نشر معهد بروكنجز الأمريكى دراسة عن مشكلات التمويل التى تواجه منظمات المجتمع المدنى فى الشرق الأوسط، قال فيها إن التمويل الأجنبى ظل مشكلة بارزة واجهت دائماً منظمات المجتمع المدنى العربية، فهناك من يرفضه ويعتبره أداة للتدخل الأجنبى فى الشأن العربى، فى حين أن المانحين الأجانب يقدمون مساعدتهم بشكل محدود ولأنواع معينة من المنظمات، أما عن التمويل الحكومى من الدول العربية لهذه المنظمات، فما هو إلا وسيلة للاحتواء والسيطرة. وتشير الدراسة التى أعدها شادى حميد، الباحث بمعد بروكنجز، إلى الصعوبات التى تقف عائقا أمام التمويل الأجنبى للمنظمات الأهلية، وتحدث عن مصر التى يصعب على الدول الغربية أن تمول منظمات المجتمع المدنى فيها خاصة تلك التى لا تحظى بموافقة السلطات. ويقول الكاتب إن الحكومة المصرية لا توافق على تسليم المساعدات الأجنبية إلى منظمات المجتمع المدنى إلا إذا تأكدت أنها لا تشكل تهديداً لمصالح النظام. كما أن الحكومة توفر واجهة خادعة توحى بوجود مجتمع مدنى نشط فى البلاد، فى حين أن الحقيقة هى أن أغلب منظمات المجتمع المدنى فى مصر تندرج تحت ما يسمى "منتدى حقوق الإنسان" وجميعها تقريباً غير مسجلة كمنظمات حقوقية، ولكن كمكاتب محاماة أو شركات محدودة. وتلفت الدراسة إلى أن الجماعات والحركات السياسية فى مصر لا تتلقى مساعدات أمريكية، لأنه إذا تلقت حركة كفاية أو 6 إبريل أو الجمعية الوطنية للتغيير أموالاً أمريكية، حيث سيكون غريباً أن تمول واشنطن الحكومة ومعارضيها فى الوقت ذاته. ويرى حميد أن مشكلة التمويل هى مشكلة بالغة الحرج بالنسبة لحركات المعارضة الليبرالية واليسارية على سواء فى العالم العربى، لأنها لا تجعلها فى موقف صعب فقط أمام النظام الحاكم، ولكن تجعل من العسير بالنسبة لها أن تنافس الجماعات الإسلامية مثل الإخوان المسلمين التى تحظى بشبكة تأييد واسعة تضم مئات الآلاف من الأعضاء الذين يسددون اشتراكات عضوية ويدفعون تبرعات إذا لزم الأمر. وخلص التقرير فى النهاية إلى أن مشكلة تمويل منظمات المجتمع المدنى ستظل قائمة فى المستقبل القريب، وطالب بضرورة استفادة المنظمات العربية من الدور الذى قامت به مثيلاتها فى أماكن أخرى من العالم حتى تتمكن من أن يكون لها دوراً فعالاً فى مجتمعاتها.
