافذة تُنهي حياة شاب وإصابة شقيقه بسبب خلافات الجيرة بالغربية    مواقف مؤثرة بين إسماعيل فرغلي وزوجته الراحلة.. أبكته على الهواء    بحضور مستشار رئيس الجمهورية.. ختام معسكر عين شمس تبدع باختلاف    وزير الخارجية: تهجير الفلسطينيين خط أحمر ولن نسمح بحدوثه    درجات الحرارة في مدن وعواصم العالم اليوم.. والعظمى بالقاهرة 33    «مرفق الكهرباء» ينشر نصائحًا لترشيد استهلاك الثلاجة والمكواة.. تعرف عليها    مع تغيرات الفصول.. إجراءات تجنب الصغار «نزلات البرد»    ضياء الدين داوود: لا يوجد مصلحة لأحد بخروج قانون الإجراءات الجنائية منقوص    المتحف المصري الكبير نموذج لترشيد الاستهلاك وتحقيق الاستدامة    الحكومة تستثمر في «رأس بناس» وأخواتها.. وطرح 4 ل 5 مناطق بساحل البحر الأحمر    إيران تزامنا مع أنباء اغتيال حسن نصر الله: الاغتيالات لن تحل مشكلة إسرائيل    حكايات| «سرج».. قصة حب مروة والخيل    تعرف على آخر موعد للتقديم في وظائف الهيئة العامة للكتاب    حسام موافي: لا يوجد علاج لتنميل القدمين حتى الآن    عاجل - "الصحة" تشدد على مكافحة العدوى في المدارس لضمان بيئة تعليمية آمنة    وزير الخارجية: الاحتلال يستخدم التجويع والحصار كسلاح ضد الفلسطينيين لتدمير غزة وطرد أهلها    المثلوثي: ركلة الجزاء كانت اللحظة الأصعب.. ونعد جمهور الزمالك بمزيد من الألقاب    جامعة طنطا تواصل انطلاقتها في أنشطة«مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان»    صحة الإسكندرية تشارك في ماراثون الاحتفال باليوم العالمي للصم والبكم    حياة كريمة توزع 3 ألاف كرتونة مواد غذائية للأولى بالرعاية بكفر الشيخ    عمر جابر: تفاجأنا باحتساب ركلة الجزاء.. والسوبر شهد تفاصيل صغيرة عديدة    مصراوي يكشف تفاصيل إصابة محمد هاني    فتوح أحمد: الزمالك استحق اللقب.. والروح القتالية سبب الفوز    ستوري نجوم كرة القدم.. احتفال لاعبي الزمالك بالسوبر.. بيلينجهام وزيدان.. تحية الونش للجماهير    الوكيل: بدء تركيب وعاء الاحتواء الداخلي للمفاعل الثاني بمحطة الضبعة (صور)    الوراق على صفيح ساخن..ودعوات للتظاهر لفك حصارها الأمني    نائب محافظ قنا يتابع تنفيذ أنشطة مبادرة «بداية جديدة» لبناء الإنسان بقرية بخانس.. صور    تجديد حبس عاطل سرق عقارًا تحت الإنشاء ب15 مايو    التصريح بدفن جثمان طفل سقط من أعلى سيارة نقل بحلوان    بدءاً من اليوم.. غلق كلي للطريق الدائري من المنيب اتجاه المريوطية لمدة شهر    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 28 سبتمبر 2024    أمريكا تستنفر قواتها في الشرق الأوسط وتؤمن سفارتها بدول المنطقة    فلسطين.. إصابات جراء استهداف الاحتلال خيام النازحين في مواصي برفح الفلسطينية    أحمد العوضي يكشف حقيقة تعرضه لأزمة صحية    برج القوس.. حظك اليوم السبت 28 سبتمبر 2024: لديك استعداد للتخلي عن حبك    «عودة أسياد أفريقيا ولسه».. أشرف زكي يحتفل بفوز الزمالك بالسوبر الإفريقي    "الصحة اللبنانية": ارتفاع عدد ضحايا الهجوم الإسرائيلي على ضاحية بيروت إلى 6 قتلى و91 مصابا    استعد لتغيير ساعتك.. رسميا موعد تطبيق التوقيت الشتوي 2024 في مصر وانتهاء الصيفي    وزير الخارجية يتفقد القنصلية المصرية في نيويورك ويلتقي بعض ممثلي الجالية    جوميز ثاني مدرب برتغالي يتوج بكأس السوبر الأفريقي عبر التاريخ    جوميز: استحقينا التتويج بكأس السوبر الإفريقي.. وكنا الطرف الأفضل أمام الأهلي    5 نعوش في جنازة واحدة.. تشييع جثامين ضحايا حادث صحراوي سوهاج - فيديو وصور    "المشاط" تختتم زيارتها لنيويورك بلقاء وزير التنمية الدولية الكندي ورئيس مرفق السيولة والاستدامة    الشروع في قتل شاب بمنشأة القناطر    «زى النهارده».. وفاة الزعيم عبدالناصر 28 سبتمبر 1970    حظك اليوم.. توقعات الأبراج الفلكية اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    تحرك جديد.. سعر الدولار الرسمي أمام الجنيه المصري اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    تزامنا مع مباراة الأهلي والزمالك.. «الأزهر للفتوى» يحذر من التعصب الرياضي    الأزهر للفتوى: معتقد الأب والأم بضرورة تربية الأبناء مثلما تربوا خلل جسيم في التربية    كل ما تحتاج معرفته عن حكم الجمع والقصر في الصلاة للمسافر (فيديو)    أذكار الصباح والمساء في يوم الجمعة..دليلك لحماية النفس وتحقيق راحة البال    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"يا بنى: سوف تتولى الحكم!"
توريث الحكم.. موضة جديدة فى إفريقيا

هل يغزو قارة أفريقيا تيار "الحكم الملكى"؟، لقد أصبحت مسألة الرئاسة فى القارة السمراء شأنا عائليا عالى الأهمية، وأصبحت هى الصيغة المعمول بها فى جمهوريتى الكونغو وتوجو، ومن المتوقع تطبيقها فى كل من السنغال والجابون وليبيا ومصر.
أن يحدث أمر ما مرة واحدة، فهذا يعد استثناءً.. وأن يتكرر حدوثه مرتين، يصبح غريباً.. أما ثلاث مرات، فيتحول إلى "إحدى صيحات الموضة".. لكن أن يتكرر أحد الأمور ما يقرب من "عشر مرات"، فيمكن حينذاك وصفه بالوباء أو "ظاهرة".
لقد نشرت مجلة الإكسبرس الفرنسية تحقيقا حول "فيروس أصاب القارة السمراء بوباء".. وهو محاولات رؤساء دول قارة أفريقيا توريث الحكم لأبنائهم. وحتى هذه اللحظة، نجح اثنان من "هؤلاء الأبناء" من جانبهم فى الإطاحة "بصولجان سلطة أبائهما" فى مناخ سياسى تميز بالفوضى، وهما جوزيف كابيلا فى جمهورية الكونغو، وفاورى جناسنجبى فى توجو.
أما عن "أولياء العهد" المرشحين لتولى الحكم فى بلادهم فهم: كريم واد فى السنغال وعلى بن بونجو فى الجابون، وفى الشمال، يستحق كلا من: سيف الإسلام القذافى، وجمال مبارك مكانة مرموقة فى "نادى توريث الحكم".. ولما لا نضيف أيضاًَ فرانك بيا فى الكاميرون، أو فرنسيس بوزيزية فى جمهورية أفريقيا الوسطى وغيرهما؟
فهل يعتبر قانون الجينات "التوريثية" هذا شأنا أفريقيا خالصا؟ يجيب التحقيق بالنفى، وهناك عدة أمثلة على ذلك، مثل: جورج بوش فى الولايات المتحدة الأمريكية، وبينظير بوتو فى باكستان.
وكذلك بعض الأسماء الفرنسية التى لمع نجمها فى سماء السياسة، وتستشهد بهم أفريقيا.. مثل: كلود شيراك، التى تعمل مستشارة لوالدها الرئيس الفرنسى السابق جاك شيراك.. جان كريستوف ميتران، الذى عمل كمستشار خاص للشئون الأفريقية لوالده الرئيس الفرنسى الأسبق فرنسوا ميتران، حتى أنه قد أطلق عليه فى الإليزيه تعريف "بابا قال لى"، لأنه كان الوسيط بين رؤساء أفريقيا ووالده.
وأخيراً، وهو أحدث هذه الأسماء، جان ساركوزى، ابن الرئيس الفرنسى الحالى نيكولا ساركوزى، وعن وجه التشابه الضعيف بين الثلاثة، تقول الجريدة إن أحدا منهم لم يدعى "ارتداء جلباب أبيه".
إلا أنه فى دول العالم الثالث، لا يمنع عادة تأثير عامل ال"دى إن إيه فى وراثة الحكم" من أن يواجه أبناء الرؤساء ثلاث عقبات محددة.. أولا: ليس من الحكمة على الإطلاق حمل لقب "المرشح المفضل للحكم" لسنوات طويلة.. وهذا ما نجح عبد الله ملك الأردن فى استيعابه سريعاً، عندما سبق الأمير الحسن وتولى الحكم على الفور بعد وفاة والده الملك حسين بن طلال.
ثانيا: يأبى الآباء عادة القيام بتولية أبنائهم الرئاسة، خوفا من إضعاف قبضتهم أو تدافع الطامعين المطالبين بالحكم. ثالثا: قد تمثل ميزة اقتران اسم الابن بأبيه الرئيس، أحيانا، عائقا أمام توليه الحكم، فمن ناحية ميزة، يتمتع الابن بنفس الاحترام والإجلال الذى يضفى على رئيس الدولة، وهو، من ناحية أخرى عائق، حيث إن عليه العمل على التخلص من صورة الابن المدلل، والعمل على إخفاق محاولات الطامعين فى السلطة، الذين يرون أنفسهم أحق بالحكم من ابن الرئيس، وهو الأمر الذى يعيه بعض الشىء كريم واد، وعلى بونجو وجمال مبارك.. ثلاثة من الأبناء التى تدور الشائعات حول احتمال توليهم الرئاسة فى بلادهم.
كريم واد، على بونجو، وجمال مبارك كمرشحين للحكم
تشير مجلة الإكسبرس أن هؤلاء الثلاثة يعلمون كذلك أن الشهادات العريقة ورسائل الدكتوراه (الوهمية)، التى أضاعوا الوقت فى الحصول عليها (مجاملة) من الخارج، أو حتى بشائر مستقبلهم الزاهر فى مجال الاقتصاد، جميعها أمور لم تعد على الإطلاق تثير دهشة أو إعجاب الشعب.. ومن ناحية أخرى، يدرك هؤلاء الأبناء جيدا أن عامل "النسب" لا يعفى من ضرورة قيام الشعب بالتصويت العام.
إذا لم يكن من الضرورى الآن رسم الصورة التقليدية النموذجية لأولياء العهد المنتظرين، فهناك على الأقل ثوابت عديدة تربط بينهم، ويمكن ذكر بعضها. من ناحية، يبذل ولى العهد كل ما بوسعه لنفى فكرة وجود أى طموحات لديه لتولى الحكم بعد والده. ومن ناحية أخرى، نادرا ما تكون الأم بمنأى عن مشوار ابنها السياسى، فهى تلعب دورا بارزا فيه. ويقولون فى صالونات القاهرة إن السيدة سوزان مبارك قد دافعت بلا توقف عن قضية ابنها جمال أمام زوجها الرئيس مبارك. وكذلك فيفيان واد، وهى من أصل فرنسى، والمعروف عنها فى داكار أنها المدافعة العنيدة عن ابنها الأكبر كريم.
السنغال.. كريم واد يمتطى جواد السلطة
اتخذ هذا الأخير منحنى آخر أكثر مرونة وأقل تصلبا من الكيانات التى تحكمها ثقافة الحزب الأوحد، فأنشأ "حركة جيل الواقع". واستطاع كريم بفضل هذه الحركة، التى تم إطلاقها فى نوفمبر 2003، تغيير صورة الابن "المهجن" وإقامة شبكة نفوذ كبيرة عن طريق المشروعات التى أنجزتها هذه الحركة من مدارس ومراكز طبية وغيرها.
ويتشابه كريم واد فى ذلك، فضلا عن "الجسم الضخم والرأس المحلوق"، مع سيف الإسلام القذافى. فقد نجحت "مؤسسة القذافى للتنمية" فى زيادة شعبية سيف الإسلام، أحد أبناء قائد الجماهيرية الليبية. ويظهر كريم واد فى صورة من كان سيحاول القيام بعمل كل شىء ليتخلص من عباءة ولى العهد: الإقناع والسخرية، بل والتهديد أحيانا، لكن جميع محاولاته باءت بالفشل! وكلما مر الوقت، كلما بات سيناريو التوريث فى نسخته السنغالية مناسباً.
فعندما يحاول أحد استقصاء الأمر، فإن كريم واد (39 عاماً) يتناقش معه مدللا على رأيه، رافضاً الطريقة غير اللائقة فى التخطيط لعملية انتقال السلطة، مشيراً إلى الأولية المقدسة للانتخابات العامة. ومن ناحية أخرى، يجتهد بدوره الرئيس اليقظ عبد الله واد (البالغ من العمر ثمانين عاما) فى حماية ولده الأكبر، وحاول، بلا جدوى، إقناع ابنه بالعدول عن القيام بالمغامرة فى لعبة السياسة القاسية، مؤكدا "أن كريم مواطن سنغالى مثله مثل الآخرين.. بإمكانه المشاركة فى الانتخابات، لكن ليس بوصفه ولى العهد".
وسارت الظنون فى وقت من الأوقات، أن الرئيس عبد الله واد قد ينقل الحكم إلى تلميذه إدريس سيك، مما سيثير بلا شك الصراع بين هذا "الابن الروحى" و"ابنه الشرعى". إلا أن واد يبدو وكأنه قد خطط للأمر بأكمله، لكى يضع ابنه كريم فى اختبار قاس لتثبيت قدميه على أول طريق النجاح. فكيف يمكن نسيان الدور الذى لعبه كريم فى فوز والده فى انتخابات عام 2000؟. لقد ترك كريم مدينة لندن مرتين لمساندة والده فى تلك الانتخابات.
وفيما بعد أوكل عبد الله لمستشاره الشخصى كريم مهمة الإشراف على "أنوسى"، وهى الوكالة المسئولة عن تنظيم القمة الحادية عشرة للمنظمة الإسلامية فى داكار، وكذلك الإشراف على مشروعات مدنية، وهى الفرصة لتقوية العلاقات مع مستثمرى دول الخليج.
فى السنغال، من الأفضل عدم الاقتراب مطلقا من كريم واد.. والدليل على ذلك الخطأ القاتل الذى وقع فيه رئيس المجلس الوطنى عندما تجرأ، دون علم الرئيس، على دعوة كريم ليتم استجوابه أمام النواب حول إدارة "أنوسى" التى تخلو من الشفافية.. وهو الخطأ الذى كلفه منصبه كرجل ثان داخل الحزب الديمقراطى السنغالى.
ولا يشكك أحد فى جدية هذا الرجل النشط، المتأثر بقيم القطاع الخاص فى مقابل بطء الإجراءات البيروقراطية. أما عن أسلوب حياته، فهو لا يعيش فى بذخ صارخ، حتى لو كان يتمتع بالرفاهية والملابس الأنيقة. فما يثير المعارضين ضده هو المحاباة التى يحظى بها ابن، من أم فرنسية، "لا يتشابه فى كثير من الصفات مع السنغاليين".
أما الأب عبد الله واد، فهو لا يفعل شيئا لطمأنتهم، فعندما أعلن واد يوم 9 مايو، عن نيته فى زيادة فترة الولاية الرئاسية من خمس لسبع سنوات، والتى كان قد تم اختصارها عامين فى 2001، تساءلت داكار ما إذا كان "العجوز"، كما يطلقون عليه باللغة "الولفية"، يبغى مد فترة رئاسته الأخيرة أم فترة الرئاسة الأولى "لعضو آخر من عائلة واد".
الجابون.. إرادة بابا بونجو
عندما اعتنق رئيس الجابون ألبرت برنار بونجو الإسلام فى 1973، أطلق على نفسه اسم "عمر"، أما ابنه الأكبر "آلان برنار"، فقد أصبح اسمه "على بن". فهل كان هذا المراهق يحلم وقتها بالحكم؟ لا بدون شك، وقد كان ذلك أفضل له، وحتى بعد مرور ثلاثة عقود، ظل "بابا بونجو" يكرر فى اليوم التالى لإعادة انتخابه للمرة الألف، أنه "ليس هناك وليا للعهد.. من قال إن هناك خلافة للرئاسة؟ سوف أظل مرشحا فى 2012 إذا منحنى الله القوة".
وهذا لا يمنع أن مئات الشائعات تدور فى ليبرفيل العاصمة الجابونية، ومنها تلك الشائعة المتكررة التى تصدرت الصفحة الأولى لمجلة "جين أفريك" فى مايو الماضى، حول ترقية وزير الدفاع على بن، إلى رتبة المفضل لخلافة الرئاسة!.
ويبدو "على" شخصاً رصينا متعقلاً، حتى لو كان مشهورا بعشقه لسيارات "الفيرارى". على أى حال، لقد مضى الوقت الذى كان يستقبل فيه على، جان كريستوف ميتران عند الطائرة التى كانت تقله، ليصطحبه فى جولات مدهشة فى سيارته الكاديلاك الزرقاء، كما كان يروى عنه، وذلك إذ تعلم على الكثير على يد والده "الداهية والساخر".
وحصل "على"، المتزوج من سيدة فرنسية، على ماجستير القانون من جامعة السوربون، الذى أقسم أحد الشهود أنه قد وصلته بالفاكس عشية يوم مناقشته للرسالة. وفى عام 1991، فقد "على" منصبه كوزير للخارجية، فى أعقاب أحد التغييرات الدستورية، وهو يريد أن يترأس أنصار تيار التجديد داخل الحزب الديمقراطى الجابونى، فى مواجهة أنصار التيار المحافظ، الذى يقودهم بول تونجى، وزير المالية وزوج أخته باسكالين بونجو، رئيسة مجلس الوزراء فى الجابون.
وفى كواليس الحكم، تحاك حوله المكائد، ويتهمه البعض بالتحريض على عدة محاولات لقلب الحكم، لكن سرعان ما يتخطى "على بن بونجو" تلك الأمواج التى يلتطم بها. فها هو يتولى منذ 1996 رئاسة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية فى الجابون، بالإضافة إلى تولى رئاسة مصلحة الموانىء والمراسى الجابونية التى تمنحه سلطة يحسد عليها. والسؤال الآن هو: هل تكفى تلك الأوراق الرابحة ليفوز "على" بالحكم بعد والده؟ ليس بالضرورة، على الأقل ليس بالنسبة لشعب الجابون، الذى يحلم أحيانا بالحياة "بعد بونجو"، بدون وجود بونجو!
سوف أعيش فى جلباب أبى
يرصد المقال كذلك أسماء من تولوا بالفعل الرئاسة خلافة لآبائهما، وهما فاورى جناسنجبى فى توجو، وجوزيف كابيلا فى جمهورية الكونغو.
توجو: إرث ثقيل للغاية
أثار تولى فاورى جناسنجبى (41 عاما) حكم توجو بعد وفاة والده، والذى خلا من أى مظاهر بروتوكولية، انطباعا غريبا. فهو يرغب فى مسح أى أثر للعار الذى قد يتركه الأسلوب الكارثى الذى صعد به للحكم. وهو لا يزال ينتفض من السلطة الساحقة لأبيه الراحل.
قرر فاورى تطعيم بلاده ضد سم الاستبداد، ولكنه يجهل ما إذا كان سيصمد لإصلاح نظام البلاد العشيرى أم لا. هذا الرجل المتمدن والمتحضر، الحاصل على شهادة الإدارة من جامعة باريس دوفين وماجيستير فى إدارة الأعمال من جامعة جورج واشنطن، على يقين تام بالفخاخ المنصوبة له تحت قدميه.
ففى الخامس من فبراير عام 2005، عندما توفى "بابا إياديما"، تحرك ضباط النظام، بمعاونة رجل القانون الفرنسى شارل ديباش الذى كان مستشار الرئيس الراحل، لتنصيب فاورى على كرسى رئاسة الجمهورية. وهكذا ترك فاورى الوزارة النى كان يتولاها، وحصل على مقعد فى البرلمان ليجد نفسه بعد هذه الخطوة يعتلى عرش رئاسة توجو. وأثارت هذه المناورة ضجة كبيرة حتى أن فاورى اضطر إلى إجراء انتخابات عامة، وفى 24 أبريل 2005، فاز بالاقتراع نتيجة عمليات تزوير وقمع دموى.
فقد قام الجيش بسرقة صناديق الاقتراع، ويعلم الله وحده إلى أين حملوها! ومنذ ذلك الوقت، يحاول هذا الابن تسديد دين هذا الاستهلال السيئ للحكم. ويؤكد أحد الدبلوماسيين فى لومى "لا أحد يستطيع التشكيك فى نيته.. إن ماضيه أكثر من مشرف.. لقد أرسى قواعد السلام المدنى.. وقادت بالانتخابات النيابية فى أكتوبر 2007، المعارضة إلى البرلمان".
لقد وضعت هذه البداية "التى لا تزال متلعثمة" حدا للعزلة المفروضة على توجو منذ 15 عاما بسبب "العجز الديمقراطى"، وأسلوب الإدارة الكارثى لهذه الدولة. وقام كلا من الاتحاد الأوروبى وصندوق النقد الدولى والبنك الدولى على التوالى بتجديد تعاونهم مع توجو.
فالقروض التى تم إنهاء تجميدها لم تخفف على الإطلاق من مصير الفقراء فيها، حيث إن النمو (1% فى 2005) لا يزال متعثرا، ولا يزال هناك وقت أمام الموارد الحيوية لهذه الدولة (الفوسفات والقطن) للخروج من ركودها.
وهنا تكمن الفكرة المتسلطة على "فاورى"، فى أن ينهى الاضطراب الاجتماعى تلك الانجازات الهشة التى حققها خلال فترة رئاسته. وهو ليس بحاجة إلى ذلك، إذ يكفى أن الأشخاص الذين يحنون إلى النظام القديم والامتيازات التى كان يمنحهم إياها، يراهنون على فشله.
بالنسبة لفاورى، يحمل الخطر اسم "أخوه الأصغر من والده كيباتشا"، المتهم بتدبير محاولة فاشلة لانقلاب الحكم فى أغسطس 2007، حيث إنه يرفض الاعتراف بشرعية أخيه الأكبر من أم "من الجنوب". ويقول أحد رؤساء الوزراء السابقين عن فاورى "أنا أحبه كثيرا، ولكنه يثير الشفقة.. فهو يريد تحقيق إنجازات أكثر، ولكن الأمور تجرى بشكل سىء داخل عائلته.. أنا أشعر أنه مضطرب وحائر وسيكمن الخلاص بالنسبة له فى الفوز بانتخابات الرئاسة فى 2010".
جمهورية الكونغو الديمقراطية: جوزيف الوريث القادم من بعيد
"لقد هبطت السلطة على من حيث لا أدرى".. هكذا وصف جوزيف كابيلا صعوده المفاجىء للسلطة. كان الصغير جوزيف، يبلغ من العمر التاسعة والعشرين، عندما قام بحلف اليمين فى 26 يناير 2001، أى بعد عشرة أيام بعد مقتل والده لوران ديزيرية كابيلا، فى مكتبه بكينشاسا على يد أحد حراسه الشخصيين.
لم يمنح وقتها جوزيف أدنى اهتمام للقب الذى حصل عليه بوصفه "أصغر رئيس دولة فى الكرة الأرضية". إذ أن خلال هذه الحقبة لم يعطى أحد أدنى أهمية لهذا "الفتى" الغامض الذى صعد فجأة على رأس دولة مفلسة، وكانت مسرحا لمذبحة مروعة وحقلا لعمليات عسكرية من جانب نصف دستة جيوش تابعة للدول المجاورة الطامعة فى نهب الموارد المعدنية لدولة الكونغو.
على الصعيد العسكرى، كان جوزيف كابيلاه الحظ فى التدرب على يد الخبير الاستراتيجى فى الجيش الرواندى، وهو جيمس كاباريبيه، الذى علمه مهنة السلاح. وقد قام والده "الحكيم" كما كانوا يطلقون عليه بإعداده لخلافته فى الرئاسة منذ 1996. فقد أوكل إليه قيادة الجيش البرى، ومنحه رتبة لواء، ثم أرسله لاستكمال تدريبه فى الأكاديمية الحربية فى بكين، التى لم يمكث بها سوى ثلاثة شهور، إذ استدعاه والده على عجل فى أعقاب مقاطعته لأوغندا ورواندا.
وعند عودته، كانت هناك معركة أخرى فى انتظار هذا الضابط "المبتسر" بعد مقتل والده، وهى الاعتراضات التى واجهها جوزيف كابيلا ضد توليه الرئاسة، والتى ترجع فى الأساس إلى بنوته الشرعية.
ولد جوزيف فى يونيه 1971، فى جنوب كيفو.. وهو ابن رفيق المقاومة الرواندى للرئيس لوران ديزيرية. تبنى هذا الأخير جوزيف عند وفاة والده، وتزوج من أمه، مارسولين. ذهب جوزيف إلى المدرسة الفرنسية فى دار السلام (تنزانيا)، ثم كلية الحقوق والاقتصاد فى كمبالا (أوغندا). وأثارت كل تلك العوامل الجدل حول هوية جوزيف، مما سمم الاقتراع على الرئاسة فى 2006. لكن الرد جاء من كاتدرائية "كين" فى 4 يونيه عندما بارك الأسقف العام زواج جوزيف من مارى أوليف، من شرق الكونغو، كانت هذه هى الطريقة التى من شأنها تثبيت هويته الوطنية المثيرة للجدل بشكل أفضل.
أما باقى الدول الإفريقية، فهى لا تخلو من بعض الأسماء التى ظهرت على لائحة الأبناء التى يتم إعدادهم بشكل أو بآخر لانتقال الرئاسة إلى أيديهم. ففى الكونغو برازافيل مثلا، سوف يسعى بلا شك الرئيس دينيس ساسنغيسو، العام القادم، للحصول على فترة رئاسة جديدة.. وبعد؟ دينيس ساسنغيسو هو أب لولدين، من بينهما دينيس كريستل (الذى يطلقون عليه اسم كيكى) والمعروف عنه عشقه المجنون لمظاهر الرفاهية، التى يقوم بممارستها من عائدات الذهب الأسود لهذه الدولة.
كما أكدت المنظمة غير الحكومية البريطانية جلوبال ويتنس. إذ أن "كيكى" يتمتع بالسلطة الرئيسية على "كوتراد" وهى الفرع التجارى للشركة الوطنية للنفط فى الكونغو.
أما فى جمهورية إفريقيا الوسطى، لدى الرئيس فرنسوا بوزيزية ولدان. الأول سقراط، وهو يقوم بإدارة شركة طيران. والثانى فرنسيس، فهو يعمل بجانب والده كوزير مفوض للدفاع.. من يدرى فقد يأتى اليوم الذى يحل فيه اسم "فرنسيس" محل "فرنسوا"!
فى الكاميرون، تفترض معطيات التوريث أن يسلم بول بيا (الذى يحكم منذ 1982) دفة القيادة لابنه الأكبر، ومستشاره الخاص فرانك إيمانويل، الذى عمل بالأخص حتى الآن فى مجال الصناعات المتعلقة باستغلال الغابات.
أما فى كوت ديفوار، يبدو سيناريو التوريث غير مؤكد بعد.. فالرئيس لوران جباجبو لديه ابن اسمه ميشيل من أم فرنسية، ويبلغ من العمر 38 عاما. حتى إذا اعترف ميشيل، وهو عالم نفسى واجتماعى، بأنه يتابع مضمار لعبة السياسة، إلا أنه لا يجد نفسه مناسبا للانضمام إليها. كان ميشيل قد أكد لمجلة "ماتالانا" فى أكتوبر 2007 قائلا "يكفى أن يتولى الحكم رئيس من عائلة واحدة لكل قرن". حتى هذه اللحظة، يفضل ميشيل تكريس وقته للكتابة. كان قد قام فى عام 2006 بنشر ديوان شعرى له، وتحليل لأزمة كوت ديفوار فى مايو الماضى.
فى التشاد، حاول إدريس ديبى بلا جدوى إعداد ابنه إبراهيم لخلافته، حتى أنه عينه وزيرا للزراعة. لكن رغبة إدريس ديبى لن ترى يوما النور، بعد مقتل ابنه إبراهيم (الذى كان والده قد يأس من سوء سلوكه)، فى إحدى مواقف السيارات الأرضية فى فرنسا، فى يوليو عام 2007.
أما خارج دائرة دول أفريقيا الناطقة باللغة الفرنسية، هناك أوغندا، حيث يسعى يورى موسيفينى إلى تسليم الحكم لولده موهوزى كينيروجابا، وهو ضابط شاب، تخرج فى أكاديمية ساندهرست الحربية العريقة فى بريطانيا.
وتستحق غينيا الاستوائية أيضا الإشارة إليها، حيث يمكن أن تنتقل إمارة النفط تلك (حيث يتجانب الثراء الفاحش مع البؤس المدقع) إلى أيدى تيودوران أوبيانج، ابن "الطاغية المريض". إلا أن سجل نزوات هذا الابن تثير بالفعل الذهول.. ففى أحد الأيام، هجر تيودوران امرأته الروسية ليقيم علاقة عاصفة مع مطربة راب أمريكية، كان قد قابلها على متن اليخت الذى أجره إلى مالك مايكروسوفت.
وهو يملك فى باريس 15 سيارة، من بينهم ثلاث سيارات من طراز "بوجاتى"، سعر الواحدة منها مليون يورو. وقد ظهر اسمه فى 2004 فى تقرير أصدره مجلس الشيوخ الأمريكى حول المعاملات البنكية المشتبه بها فى أحد بنوك واشنطن. وتدور شائعات فى "مالابو" حول أن عائلته ورجال النفط فى غينيا يفضلون عليه أخاه جابريال أوبيانج ليما، نائب وزير المناجم والصناعة والطاقة. إذا لم يكن إذا تيودوران هو من سيخلف والده فى الرئاسة، فسيكون بالتالى أخوه.
إذا كان على بونجو وكريم واد يتشاركان مع صديقهما محمد السادس فى عشق اليخوت والرياضات البحرية والسيارات الفارهة، فهناك آخرون يمثلون "كابوسا" للشرطة الفرنسية أو السفراء الأفارقة فى الدول الأوروبية المطالبين بالتخفيف من حدة أثر "طيش" هؤلاء الأبناء، والذى يمكن منح الجائزة الأولى بالتساوى فى هذا السباق لهنيبعل قذافى الذى حول الشانزليزيه بباريس إلى "والغينى تيودوران أوبيانج"، أما المركز الثانى يأتى من نصيب دنيس كريستال نيجيسو.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.