فى تحليل قدمه د.عمرو حمزاوى، أستاذ السياسة والمحلل بمعهد كارنيجى للسلام الدولى، بصحيفة لوس أنجلوس تايمز، سلط الضوء على التحديات التى تواجه إجراء انتخابات حرة ونزيهة والتى تتضمن قيود النظام على المنافسة بين الأحزاب السياسية، المتضررة من الإطار القانونى والدستورى للانتخابات، والحزب الحاكم الذى يحكم قبضته على مؤسسات الدولة. التحديات الأخرى تتمثل فى كم العقبات الهائلة المتعلقة بالأمن والذى يواجه أحزاب المعارضة والحركات التى تحاول تدعيم مرشحيها والتواصل مع المواطنين، فضلا عن محدودية الرقابة المحلية وغياب الدولية على الانتخابات. ويشير حمزاوى إلى أن الكثير من أوجه القصور فى الحملات الانتخابية هذا العام، فعلى الرغم من أنه لم يتبق سوى أيام على التصويت فأى من الأحزاب السياسية الرئيسية وحتى الإخوان المسلمين لم يشاركوا برامجهم الانتخابية، وما زال الحزب الوطنى الديمقراطى وقادة المعارضة غامضين بشأن القضايا الاجتماعية والاقتصادية. وينتقد حمزاوى غموض برامج المرشحين، فهذه البرامج الجوفاء تردد عبثا شعارات أحزابهم مثل "المواطن أولا" و"الإسلام هو الحل"، دون أن يحددوا كيف سيأثرون على حياة أغلب المصريين، هذه التعميمات جعلت السباق أكثر منافسة بين الأفراد أصحاب الحملات الممولة جيدا مثل رجال الأعمال من النخبة وأعضاء الاتحادات والممثلين عن العائلات والمجموعات المؤثرة فى المناطق الريفية ومرشحى مؤسسات الدولة والأمن. وبغض النظر عن درجة شفافية الانتخابات فإن الأحزاب نفسها ما تزال مبهمة، فالمقترعون المصريون يعوزهم معرفة الآليات التى تستخدمها الأحزاب السياسية كى يختاروا مرشحيهم، وحتى حزب الوفد لم يدلى سوى بقليل من المعلومات حول مشاركته ومرشحيه. وقد كانت الشفافية غائبة أيضا عن إجراءات جماعة الإخوان، رغم أن مكتب المرشد أعلن أن 98% من الجماعة صوتوا لصالح المشاركة الانتخابية، فيما قالت بعض الشخصيات البارزة بالجماعة وقتها أن النسبة تقترب من 50%. وعلى النقيض، يشيد الكاتب ببعض إجراءات الحزب الحاكم، إذ تبدو آليات الحزب الوطنى لاختيار المرشحين شفافة ونزيهة، فلقد تم اختيار المرشحين فى عملية من ثلاث مراحل، حيث تم عقد انتخابات تمهيدية أولا، ثم تم إضافة نتائج هذه الإنتخابات لنتائج استطلاعات الرأى التى أجريت من قبل الحزب، وأخيرا تم طرح أسماء المرشحين على قيادات الحزب للإدلاء بقرارهم النهائى. وفى الواقع، فإن اختيار قيادة الحزب للمرشحين، تضيف مجرد اعتبار جزئى لنتائج الانتخابات التمهيدية أو استطلاعات الرأى، وكما حدث فى الماضى، يهدف الحزب الوطنى الديمقراطى إلى تحديد الأفراد الرئيسيين وممثلى جماعات المصالح الأقوياء. وفى انتهاك واضح لقرار اللجنة العليا للانتخابات بأن تبدأ الحملات الانتخابية منتصف الشهر الجارى، إلا أن لافتات وملصقات انتخابية بدأت فى الظهور بالشوارع بعد تسجيل المرشحين، كما تجاهل مرشحون من الحزب الوطنى والوفد والإخوان المسلمين قرار اللجنة بعدم تجاوز تكلفة الحملة الانتخابية 200 ألف جنيه بل وانتقدوا القرار علنا. وبلا شك قام الإخوان المسلمين بالخطوة الأكثر إثارة للجدل للتقليل من شأن قرارات اللجنة، فعزمها على استخدام شعار "الإسلام هو الحل" ينتهك بشكل صارخ القانون الذى يحظر استخدام الشعارات الدينية فى الحملات الانتخابية. وباستخدام هذا الشعار، يتجاهل الإخوان المادة ال5 من الدستور المصرى الذى يحظر أى نشاط سياسى على أساس دينى، مثل هذا القرار يثير الشك حول احترام جماعة الإخوان المسلمين للإطار الدستورى والقانونى بمصر. ويختم الكاتب، إذا ما قبل الإخوان على مضض هذا الإطار للمشاركة فى الانتخابات مع محاولى تقويض محتواه الأصلى، فالسياسة المصرية ككل وجماعة الإخوان على الأخص سيصبحون أضعف ديمقراطيا، ومن ثم لن يكون أحد فائزا.