يعانى العرض المسرحى "هبط الملاك فى بابل" من عدم وجود جمهور ولا يشاهده سوى عدد قليل جدا من المتفرجين لا يتجاوز صفين فى قاعة مسرح "عبد المنعم مدبولى" متربول سابقا والتى تتسع لأكثر من 600 مقعد رغم المجهود الكبير الذى يبذله أبطال العمل يوميا فى العرض الذى يتناول فكرة رفض البشر الهبات السماوية التى يمنحها الله إياهم لتكون بمثابة طوق النجاة ويختارون فى النهاية أن يظلوا تعساء. مسرحية "هبط الملاك فى بابل" كتبها السويسرى فريدريش دورينمات وترجمها الكاتب المصرى أنيس منصور، الذى حضر العرض مؤخرا وأعجب بالعمل وقال عنه "استطاع المخرج بموهبته ورؤيته الإخراجية الجذابة أن يعبر عن مضمون القصة من خلال مشكلات العصر الحديث وعبر الممثلون بأدائهم المتميز عن الحكاية ببراعة ". ورغم شهادة الكاتب الكبير أنيس منصور إلا أن العرض فقير جدا من حيث الشكل ولا يوجد لدى مخرجه أى رؤية إخراجية للنص ويقدمه كما ترجم ولولا أداء الممثلين الجيد بخاصة الفنانين فاطمة محمد على ومحمد شومان وأشرف طلبة وسوسن طه وماهر محمود فى دور الملك النمرود وحسام عبدالله فى دور بائع لبن الحمير لكان العرض أكثر مللا، بالإضافة للجانب الاستعراضى والغنائى الذى تقوم به الفنانة فاطمة محمد على من ألحان حاتم عزت وأشعار محمد زناتى فهو وأداء الممثلين الحسنة الوحيدة فى العرض. حيث جرد المخرج رضا حسنين المسرحية من فكرتها الأساسية وحذف الأجزاء المهمة فيها التى مفترضا أنها تعبر عن مضمون العمل فالفكرة الأساسية للنص فكرة فلسفية سياسية تؤكد على أن من يعتقد أن "الملاك لم يهبط فى بابل" خاطئ لأن بابل هى التى هبطت وربما كان أحد عيوب الشعوب العربية أنها تنتظر دائما أن يهبط ملاك ما لكى يخلصها من مشاكلها ومعاناتها فى حين أن الملاك المنتظر فى حالتها هو الشعب ذاته، فإذا أراد التغير إلى الأفضل يكون له ما أراد طالما صدقت النوايا و صفت القلوب وهذه الفكرة تاهت وسط الإفيهات التى ترك المخرج الممثلين يطلقونها كيفما شاءوا.