أظهرت النتائج الاستطلاعية للتقرير الثالث لمرصد الإصلاح العربى، فيما يتعلق بالقضايا الخاصة بالتعليم، أن النخبة العربية غير راضية عن مستوى التعليم، ورغم ذلك متفائلة بشأن إصلاحه، وفى الوقت نفسه فإنها شديدة الحذر من التغيير الشامل للمناهج التعليمية. وكشفت النتائج أيضًا عن تنامى الشعور الوطنى لدى المواطن العربى نظرًا لرفض الأغلبية الساحقة الاستعانة بمستشارين أجانب من أجل إصلاح التعليم، وأشارت النتائج كذلك إلى وجود جوانب مهمة لقصور نظام التعليم العربى بما يمثل خطرًا كبيرًا على مستقبل المنطقة العربية. وتشير النتائج، فيما يتعلق بإدراك النخبة للإصلاح الثقافى، إلى أن غالبية أفراد العينة (67%) ألمحوا إلى أن هناك وجود ما لبرنامج موضوع للإصلاح الثقافى، ولكن فى الوقت نفسه كان هناك (45,5%) من العينة يرونه غير واضح، وقرر حوالى ثلث العينة (33%) عدم وجود مثل هذا البرنامج، فى حين بلغت نسبة من يرون أن ثمة برنامج معلَن وواضح للإصلاح الثقافى (21,5%). ولا تختلف مجموعات الدول الأربع فى المؤشرات السابقة إلا فى حالة منطقة الدول الوسطى، حيث ترى النسبة الأكبر من آراء عينة النخبة فيها وجود برنامج معلَن وواضح للإصلاح الثقافى (42,4%) مقابل (25,6%) لا يرون ذلك. وحين سُئل أفراد العينة عن تقييمهم الشخصى لبرامج الإصلاح الثقافى فى بلادهم، لم تتجاوز نسبة من عبَّروا عن وجود قدرٍ من النجاح 23,2%، فى الوقت الذى يرى 41,2% - أى ما يقرب من ضعف هذه النسبة - أن النتائج غير مرضية، بجانب نسبة تتجاوز ثلث العينة (35,6%) تعبر عن حاجة هذه البرامج إلى مزيد من التفعيل والإجراءات، وهو ما يعنى أن أكثر من 75% من العينة لا يرون إنجازًا محسوسًا لبرامج الإصلاح الثقافى فى بلدانهم. وتشير نتائج الاستطلاع، بشأن إدراك النخبة للإصلاح الاجتماعى، إلى أن هناك تحسنا كميا ملحوظا عن العام الماضى فيما يتعلق بالمشكلات الاجتماعية والإجراءات التى اتُخذت لعلاجها، إلا أنه رغم ذلك، لم ينعكس التحسن على تقييم النخبة لكفاية الإجراءات، حيث ظلت تقريبًا كما هى وهو ما يدل على أن هذه الإجراءات لم تكن كافية من وجهة نظر عينة النخبة لإحداث الإصلاح الاجتماعى المأمول. وأبرز تحليل إدراك العينة لمشكلات النظام التعليمى تطابقًا مع واقع المشكلات فى الوطن العربى، حيث جاءت مشكلات الدروس الخصوصية، وعدم اتساق سياسات التعليم مع سياسات التنمية الأخرى، وتزايد الغش والفساد، والاعتماد على التلقين، والتسرب من التعليم، فى مقدمة المشكلات التى تعانى منها أنظمة التعليم فى غالبية البلدان العربية، وألمحت عينة النخبة لوجود إجراءات للمواجهة، إلا أنها أكدت عدم كفاية هذه الإجراءات من أجل إحداث إصلاح فى التعليم، حيث إن الهدف من هذه الإجراءات هو إحداث التطوير على مستوى المؤشرات الكمية فقط. وأكد إدراك النخبة على وجود تفاوت ملحوظ فى جودة ونوعية التعليم الذى يتلقاه الفقراء ومحدودى الدخل مقارنةً بالفئات الأعلى داخل المجتمع، على الرغم من اتخاذ إجراءات لمواجهة تلك الظاهرة، وينطبق الأمر ذاته على التفاوت بين المناطق الحضرية والمناطق النائية، وبين التعليم الحكومى والتعليم الخاص، حيث أدى إلى ترك تأثيرات سلبية واضحة نتج عنها تعميق الفجوة بين المتعلمين. أما التفاوت على المستوى النوعى (ذكور- إناث)، فقد استطاعت العديد من البلدان العربية تجاوزه لدرجة أن الفروق أصبحت لصالح الإناث فى التعليم الجامعى.