اتهام الحكومة ونقد المسئولين حاجة بقت عادية خالص لكن لو انتقدت الشعب فلن تجد لك قريبا ولا حبيبا وحيقولوا ده بتاع السلطة ليه بقى؟ لأن أسهل حاجة عشان تريح نفسك عندما تحدث مصيبة أو حتى مشكلة صغيرة أن تقول الحكومة السبب. شوف يا صاحبى لما أقولك الكل بيقول إن الشعب مغلوب على أمره والأسعار ولعت ومفيش شغل وده صحيح وكلنا عارفينه ومجربينه ولكن لأننى صايم ومش عايز حاجة من أى حد ومش منتظر أى منصب حقول اللى أنا شايفة وأجرى على الله. السبب أن بعض المسئولين بتقول إن فرص العمل كتيرة بس مش لاقية شباب. ده بقى كلام وزيرة القوى العاملة والهجرة عائشة عبد الهادى اللى قالت إننا أمام معادلة صعبة سوق العمل فى حاجة إلى إيد عاملة لدرجة أن البعض بيقول أن مفيش حد عايز يشتغل أصلا. المشكلة مش إن مفيش فرص عمل ولكن محدش بيدور صح لو كان فيه حد عايز يشتغل كان دور وشاف ايه اللى ناقصه وايه اللى هينفعه، الدليل إن قطاع الغزل والنسيج والملابس الجاهزة من أكبر القطاعات التى تعانى من عزوف الشباب عن العمل فيه وتوجد أكتر من مائتى ألف فرصة عمل خالية فى كافة المحافظات لا تجد من يشغلها ويضطر رجال الأعمال إلى التقدم بطلبات لوزارة القوى العاملة للموافقة على الاستعانة بالعمالة الأجنبية. عملت إيه الوزارة؟ أعدت خطة لتدريب العمالة الفنية المطلوبة من مختلف التخصصات لإحلالهم محل العمالة الأجنبية التى تعمل حاليا فى هذا القطاع. نفس الحكاية قالها حسين بدران مستشار وزير السياحة بأنه تم تعيين أكثرمن 1800 خريج بالفنادق الكبرى بعد تدريبهم فى مشروع الخريجين الذى تنظمه وزارة السياحة بالتعاون مع اتحاد الغرف السياحية. طب فين المشكلة؟ بيقول إن إقبال الخريجين مازال ضعيفا بسبب انخفاض وعى الخريجين وعدم درايتهم بطبيعة العمل الفندقى.. فكل من يتقدم يحلم بالجلوس على مكتب أو العمل مديرا لأحد الفنادق لكنه يفاجأ بأن عليه أن يصعد السلم من أول درجة بالعمل فى مجال نظافة دورات المياه أو تنظيف الغرف وغسل الأطباق أو تقديم الوجبات والمشروبات للرواد وهو ما يرفضه عدد كبير من الشباب. المشروع يعطى كل شاب250 جنيها شهريا كمصروف جيب خلال فتره التدريب بالإضافه إلى مائة جنيه للفندق الذى يقوم بتدريبه، حتقولى ده كلام فى الهجايص وكله وسايط وكوسة ومعقول بعد أن يضيع خريج الجامعة سنوات شبابه فى الدراسة يروح يغسل أطباق أو يقعد على ماكينة منسوجات، حقوله إحنا اتحطينا فى المشكلة خلاص وعارفين إن التعليم خربان، طب نعمل إيه نقعد نبكى على اللبن المسكوب وننام ولا ندور على ألف حل وطريقة للخروج من المأزق اللى إحنا فيه. صحيح يجب بحث أسباب المشكلة وهى أن التعليم لا يواكب متطلبات سوق العمل فالخريج لا يعمل فى مجال تعليمه، الدليل أننا هنلاقى ناس طلع عينيها فى الدراسة وتفوقت ولكنها تعمل فى شغل بعيد قوى عن تخصصها ولا يحتاج أى شهادة من أصله. شفت بنفسى على إحدى الفضائيات لقاء مع 3 مهندسين (خريجى كلية الهندسه) وشغالين فى محطة بنزين والتقوا بواحد تانى لابس بدلة عمال النظافة وبيكنس فى الشارع.. ومعاه شهادة طب ببيطرى وصوروا شغلهم وحالتهم بشكل مزرى لدرجة أن اغرورقت عيون المشاهدين بالدموع.طب نحل المشكلة دى ازاى؟ نسأل نفسنا هل الناس دى مادورتش على شغل كويس، ولا اتظلموا، ولا وقتهم جه كده، ولا استسلموا بسهولة لأول فرصة قابلتهم للبرمجة المسبقة فى عقولهم بإن مفيش شغل بصراحة أمر محير، خصوصاً أن درجاتهم العلمية عالية مقارنةً بشغلهم حاجة تكسف، أنا مش بعيب على شغلة عمال النظافة ولا عاملى محطات البنزين بالعكس دى شغلانة شريفة أحسن من ألف شغلانة ولكن برضه فى فرص أحسن للناس دى.. كنت أتمنى أن تقدم هذه الفضائيات المسئولين اللى بيقولوا إن الشغل كتير ويقولوا للعاطلين يعملوا إيه ويروحوا فين وإيه المتاح الآن وفين؟ يعنى ببساطة يعملوا حاجة مفيدة للناس مش يستغلوا المشاكل والآلام ويتاجروا بيها. شوف يا صاحبى عايزك تبص على صياد سمك وهو بيجدف على مركبه وخارج يصطاد فى الفجر تلاقى شكله مرهق وتعبان وجسمه ضئيل ومش عايز يتحرك ثم راقب إنسان رياضى بيجدف فى النيل تلاقيه كله نشاط وحيوية ووعضلاته مفتولة ليه بقي؟ الرياضى بيحب اللى بيعملة ومبسوط بيه أما الصياد فحاسس إنه مضطر للعمل ومش حابب اللى بيعملة فعضلات جسمة لا تستجيب لحركتة ويبقى طول الوقت جسمة غير رياضى وبتمسكة الأمراض. القصة ومافيها إن البعض عايز شغلانة بمرتب عالى ومن غير تعب ولو بصينا على مؤهلاته هنلقيها خربانة. بصراحة توجد فجوة وسوء تفاهم بين الشباب وسوق العمل ومحتاج تنظيم علشان نبتدى فعلا نعرف الغلط فين.. طب نعمل إيه؟. أولا الإعلام خاصة الفضائيات والتعليم كمان ينشروا الأمل ومش حتعب من الكلام وأعيد وأزيد بضرورة زرع الأمل للكبار قبل الصغار فالمتفائل بالخير لا بد وأن يجده بشرط الجدية والعمل الدؤوب ومزيد من السعى والإصرار ونبطل أحلام بدون أى عمل. نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية.